المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    عقار يشدّد على ضرورة تفعيل الأطر التشريعية ومكافحة الفساد والتحلي بالمسؤولية لتطوير جهاز الدولة الإداري    رئيس مجلس السيادة الانتقالي يصدر قراراً بتكليف السفير دفع الله الحاج علي وزيراً لشؤون مجلس الوزراء ومكلفاً بتسيير مهام رئيس الوزراء.    القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    شاهد بالفيديو.. في لقطة فريدة من نوعها.. فتاة سودانية تهدي صديقها طقم "جلابية" و"ساعة" ماركة ومبلغ 20 ألف جنيه مصري بعد مروره بأزمة نفسية نتيجة انفصاله عن حبيبته وساخرون: (دي مراحل الشلب الأولى)    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    شاهد بالفيديو.. فتاة سودانية تكشف استعانة المودل المثيرة للجدل هديل إسماعيل بخبير تجميل من أجل إجراء "تركيب" في مناطق مثيرة من جسمها    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    المجد فقط لشهداء ديسمبر في الأعالي يا برهان    البرهان يترأس اجتماعاً مغلقاً مع قيادات إسلامية في بورتسودان لتنفيذ توجيهات السيسي    الحكومة السودانية تعلق على الاتهام الخطير    الناطق الرسمي للقوات المسلحة ..الإمارات هي من تمارس السلوك الاجرامي بتزويد مليشيا آل دقلو المتمردة والارهابية بكل أنواع العتاد من الطلقة وحتى المسيرات الاستراتيجية    الإمارات تعلن إحباط محاولة "تمرير أسلحة إلى الجيش السوداني"    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    . دبابيس ودالشريف    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إتحاد المناقل يكون لجان لاستضافة مجموعة الجزيرة والنيلين للدوري التأهيلي    الهلال يستعيد نغمة الانتصارات بفوز كبير على الحرس الوطني    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    الأهلي السعودي يهزم الهلال بثلاثية ويتأهل إلى نهائي النخبة الآسيوي    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    ابن خلدون تكلم في أن الحرب تفسد أخلاق الناس    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عمرو هاشم ربيع يكتب: الصراع في البحر الأحمر.. هل نشهد مزيدًا من التصعيد؟
نشر في باج نيوز يوم 02 - 08 - 2024

تفتح الأحداث التي تمرّ بها المنطقة، اليوم، الحديث القديم عن أمن البحر الأحمر. فلا يكاد ينتهي حدث يصوب الأنظار إلى هذه المنطقة حتى يبدأ آخر يبقيها محط أنظار القوى المحلية والإقليمية والدولية.
ولا عجب أن يكون العدوان الصهيوني الجاري على غزّة، وما تبعه من إجراءات اتخذتها جماعة أنصار الله الحوثية تستهدف السفن الإسرائيلية والمتعاملة مع إسرائيل، واحدًا من هذه الأحداث التي تعيد التأكيد على الأهمية الجيوستراتيجية لهذا المعبر البحري الذي يتوسّط العالم، والذي قد يشهد مزيدًا من التصعيد في الأيام القادمة كإحدى ساحات المواجهة الرئيسية كرد على تصاعد الأحداث والاستهدافات الأخيرة، كالاعتداء على ميناء الحديدة في اليمن، أو تدحرج كرة اللهب في لبنان، أو اغتيال إسماعيل هنية في طهران، والعدوان المستمر على غزة، وهو ما قد ينذر بحرب إقليمية واسعة تلوح في الأفق، سيكون البحر الأحمر محورها الأساس.
منذ افتتاح قناة السويس في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1869، لفتت هذه البقعة من العالم أنظار القوى الإقليمية والدولية، وكان لظهور النفط وتجارته عبر البحر الأحمر دور كبير في تعزيز أهميته، إذ هو الممر الموصل إلى أسواق الاستهلاك الأوروبية المتعطشة إلى الطاقة.
وزاد من حدّة الصراع في منطقة البحر الأحمر طبيعتها الجيوبوليتيكية، إذ تتشاطؤُه فيها 8 دول قد تتعارض المصالح فيما بينها، وتكثر مضايقه، مثل: باب المندب، وتيران، وجوبال، وخلجانه مثل: العقبة، والسويس، وتتناثر جزره البالغ عددها 379 جزيرة، وتتنوع موانئه المهمة، مثل: جدة، وينبع، والسويس، وسفاجا، والحديدة، وعصب، ومصوع، والعقبة، وأم الرشراش "إيلات".
كانت الأهمية السياسية للبحر الأحمر هي السبب الرئيسي في جميع الصدامات وتعارض المصالح التي شهدتها دول الإقليم وغيرها. والمؤكد أن الصراع العربي- الإسرائيلي أشعل المنطقة؛ لأنه الأكثر تأثيرًا في تعارض مصالح دول الإقليم. أصبحت المنطقة مع قناة السويس وحركة التجارة العالمية محط أنظار الجميع، مما جعل تحقيق الأمن الجماعي أو الشراكة الإقليمية في التنمية الاقتصادية للدول المتشاطئة أمرًا بالغ الصعوبة، ما زالت تحاول تحقيقه منذ نصف قرن دون نجاح.
الرغبة الصهيونية المحمومة في كسر الاحتكار العربي لهذا البحر، تعدّ أحد أهم أسباب الصراع على أمنه. ولا سيما في ظل غياب حلّ عادل للصراع العربي- الإسرائيلي يحترم معطيات القانون الدولي. بعبارة أخرى، لو كانت هناك حلول تلوح في الأفق لهذا الصراع، لباتَ البحر الأحمر على أعتاب شراكة حقيقية بين دوله.
لكن إسرائيل وسّعت تواجدها فيه عبر إنشاء ميناء إيلات عقب حرب 1948، وحشدت الدعم الغربي لفتح خليج العقبة أمام ملاحة سفنها، وخلقت الخلافات بين دوله لتترجمها إلى صفقات تسليح أو تدريب عسكري، أو للتواجد المادي على أراضيها، وأحيانًا ما تُغير على ما تراه مهددًا لمصالحها.
بطبيعة الحال، هناك مشكلات أقلّ شأنًا، قد يكون بعضها ناتجًا عن تداعيات الصراع العربي- الإسرائيلي، وهي مشكلات نابعة من الأهمية التاريخية للبحر الأحمر كطريق للتجارة وباعتباره منفذًا بحريًا مهمًا.
داخليًا:
خذ على سبيل المثال الصراع متعدد الأشكال على السلطة في اليمن وما يرتبط به من خلافات استدعت تدخل دول الجوار الإقليمي فيه.
ومشكلة بناء الأمة في الصومال، منذ الاستقلال عام 1960، ومحاولة شطرها الشمالي المطل على خليج عدن وباب المندب الاعتراف به كدولة مستقلة، وبقاء حركة شباب المجاهدين كعنصر مهدد للاستقرار الداخلي في الصومال.
ثم عدم استقرار أوضاع السودان وأزمة بناء الدولة فيه، ومحاولات توظيف ميناء بورتسودان في الخلافات الخاصة بتهميش سكان المشرق.
كل هذه المشكلات الداخلية في الدول المطلة على البحر، تنعكس على أمنه؛ لأن النزاع على السيطرة على هذا البحر يكون أحد مسارات الصراع الداخلي.
بين بلدان الإقليم:
يوجد الخلاف اليمني – الإريتري على جزر حنيش الكبرى وحقوق الصيد حولها.
والخلاف اليمني- السعودي على مجمل أوضاع الداخل اليمني وعلى الحدود بين البلدين، ويرتبط ذلك بمحاولات إيران مدّ نفوذها إلى قلب الجزيرة العربية.
وهناك الخلاف الإثيوبي- الإريتري الذي تتعدد أسبابه، ومنها محاولة إثيوبيا خلق موطئ قدم على البحر الأحمر.
والخلاف الصومالي- الإثيوبي نتيجة التفاف إثيوبيا لخلق منفذ بحري لها عبر التحالف مع جمهورية أرض الصومال.
والخلاف الحدودي بين مصر والسودان.
وأخيرًا، الخلاف بين مصر وإثيوبيا وهي الدولة الطامحة لاستعادة شاطئ البحر الأحمر؛ بسبب سد النهضة.
كل ما سبق من خلافات تسبب في وجود عدد من القواعد العسكرية الثابتة والمتحركة على شاطئ البحر، وسوق للسلاح الذي يرد بعضه من بلدان في المنطقة وبعضه من خارجها.
فمن داخل المنطقة:
مصر: قامت مصر بتأسيس الأسطول الجنوبي، ودعمت قاعدة برانيس البحرية، كما تم تسليح البحرية مؤخرًا بعدد من الفرقاطات وغواصات.
إسرائيل: حققت تواجدًا دائمًا في أرخبيل دهلك الإريتري وفي ميناء وجبال مصوع وتلال الأرخبيل، وأسست عددًا من محطات التجسس على باب المندب، وهي تقوم بمراقبة موانئ اليمن بالبحر الأحمر، وتقوم بتتبع حركة الطيران العسكري الخليجي فوق اليمن، وتقوم برقابة على موانئ السودان لمواجهة الدعم العسكري الذي يصل للمقاومة الفلسطينية من خلال إيران. وتبيع السلاح الإسرائيلي لأطراف الصراع في الإقليم كدعم إريتريا في مواجهة اليمن، وهي تدعم الحكومة في دولة جنوب السودان أمام معارضيها، وقد قامت مؤخرًا بضرب ميناء الحديدة اليمني في 20 يونيو/حزيران الماضي، وقامت قبل ذلك بضرب السودان لاتهامه بمدّ حماس بالسلاح الإيراني.
جيبوتي: تقوم بتأجير أرضها لأطراف متباينة المصالح، حيث تأسَّست القواعد العسكرية الأميركية والفرنسية (بها أيضًا جنود من ألمانيا وإسبانيا) واليابانية والتركية والصينية والإماراتية، ويركز التواجد العسكري الأميركي والغربي عامة هناك على تأمين خطوط النفط بالبحر الأحمر، وضمان حركة التجارة الدولية، والرقابة على حركة الصين التجارية.
إريتريا: على نهج جيبوتي، تحاول إريتريا الخروج من أزمتها الاقتصادية عبر تأجير أراضيها المطلة على البحر الأحمر. فإضافة إلى إسرائيل سعت هي الأخرى لجمع الأطراف المختلفة على أراضيها، فجعلت لإيران موطئ قدم.
أما الدول الخارجية، فتتنوع أسباب اهتمامها بالبحر أيضًا، ففيما تهتم الصين بالتواجد العسكري في جيبوتي لضمان خط سير تجارتها، تهتمّ الإمارات بتواجدها عسكريًا في جيبوتي وبربرة وعصب، وتهتم تركيا بالتواجد العسكري متعدد الأشكال في جيبوتي والصومال، وذلك أيضًا بغرض تأمين استثماراتها ومراقبة التحرّكات الإيرانية.
هكذا أصبح البحر الأحمر ومدخله اليوم حافلًا بكل أسباب الصراع، وتتزاحم فيه القوى التي تتضارب مصالحها، ويصبح في كثير من الأحيان ميدان صراع سواء بين الفرقاء المتنافسين في أي من دوله، أو بين واحدة وأخرى من الدول المطلة عليه، وأحيانًا يكون ساحة صراع بين بعض دوله ودول من خارج إقليمه: (إيران وتركيا وإثيوبيا)، ثم هو ميدان لصراعات الدول الكبرى كالولايات المتحدة والصين.
من هنا نواجه السؤال: هل آن الأوان لتلك الشبكة المعقدة من الصراعات وتباين المصالح، أن تتّحد لحفظ أمن البحر الأحمر الذي يعود بالضرورة بالخير على الدول المطلة عليه؟ مبادرات الحل التي ظهرت في العقود الماضية تحطّمت على صخرة الخلافات. وعلى الدول المطلة على هذا البحر أن تدرك أن الأمن الجماعي لإقليم البحر الأحمر يفوق الأمن القُطري. والخلافات واستدعاء السلاح من الخارج لم يصبّا في مصلحة أحد، وجعلا البحر ساحة لمواجهة القوى الكبرى ذاتها.
90.2 ٪ من شاطئ البحر الأحمر عربي. ولو نجحت تلك الدول في تجاوز خلافاتها، سيصبّ ذلك في منحها سويًا قوة كبرى، فيما يضعف الطرف الإسرائيلي. كما سيفتح أمامها أبوابًا للتعاون الاقتصادي يتقاسم ثمرته الجميع. الأمر يحتاج إلى نظرة للبعيد وإنكار للذات، وتفكير في المصلحة الجماعية لدول الإقليم، وحين يتحقق ذلك ستصبح كل واحدة منها أقدر على تجاوز أزماتها الداخليّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.