تتقرب قبيلة الهمج السودانية إلى الله سبحانه وتعالى بعد نجاح كل موسم للحصاد، لكن بطريقة مختلفة أثارت جدلاً وسط الفقهاء، وهي إقامة احتفال يسمى "جدع النار" يبدأ بحالة من الصمت وينتهي بالبكاء الهستيري لدرجة تصل الإغماء أحياناً. ويبدأ الهمج الاحتفال عادة بمشاركة القبائل الأخرى حيث يقصد الرجال والشباب ميداناً كبيراً تشعل فيه النيران عبر حرق أعواد غليظة من الخشب. ويلف مكان الاحتفال حالة من الصمت كتعبير عن الاحترام لتلك العادة السنوية التي تجرد الرجال من ارتداء الحذاء والطاقية. وتنتهي حالة الصمت عند الساعة الثانية صباحاً حيث تطلق بعد ذلك أعواد النيران بعد أن يصطف الرجال في طابور طويل مع انطلاق صيحات التكبير والتهليل. أرقام محددة ويجري عد كل فرد من الرجال المصطفين حتى الرقم ستة وعند السابع ينطلق مايحمل بيده من عود مشتعل وهو يردد الله الله أكبر ثم يعيد الكرة مرة ثانية. ويشبه منظر النيران المتناثرة والمتساقطة ساحة حرب مع اختلاف النوايا، فهم لا يقصدون أذى أو إراقة الدماء بقدر مايعتبرون ذلك شكر على نعم الله وسانحة لإرساء التسامح بين جميع القبائل التي تنتمي إلى منطقة مريدي ريفي محلية الرصيرص في ولاية النيل الأزرق. ولا يتوقف شكر الله عند الهمج على تلك الطقوس والعادات الغريبة بل يمتد الاحتفال ليوم كامل، وعند الصباح يعود الرجال إلى مقر منطقة الهمج ويتجمعون أمام مكان الاحتفال لتنطلق الأغاني والرقصات الشعبية، لكن هذه المرة بمشاركة النساء اللائي يثير زغاريدهن الحماسة في نفوس الرجال. طقوس متصاعدة ويقول رمضان الحاج يوسف الذي ينتمي للقبيلة للشروق إن الطقوس تزداد بازدياد الحصاد وعندما يكون الموسم ناجحاً تستمر الاحتفالات لأكثر من يوم. وأكد أن قبيلة الهمج تتمسك بتلك العادة لاعتقاد سائد وسطهم بأنها سبب في نجاح الموسم الزراعي لسنة قادمة، وتعتبر عدم ممارسة تلك العادة نذير شؤم على القبيلة. وأكد رمضان أن لهذه العادة هيبة كبيرة في نفوس البعض وأن ممارسة الصمت أثنائها نوع من الخشوع إلى الله سبحانه وتعالى وأن ظاهرة خلع الأحذية وعدم لبس الطاغية أيضاً نوع من الزهد والتواضع وهو نوع من التصوف لكن بطريقة خاصة. ومن أشهر الموسيقى التي تؤدى صباح اليوم موسيقى الإنجيلي وهي خماسية الإيقاع. إثارة الشجون " موسيقى الهمج تصاحبها رقصة خاصة تسمى بالدبك تؤديها النساء والرجال معاً في شكل دائري وبعد أداء تلك الرقصة يجلس الناس جميعهم ويستمعون إلى وصايا تنطلق من أفواه كبار السن تحرضهم للحفاظ على العادة " وتوصف الإنجيلي بأنها موسيقى عميقة تثير الشجون لدى صاحبها لدرجة أن بعضهم يفقد السيطرة على نفسه ويصاب ببكاء هستيري لدرجة تصل أحياناً إلى الإغماء. ويبدأ الذين من حوله في تخفيف هذه النوبة بتصرفات معينة منها الضرب على الصدر حتى يعود للوعي تماماً. وتصاحب هذه الموسيقى رقصة خاصة تسمى بالدبك تؤديها النساء والرجال معاً في شكل دائري وبعد أداء تلك الرقصة يجلس الناس جميعهم ويستمعون إلى وصايا تنطلق من أفواه كبار السن تحرضهم للحفاظ على تلك العادة بجانب روشتات مستقبلية تعينهم على الحياة. ومن الظواهر النادرة التي تصاحب الاحتفال بعيد الحصاد "جدع النار" ويكرم الضيف بطريقة خاصة حيث يسحب شئ من حوزته ويطالب بفدية معينة لاسترجاعها. ضيافة ضاحكة " احتفال جدع النار لقي انتقاداً كبيراً لدى عدد من الفقهاء مستنكرين أن يتم شكر الله عن طريق الرقص والغناء مطالبين الدولة بتغيير بعض العادات والتقاليد وتبصير الناس بما هو صحيح " وفي حال امتناع الضيف عن دفع الفدية يجبر على أكل الطعام الذي أمامه وتصاحبه نوع من الفكاهة وترتص حوله النساء وتردد ترنيمات ضاحكة ومن ثم يقمن بدغدعة الرجل تشجيعاً له للاستمرار في الأكل ومن ثم يجر إلى دائرة الرقص ليحاصر بأعداد كبيرة منهن. ويقول محمد يونس بابكر نائب مجلس شورى القبيلة للشروق إن هذه العادة تسمى بالموركي وهي عادة اجتماعية للم شمل القبائل وإكرام الضيوف من القبائل الأخرى حيث يسعى الاحتفال لتذويب أي خلافات قبلية أو فوارق طبقية. وأثار الاحتفال بهذه الطريقة انتقاداً كبيراً لدى عدد من الفقهاء مستنكرين أن يتم شكر الله عن طريق الرقص والغناء مطالبين الدولة بتغيير بعض العادات والتقاليد وتبصير الناس بما هو صحيح.