بقلم: حسن عجوة.. في ساعة متأخرة من ليلة أمس تلقيت اتصالا هاتفيا من صديق قديم كان من اقرب وأعز الأصدقاء على قلبي، وشكل هذا الاتصال مفاجأة لي حيث أن صديقي هذا قطعت أخباره منذ أن سافر إلى إحدى البلاد العربية قبل سنوات طويلة، ولم اخفي فرحتي باتصاله بعد هذه السنوات، فعاتبته قائلا: لماذا ابتعدت كل هذه الفترة وسألته عن حاله وأخذت اذكره فيما كان بيننا من صداقة قوية يحسدنا عليها الآخرين، وكيف كنا لا نفترق إلا عند ساعات النوم، فقاطعني بنبرة لم اعتادها منه، قائلا: أرجو منك أن تعطيني فرصة للكلام، فقلت له حسنا تفضل واعتذرت له عن إطالتي في الحديث. فقال لي بداية إذا كنت تريد لصداقتنا أن تعود كما الماضي عليك أن تتبرأ وتستغفر الله وتتوب إليه، فقلت له عذرا يا صديقي أتبرأ من ماذا؟ فقال: عليك أن تتبرأ مما تخطه يدك من كلام وتطاول على الدين، فقلت له عن ماذا تتحدث أي كلام وأي تطاول، اعتقدت لوهلة انه يمازحني، إلا أنني صدمت عندما علمت بأنه يتحدث بجدية، فقلت له وما الذي يزعجك فيما اكتب؟ قال لي: انك تتطاول على علماءنا الربانيون الذين يجب احترامهم وإجلالهم لما يحملونه من علم بدين الله، وتنتقد فتاواهم وهذا يدخلك في مصاف المعادين للدين. فقلت له لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. ثم تابعت يا صديقي حسنا ولكن ما رأيك بالفتاوى التي تنادي وتحرض على هتك أعراض المسلمين، ثم ما رأيك في العالم الذي يفتي بجواز قتل المسلمين لبعضهم البعض بذريعة الثورة على الظلم او الطغيان. فقال لي: اصمت فأنا اعرف انك إنسان جاهل بدين الله، فقلت له نعم صحيح فأنا لست مفتيا ولا فقهيا ولا دارسا للدين، ولكنني إنسان مسلم منحني الله العقل، ثم قلت له يا صديق وهل أنت العالم بدين الله، فقال لي نعم أنا اعرف عن الدين ما لا تعرف، لقد هداني الله وجعلني من الذين يحسنون القول، وأنت إذا لم تتب إلى الله فاعلم انك تكون قد خرجت من ملة الإسلام. فقلت له أولا أتمنى الهداية لك ولي وللناس أجمعين، ولكن يا صديقي الم يخبرك العلماء الذين تدافع عنهم بأنه يجب عليك أن تطمئن على والدتك، فبالوالدين إحسانا، فأنت لم تقم بزيارة والدتك منذ أن غادرت مسافرا إلى الخارج، حتى أشقاءك لا تعلم عنهم وعن أحوالهم شيئا، فقال لي: إن أشقائي هم على شاكلتك ثم أن هذا لا يعنيك فأنت تحاول أن تتهرب من نقاشي، يبدو انك مصمم على آرائك، فقلت له يا صديقي فليسامحك الله على ما تتهمني به، فقال لا تذكر اسم الله على لسانك فأنت إنسان خارج من الملة. عندها قاطعته صارخا قلت له أولا تعلم أنت وعلماءك انه غير جائز أن تكفروا مسلما وان تطلقوا الأحكام جزافا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال لأسامة رضي الله عنه عندما قتل رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله: (قال لا إله إلا الله وقتلته)؟ قال: قلت يا رسول الله: إنما قالها خوفاً من السلاح. (قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟) فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذٍ. فقال لي هذا لا ينطبق عليك وعلى من هم على شاكلتك، فقلت له اتق الله بنفسك وتنبه إلى ما تتفوه به من كلام واحفظ لسانك، وذكرت له بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول حفظ اللسان: - (لا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبُه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جارُه بوائقه). - (وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله! حدِّثني بأمرٍ أعتصم به؛ قال: “قل: ربي الله ثم استقم”. قلت: يا رسول الله! ما أخوفُ ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: “هذا”. ). - ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). وقلت له يا صديقي لقد صدمتني بحديثك هذا وشوهت صورة جميلة لك، وليرحم الله أيام زمان، ولا يسعني إلا أن أقول هداك الله يا صديقي، وأقفلت الهاتف.