عرفت عطبرة بمحبة أبنائها لها وتعصبهم الشديد فى حبها وعشق ترابها .. وتميزت المدينة الوادعة التى يحتضنها نهر النيل عند ملتقى نهر (العطبراوي) القادم من أقاصي الشرق، بكونها مقراً لهيئة السكة الحديد بالسودان. السكة الحديد بكل زخمها وعمالها وموظفيها وورشها (المرمَّة والنجارين والديزل والخراطين والنجارين والسباكين) وصافرتها العتيقة وأبواق القاطرات العابرة والمقيمة وغيرها . يهِب الكادحون أسراباً مع نسمات الفجر الأولى، ويمتطون دراجاتهم متوجهين إلى أعمالهم مع بزوغ شمس الصباح إلى حيث عشقهم السرمدي (الانتاج). فأولئك العمال كانوا يعشقون الإنتاج ويديرون دفة (السكة الحديد) بكل محبة واقتدار أيام شبابها ومجدها وعنفوانها، ويطعمون أبناءهم من عرق يسيل وبحلال وفير ملؤه البركة والخير.. يربون أبناءهم بهذه اللقمة الحلال فينشأون نجباء محبين للعلم والتعلم. يحرزون أرفع الدرجات وأعلاها في امتحانات الابتدائية وقتها والمتوسطة، والشهادة السودانية تشهد لهم بالتفوق على مستوى الأفراد والمدارس. مدرسة الجلود ومن تلك المدارس التي تميزت بطلابها مدرسة عطبرة الثانوية الجديدة (مدرسة الجلود)، نعم الجلود، فلتلك الجلود قصة جميلة وملحمة رائعة سنحاول سردها في هذا المقال. " الأهالي في مطلع الستينيات جمعوا جلود الأضاحي من كل المدينة حتى تقوم مدرسة حكومية يتعلم فيها أبناؤهم، وتفاعل الناس مع الحدث وآتت الفكرة أُكلها وقامت المدرسة بملحمة الجلود " بدأت الفكرة من خلال مجموعة من الخريجين وهم يتآنسون في أحد قروبات الواتساب (دون ذكر للأسماء) ويجترون الذكريات الجميلة وأيام الصبا عن مدينتهم الحبيبة عطبرة (عاصمة الحديد والنار)، وما أدراك ما عطبرة. الأهل الطيبون والعفاف والكفاح النبيل وراء لقمة العيش الحلال، وتذكروا فيما تذكروا المدرسة وتفاصيلها وما آلت إليه اليوم. وفي اليوم التالي مرّ على المدرسة من لا يزال ممسكاً ومتمسكاً بعطبرة والحياة فيها، وصوَّر بهاتفه مدخل المدرسة البائس وتنقَّل بين جدرانها يصور تلك الأمكان التي تختزن في ذاكرة كل من رآها بالقروب. الدعم السريع حزن الطلاب كثيراً لما آلت إليه الحال من تردٍ للفصول وبيئة الدراسة فسارع أحدهم باقتراح الدعم السريع للمدرسة ودارت الفكرة في القروبات المشابهة للخريجين وتعالت الأصوات بالمسارعة في أن ننتشل المدرسة من هذا التردي الذي لا تخطئه عين. وصادف أن قامت مدرسة عطبرة الحكومية (القديمة) باليوبيل الذهبي للمدرسة، فنبعت فكرة أن يكون الدعم والسند للمدرسة من خلال احتفالية اليوبيل الذهبي كما فعلت توأمتها عطبرة القديمة. لايخفى على أحد أن مدرسة عطبرة الثانوية الجديدة قد أسست من خلال نفير ملحمي قام به الأهالي في مطلع الستينيات، أهالي عطبرة الصمود الذين عرفوا بالتكافل الاجتماعي في شتى الصور. نهضوا ليرسموا عبر التاريخ أجمل ملحمة، بجمع جلود الأضاحي من كل المدينة حتى تقوم مدرسة حكومية يتعلم فيها أبناؤهم، وتفاعل الناس مع الحدث وآتت الفكرة أُكلها وقامت المدرسة بملحمة الجلود. اليوبيل الذهبي سعى نفر كريم من خريجي المدرسة إلى أن يتم التواصل عبر الواتساب فأقاموا مجموعة بالواتساب سموها (اليوبيل الذهبي لمدرسة عطبرة الجديدة)." خريجو مدرسة عطبرة الثانوية الجديدة كانت لهم صولات وجولات في نفير ملحمي لدعم المدرسة روجوا له عبر الصحف والقنوات الفضائية حتى توج بيوم الاحتفال باليوبيل الذهبي في شهر يوليو القادم " جمعوا فيها كل الطيف من الخريجين القدامى عبر سنوات عديدة وكذلك الأساتذة السابقين والحاليين بالمدرسة. لتتم بلورة الفكرة وبدأ النفير الملحمي الذي يدعم مدرستهم التي رعت صباهم واحتضنتهم في تلك السنوات. وبالفعل نجحت المجموعة في عمل الكثير المثير من النجاحات والإنجازات، وبدأ سيل التبرعات التي انهالت من خريجي المدرسة الذين سلكوا درب التجارة بالمواد العينية كالأسمنت والمراوح والدهانات والدعم النقدي، ومن خريجي المدرسة في البنوك والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة. وكذلك الخريجين في دول المهجر كانت لهم صولات وجولات في هذا النفير الملحمي وأسهم الإعلاميون عبر الصحف والقنوات الفضائية في الترويج للفكرة التي سوف تتوج بيوم الاحتفال باليوبيل الذهبي في شهر يوليو من هذه السنة. ونحن هنا إذ نشيد بهذه الجهود الجبارة نسأل الله أن يعين القائمين بهذا الأمر ويسدد خطاهم ويوفقهم لدعم المدرسة ودعم مدينة عطبرة.