العدالة اسمها كرة القدم وربما الإنسانية نفسها هي تلك الحكايات المرسومة في الملعب بخضرته التي تسر الناظرين، في المقابل فإن آخرين ينظرون للسياسة بأنها المشهد المخالف لما يبرز في ميادين التنافس الكروي الشريف. البحث عن عوالم للهروب نحو مرافئ الارتياح والتناسي هي ما يفعله الكثير من الساسة السودانيين وهم يعيشون حالة من الفتنة وتسحرهم كرة القدم بمونديالها الذي تحتضن عاصمة كرة القدم في العالم ريودي جانيرو. هوس كرة القدم ينتقل من الميادين والساحات الجماهيرية إلى داخل دور السياسة وبين القيادات الحزبية فلكل فريقه ووله الخاص وأمنياته بما يتعلق بالفريق الذي يظفر بأميرة العالم. الرئيس البشير يدعم المنتخب الجزائري الترابي يشجع اللعبة الحلوة الإمام الصادق قلبه معلق بأقدام روبن الهولندي والخطيب في انتظار فك التشفير وجعل الكرة تدور فقط بين الأغنياء. البشير مع الجزائر الرئيس عمر البشير يعرف عنه الكثيرون اهتمامه بكرة القدم وميادينها، بل يحتفظ ارشيف نادي كوبر بأنه كان رئيساً له وهو ما يجعل من عملية اهتمامه بمتابعة مباريات المونديال أمر مفروغ منه وبحسب ما رشح من أنباء فإن الرئيس السوداني يشجع المنتخبات الافريقية في المونديال ويشجع الجزائر. اللعبة الحلوة في منزله بحي الطائف يجلس الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر مفتوناً بإبداعات الكرة وبتحركات نجومها في الميادين، يقول كمال عمر ل(قوون): إن اهتمامه بالمونديال لم يبدأ مع انطلاقته في الثاني عشر من يوليو وإنما قبل فترات طويلة، فالهلالابي مفتون كغيره من السودانيين بكرة القدم، الاهتمام بالكرة في قوائم التحالف ليست حكراً على كمال عمر وإنما يشاركه آخرون الانتماء للقمة السودانية، عمر يضيف في حديثه إنه حسم مسألة التشفير من وقت باكر بالاتفاق مع ابنه وجهز الشاشة وكرت المشاهدة. ويواصل بأنه ككثيرين يظل مفتوناً بإبداعات السامبا وبحراك الماكينات الألمانية في مباريات المونديال البرازيلي. وعن اهتمامات الشيخ الترابي بالمونديال يقول: إن الترابي لا يتابع المباريات ولكنه يهتم بالنتائج ويشجع اللعبة الحلوة. الشيوعيون كغيرهم من القوى السياسية بدأ اهتمامهم باكراً بمجريات المونديال، حيث قاموا بنصب شاشة كبيرة في دارهم بالجريف غرب من أجل تخفيف أعباء المشاهدة على الجماهير لكن الشاشة المنصوبة في دار الحزب بالجريف لم تكن كافية لجعل السكرتير السياسي للحزب محمد مختار الخطيب للمتابعة، فالرجل لم يحضر أي مباراة في المونديال حتى الان ويرجع أسباب ذلك إلى عدم توفر الوقت كما أنه لا يملك الكرت المشفر لمتابعة الكرة التي يهتم بها كثيراً، ولكنه قال إنه سيتابع بقية المباريات دون أن يحدد فريق بعينه لتشجيعه في المونديال وأنه يكتفي بمتابعة اللعبة الحلوة والاستمتاع بإبداعات نجوم كرة القدم، كما أن المونديال صار أكبر من مجرد مباراة تنتهي في الدقيقة التسعين بصافرة من قاضي الجولة.
إمام الأنصار هولندي الميول الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار أثناء فترة اعتقاله كانت قد رشحت أنباء عن متابعته للمونديال من داخل سجن كوبر قبل أن يتم اطلاق سراحه، فالرجل أيضاً له ميوله الرياضية الهلالية التي لم يخفها ومن المهتمين بالأنشطة الرياضية، عموماً فهو يهتم بركوب الخيل ويتواجد على الدوام في ملاعب التنس ويخوض المباريات التنافس في لعبة التنس، اهتمام الإمام الرياضي بدأ من خلال متابعته لمباريات المونديال دون أن يحصر تشجيعه للفرق العربية والإسلامية بحسب موقعه الديني والسياسي، فهو شخصية عالمية، الإمام في المونديال يبدو مولعاً بإبداعات الطواحين الهولندية التي ستمضي بعيداً في مونديال أمريكا الجنوبية من خلال ضربها للمنتخب الأسباني بالخمسة وضمان عبورها للدور التالي، كما أنه معجب جداً بإمكانيات وقدرات النجم الهولندي ارين روبن. أبوعيسى مفتوناً بجنون الكرة رئيس تحالف اجماع المعارضة فاروق أبوعيسى أيضاً يهتم بمتابعة كرة القدم متابعة لصيقة لا تنحصر فقط في مباريات المونديال، فالرجل متابع جيد لمباريات الدوري الأوربي وبعض الدوريات في أمريكا الجنوبية . الأمر لا يقف عند حد المتابعة فقط ، بل فإن موضوع مباريات كرة القدم أمراً يمكن أن تلغي لصالحه كل المواعيد الأخري التي ستنتظر حتى انتهاء المباراة ومن ثم معاودتها لاحقاً. أبوعيسى في المونديال الحالي يبدو مفتوناً بالقوى الكروية الجديدة ربما لتعبيرها عن حالة من التغيير في المعادلات يتمنى الرجل تحققها على أرض الواقع وحالة الاختلاف بفعل السياسة يمكن أن تلطف أجوائها مباريات كرة القدم من خلال إعادة توظيفها، كمال عمر يرى في المونديال حالة للتحول والهروب من معاناة السياسة ولتجاوز اختلافاتها لدرجة أنه قال سينتظر في الأيام القادمات حضور بعض أعضاء المؤتمر الشعبي لمشاهدة مباريات المونديال معه، وأصدقاء ابنه صاحب الكرت والطبق معاً. كمال لم يقف عند حد دعوة أعضاء حزبه وقال: إن دعوة قريبة ستصل لأعضاء تحالف الإجماع لمشاهدة المباريات، بينهم منذر أبوالمعالي وطارق عبد المجيد ومحمد ضياء الدين. وأن اختلاف المواقف لا يفسد لمشاهدة مباريات المونديال في الود قضية، وقال: إن مشاهدة المباريات ستغير الجو الذي أفسدته السياسة وكان الرجل يقول من فرقتهم السياسة يمكن أن تجمعهم الرياضة وتقودهم لتحقيق أهداف التعايش والتسامح بعيداً عن استمرارية حالة الرهق متطاولة أيامه كرة القدم نشاط سحري، لو أُسقطت خططه على السياسة والاقتصاد وقضايا الحرب والسلام والطفل والمرأة والثقافة والفنون لانعدلت كل الموازين، كما أن جمهورها في بعض الحالات متسامح ومسالم ويتقبل الهزيمة بصدر رحب أو بروح رياضية، كرة القدم ليست هي أفيون الشعوب. أفيون الشعوب السياسة بصراعاتها وتشابك معادلاتها إلا أن الكرة نفسها ومتابعة كأس العالم تشحن الساسة بلغة جديدة ومشاهد مختلفة وربما مغايرة.