تحصلت (حريات) على وثيقة تؤكد محدودية ما تردده حكومة المؤتمر الوطني عن رفع الرقابة الأمنية على الصحف . والوثيقة خطاب صادر من مكتب الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة أمس 20 مايو إلى رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات يطالبه بضرورة إلزام الصحف بعدم تناول أخبار القوات المسلحة والأخبار العسكرية إلا بعد عرضها على مكتب الناطق الرسمي . وسبق وأشارت (حريات) إلى أن الأجهزة الأمنية للمؤتمر الوطني تسيطر على الصحف بعدة وسائل ، اخرها الرقابة الأمنية ، وتتضمن هذه الوسائل السيطرة على الأقسام (المهنية) للصحف بالتحكم في سجل الصحفيين والتعيين في الصحف ، وعبر المتعاونين من رؤساء التحرير ورؤساء الأقسام ، وبالإتصالات التلفونية اليومية بالصحف ، ومد الصحف بأخبار (أمنية) عبر الوكالات الأمنية والحكومية ، وعبر التحكم في الإعلان ، وعبر الضرائب ، والمحاكم التي تتبع للسلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية ، ولكن لأن كتابات الكتاب في أعمدة وأبواب الرأي إخترقت نظام السيطرة والتحكم الحكومي إضطر جهاز الأمن إلى فرض الرقابة الأمنية المباشرة قبل الطبع . ولدى ضباط جهاز الأمن المسؤولين عن الرقابة ما يسمى بقائمة ( الخطوط الحمراء) ، وتشمل حوالي (17) بندا ، من بينها عدم إنتقاد (المؤسسات المرجعية !) وتعني عمر البشير ونوابه (رئاسة الجمهورية) والقوات المسلحة والشرطة والأمن والقضاء وهيئة المواصفات ومعمل إستاك ، إضافة إلى عدم نشر أخبار أو حوارات مع حركات المقاومة المسلحة ، وعدم نشر أخبار التحركات الجماهيرية الحقيقية ( إضرابات ، إعتصامات ، تظاهرات) ، وعدم نشر أخبار عن الأوبئة ، هذا فضلاً عن تقديرات ضباط الرقابة الشخصية التي تتفاوت من ضابط إلى آخر ومن صحيفة إلى أخرى . وغض النظر عن فرض الرقابة الأمنية المباشرة أو عدمه ، فبعد حوالي ربع قرن من تخريب الصحافة وتشويهها ، فإن نظام السيطرة والتحكم يستمر قائماً . وتكتسب الرقابة أهميتها من صراعات مراكز القوى الجارية حالياً ، ففي حين يسمح رفع الرقابة المباشرة للجناح غير المسيطر على جهاز الأمن بتسريب بعض أجندته ( مثل إنتقاد سوء إدارة عبد الرحيم للعمل العسكري) فان فرض الرقابة يجرد هذا الجناح من قدرته على التأثير . والواضح ان خطاب الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة يندرج في هذا السياق ، ويحاول تحديداً تحصين عبد الرحيم من النقد .