بايجو أهدر ركلة جزاء أفقدت إيطاليا كأس العالم ونقول لنزار (لا عليك) ستفعلها في مرات قادمات وستجلب السعادة بقدمك ورأسك كما كنت تفعل وفعلت من قبل التوصيف الدقيق لما يحدث حالياً بفريق الهلال بأن هذا ليس ب(إخفاق) وإنما (مخاض) لعبور المستقبل تعادل الهلال في ثلث مبارياته بالدوري الممتاز وإحراز معظم أهدافه بالمنافسة الأفريقية من قبل لاعبي الدفاع والوسط مؤشر لحاجة الفريق لمهاجم قناص بقلم: ماهر أبوجوخ انتهت المبارة التي جمعت فريق الهلال بضيفه المغربي التطوني التي جرت وقائعها بإستاد الهلال مساء أمس الأول الجمعة بخسارة الهلال بهدف دون رد وهي نتيجة قد تبدو للبعض صادمة من واقع الآمال الكبيرة للجماهير الهلالية واستناداً لسجل الفريق الأزرق خلال هذا العام بالبطولة الإفريقية بخوضها لتسع مباريات لم يخسر فيها سوى مباراة واحدة وتمكن من الفوز في أربع مباريات وحقق التعادل في أربع مباريات من بينها مباراتين بالمجموعات خارج أرضه أمام كل من مازيمبي الكنغولي والمغربي التطوني. سيبقي الوجه الآخر لتلك المعادلة تلك التي قد يفهم منها تماسك الفريق واكتمال صفوفه بشكل كبير بعدم خسارته منذ بداية البطولة وقبل مباراة أمس الأول سوى لمرة واحدة خارج أرضه ونجاحه في الحصول على نقطتين ثمينتين خارج أرضه من أمام مازيمبي والتطواني خارج أرضه بمرحلة المجموعة قد يغفل عند تناوله في السياق الكمي والرقمي جزئية أساسية تقوم على هذه المعادلة والمتمثلة في خوض الهلال منافسات هذا العام بفريق جل عناصره من الوجوه الجديدة يغلب عليهم عنصر الشباب استناداً للقرار الذي اتخذه مجلس إدارة نادي الهلال الحالي بالاستغناء عن جيل المخضرمين والخبرات والاستعاضة عوضاً عنهم بجيل شاب يتم صقل موهبته وقدراته بالمتبقي من الجيل القديم أصحاب الخبرات. أكثر من مبرر دون الخوض في التفاصيل والدوافع لهذه القرارات التي ربطها البعض باعتبارها تهدف لإزاحة مراكز القوى التي تشكلت من قبل بعض اللاعبين القدامى أو حتى إبعاد بعضهم بناءً على حسابات إدارية فإن نقاش هذه الخلفيات والدوافع والأسس باتت ضمن (مخلفات الزمان) بالاستناد للواقع الموجود حالياً بغياب أولئك اللاعبين المبعدين وإبعادهم فعلياً من كشوفات الفريق ولذلك فإن النقطة الواجب نقاشها تتصل بمنهج هذا المسار ومحاكمته من خلال النتائج الماثلة فعلياً والتي من المؤكد لن يكون من ضمنها بلوغ مرحلة النهائيات أو حتى الحصول على لقب البطولة نظراً لارتباط أي عملية بنائية وتقيدها بمراحل تتمثل ذروتها أو نهاياتها التي يمكننا تشبيهها هندسياً بإكمال (سقف) المبنى بالوصول لفريق متجانس مكتمل الخطوط قادر على العطاء والاستمرار ويمكن الاعتماد على عناصره لسنوات أطول بالاستناد لعوامل السن وتراكم الخبرات. بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع منهج إدارة نادي الهلال الحالية ورئيسه السيد أشرف الكاردينال بشكل عام أو حتى في ما يتصل بطريقة ابعاد المخضرمين والاستعانة بعناصر شابة فإن الواقع يستوجب الإقرار بأن هذه السياسة لا تعتبر من المستحدثات ومتبعة ويتم استخدامها بشكل منهجي بمعظم الأندية الكبرى بغرض تقليل متوسط أعمار اللاعبين بالفريق مع وجود جانب ثان مرتبط بالشق الاقتصادي بتقليل حجم الأموال المبذولة في تعاقدات اللاعبين فالمعادلة واضحة بارتفاع تكلفة اللاعب الجاهز عن رصيفه الذي يتم تجهيزه وتأهيله داخل الفريق ومن المؤكد أن الشق الخاص باللاعب الجاهز لا يخلو من ارتفاع أعمار أولئك اللاعبين الجاهزين مما يجعل عطائهم في أحيان عديدة يتم تجديد تعاقده لمرتين فقط مع ناديه. الولاء للشعار اعتقد أن الشق الأهم في تقديري المتصل بفكرة إحلال اللاعبين الموهبين صغار السن متصل بجانب تربوي يتصل بتعضيض انتماء اللاعب صغير السن لفريقه الذي نشأ وسطه وصقل فيه موهبته ويقوي ارتبطه بجماهيره فيصبح الولاء لناديه هو جزء من حياته وتركيبته بشكل يعيد قيم الغيرة على الشعار ويكسب الروح القتالية داخل الميدان، لأن لاعب بهذه الشاكلة لا يخوض مجرد مباراة بكرة القدم وإنما يدافع عن شعار يدين له بالولاء المطلق فتتفجر طاقته استجابة لنداء الواجب بأن يعمل جاهداً من أجل النصر، ولعل تلك الروح القتالية والولاء للشعار من قبل اللاعبين بفريق الهلال ظلت صفة اتسم بها لاعبي الفريق خلال السنوات الماضية وهو أمر عند العودة إلى جذورها نجدها ارتبطت بما ذكر سابقاً إذا جاء الكثير منهم بأسماء مغمورة، قد تكون معروفة على نطاقات ضيقة إلا أن الفرصة التي أتاحها لهم الهلال وجمهوره بشكل خاص حوّلهم لنجوم يشار لهم بالبنان. في هذا السياق يمكننا أن نمضي لأكثر من ذلك بالاستدلال بالانتقالات الموازية للاعبي الهلال صوب الغريم التقليدي نادي المريخ خلال السنوات الماضية والتي تمت في أغلبها لأسباب وحيثيات ارتبطت بالاحساس بالمرارة أكثر من كونه ناتجة عن تفكير احترافي بالرغبة في مواصلة العطاء الكروي بعد الأبعاد، مع عدم إغفال مساعي غريمه نادي المريخ تحقيق (فرقعات) إعلامية قائمة على أساس المكايدة بتعمد تسجيل أولئك اللاعبين لهذا الغرض ويبقى ذلك الأمر وجدوها متروكة لتقييم إعلام المريخ وجماهيره. ثلاثة مدربين لم تكن عملية الإحلال والإبدال التي صاحبت الفريق هذا الموسم هي العامل الوحيد الذي أخفته نتائج الهلال المتميزة خلال مشاركته الأفريقية هي العامل الوحيد ولكن ظهر معطى جديد يتمثل في عدم استقرار الأجهزة الفنية التي تولت الإشراف على الفريق منذ بداية الموسم فخلال النصف الأول للموسم تعاقب على الفريق 3 أجهزة فنية ابتداءً من البلجيكي باتريك اوسيمس وتكليف النور أخوان الفاتح ومصطفى بمهمة الإشراف على الفريق قبل الاستعانة بالتونسي نبيل الكوكي الذي قبل قيادة الفريق. السمة الأساسية التي لازمت الهلال خلال السنوات الماضية هي استقرار أجهزته الفنية خلال الموسم وهو أمر أتاح له الاستقرار الفني وجعل أدائه يتسم بالثبات في معظم الأحيان، ومن المؤكد أن تكليف ثلاثة أجهزة فنية في النصف الأول من الموسم هو أمر لديه تداعياته بالنسبة لخيارات المدرب الحالي وحتى مقدرته في الدراسة الكاملة لنواقص واختياجات الفريق الحالية وهو ما يجعل حديث الكوكي بعد مباراة الأمس بأن فريقه أداها وفق البدائل والخيارات المتاحة له هو أمر واقعي وموضوعي وشجاع مع ضرورة عدم إغفال جوانب إضافية ارتبطت بظروف مباراة أمس الأول بوجود إصابات وسط عدد من لاعبي الفريق وقلة الخبرة التي تسبتت في أخطاء أساسية أبرزها الخطأ الفادح الذي ترتب عليه ضربة الجزاء التي تمكن من خلالها المغربي التطواني من إحراز هدف المباراة الوحيد. جرد الحساب لإكمال الصورة دعونا نقوم بجرد الحساب المحلي مع الاحصائيات التي أشرنا سابقاً الخاصة بالمباريات الأفريقية التسعة، ففي ما يتصل ببطولة الدوري الممتاز لهذا العام فإن الهلال خاض 19 مباراة لم يخسر أي مبارة حقق الفوز في 12 مباراة وتعادل في سبع مباريات وهذا ما يجعل سجل الهلال خلال مشاركته بالدوري الممتاز والأفريقية تضم خسارتين فقط من جملة (28) مباراة وبالنظر لظروف الفريق التي أشرنا إليها سابقاً فإنها تعتبر نتائج تصلح لإعطاء مؤشر مستقبلي لمسار هذا الفريق وعناصره الشابة. البحث عن العلل من المؤكد أن أي هزيمة أو خسارة تستوجب التعامل الموضوعي معها بالبحث في أسبابها ومسبباتها وعند الرجوع لنتائج الهلال هذا العام في الدوري الممتاز فإن النقطتين الجديرتين بالانتباه هما متعلقتين بخط الدفاع والمقدمة الهلالية فعلى مستوى الأول يعتبر هذا العام الأفضل لعدة أسباب أبرزها وجود حارس صاحب خبرة كبيرة هو الكاميروني مكسيم فطبقاً للأرقام فهو يعد أفضل الخطوط الدفاعية بمنافسة الدوري الممتاز باستقبال شباكه لخمسة أهداف مقارنة بسبعة أهداف في مرمى المريخ. يبقى الشق المزعج هو المرتبط بالمقدمة الهجومية للهلال فعلى المستوى المحلي فإن رماته أحرزوا 27 هدفاً مقارنة ب39 هدفاً للمريخ وتبقى الملاحظة الأبرز في ما يتصل بمشاركته الإفريقية بإحراز معظم أهدافه من قبل لاعبي وسط الميدان والضعف الشديد في ما يتصل بإحراز المهاجمين للأهداف ومع استصحاب تحقيق التعادل في يقارب لثلث مباريته بالدوري الممتاز انتهى بعضها بالتعادل السلبي فإن العلة تبدو واضحة بافتقار الفريق لمهاجم قناص قادر على ترجمة جهود زملائه لأهداف في مرمى الخصوم. الاستعداد للغد انتهت الآن مباراة المغربي التطواني وما عاد بالإمكان إعادة عجلة التاريخ للوراء ومثلما يقال (لا تستطيع أن تعيد الأمس اليوم ولكن يمكنك من اليوم العمل من أجل الغد)، ولذلك فالخيار المتاح هو جعل ألم الأحزان البداية للاستمتاع بالانتصار فنصر بعد هزيمة يبقى أكثر حلاوة ومتعة نظير ما بذل فيه من تحد للصعاب وتجاوزها وهو أمر لا يمكن بلوغه دون الفصل ما بين المراد تحقيقه والممكن فعله وهذا يقودنا لتحديد الهلال لهدفه في هذا الموسم بأن يحافظ على سجله خال من أي هزائم وهو أمر قد يقوده لعبور مرحلة المجموعات أو لمصاف التتويج لكنه سيبقى الهدف الواجب تحقيقه. الشق الأهم لتحديد هذا المطلوب يتمثل في تحرير اللاعبين وجهازهم الفني من عبء نفسي كبير ملقى على عاتقهم بتحميلهم تطلعات قد يصعب تحقيقها في ظل ظروف الفريق الحالية المعلومة والتي تم شرحها سابقاً وهذا الأمر يعني بكل تأكيد الابتعاد عن التقييم اللحظي العاطفي بالبحث عن جهة تتحمل المسؤولية والاخفاق وهذا يستوجب تعريف ما يحدث الآن بشكل دقيق (هذا ليس بإخفاق وإنما مخاض لعبور المستقبل) مما يعني استمرار الكوكي وتجديد الثقة فيه ويكفي أنه مدرب شجاع تحمل المسؤولية في أصعب الأوقات وخاض مباراة الديربي أمام الند المريخ وفوق ذلك فهو يتسم بالواقعية، ولذلك فإن سجله مع الهلال خلى من الهزائم طيلة الشهور الماضية ولم يتجرعها إلا يوم أمس الأول. ساندوا (نزار) من الضروري عدم إغفال جانب نفسي يتصل باللاعب نزار حامد الذي أهدر ضربة الجزاء التي كان بإمكانها أن تحقق التعادل للهلال وتمنحه نقطة ثمينة وتشكيل خط دفاع إعلامي جماهيري لمحاولة تحميله هذه المسؤولية فهو ليس اللاعب الأول أو الأخير الذي سيطيح بركلة الجزاء سبقه الإيطالي روبيرتو بايجو في نهائي كأس العالم 1994م والذي فقدت إيطاليا بسببها بطولة كأس العام إلا أن الطليان يومها لم ينسوا في خضم حزنهم أن ذات أقدام بايجو التي أهدرت تلك الركلة هي ذاتها التي أنقذتهم خلال تلك البطولة من شبح الخروج من دور ال16 أمام نيجيريا وحوّلت خسارتهم بهدف لفوز بهدفين، وهذا ذات حالنا مع (نزار) فإن أوقات منحنا فيها الفرح مرات ومرات تستوجب وتستحق أن يقال (لا عليك) ستفعلها في مرات قادمات وستجلب السعادة بقدمك ورأسك وكذلك نثق أن زملائك سيفعلونها. المستقبل لنا الرسالة الأخيرة لجمهور الهلال الذي قد أصابه بعض الغم والكرب والحزن جراء الخسارة بأن نذكرهم بشعوب خسرت حروباً وليس مباريات كرة قدم جعلت من هزيمتها تلك دافعاً وتحدياً فزادتهم عزيمة واصراراً على الانتصار إن فريقكم لا يحتاجكم في ساعات اليسر فآباء الانتصار كثر أما الهزيمة فهي يتيمة لكنها عند الهلال والهلاليين لن تكون يتيمة فالجميع آبائها ولذلك هم القادرون على الخروج من ركام أحزانها بتحويلها لانتصار وموج أفراح هادر وعلينا أن نوقن الآن قبل أي وقت سابق أن شباب الهلال الواعد سيصنع مستقبل جميل في القريب العاجل ولذلك علينا أن نصبر عليهم ومؤكد أنهم لن يخذلوننا وسيكونوا على قدر التحدي.