شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    شاهد بالفيديو.. بعد غياب طويل الفنانة شهد أزهري تعود للظهور بفستان مفتوح من الصدر ومثير للجدل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مامون محمد حسين في ذكرياته عن قرار إعدامه : غندور إتخذ موقفاً حقيراً بينما بكى فيصل أبوصالح
نشر في حريات يوم 22 - 04 - 2013

الدكتور مأمون محمد حسين نقيب الأطباء ورئيس التجمع النقابي في حوار خاص مع (حريات)
(الحلقة الثانية من الحوار)
حريات: كان لكم دور كبير في التجمع النقابي في محاولات ايقاف الحرب بين الشمال والجنوب واحلال السلام واجراء الاتصالات مع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق. كيف كانت تلك التجربة؟
بالفعل قمنا كتجمع نقابي باتصالات مكوكية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق وكنا مكلفين أنا والدكتور تيسير محمد علي من اساتذة الجامعات ومختار عثمان من المهندسين. وبعد حركة مكوكية بين الخرطوم واديس ابابا ولقاءات عديدة بيننا ووفد من الحركة الشعبية وضعنا عددا من المبادئ التي يمكن الاتفاق عليها قلنا نجمع الناس كلها. وفي الاثناء كان في اجتماع مهم في نظري ، وهو انو كان في مؤتمر قمة افريقي في أديس والصادق حاضروا كرئيس وزراء للسودان ونحن قمنا بتنظيم لقاء بين الصادق وجون قرنق علي هامش المؤتمر ، وبالفعل نجحنا أنا وتيسير ومختار في تنظيم اللقاء. ودار نقاش طويل في هذا الاجتماع بين الصادق وقرنق ، وأهم شئ في هذا اللقاء انو قرنق قال لي الصادق كلام مهم وخطير جدا ، قال ليهو ( انا وانت لو اتفقنا هنا بترجع السودان تقول لغيت قوانين سبتمبر وانا برجع السودان برضو وانت عندك أغلبية في الشمال وانا عندو أغلبية في الجنوب) ، وسكت قرنق علي كدا. بتفهم شنو في من الكلام دا ، يعني الغي قوانين سبتمبر يا الصادق وممكن نوقف الحرب ونحقق السلام ونحكم كل السودان بشماله وجنوبه أنا وانت.
مقاطعة: هذا الكلام ذكره د. تيسير ايضا في حوار سابق و ….
لا قرنق بالفعل ذكر هذا الكلام في هذا الاجتماع ، بل ان الصادق ذكر في ذلك الاجتماع بعضمة لسانه ان دستور السودان يجب أن يكون غير ديني لكن يجب وضع اعتبارية خاصة لمسألة الشريعة ، وقام قرنق قال ليهو تمام دستور الدستور غير ديني وقوانين الشريعة تكون قوانين محلية وكل ولاية تحدد القوانين التي تناسبها ، وهنا اختلفوا في هذه النقطة ، وبعد نقاش طويل اقترحنا ليهم انو الاجتماع وصل لنقاط ايجابية وافضل انو الرئيسين يدخلوا في اجتماع مغلق وبالفعل اجتمعوا براهم ، وكنا نتوقع أن يوقعوا علي الاقل علي نقاط أولية أو مبادئ لكن طلعوا ولم يحصل أي شئ. المهم بعدها استمرينا في الاتصالات حتي اتفقنا علي كوكادام والصادق بدأ يتراجع من بعض النقاط رغم انو بشير عمر وزير المالية قرأ للصادق بالتلفون كل البنود واحدا تلو الاخر، المهم تم توقيع كوكادام وكانت خطوة ايجابية جدا لكن الاتحاديين لم يشاركوا فيها بل ورفضوها في النهاية. وبعدها جات حكاية المفاوضات بين الميرغني وقرنق ، وانا وقتها مشيت لي سيداحمد الحسين القيادي في الحزب الاتحادي وقلت ليهو يا سيدأحمد انت ما شين تفاوضوا قرنق ، وجون قرنق في اثناء الكلام حيعرض ليكم بطريقة مباشرة انو نحكم السودان سوا يا السيد محمد عثمان الميرغني علي أساس انو انتو لو في انتخابات حيكون عندكم أغلبية في الشمال وانا حيكون عندي أغلبية في الجنوب ونحكم سوا علي قاعدة وقف الحرب والسلام ، ووريتو انو قرنق عرض الطرح دا علي الصادق والصادق رفضوا ، فاذا طرحوا ليكم ما ترفضوهو أقبلوهو ، ودا ممكن يحقق اتفاق ولو انتقالي وكدا ، وفي النهاية مشوا ورجعوا باتفاقية الميرغني قرنق للسلام.
مقاطعة: يعني الميرغني وافق علي عرض قرنق؟
فيما يبدو ذلك ، ورغم انو اتفاقية الميرغني قرنق لم تختلف كثيرا في مضامينها الاساسية عن كوكادام عدا أمور بسيطة لكنها عملت حراك سياسي ايجابي. وفي ذلك الوقت حاولنا كتجمع نقابي أن نلتقي بالميرغني مرارا وتكرارا عشان نؤكد دعمنا للاتفاق وندفع الامور للأمام وفشلنا تماما ودي كانت حاجة مريبة من الناس الكانو محيطين بيهو ، وفي النهاية التقينا بيهو في منزل سيدأحمد الحسين وبادرنا للحديث معه وطلبنا لقاء بيننا و,اكدنا ليهو انو نحن ممكن نشتغل مع الحزب الاتحادي لو عمل الاتفاقية دي ومشي فيها لي قدام وأوقف الحرب ووضع أسس للسلام وكدا لكن اللقاء المرتقب بيننا والميرغني لم يتم حتي الان. وبعدها استمرت المؤامرات والمماحكات بين الحزبين الكبيرين ، والصادق جاب الجبهة الاسلامية واشركهم في الحكومة وبعدها حصلت خلافات بين الصادق والجبهة ، المهم حدثت بعد ذلك مذكرة الجيش ، ورغم مؤامرات كثيرة حصلت في النهاية اتفق الجميع علي عقد المؤتمر الدستوري ، ولكن الجبهة لأنها كانت هي من تقف ضد الديمقراطية طول الوقت لعبت علي خلافات ومزايدات الاحزاب الكبيرة وعلي ضعف التجمع النقابي والقوي الديمقراطية ، ولما اتفقت كل الاطراف علي المؤتمر الدستوري انقضوا علي الوضع الديمقراطي ونفذوا انقلابهم.
حريات: كيف استقلبتم الانقلاب ، ولماذا لم ينفذ الاضراب السياسي وقتها بحسب وثيقة الدفاع عن الديمقراطية التي وقعت عليها كل الاطراف؟
لم ينفذ الاضراب لاسباب عديدة انو الناس كانوا محبطين من الفترة الديمقراطية ومن مزايدات الاحزاب ، ونحن في التجمع النقابي كنا نشعر بانو نحن بنناضل ونقدم التضحيات ولما تجي الديمقراطية تجي الاحزاب تركب فوقنا وتسيطر وتتلاعب علي الامور ، وبالتالي الميثاق كان يؤكد علي انو نقوم بالعصيان المدني نحن والجيش في حال اي انقلاب ولم يقوم الجيش باي خطوة وكذلك نحن لم نقم باي خطوة. الامر الثاني الذي أدي لعدم قيام الاضراب السياسي أو العصيان المدني انو في ناس في البداية خدعوا في الانقلاب وناس قوي الانتفاضة كان في بعضهم يقول ليك ديل ناسنا وكدا ، وهنا طبعا الخدعة بتاعت الترابي بتاعت القصر رئيسا والسجن حبيسا افلحت في خداع البعض. وانا قلت لقيادات التجمع النقابي نحن يجب ان نتريث والانقلاب دا شكلوا حق ناس الجبهة والخطاب فيهو كلمات توحي بانو البيان الاول كاتبوا الترابي شخصيا، وايا كان فالانقلابيين اعلنوا حل النقابات ودا سلوك غير ديمقراطي لكن ايا كان نحن يجب انو ما نحل نفسنا.
حريات: كيف تم الترتيب للاضراب السياسي واعتقالكم جميعا بعد ذلك؟
بعد الانقلاب طبعا بدأت الامور تتكشف وظهر انو دا انقلاب الجبهة وبدأنا نحن نعد عملنا كتجمع نقابي وصغنا ميثاق لقوي التجمع ووصلناهو لقيادات الاحزاب في السجن واطلعوا عليهوا وجرت عليه كافة التعديلات حتي وصلنا للصيغة النهائية باتفاق كل الأحزاب الامة واالاتحادي والشيوعي وكلهم.
مقاطعة: متي تمت الدعوة للاضراب؟
كان الميثاق عبارة عن خطة كاملة للاطاحة بالنظام واستعادة الديمقراطية وكدا ، وبالفعل طبعنا الميثاق واتفقنا علي توزيعه لجماهيرنا لاستنهاض قواعد النقابات والاحزاب، وفي الوقت دا كانت الاعتقالات مستمرة ، وكان عندنا اخطاء انو في بعض الناس كانوا مستعجلين النتائج والدعوة للاضراب وانا قلت ليهم اجمعوا توقيعات وحضروا بشكل جيد عشان نعمل اجتماع وندعوا من خلاله للاضراب ، وانا كنت بشعر انو الخطوات دي مستعجلة ، وحصلت خلافات بيننا حول مسألة كيفية الاعداد للاضراب ، وفي النهاية كان الاعداد ضعيف وجينا في الاجتماع الفيهو ممثلين كل النقابات وظهر انو الناس ما جاهزين كويس وممثلي النقابات المختلفة ظهر انو ما حاشدين ومجهزين قواعدهم بشكل جيد ولذلك الاضراب كان مولود ضعيف ، لكن رغم كدا الحكومة كانت مرعوبة وكانت تراقب كل خطواتنا وقامت في النهاية باعتقال كل الناس ، وانا لاقيت القيادات النقابية في كوبر كلهم وقلت ليهم شفتو الحصل انا قلت ليكم نتريث ونعد لي حاجة قوية مش متعجلة ساي مع نظام شرس وعنيف زي دا.
حريات: وكيف كان بعد ذلك الاعتقال ، وتعرضك للتعذيب الوحشي وصدور قرار اعدامك؟
كانت بالفعل ايام عجيبة وصعبة ولحظات فارقة في حياة الواحد مننا، وبالفعل تم اعتقالي وتعرضت للكثير من التعذيب في المعتقلات وبيوت الاشباح قبل ان ننقل الي كوبر ويصدر قرار الاعدام في شأني أنا. وفي قصة عجيبة انو في واحد من تلاميذي دون ذكر اسمه ، الكثير من المعتقلين قالوا لي انو الشخص دا هو من قام بتعذيبك واشرف عليهو وانا طبعا كنت معصوب العينين وما أقدر أحكم علي المسألة دي بشكل جيد ، وهذا الشخص بعد ان تم اطلاق سراحي جاني في مكتبي وقالي لي انا في ناس متهمني بانو أنا قمت بتعذيبك انت مصدق الكلام دا فيني ، وانا من ما سمعت الكلام دا ما مرتاح ومتمني انك ما تكون صدقت الكلام دا لانو أنا ما ممكن أعمل كدا ، والمهم انا قلت ليهو انا ما بقدر احكم علي القصة دي بشكل قاطع لأني كنت معصوب العينين لكن انا ما بتخيل انك تعذبني بعد ان كنت تلميذي وانا رغم الخلاف السياسي بيني وبينك شايف انك كانسان زول كويس وانا ما عندي مشكلة شخصية معاك ، وفي النهاية شكرني ومشي وما لاقيتو تاني لحدي الان.
كيف كان شعورك واستقبالك لقرار الاعدام؟
اصدقك القول عند صدور قرار الاعدام نزلت علي سكينة وايمانيات غريبة وبيني وبينك أتمني أن تعود الي الان تلك الروح والايمان القوي، المهم ان تلك الروح جعلتني متماسك تماما بشهادة كل زملائي في السجن ، بل انني كنت اساعدهم علي التماسك اثناء اللقاءات القصيرة التي تحدث بيننا واصبرهم علي وحشة السجن وكدا، وكنت مقتنعا تماما بان من يحدد متي واين وكيف يموت الانسان هو الله سبحانه وتعالي وليس اي شخص مهما علا شأنه ، وقد صدق حدسي وأثبت للجبهجية كما ظللت مقتنع دائما بانني أكثر ايمانا ويقينا منهم.
وبدأت اسمع بالفعل خلال تلك الفترة عن ضغوط دولية واقليمية عديدة تطالب بعدم اعدامي هذا غير قواعد الاطباء والعاملين وجميع الشرفاء من ابناء الشعب السوداني الذين كانوا ينظمون الوقفات والاحتجاجات أمام سجن كوبر لدرجة أخافت النظام بحدوث غليان كبير في حالة اعدامي. وطبعا منظمات حقوق الانسان والامم المتحدة ومنظمة العمل الدولية واتحاد العمال العالمي واتحاد الاطباء العرب وغيرهم كان لهم دور كبير في تلك الضغوط ، وكذلك رؤساء عدد من الدول العربية مثل مصر والمغرب واليمن والسعودية وعدد كبير من وزراء الخارجية الافارقة والعرب ، والمهم الحكومة وجدت نفسها في ضغوط كبيرة بشأن موضوع اعدامي وفي النهاية وبعد أن ضمنوا السيطرة علي الامور في الخارج قاموا باطلاق سراحي.
وفي خلال هذه الفترة زارني العشرات من الاشخاص والوفود وبعض الاصدقاء ، لكن اهم الزيارات كانت واحدة منها تلك التي قام بها وفد اتحاد العمال الذي عينه النظام وكان رئيس الوفد هو ابرهيم غندور الذي حاول ابتزازي بشكل حقير ، اذ انه قال لي نحن عايزين نعمل جهود لايقاف موضوع اعدامك واطلاق سراحك ، انت رأيك شنو ؟ ورديت عليهو بشدة بانو اولا الذي يميت والذي يحيي الناس هو الله وليس أحد وثانيا انا مختلف معاكم ومؤمن بعدالة قضيتي التي سجنت من أجلها وبالتالي ما خايف من الموت ، وأنا أشكر اي زول عايز يعمل أي جهود من اي شكل للتخفيف علي ، لكن العايز يعمل جهود ما بجي يقول أنا عايز أعمل جهود.
والزيارة الثانية كانت من فيصل أبوصالح عضو مجلس قيادة الثورة ووزير الداخلية وقتها ، ودا جاني وسألني واستحلفني بالله أن اصدقه القول بانو هل بالفعل تم تعذيبي فقلت ليهو نعم وقال لي وريني اثار التعذيب وأنا رفضت في البداية وبعد اصرار منه وريتو اثار التعذيب ، فانهار باكيا وهو يكرر بصوت أجش من البكاء أعفي لينا يا مأمون.
حريات: حسنا دكتور ، كيف تنظر لافاق العمل النقابي حاليا وهل مايزال خيار الاضراب السياسي قائما بالفعل لاسقاط النظام بحسب خبراتك؟
هذا موضوع كبير لانه يحتاج ان نعود للأمور من البداية ، فالاسلاميين ظلوا يخططون للانقضاض علي السلطة منذ عشرات السنين واستفادوا من كل شئ درسوا تكتيكات الحزب الشيوعي حول كيفية بناء الحزب وحمايته وتأمينه وكيفية البناء القاعدي في العمل بين الجماهير رغم اختلاف انهم استعملوا الخطاب الديني في ذلك ، ولانهم براغماتيين تماما فقد اندمجوا مع نظام نميري وعملوا من تحت للسيطرة علي النقابات في نهاية السبعينات عندما بدأت العزلة الجماهيرية تضرب أطنابها حول الاتحاد الاشتراكي وأقنعوا نميري بفتح البنوك الاسلامية واثروا من وراء ذلك ثراءا شديدا واستخدموا علاقاتهم مع الاسلاميين في الدول الخليجية والعربية والاسلامية الاسيوية في مراكمة ثرواتهم وثروات التنظيم عن طريق تحالفات التنظيم الاسلامي العالمي والترابي لعب دورا كبيرا وخبيثا فهو داهية كبير جدا في هذه الامور كلها، وبكل ذلك استطاعوا ان يركبوا الانتفاضة عندما استقووا علي نميري وتلاعبوا علي الحزبين الكبيرين ولعبوا بالديمقراطية واضعفوها بشكل مقصود بكل الاساليب سواء عن طريق دق طبول الحرب أو الدسائس بين الحزبين الكبيرين أو الفساد أو التظاهرات ورفض ميثاق الدفاع عن الديمقراطية والمزايدة عن طريق استخدام شعار الشريعة وفي النهاية هيأوا المناخ لقبول بعض الناس للانقلاب في البداية ، ولعلمهم وتخوفهم من ضعف قاعدتهم الاجتماعية في ذلك الوقت خدعوا الناس في البداية وأخفوا هوية الانقلاب وكانت تلك خطة الترابي حتي يحدث ربكة وسط قوي الانتفاضة وفي المعارضة يستطيعون من خلالها كسب الوقت لتقوية النظام وتوجية ضربات أمنية قوية وتحت الحزام لكافة القوي المناهضة لمشروعهم. ومن خلال كل ما ذكرت لك استمرت الجبهة بشكل متعمد في سياسة التمكين القائمة علي افقار الناس والهائهم بلقمة العيش وقتل افاق العمل النقابي وتشريد كل العاملين وحل النقابات وتدمير الطبقة الوسطي التي تمثل القاعدة الاجتماعية للنقابات نفسها ، وسن القوانين التي تساعد في ذلك مثل نقابة المنشأة التي تجعل العمل نقابي غامض جدا ، وتكملة ذلك بالهاء الناس بالدين الزائف وبذلك سادت لهم الامور، واستطاعوا قتل اافاق العمل النقابي.
مقاطعة: اذن بحكم خبرتك هل تري ان افاق التغيير قريبة في السودان؟
افاق التغيير تظل مفتوحة طالما ان هناك قوي مؤمنة بالديمقراطية موجودة في البلد ، لكن الافاق ستظل بعيدة ، مالم يتمسك الناس باشياء محددة ، اولا وحدة المعارضة ، وثانيا الاستعداد للتضحيات والصبر علي العمل القاعدي وسط الجماهير وتنظيمها دون عجلة ، وثالثا:الادراك الجيد للتغييرات الكثيرة التي حدثت في المجتمع السوداني ،ورابعا تطوير الوعي النقابي بصورة مختلفة. وخامسا: توحيد الجهود وخلق قيادات تفرز من خلال العمل الشبابي المعارض الحالي. رغم ذلك فأنا اري ان ان هناك أجيالا جديدة تقوم بالكثير من التضحيات فقط محتاجة للتنظيم والثقة بنفسها أكثر.
مقاطعة: هل تري ان الافاق متوافرة حاليا لوحدة نقابية تقوم علي اسس جديدة؟
الافاق ليست معدومة اطلاقا، المطلوب فقط الوعي بالتغييرات، فالانقاذ دمرت العمل النقابي بالصورة التقليدية القديمة ، لانها شردت الناس ودمرت القاعدة الاجتماعية للنقابات ، لكن في المقابل فانها خلقت الملايين من المشردين ومن المظالم والفقر ، وبالتالي فان المطلوب هو أن نفهم كيف نطور العمل النقابي من نقابات غير تقليدية وجديدة قوامها ليس من المهنيين فقط ، اذ يجب ان يكون بجانبهم جيوش العطالي واصحاب الركشات وستات الشاي وبائعات الاطعمة والمهن الهامشية وغيرهم ، وهؤلاء اعدادهم بالملايين، فقط يجب أن نعرف كيف نصل اليهم وننظمهم بشكل جيد ، لان الدوافع لديهم موجودة وشعورهم بالظلم والرفض لما يحدث كبير جدا. والانقاذ بجسب طبيعتها الطفيلية الجشعة تخلق يوميا الالاف من المتضررين من سياساتها. ولقد اصبحت لدي القوي الشبابية اساليب اتصال جديدة عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت وهذه ساعدت في ربط الثوار في دول الربيع العربي علي سبيل المثال، وصحيح ان الامور قد تختلف قليلا في السودان علي هذا المستوي بحسب طبيعة القوي صاحبة المصلحة في التغيير ومدي تداولها لهذه الوسائل لكنها ايضا تظل احدى الادوات التي يمكن أن تلعب دورا حيويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.