بقلم / طارق عبد العزيز محمد صادق مستشار قانونى فى خضم ما يجرى الآن من أحداث فى جنوب كردفان وغيرها من مناطق ساخنة ، دعونا نسترجع ماضى إحداث ألقت بظلالها على السودان الحبيب فى الربع قرن المنصرم . ما هو الدور المنوط بنا ؟ هل يجب أن نقف متفرجين حتى نهاية (الفيلم الهندى) أم نشاهد إخوتنا من كل الأطراف يتقاتلون ويذبحون فى قتال (إخوة الدم) ؟ فى إعتقادى يجب علينا قاطبة أهل السودان أن يكون لنا دور منوط به ولو على إختلاف أجنحتنا . فالسودان ينزف دماً إخوتى ، قد تسربل على لبانه حيزاً من الدهر وشكى إلينا بعبرة وتحمحم جراء أثقاف صدق الكعوب المقومة ، ولو علم الكلام لكان مكلمنا !! (1) أولاً : يجب على المؤتمر الحاكم الإستماع لكافة الأطراف بكل صدق دون إقصاء ، فالمرحلة تتطلب ذلك دون الإلتجاء لدعامات إيدلوجية ثبت فشلها . فالضروريات وفق أصول الفقه تبيح المحظورات ، فكيف يكون الحال إذا كان ذلك ينصب ذلك فى لحمة السودان ووجوده والحفاظ على تاريخه التليد الممهور فى سجل ومكتبات الغرب . فالعزة فى الإعتراف بالخطأ ، ودونها فعزة بالإثم . ثانياً : يجب على الأخوة المخلصين فى جيشنا أن لا يقفوا متفرجين على ما يحدث وحدث فى دارفور من إزهاق لأرواح بريئة سحلت وغيرها فى مناطق شتى ، حتى داخل العاصمة . يجب على هؤلاء المخلصين الحادبين على مصلحة الوطن فى القوات المسلحة أن ينتفضوا فى وجه الظلم لا . قد كانت النظرية الفكرية لعلى عثمان محمد طه ومن شايعه ، تقوم على تغيير البنية السكانية والتشغيلية لمرافق الدولة ومن ضمنها القطاع الخاص بموجب سياسة (التمكين) حتى لا يحدث ما حدث فى إكتوبر وإبريل ، ولكن قاصمة الظهر والتى لم يلقوا لها بالاً ، كانت فى عدم الإهتمام كثيراً لبقية المناطق الجغرافية الأخرى والتى تضم من هم على رأس الجبهة الثورية الآن ، والتى باتت تشكل تهديداً جازماً على المركز فى الخرطوم . من الثابت فى أوراق الإنقاذ ، أن على عثمان محمد طه فى بداية عهد الإنقاذ ، قد تقلد وزارة تهتم بالتركيبة السكانية ، ونجح فى خلط أوراق المجموعة السياسية الشعبية المكونة للدوائر الإنتخابية فى المركز ، وقام بإتاحة الفرصة لتسكين من هم أتباعهم فى هذه المناطق ، بهذا فقد تفككت اللحمة النضالية السكانية والتى كانت تشكل القدح المعلى لأى توجه نحو إسقاط الديكتاتوريات . ثالثاً : إعادة سابق الخدمة العامة ، ومنها قواتنا المسلحة ذات التأثير الحقيقى فى تنفيذ مبادرات الإنقلابات أو الإنحياز للشعب ، كان تفكيكها وطرد الشرفاء وسحلهم وإمتهانهم ، وتبقى من يدين بالولاء وللموالاه للفكر الأسلاموى . هذا حدث فى كافة قطاعات الخدمة المدنية وبالأخص القضاء والمناصب السيادية الأخرى . فيجب على الإنقاذ إعادة الحقوق لأصحابها ، ولو شرفياً . رابعاً : الإبتعاد عن الفكر الإقصاءى ، ففكر الإنقاذ ينبع من منظومة سياسية إقصائية تحت إطار من التوجهات الإسلامية المزعومة للتمكن من السلطة لأقصى درجة ممكنة ، وترك الطريق سالكاً لمن إتبعهم من بعدهم . هذا يلاحظ جلياً فى إطالة أمد النظام حتى الآن ، وإختفاء وتلاشى كلاسيكية المعارضة والتى ظهرت فى إكتوبر وأبريل . إذن من أين تأتى المعارضة الحقيقية سواءاً السلمية أو المسلحة ، قد يتسائل البعض ؟ أنها من المناطق التى لم تسكنها نظرية على عثمان محمد طه والذى غلط (غلطة الشاطر) . فهذه القوى تشكل الآن النبع الحقيقى للثورة ضد الظلم والتجبر والإقصاء وديكتاتورية المركز ، إضافة لتشكلها من معظم أفراد جيشنا السودانى الباسل ، بعد إحالتهم للمعاش أو طردهم أو تمردهم على الظلم . إذن فلهؤلاء الشرفاء الحادبين على مصلحة الوطن فى القوات المسلحة الإنحياز للقوى الثورية والشعبية والتى إرتضاها معظم السودانيين وتقديم مذكرة لقادتهم بذلك ، هذا هو التضامن الحقيقى مع الجيش السودانى وليس غيره ، فلما لم يحرك الجيش ساكناً عند مجازر دارفور وكجبار وبورسودان ومعسكر العيلفون وإقصاء الشرفاء منه ؟ لآنهم ليسوا بالجيش السودانى الأصيل الذى أبهر العالم فى الحرب العالمية الثانية فى كرن وحتى أقاصى المكسيك ! الجيش السودانى الآن زمرة من مليشيات المؤتمر الاوطنى والتى لا تبتغى غير بقاء من ليسوا جديرين بحكم السودان ضد إرادة الشعب ! وإن كان هنالك حركات تصحيحية شتى بدأت فى الظهور ولو من قادة المؤتمر الوطنى ، فذلك يحمد لهؤلاء رجوعهم لجادة الصواب والعود أحمد، وأجزم بأنهم ذوى اصالة فى التفريق بين الحق والباطل ! وسوف يذكر لهم التاريخ والشعب السودانى لهم ذلك . إذن يجب أن تكون الخدمة العامة وبالأخص جيشنا الباسل ، ذو مكون يضم كافة الأعراق دون إقصاء ، فى لحمة وطنية تنأى عن الطائفية والمذهبية والأيدلوجية حتى يطيب لنا المقام ، دون حصره على فئة معينة ، ونستمتع برياحين وأريج الحرية والديمقراطية ، فجيشنا هو الطود الراسخ حماية لأرض الأجداد والجدود والقيم التى إرتضاها كافة أهل السودان الكريم . ختاماً : لم ولن يهنأ عزيزنا السودان بالإستقرار أبداً ، إذا لم تحل جزر المشكلة و تفهم مطالب الجبهة الثورية بالإنصياع لإرادة الشعب السودانى الأشم ، فالأجدر التضامن مع هذه المشكلة ، بدلاً من إزكاء حربها !!! أملى فى قادة المؤتمر الوطنى الإستماع لصوت الأمس وتغريد الكنار وصدى النصيحة !! اللهم هل بلغت ، الهم فأشهد . مودتى 1) مقتطفات من شعر عنترة بن شداد .