يتهدد السودان خطر فقدان واحدة من أندر عشر محميات طبيعية في العالم، وهي حظيرة الدندر التي تضم طيوراً وحيوانات نادرة، جراء التدهور والإهمال اللذين تعاني منهما لعقود، وتهرب الحيوانات للدول المجاورة لانعدام مقومات حياتها بالمنطقة. وتتزايد المخاوف على المستوى الرسمي من أن تصبح محمية الدندر الطبيعية في السودان شيئاً من الماضي. ومحمية الدندر تعد واحدة من عشر أُخر عالميات مصنفة من محميات المحيط الحيوي لاحتوائها على أندر سلالات الحيوانات والطيور في الأرض. وفي معسكر شرطة الحماية البرية جنوب شرق ولاية سنار، يستعد رجال الشرطة، المزودون بالإبل بغية التغلب على وعورة الطريق، كل يوم لمهمتهم الرئيسة وهي حماية الحيوانات البرية من الصيد الجائر والاطمئنان على مصادر شربها من المياه. ورغم مساحة المحمية داخل ولاية سنار البالغة 1291 كيلو متراً مربعاً وهو ما يعادل 17% من مساحة الولاية، إلا أن المياه التي تعتمد عليها الحيوانات والطيور تكاد تنعدم فيها، ما يشكل خطراً حقيقياً على استمرار المحمية كمحيط حيوي. هروب إلى أثيوبيا ويقول مدير السياحة بولاية سنار محمد عبدالله لقناة الشروق، إنه من واقع مشاهدات إدارته فإن المحمية تعاني من نقص حاد في المياه وهو ما يؤدي إلى هروب الحيوانات من الحظيرة إلى أماكن أخرى، خاصة وأن الولاية لديها حدود مع أثيوبيا. وتأخذ الاعتداءات على الحظيرة أشكالاً متعددة حيث تقوم مجموعات سكانية بإقحام ماشيتها داخل حدودها بهدف الرعي، بينما يفضل آخرون القضاء على الثروة السمكية القليلة أصلاً في "القيعات" المستنقعات. وتمارس قرى بأكملها، تشكل قبائل من بعض دول الجوار، نشاطها الاجتماعي والاقتصادي داخل حدود محمية الدندر وترتبط حياتهم ارتباطاً وثيقاً بالحظيرة، مع علم جميع السكان أن الاعتداء على ممتلكات المحمية أمر ممنوع. وتتعارض مصالح الرعاة مع بقاء المحمية، حيث يؤكد علي عبدالرحمن من السكان المحليين إلى أن الأهالي يعلمون أن التعديات على الحيوان والأشجار ممنوعة "لكن من الممكن أن يذهب أي شخص ويأتي بالأخشاب أو قط الخلاء أو دجاج الوادي أو الأرانب". وزاد: "هذا ممنوع بالدغري". في انتظار الحكومة والمنظمات ويظل بقاء المحمية مرهوناً بما تقدمه الحكومة والمنظمات المعنية بالبيئة والسياحة من دعم للبنيات التحتية للحظيرة وتوفير البيئة الملائمة للحيوانات التي ترد إليها كل عام وحال عدم توفر ذلك، فإن السودان سيفقد واحدة من أندر المحميات الطبيعة على أراضيه. وينوه نائب رئيس لجنة السياحة والبيئة والحياة البرية بالبرلمان د. محمد علوبة، إلى جملة مشكلات تواجه محمية الدندر منها العطش والحرائق وتغول الرعاة، ما أدى إلى هروب الحيوانات. ويقول إن هناك معوقات تواجه خطط تأهيل المحمية بسبب تداخل حدودها عبر ثلاث ولايات "سنار، والنيل الأزرق، والقضارف" وهو ما يتسبب في صراع على الإيرادات المتحصلة، داعياً الدولة لإيلاء الأمر الأولوية. يشار إلى أنه تم إعلان حظيرة الدندر محمية قومية في 1935، وتقدر مساحتها ب 3500 ميل مربع. وتبعد المحمية عن الخرطوم مسافة 300 ميل. وتقع المحمية بين خطي عرض 12 و26 درجة وخطي طول 34 و48 درجة.