((الختام مسك باسنيم))    برشلونة يجدد عقد لامين جمال حتى عام 2031    مليشيا الدعم السريع تنهب أكثر (5) الاف محلا تجاريا و (16) فرعا للبنوك بالسوق المحلي بالخرطوم    رسميًا.. رحيل أسطورة ريال مدريد عن النادي    مشاهد صادمة في مركز عزل الكوليرا بمستشفى النو    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    الخرطوم تختنق ب (الكيماوي)    مباحث ولاية القضارف تنجح في فك طلاسم جريمة في فترة وجيزة – صور    حنان فرفور: لنحتفل بالشعر والحلم والحياة برغم أنف الموت والخراب    تصاعد إصابات الكوليرا بعدد من الولايات    لغط "الكيماوي"، وسوء الظن العريض؟! (1)    مدني .. أغرقوا محطة المياه العائمة بعد قطع سلك لاستخدامه لجر تاتشر معطلة    لا اتفاق جديد بين رونالدو والنصر    هل سيتم تحديد المطلوب من الفريق الصادق أم يستمر في القيام بمهام مزدوجة مع وزراء آخرين ؟!    سد النهضة يُشعل فتيل التوتر.. مصر تحذر من تصعيد إقليمي جديد    السافنا: ظهور المهزوم    حسّان معركة الكرامة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (صفا .. وأسترح)    الثورة تقلِّبُ الطاولة على الرابطة بدوري الدامر    المريخ يودع موريتانيا بمواجهة تفرغ زينة    النصر السعودي يودع الدوري والحلم الآسيوي بهزيمة قاتلة    العين الإماراتي يعلن تعاقده رسمياً مع المغربي حسين رحيمي    بشاشة زرقاء.. "تيك توك" يساعد الشباب على أخذ استراحة من الهواتف    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    حبوب منع الحمل قد "تقتل" النساء    رحيل "عطر الصندل".. وفاة الفنان والمخرج أحمد شاويش    العقوبات الأمريكية تربك سوق العملات وارتفاع قياسي للدولار    إحباط محاولة تهريب 60 ألف دولاراً أميركياً    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ندى القلعة تظهر بالزي الرسمي لقوات الشرطة وتحاول حفظ وفهم مواد القانون الجنائي    شاهد بالصورة والفيديو.. زوجة الحرس الشخصي لقائد الدعم السريع الحسناء تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تتزين ب"المكياج"    أضحك مع (هلاويس) كامل إدريس!    السلطات في بورتسودان تضبط تفشل المحاولة الخطيرة    غياب هنا الزاهد عن العرض الخاص لفيلم «ريستارت» يثير التساؤلات.. ما السبب؟    عقبات تواجه تصنيع آيفون في الولايات المتحدة    شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإثارة الجدل وتستعرض جسمها بفستان فاضح "فوق الركبة"    تحذير من بنك الخرطوم: ملايين العملاء في خطر    هل تحدث زلازل كبرى في مصر الأيام القادمة ؟    العناية الإلهية تنقذ مراسل قناتي "العربية" و "الحدث" بالسودان بعد إصابته بطلقة في الرأس    بالصور.. شرطة ولاية البحر الأحمر وباسناد من القوات الأمنية المشتركة تنفذ حملة بمحلية بورتسودان وتضبط عدد 375من معتادي الإجرام    الكشف عن نهب آلاف الأطنان من الصمغ العربي من مناطق النهود والخوي وود بخيت    "رئيس إلى الأبد".. ترامب يثير الجدل بفيديو ساخر    ضمانا للخصوصية.. "واتساب" يطلق حملة التشفير الشامل    الجنيه السوداني يواصل رحلة التدهور مع استمرار الحرب    المؤتمر الاقتصادي بنيالا يوصي بتفعيل الاتفاقيات التجارية مع دول الجوار    349 الف جوال قمح انتاجية الموسم الشتوي بمشروع حلفا الجديده    ولاية القضارف: وجهة جديدة للمستثمرين في ظل التحديات    "الدعم السريع" تكشف حقيقة مقاطع الفيديو المتداولة لجثامين متحللة بالخرطوم    سفارات كييف في أفريقيا.. خطط ومهام تتجاوز الدبلوماسية    ترامب: أريد أن "تمتلك" الولايات المتحدة غزة    وعكة صحية وتغيب عن الحضور.. ماذا حدث بقضية محاكمة نجل محمد رمضان؟    ((مبروك النجاح يانور))    ما هي محظورات الحج للنساء؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضحك مع (هلاويس) كامل إدريس!
نشر في الصيحة يوم 26 - 05 - 2025


منعم سليمان
لكامل إدريس، أو كميل إدريس كما يطلق على نفسه، كتابٌ بعنوان My Nile Odyssey، أو ملحمتي النيلية، كتبه كسيرة ذاتية، وهي ليست مذكرات عن حياة شخصية ومهنية تعكس عصارة تجربة وسيرة رجل عاش، كما قد يتبادر إلى الذهن، بل هي هذيان وهلاوس لحياة موازية لرجل تمنى أن يعيشها... عوالم من الفنتازيا، حيث المراكب الشراعية، والبواخر، وقراصنة الليل، تختلط بعوالم السحر والجن، وكأنك تشاهد فيلمًا من إنتاج مارفل، أو تقرأ رواية عن خيالات الأطفال من هاري بوتر، لا سيرة ذاتية لرجل ثمانيني تم اختياره رئيسًا لحكومة يُفترض أن نعرف ونطلع على تجربته: فلا تجربة، ولا حكمة، ولا موعظة، بل أنهار من الخيال غير الخلّاق، ومجاديف من الأكاذيب الشاطحة!
وحتى لا يظن أحد أننا نتجنّى على الرجل، فإنّ الكتاب موجود ومتاح عبر منفذ أمازون، وهو من (484) صفحة عجاف، صدر عام 2022 عن دار UK Book Publishing. ويبدو واضحًا من الوهلة الأولى أنه موجَّه بالأساس إلى الغربيين، لا إلى السودانيين أو متحدثي العربية، الذين سيكتشفون بسهولة أنه يفوق شطحات الخيال، ويتجاوز حدود الكذب وادّعاء البطولات والملاحم: على أنه رجل التحديات، قوي الشكيمة، متين العريكة، كافح وناضل، وعرّض نفسه للمهالك، وواجه الموت مباشرة في سبيل تحقيق حلمه – كما يفعل الآن بقبوله منصب رئيس الوزراء في اللا حكومة التي يؤسّسها البرهان من بورتسودان، في مسعاه لبناء حكمه العضوض!
إذا جاز لي وصف الكتاب بكل حيادية وأمانة، فسأقول إنه يحتشد بالكذب حتى يكاد الصدق لا يتسلل إلى صفحاته، كما يعاني من فقر في الخيال ورداءة في إخراجه!
ومن أكثر شطحات كامل إدريس ما اختاره موقع أمازون ليكون ملخصًا للكتاب: "أن المؤلف شخصيًا تم القبض عليه من قِبل صيادين، وصفهم بأنهم قراصنة النيل، لأنهم ظنوه جنًّا أو روحًا شريرة، لكنه – كما يزعم – تمكن من النجاة!
صحيح أن الإيمان بالجن شائع في السودان، كما في عموم إفريقيا، لكن المضحك أن يُطلق الكاتب على صيادي الأسماك وصف قراصنة! والأكثر تهريجًا أن هؤلاء الصيادين، بدلًا من الفرار كما يفعل الناس حين يعتقدون أنهم أمام جنّ، قبضوا عليه وكادوا يفتكون به! من منكم سمع يوماً عن بشر يطاردون الجن ليعتقلوه؟! إنه المؤلف هاري بوتر السوداني كامل إدريس!
ومن أجل أن تكتمل أيقونة التضحية الموجّهة غربًا، يحدثنا كامل عن معاناته مع عمالة الأطفال، وعن صباه المغموس بالألم في أوروبا. يا له من صبر! ويا لها من رحلة! لولا أن الواقع – هذا الكائن اللئيم – يكذّبه، إذ تقول سيرته المبذولة على Google- الذي لا يُظلم عنده أحد – إنه من أسرة سودانية مستورة الحال، ولم يغادر السودان إلا بعد تخرّجه من الجامعة. فمتى عمل في المصانع؟ ومتى ذاق بؤس عمالة الأطفال؟ ومتى ضاع صباه الباكر في شوارع أوروبا؟
شيءٌ واحد فقط نسي الرجل أن يضمنه في مذكراته حتى تكتمل الملحمة وتنافس ملحمة جلجامش في إثارة تعاطف الغرب والشرق معًا: إذ كان حرياً به أن يروي لنا بالمرة- أنه تعرّض في طفولته لانتهاك جنسي sexual abuse، فالرجل لم يترك تجربة إنسانية مؤلمة إلا وخاضها ونجا منها، ولا بطولة إلا وادّعاها!
ولأن الكذب حين يُروى بلا خجل يحتاج إلى تعويذةٍ تُكسبه التصديق، فقد استدعى كامل إدريس في خياله اسمًا لا يُردّ له طلب، وهو: نيلسون مانديلا. لا لشيء إلا ليمنحه شرعية ومصداقية يفتقدهما.
مانديلا، رمز النضال والكفاح والكرامة والاتساق والصدق، يطلّ في فصول ملحمة الكذب والرداءة، لا كإيقونة نضال، بل ك"قارئ محتاج إلى خدمات كامل إدريس"! الذي يزعم، بحسب ما جاء في كتابه، أن مانديلا شخصيًا طلب منه أن يكتب مذكراته! لا لشيء إلا لأن العالم ينتظر أن يعرف كيف خاض هذا البطل السوداني المتخيَّل صراعًا ضد قراصنة النيل والجن في طفولته، ونجا منهم جميعًا، ثم أصبح (قائدًا عالميًا) بفضل ثباته في تلك اللحظات العصيبة أمام التماسيح!!
ولا أعرف، ماذا نفعل نحن لو أردنا الاستيثاق من مانديلا نفسه بشأن هذه الرواية؟ خصوصًا وأنه، رحمه الله، في علّيّين مع النبيين والصديقين منذ أكثر من عشر سنوات من تاريخ كتابة هذه الخزعبلات!
إن ما ادّعاه الرجل لا يسيء إليه وحده، بل يُهين ذكرى مانديلا العطرة، ويُلوّث ذاكرة النضال في افريقيا والعالم كلّه!
إنها المأساة التي تبلغ ذروتها حين يُطرح رجل بهذه السوية الإنسانية المتدنية، وبهذا الخيال والكذب المرضي والنرجسية المزمنة، كخيارٍ لنهضة أمة، في مشهد تراجيدي يبدو وكأنه خرج مباشرة من صفحات كتابه!
إنها سلطة تعيش على الأكاذيب والأوهام... ولا بد أن تعيّن رجلًا يكتب الكذب والأوهام مذكرات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.