سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العالم والمفكر العربي التونسي د. محمد المديوني إنتاج السينما بالسودان تجعل منه جسر للثقافة العربية والإفريقية والإسلامية للعالم
تأسفت لسيطرة الصناعة الصينية على السوق السوداني وغياب الصناعة السودانية
السودان قطر متعدد الأعراق والثقافات والفنون، وذلك من خلال تعدد قبلي نادر، لم يوجد في بلدان العالم الأخرى بما في ذلك الوطن العربي، ومع كل ذلك الفنون السودانية والتراث المشبع بالقيم النبيلة حبيسة الحدود السودانية، فحتى نتعرف على المشكلة هل هي من اللهجة السودانية أم من ضعف الوسائل الإعلامية أم من مشاكل سياسية، جلست مع الدكتور محمد المديوني المفكر التونسي العالمي والعالم في مجال المسرح العربي والإفريقي وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية بتونس والأستاذ بمعهد اللغات الشرقية بباريس وصاحب عدد من المؤلفات الفكرية والادبية والمسرحية والثقافية وترجم عدد كبير من المؤلفات الغربية للغة العربية، وقد إلتقيته وهو ضيف على الصندوق القومي لرعاية الطلاب في مهرجان المسرح الطلابي الرابع ومشارك في الندوة العلمية حول واقع المسرح العربي بكلية الدراما والموسيقى بجامعة السودان ليحدثني عن الواقع الثقافي العربي وإنعكاساته على السودان من خلال رؤيته في أول زيارة..فماذا قال: زيارتك للسودان وكنت قبلها بفرنسا وأنت من شمال أفريقيا بكل عروبتها وأفريقانتها ما هي إنطباعاتك عن الثقافة في السودان مقارنة بغيرها: الثقافة كلمة كبيرة لها مدلولات ودلالات متعددة فبمثل ما لكل شعب ثقافته، فلكل دولة ثقافتها الخاصة بمجموعة شعوبها، ثم لكل قارة ثقافتها بمجموعة دولها ولكل إقليم ثقافته التى تميزه، وبين هذا وذاك معابر وجسور تنقل تلك الثقافات ليستفيد منها المواطن في حركته وسكونه والمجتمع والدولة في تقدمها، فالثقافة في الغرب بنيت على الفكر والتقدم العلمي، بينما ثقافة العرب بنيت على الموروث الديني والعادات والتقاليد واللغة المشتركة..السودان دولة متميزة من خلال الخصائص الثقافية والذي لا يقرب منه لا يعرف ذلك، فالتعدد القبلي والثقافي والغناء والإيقاعات يميز السودان عن بقية الدول الأخرى سواء أكان في الإقليم العربي أو المحيط الأفريقي ومع ذلك نقول أن ثقافة الغرب راسخة لدى كل الشعوب بالعوامل السياسية والصناعية والإستعمار بينما الثقافة العربية متطورة لكنها بعيدة عن الواقع العالمي. إذاً هنالك مشكلة تقابل الثقافة السودانية؟ نعم أنا عربي ومسلم ومع ذلك لا أعرف الكثير عن السودان قبل أن أزوره للمرة الأولى ، لأن الآلة الإعلامية الخارجية تنقل السوالب عن السودان ولا تنقل الحقيقة الجميلة وشوهت اسم السودان في المحافل الخارجية من خلال الوسائط الإعلامية وأصبح هنالك حاجزاللغة في السودان وعدد من الدول العربية لغياب الدراما السودانية والغناء السوداني والمؤلفات السودانية عن الشاشات والمكتبات العربية مع ضيق المنافذ للتواصل مع العالم الخارجي، ولم تجدالثقافة السودانية حظها بين الشعوب الخارجية ما لم ينتج السودان سينماء تعبر عن ثقافاته ومشاكله وتُقدم بلغةٍ تُفرض على الشعوب العربية، وهذا ما ميز الثقافة المصرية والسورية. هل الثقافة التونسية مغلقة داخلياً؟ لا تونس دولة صغيرة المساحة لكن موقعها من البحر المتوسط جعلها قريبة من الشعوب الأوربية وخرجت الثقافة التونسية عبر نوافذ متعددة من خلال عناصر ثابتة جامعة، لا تمنع الروافد المختلفة من الظهور وقدمت ثراء ثقافي وفكري، لم تقف عند حدود التصوير والتجريد لتاريخ الثقافة العربية فكان هنالك جهد ميز تونس حيث دافعت عن نفسها في تفاعلها مع الثقافات الغربية خاصة فرنسا وكان لها تأثيرها.ويمكن للعرب النهوض بالثقافة العربية والإسلامية بالمفهوم الإنثربولوجي لتعدد التعامل من خلال البنيوية التكوينية للثقافات وتفرض على الوسائط من خلال اللغة العربية والفنون المختلفة. المسرح جديد على الثقافة العربية: وهنا لابد من ناقلي الثقافة أن يكونوا من المتعلمين والدارسين الذين يثق الغرب في قدراتهم العلمية أولاً وهناك تعابير لا توجد لها موروثات مثل المسرح وهو جديد على الثقافة العربية وجوهر المسرح التمسرح واللغة المسرحية في كل الثقافات ليعبر عنها عبر أشكال متعددة ، كما أن لعلماء الإجتماع دور في نقل الثقافات في مجال المثاقفة ومنافذ لها أبعاد في التعبير الفني والذاتي لا يمكن للثقافة العربية أن تتجاهله وهنا تبرز أهمية السينما كفن مهم ينقل الحركة الثقافية للشعوب وأضحت السينماء لغة لها قواعدها وقوانينها؟ ماذا تعرف عن الثقافة السودانية؟ قال المديوني يكفي السودان أنه بلد الأديب والمفكر والكاتب العالمي الطيب صالح وكما أسلفت بلد متعدد الثقافات لكنها تحتاج لوعاء جامع لكل هذه المهرجانات والملتقيات الفكرية بمشاركات خارجية، والسودان مساهم في الثقافة العامة للشعوب العربية ونحن ندرّس كتابات الطيب صالح في الجامعات العربية وهذا يدل على أن الثقافة السودانية الموجودة في كتابات الطيب صالح موجودة في أذهان القاريء والمثقف العربي، وهنالك رحالة تونسي في القرن التاسع عشر وصل دارفور وإستقر بها وكتب عنها وترجم الكتاب الفرنسيون وفهموا كثيراً عن جغرافية وإنسان دارفور وحقيقةً أنا فوجئت من خلال مهرجان المسرح الطلابي بالتعدد في الغناء وأشكال الرقص المصاحب للإيقاعات وهذا من فنون المسرح خلاف درجات اللون والشكل والمظهر العام. وهل تعرف شيء عن الغناء في السودان؟ لا نعلق عدم الإهتمام في شماعة اللغة العربية باللسان السوداني السريع فالغناء لغة خاصة يفهمها من يريد أن يتمعن فيه، فأنا استمع جيداً للغناء السوداني عبر الوسائط، فأستمتع جداً بفرقة عقد الجلاد لما تقدمه من تنوع في أشكال الغناء والمقامات الموسيقية ومن خلال أصوات جميلة وهنالك فنان الشباب السوداني محمود عبدالعزيز الذي كان سيكون له مستقبل واعد من خلال خامة صوتية نادرة، لكنه رحل في سن مبكرة وترك اسمه رغم قصر سنه الغنائي. ماذا عن مهرجان المسرح الطلابي الرابع؟ حقيقةً كان هذا المهرجان جسر لنعبر به لنتعرف على جغرافية وطلوغرافية وفنون أهل السودان وقد تغيرت كثير من المفاهيم التى كانت تعشعش في رؤوسنا عن السودان وعن ما تصوره لنا الآلة الإعلامية الغربية، فالصندوق القومي كسر الحاجز وقام بعمل كبير جداً تحتاجه الحكومات والدول للتعرف بالبلدان من خلال المشاركات الخارجية ومشاركتنا في الندوة العلمية والتى قدمنا فيها رؤية لمستقبل المسرح العربي والسوداني و مشاهدة المهرجان ومشاركة الأشقاء الجزائريين ستنقل المهرجان لآفاق أرحب وتجعل إسم السودان عالياً وحسب تخصصي كأكاديمي مسرحي فقد شاهدت عروض لمسرح الطلاب وحقيقة قدموا تجربة أكبر من سنهم وطوروا المسرح السوداني بصورة تجعله ينافس في المهرجانات الإقليمية والعالمية بلا خوف ونزف التهنئة للبروفيسور محمد عبدالله النقرابي الأمين العام للصندوق القومي لرعاية الطلاب، وهو صديق عزيز، وللدكتور العلوي بنجاح المهرجان فنياً واجتماعياً ودبلوماسياً ونخص بالشكر رئاسة الجمهورية وهي تهتم بشريحة الطلاب بهذا المستوى وتهتم بضيوف الصندوق ونخص نائب رئيس الجمهورية الاستاذ حسبو محمد عبدالرحمن ومساعد رئيس الجمهورية العميد ركن عبدالرحمن المهدي، ووزير الثقافة الأستاذ الطيب حسن بدوي والزملاء بالدراما السوانية ونشكر كل العاملين بالصندوق للحفاوة والتقدير. ومن خلال ما تم تقديمه بالمسرح الطلابي نتمنى أن ترعى الدولة مثل تلك الإبداعات وتديرها من خلال مؤسسات ثقافية تتعامل مع الصندوق والجامعات وتوفر الدعم اللازم للمهرجانات ليشارك طلاب الصندوق في مهرجانات عربية وعالمية. لابد من الإهتمام بشريحة الشباب: قال الدكتور المديوني من خلال مشاهدتنا للشارع العام بالسودان والأسواق فنسبة 60% من المواطنين تقريباً شباب والشباب هم عماد المستقبل ولابد للدولة والحكومة أن توفر لهم الإستقرار والتدريب والتوظيف حسب التخصصات والقدرات حتى يساهموا في الناتج المحلي والإقليمي ولوقف الهجرات للعمل في دول خارجية قد تأخذ الشاب بعيداً عن تخصصه ولا تعطيه ما يؤمن به مستقبله ولا يستفيد ولا تستفيد منه الدولة وقد يضيع. سيطرة القنوات الهندية والدراما التركية على الشارع العربي؟ قال دكتور محمد المديوني هذه مشكلة كبيرة جداً نحن كشعوب ساهمنا فيها بإعتبارها مخرج لقضاء الأوقات والحكومات العربية ساهمت فيها لعدم إهتمامها بالمسرح والسينماء المحلية والصرف على الفنون والثقافة يحفظ البلاد والعباد من المشاكل والثقافات الخارجية وهذا ما تسمونه الإستلاب الثقافي وهو خطر على الشباب العربي المسلم، لكن هناك حقيقة يجب أن تقفوا عندها فالمسلسل التركي لم يصل لأذن المستمع العربي إلا من خلال اللهجة السورية لذلك تركيا لم توصل مهندونورللواقع العربي إنما السوريون فعلوا ذلك فلماذا لا تنتج العمل سوريا أوغيرها من البلدان العربية بذات القدر..أما القنوات الهندية فدخلت البيوت العربية عبر الجمال وليس ما يقدم فيها من مادة درامية أو سينمائية، لذلك نلاحظ المشاهدون يركزون على النجوم وليس على مادة الأفلام. غياب الصناعة السودانية عن السوق المحلي؟ قال دكتور المديوني وبنبرة فيها حزن حقيقية السودان نعرفه بأنه سلة غذاء العالم منذ القدم وهو بلد مليء بالثروات وهو بلد زراعي من الدرجة الأولى فقط يحتاج لهمة من الحكومة والمواطنين والزراع، وهنالك تنوع في المنتجات الزراعية مثلما يوجد بتونس رغم صغرالمساحة مقارنة بمساحة السودان الزراعية وتوفر المياه، لكن حقيقة ما نؤسف له ونحن عرب ومسلمين ويهمنا أمر السودان هو سيطرة الصناعة الصينية والهندية على السوق السوداني وغياب تام للصناعة السودانية فلم نشاهد made in Sudan في كل ما هو مصنوع ومعروض في الأسواق التى زرناها والسودان بلد تتعدد ثرواته ويمكن أن يصنع أفضل مما يستورده وبالتالي يحافظ على هيبة عملته وإستهلاك مواطنيه .