وسط أنباء عن انسحابات للجيش في مناطق بالسودان. تحتدم المعارك في ولايتي شمال وجنوب كردفان في السودان، إذ باتت واحدة من أكثر الجبهات سخونة وتأثيرا في المشهد العسكري، خاصة مع حديث الجيش عن "انسحابات تكتيكية" وتحركات لإعادة تموضع قواته. ويرى الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي أن المشهد الميداني في السودان يشهد إعادة صياغة لأولويات الجيش، حيث تحولت مدن مثل بابنوسة (إحدى كبرى مدن ولاية غرب كردفان) والأُبَيّض (عاصمة ولاية شمال كردفان) إلى مناطق ذات أهمية إستراتيجية كبيرة. وأعرب الفلاحي -خلال تحليله المشهد العسكري في السودان- أن انتشار الجيش في بابنوسة يمثل دفاعا "موضعيا" هدفه منع سيطرة قوات الدعم السريع التي تضغط بقوة على المدينة. ويأتي هذا التطور في وقت تتعامل فيه القيادة العسكرية مع مناطق أخرى -مثل أم سيالة- باعتبارها غير ذات أهمية إستراتيجية، لذلك فإن الانسحاب يعد "تكتيكيا". وهذا الانسحاب ليس الأول من نوعه، بل هو -وفق الفلاحي- تكتيك مشابه لما حدث سابقا في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور يهدف إلى نقل القوات نحو جبهات تمنح الجيش تأثيرا أكبر في ميزان المعركة. وأمس الاثنين، أكد مصدر عسكري انسحاب الجيش السوداني والقوات المساندة له من بلدة أم سيالة في شمال كردفان، وذلك بعد ساعات من استعادتها من قوات الدعم السريع. ويرى الفلاحي أن السيطرة على مناطق مثل "بارا" -إحدى أبرز مدن شمال كردفان- تعزز دفاعات الجيش حول مدينة الأُبيض، التي تشكل مركز ثقل في الإقليم، إذ يتيح تطويق المناطق المحيطة بها قطع طرق الإمداد عن "الدعم السريع"، مما يصعّب من قدرتها على الاستيلاء على المدينة. وفي هذا الإطار، قال مصدر عسكري في الجيش السوداني للجزيرة إن قوات الجيش تخوض معارك عنيفة مع الدعم السريع في عدد من المدن بولاية شمال كردفان، مؤكدا أن إعلان السيطرة على مدينة "بارا"، بات وشيكا. في المقابل، يشير الخبير إلى أن قوات "الدعم السريع" تركز بشكل كبير على استخدام الطائرات المسيّرة لضرب مواقع الجيش في اتجاهات مختلفة، في محاولة لفرض حصار محكم على المدن. لكنه يؤكد أن هذا النوع من العمليات يحتاج إلى قدرات كبيرة لا يمكن تحقيقها دون توفير أعداد كبيرة من المقاتلين، وهو ما تلجأ إليه قوات الدعم السريع عبر استقدام مرتزقة من دول أفريقية.