الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة يكشف عن إحصائيات بلاغات المواطنين على منصة البلاغ الالكتروني والمدونة باقسام الشرطةالجنائية    وفد المعابر يقف على مواعين النقل النهري والميناء الجاف والجمارك بكوستي    وزيرا الداخلية والعدل: معالجة قضايا المنتظرين قيد التحرى والمنتظرين قيد المحاكمة    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الشان لا ترحم الأخطاء    والي الخرطوم يدشن أعمال إعادة تأهيل مقار واجهزة الإدارة العامة للدفاع المدني    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    مصالح الشعب السوداني.. يا لشقاء المصطلحات!    تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    دبابيس ودالشريف    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تكذب (سحب الخريف) الدولي تنبؤات الخارجية السودانية؟
نشر في شبكة الشروق يوم 20 - 05 - 2012

ظل القرار 2046 الصادر من مجلس الأمن بعد أن حول إليه مجلس الأمن الأفريقي الاختصاص في الأزمة بين دولة السودان ودولة جنوب السودان، ظل ومنذ إعلانه محل جدل وخلاف بين مؤسسات الدولة المختلفة، ولم يحظ القرار بإجماع عند قبول السودان به عشية لقاء وزير الخارجية علي كرتي بنظيره الروسي.
ويعد د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية ورئيس كتلة نواب الوطني بالبرلمان أبرز المناهضين الرسميين للقرار، حيث وصف وقتها إحالة الأمر إلى مجلس الأمن الدولي من "السلم والأمن الأفريقي" ب"المؤسف والمريب"، إلا أن مراقبين ومحللين استغربوا انتقادات د. غازي اللاذعة في الهواء الطلق.
؛؛؛
د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية أبرز المناهضين الرسميين للقرار2046 ، حيث وصف إحالة الأمر إلى مجلس الأمن الدولي ب"المؤسف والمريب"
؛؛؛
وعبر مقال نشرته بالتزامن أكثر من صحيفة وتناقلته وكالات الأنباء وهو أحد النافذين في الحكومة بحكم منصبه الرسمي بالقصر الجمهوري، وقالوا كان بإمكانه النقد من داخل الحكومة، لا من خارجها، الأمر الذي يؤكد ما ذهبنا إليه بوجود خلاف داخل مؤسسات الدولة حول التعاطي مع قرار مجلس الأمن 2046.
حسم جدل الخلاف
إلا أنه من الواضح أن وزارة الخارجية نجحت في حسم جدل الخلاف لصالحها، في أعقاب الحملة المضادة التي قادتها ضد الرافضين للقرار، ويجئ نجاح الخارجية في أجواء ما بعد هجليج التي ارتفع فيها صوت المنادين بالمواجهة مع دولة الجنوب، بل الدخول عنوة وضرب العمق الجنوبي.
الأمر الذي يؤكد أن الخارجية اختارت أدواتها بدراية وعناية فائقة، وقطعاً أن من بين الأدوات ماهو غير معلن وماهو داخل إطار الحكومة الواحدة وتحيط به جدر السرية، بالإضافة إلى الأدوات العلنية التي من بينها أداة الإعلام التي أجادت الخارجية استخدامها وهي تتصدى لرافضي القرار.
ونجاح الخارجية يتأكد لكل متابعي الشأن السياسي خاصة بعد إفادات علي كرتي وزير الخارجية وهو يرد على تقرير لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الإثنين 14 مايو الجاري، وما تبع هذه الإفادات من تعليقات للنواب، ويعد أبرز ما جاء في هذه المداولات ما نطق به د. غازي صلاح الدين أول المنادين برفض القرار، حيث هاجم بشدة القرار ووصفه ب "السيئ والمنحاز" إلا أنه رجع وقال: "لا يمكن أن نقول لم نره ولم نسمع به".
ودعا غازي إلى ضرورة التعامل معه لأنه غير متعلق بالسودان وحده وإنما بطرفين وأطراف أخرى، وهو الأمر الذي يعد تراجعاً عن الموقف الأول الذي جاء رافضاً للقرار بل وواصفاً المواقف السودانية باللينة، والمتسرعة بإبداء القبول دون الدراسة والتمحيص.
موقف د. غازي صلاح الدين مستشار الرئيس ورئيس كتلة المؤتمر الوطني بالهيئة التشريعية القومية الجديد والداعي للتعامل مع القرار باعتباره "سياسة أمر واقع" يعد نصراً للخارجية كوزارة وهي تعبئ الجميع للتعامل مع القرار ولا تعتبره كله سالباً بل إن فيه عدد من الإشارات الموجبة التي ينبغي التعاطي معها والإحاطة بالسلبيات حتى يمكن محاصرتها.
عقدة الاستعباد والدونية
بات واضحاً أن الخارجية السودانية وضعت يدها على الداء، وهي تنادي بضبط التصريحات الرسمية، التي تظهر الحكومة وكأنها جزر معزولة لا تنسيق بينها.
؛؛؛
وزارة الخارجية السودانية نجحت في حسم جدل الخلاف لصالحها، في حملتها ضد الرافضين للقرار 2046
؛؛؛
وكان كرتي قد وجه انتقادات لاهبة لتصريحات السياسيين بشأن الجنوب السوداني، وقال في رده بالبرلمان: "إن مقولات مثل الناس دي ما بتجي إلا بالعصا- وندخل بانتيو – تمثل حرجاً دبلوماسياً بالغاً للسياسة الخارجية السودانية خاصة في أفريقيا والدول الغربية، وزاد: "الناس دي ما بتجي إلا بالعصا تكرس لدى الأفارقة بيت الشعر العربي القائل: (لا تشتري العبد إلا والعصا معه) خاصة وأن القارة الأفريقية تعاني من عقدة الاستعباد والدونية، وقال: "لابد من ضبط تصريحات السياسيين لأنها تفهم خارج إطارها".
وما ساقه وزير الخارجية من نماذج لتلك التصريحات التي أضرت بالسياسة الخارجية للسودان حسبما رأي، تضع كثير من المسؤولين في موضع المتهم بما فيهم "مؤسسة الرئاسة".
ففي الفترة التي أعقبت تحرير هجليج من قبضة الجيش الشعبي انطلقت حملة تعبوية واسعة أسهم فيها دعم الشعب السوداني اللامحدود للقوات المسلحة بل وخروجه الفوري والعفوي مسانداً لقواته المسلحة وهي تدفع عنه احتلال دولة الجنوب لأرضه، إلا أن السياسيين أرادوا الاستثمار في هذه الأجواء، وهو ذات ما نادينا بالنأي عنه في مقالنا السابق بهذا الموقع ودعوتنا للدولة السودانية بكل مؤسساتها خاصة "مؤسسة الرئاسة" بالنظر إلى ما هو أبعد من غبار المعركة في هجليج، وتسخير الخارجية السودانية للعب دور أكبر في إظهار الصورة الحسنة للسودان وتغيير الصورة الشائهة، من خلال استثمار "دخول الجنوب لأرض سودانية واحتلالها" وإظهاره بأنه دولة معتدية لا يجب الوقوف معها.
وليس استثمار الالتفاف الشعبي ومساندة المجتمع للدولة وخدمة أجندة تعبوية ربما لا تؤدي إلا لمزيد من العزلة والعقوبات.
بلع التصريحات وعدم حياد
يبدو من واقع ما حققته وزارة الخارجية وجعلها لكثيرين يبلعون تصريحاتهم ويبدلون مواقفهم، أنها تتمتع بنفوذ داخل مراكز اتخاذ القرار، أو ربما أدركت الدولة أن عليها بناء استراتيجية واضحة في التعامل مع المجتمع الدولي، أول عناوينها "ضبط الخطاب السياسي وتوحيد الرؤية" حتى لا تفهم التصريحات في غير إطارها، وهذه الأوبة المتأخرة من الدولة تحمد لها لأنه (أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي).
؛؛؛
القارة الأفريقية تعاني من عقدة الاستعباد والدونية لذلك تثيرها مقولة "الناس دي مابتجي الا بالعصا"
؛؛؛
بقي أن نقول إن هذه المهادنة مع المجتمع الدولي واستخدام سلاح الدبلوماسية يحتاج إلى درجة عالية من الوعي، إذا وضعنا في الاعتبار أن هذا "المجتمع الدولي غير محايد في تعاطيه مع الشأن السوداني" بل إنه داعم رئيسي لكل ما يمكن أن نطلق عليهم أعداء السودان أياً كانوا (دول جوار، وعلى رأسهم دولة الجنوب الوليدة - أو حركات متمردة وجبهات ثورية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان).
الأمر الذي يضع على عاتق الخارجية السودانية مسؤولية كبيرة، بل أن الدولة برمتها بحاجة إلى وضع استراتيجية في التعاطي مع الشأن الدولي بعد دراسات متعمقة ومتخصصة، تجنبها تلك المزالق الكبيرة التي تؤدي في خاتمة المطاف لا إلى ضياع حكومة معينة إنما إلى ضياع وطن وضعته سياسات المجتمع الدولي في فوهة التقسيم إلى دويلات، وليس سيناريو "نيفاشا" ببعيد عن الأذهان.
مجلس الأمن
يقول دفع الله الحاج علي مندوب السودان الدائم بالأمم المتحدة في حوار نشرته "الرأي العام" 14 مايو الجاري يقول: "هناك مقولة لمندوب دائم قبل سنوات لإحدى الدول الكبرى الآن هو وزير خارجية لبلاده قال: عندما يغلق أعضاء مجلس الأمن الدولي الباب، ويجلسون خلف الحائط في اجتماعاتهم المغلقة يقف ميثاق الأمم المتحدة عن العمل".
؛؛؛
الخارجية اختارت أدواتها بدراية وعناية فائقة ووضعت الكثير من المسؤولين في موضع المتهم بما فيهم "مؤسسة الرئاسة"
؛؛؛
ويقول دفع الله في ذات الحوار: إن مجلس الأمن جهاز لا يعمل بمنطق ويعمل بدون شفافية وبدون ديمقراطية".
هذا الحديث لمندوب السودان الدائم بالأمم المتحدة ألا يجعل وضع كل (البيض) في سلة مجلس الأمن كما أراد لنا الاتحاد الأفريقي، مضر لدرجة كبيرة بمصالح السودان؟
وهل وضعت الخارجية في حساباتها هذه الأجواء التي يعمل فيها مجلس الأمن، خاصة أن هذه الأوصاف (الفظيعة) للمجلس لم يقلها د. غازي صلاح الدين بل قالها مندوب السودان بالأمم المتحدة وهو بحكم منصبه ممثل للدولة كلها داخل المؤسسة الدولية، بل هو بمثابة وزير خارجية في تلك المهمة.
مهما يكن من أمر تظل إحالة ملف السودان مع الجنوب إلى مجلس الأمن تدويل لقضية كان يمكن حسمها داخل البيت الأفريقي عن طريق التفاوض، لكن الاتحاد الأفريقي الموقر تنازل عن صلاحياته بكامل قواه العقلية لمجلس الأمن الدولي، وقبلت الحكومة بهذه الإحالة، الشئ الذي يضع البلاد على طاولة الرضوخ لسياسة الأمر الواقع.
وقد (دقت) الخارجية السودانية صدرها وهي تعلن أنها قادرة على إدارة المعركة التي ستأتي في صالح السودان – حسب تقدير الخارجية – نتمنى أن لا تكذب (سحب الخريف) الدولي تنبؤات الخارجية السودانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.