نصب أمس المشير عمر البشير رئيساً لجمهورية السودان بعد فوز حزبه بالانتخابات التي جرت مؤخراً ليصبح رئيساً شرعياً منتخباً من عامة الشعب لأربع سنوات قادمة. ورغم أن الانقاذ طوال 21 عاماً حكمت فيها البلاد ونفذت العديد من مشروعات التنمية والبنى التحتية التي شملت كل مناحي الحياة، حتى أن الاديب الراحل الطيب صالح قال عندما زار سد مروي إبان عمليات الإنشاء في عام 2005م والبلاد تعيش ليالي الخرطوم عاصمة الثقافة العربية وهو يقف أمام جسم السد العملاق وفي الجانب الآخر من النيل يقف جبل البركل شامخاً عملاقاً «السودان كان زي الفيل المخدَّر .. لكن الفيل ده صحا وقام وحيسوي العجب».. وهذا يحسب للانقاذ ولكنها أهملت الثقافة والفنون والتراث والفلكلور. وأهل الابداع يريدون من رئيسهم المنتخب أن يعتمد ميزانيات لعودة السينما السودانية التي توقفت في السبعينيات بفيلمي عرس الزين ورحلة عيون وسبعة افلام قصيرة ومثلها وثائقية وحتى إخواننا في مصر بدأوا في إنتاج فيلم حول مأساة دارفور وهم يرون في السودان أرضاً ومناخاً وتفاصيل حياة اجتماعية صالحة مجتمعةً لإنتاج أفلام تفوق ما أنتجته السينما الهندية لأننا نتميز بالتعدد في الأرض والعرق واللون واللهجات. وظللنا نشكو من محلية الاغنية السودانية وعدم مقدرتها على مغادرة السودان حتى لنزهة قصيرة ونحن لا نقيم مهرجاناً دولياً واحداً للاغنية ولا نأتي بأي كيان فني من الخارج ليسمعنا هنا قبل أن نفكر في المغادرة إليه ونشارك في المهرجانات العربية والافريقية المجاورة بثلاثين فرداً، خمسة وعشرين منهم موظفون حكوميون ونعود ونشكو من الاستلاب الغنائي العربي والاوربي والامريكي لشبابنا ونحن لم نقدم لهم شيئاً. وفي الجانب الآخر نجد أن أفقر أهل السودان هم الأدباء والكتاب وأهل الدراما حتى أن الأب يفكر ألف مرة في أن يوافق على زواج إبنته من «مبدع» وكأن معاناة مبدعي العشرينيات والثلاثينيات قد عادت من جديد والكل يجري خلف من يملك المال ولا يهم ماذا يحمل ما بين أذنيه. سيدي الرئيس نبارك لك فوزك الميمون بالرئاسة وأنت لست فظاً غليظ القلب وجل أهل السودان يحبونك لشخصك فاجعل من ميزانية أموال عباد الله سهماً للثقافة والفنون لإيجاد أجيال معافاة من أحادية الرأي والقسوة، ليدرك العالم أن السودان أرض النيلين والحضارات والسهول والجبال والوديان هو «لوحة» ثقافية فنية لا مثيل لها في الأرض ولنحمي شبابنا من أفكار التطرف التي أصبحت كالحمى تجتاح الشباب فيفجروا أنفسهم داخل بيوتهم بفعل الاستلاب الفكري والشواهد كثيرة بالدول العربية. واجعل للشباب قناة تلفازية وافتح المسارح ومول المسرحيات وأعد فتح دور السينما المغلقة بالعاصمة الآن، وظني أنها العاصمة الوحيدة في الدنيا التي لا تعرف الفن السابع أبداً وحينها سيعم السلام طالما أن كل البرامج يديرها تربويون ومختصون. وعاش السودان حراً مستقلاً..