لكل إنسان في هذه الحياة ميول في أي جانب من جوانب التنافس، فهناك الأدب ، الفن ، الرياضة ، السياسة ولأي منا اهتمامه بواحد من تلكم الضروب أو قد تجمع بين اثنين منهما إلا أن هناك جانباً يغلب عليك فتكثر اهتمامك به وتتابع ما ينجم عنه لكي تستزيد ولتستفيد مهما كنت على درجة من الفهم والاتقان. إذن المهتمون بالرياضة والممارسون لها يتابعون هذه الأيام مجريات مباريات كرة القدم بالبرازيل من خلال ذاك العرس العالمي الضخم ، ومعلوم أن البرازيل هي مصنع الأفذاذ في فنون لعبة كرة القدم ، إذن هناك سانحة للمهتمين والممارسين لمضمار رياضة كرة القدم، لأن يستفيدوا من خلال متابعتهم اليومية لذاك الحدث الكروي الكبير، ففيه محاضرات مجانية يتابعها الكل من خلال الشاشة البلورية فهو حدث يتابعه العالم بأسره والاستفادة تكمن في النظر بالعين الفاحصة لتلكم المسابقة وما تفرزه من فنون أثناء التنافس المحموم بين فرق دول العالم المشاركة ، فعلى اللاعب المتابع أن يعي الدرس ويتفهمه تماماً من مباراة لأخرى لكي يستفيد، حيث يضع في معيته ما شاهد ليخرج بنتيجة تفيده في مسيرته الكروية ، فهو يختزن في ذاكرته الكثير من الدروس التي يحاول حبسها بداخله وعكسها بتطبيقها قدر المستطاع ، ومن الدروس التي عايشناها في ذلكم العرس مباراة انجلترا والاورجواي ، وغاناوالمانيا ، وكذلك الجزائر وكوريا الجنوبية ولنأخذ كل واحدة على حدا لنرى أين يكمن الدرس الذي يمكن أن يفيد لاعب كرة القدم المتابع، وكذلك المدرب المشاهد ، والتحليل البسيط لمباراة انجلترا والاورغواي جاءت كل التوقعات بفوز سهل لانجلترا على الاورغواي من خلال قراءة بعينها من بين المراقبين، غير أن الاورغواي قدمت الدرس المفيد لكل الرياضيين بما قدمته من فن كروي رائع اسكتت به أصوات الانجليز وأفشلت به تحليلات المحللين وتفوز على انجلترا بالعزم والقوة والتحكم الجيد في الكرة والتمرير السهل واكتساب الثقة في النفس وعدم الخوف من فريق يرشحه الكل للفوز على الاورغواي، ولكن بفن الكرة وعزيمة اللاعب واصراره على أن يفعل شيئاً أدى إلى التفوق. نفس الحكم انطبق على مقابلة الفريق الغاني بالماكينات الالمانية والتي رشحها الجميع للفوز على غانا، وقد عده البعض أنه سيكون فوزًا سهلاً رغم أنهم يعلمون أن فريق غانا ليس بالهين، لكن لأنها المانيا وما تملك من نجوم أيضاً طاشت التوقعات وأظهرت غانا مستوى أذهل المراقبين وانتزع إعجاب المتابعين، حيث أبدت الفرقة الغانية نوعاً من الصلابة وظهرت بمستوى قوي أدى إلى تراجع الماكينات، وقدمت غانا الدرس إلى العاجزين والذين يتهيبون الفرق الكبيرة. العطاء الذي بذله لاعبو فريق كرة القدم الغاني كان قوياً، وكان كل فرد في الفرقة لديه عزيمة قوية وثقة لا تعرف التراخي ، فكسروا بذلك كل القواعد ، فلا كبير ولا صغير، بل جهد وعطاء وأداء. والدرس المستفاد من التدريب كيف أن المدرب الألماني قرأ الملعب بعين فاحصة وبالتالي دفع بمن يأتي له بالنقطة الغالية وذاك درس لمن يقومون على أمر التدريب لمعرفة أفراد الفرقة وامكاناتهم ومتى يحتاجهم فيجدهم بتوظيف اللاعب التوظيف الأمثل الذي يحدث الفارق ويعطي الأمل وينقذ الموقف، وذاك درس مجاني لمن يراقب ويتابع بعين وعقل. أما درس الفريق العربي الجزائري فقد كان أبلغ، حيث أدى الفريق مباراة هي أروع ما يكون بعزيمة الرجال وفنون القتال فنالوا ما جاءوا من أجله ألا وهو النصر الذي لا يأتي صدفة في مثل هذه المناسبات، فخاض أفراد الفريق الجزائري المباراة بعقل متزن وثقة بلا حدود وفن بلا قيود، فظهر للعيون المردود ، وتجاوزوا الفريق الكوري السريع القوي الشرس، إلا أن كل تلك الصفات والمواصفات لم ترهب أبناء العرب الأشاوس، أبناء الجزائر الذين أيضاً قدموا لنا الدرس عن قوة العزيمة والارتكاز الواعي والأداء القوي والثقة التامة في أنهم لا يقلون عن تلك الفرق ولم يأتوا لكي يكونوا عرضة للهزائم وغنيمة من الغنائم أمام الفرق الأوروبية التي تعتقد أنها الأحق وهي الأقرب إلى الوصول إلى الأدوار المتقدمة. ها هي الجزائروغانا والارغواي تتغلب على أوروبا بكل جبروتها وإمكاناتها فقط بالتجهيز النفسي والإعدد البدني والإصرار والعزيمة داخل أفراد تلك الفرق. إنها فرصة للاستفادة والاستزادة لمن يتابع بعقل ليقرأ ما بين السطور بفهم ليخرج بنتائج سليمة خالية من مواد الرسوب. وكل مونديال والجميع بخير.