دعا د. مكي علي بلايل الناشط السياسي والاقتصادي لوضع سياسات تحقق نوعاً من العدالة في توزيع العائدات الاقتصادية وإصلاح السياسات العامة للاقتصاد، مؤكداً ضرورة بناء اقتصاد معافى وقوي في السودان بعد انفصال دولة الجنوب. وقال بلايل خلال محاضرة قدمها بمركز التنوير المعرفي بعنوان: "نحو فلسفة وسياسات اقتصادية تدعم الاندماج الوطني والسلام الاجتماعي"، قال إن العامل الاقتصادي يلعب دوراً محورياً في عملية التكامل والاندماج بين الشعوب، مبيناً أن العامل الاقتصادي قد لعب عبر التاريخ، ولم يزل، دوراً محورياً في الصراع الاجتماعي داخل الأمة الواحدة وفي النزاعات بين الأمم تنافساً على الثروات والموارد. وتناول بلايل في ورقته تطور الاقتصاد السوداني خلال الحقب الماضية منذ الاستعمار مروراً بالحكومات الوطنية والعسكرية المختلفة التي مرت بها البلاد، مشيراً إلى أن الخطوات الأساسية الأولى على طريق تحديث الاقتصاد السوداني قد اتخذت في عهد السلطة الاستعمارية التي استقدمت مع مجيئها نظم الإدارة الحديثة في شتى المجالات، وقد مثل عام 1925م نقطة تحول مهمة ليس في زراعة القطن فحسب، بل في تطور الاقتصاد السوداني وذلك بإكمال بناء خزان سنار إيذاناً بقيام مشروع الجزيرة والذي ظل إلى وقت قريب الداعم الرئيس للخزينة العامة. ضرورات عسكرية وأضافت الورقة أن الضرورات العسكرية والاقتصادية والإدارية فرضت على السلطة الاستعمارية الاهتمام بشبكة المواصلات وتحديداً السكة الحديد والتي ظلت منذ عام 1930م حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي الرابط الأساسي بين أقاليم البلاد، وواسطة النقل الرئيسية فيها، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية رفعت السلطة الاستعمارية اهتمامها بتطوير الاقتصاد وتجلى ذلك بإدخالها لأول مرة في تاريخ البلاد خطط التنمية فكانت الخطة الأولى في الفترة 1946م- 1951م والثانية في الفترة 1951- 1956م. وقال بلايل إن السلطة في عهد الحكم الوطني عامة وفي عهد الإنقاذ خاصة قد لعبت دوراً محورياً في تشكيل واقع الثروة وما يتصل بها من خدمات، وهذا الواقع لا يمكن تصحيحه إلا بتدخل واع ورشيد وحكيم من الدولة بسياسات مدروسة. وأشار إلى أهمية توجيه المزيد من الموارد الاقتصادية التي تدعم الاقتصاد ووضع خطة متكاملة للنهوض بالاقتصاد والشرائح الضعيفة، مشدداً على ضرورة ضخ المزيد من التمويل لقطاع الخدمات للمواطنين وبذل الجهود للتقليل من الفوارق الاقتصادية للنهوض نحو فلسفة وسياسات تدعم العملية الاقتصادية.