تتزايد احتمالات انزلاق السودان إلى حرب جديدة، على أثر اشتباكات دارت بالأسلحة الثقيلة بين الجيش السوداني و"الجبهة الثورية"، وهي تحالف يضم ثلاث حركات متمردة في إقليم دارفور بغرب السودان، قرب كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان. إذ يبدو أن "الجبهة الثورية" تحاول من خلال تحركاتها العسكرية في مناطق شمال وجنوب كردفان ودارفور، إيجاد آلية من الضغط على الحكومة السودانية قبل الدخول في مفاوضات ستجرى في 6 يونيو في أديس أبابا برعاية الاتحاد الإفريقي. وتعيد تهديدات "الجبهة الثورية" بالزحف نحو الخرطوم، إلى الأذهان سيطرة قوات العدل والمساواة على أم درمان أحد الأضلاع الثلاثة للعاصمة السوادنية الخرطوم. وقال الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال والقيادي في الجبهة الثورية السودانية ياسر عرمان، ل"سكاي نيوز عربية": "إن الجبهة تستعد للقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في ولايات شمال وجنوب كردفان". إلا أنه شدد على أن كل السودان يعد مسرحا للعمليات، مالم يتحقق الغرض الرئيسي وهو إسقاط النظام من خلال انتفاضة سلمية جماهيرية". وأوضح عرمان أن "الجبهة الثورية" مستعدة لمفاوضات أديس أبابا، ولكن بعد السماح بتوصيل الطعام للمحتاجين، ومع ضرورة إيجاد حل سياسي شامل يشمل جميع القوى السياسية، مشددا على عدم قبول الجبهة أي صفقة جزئية مع النظام. وأشار عرمان إلى أن الحكومة السودانية ليست جادة في إيجاد حلول جذرية للأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وتعود أسباب الأزمة، بحسب محللين إلى اتفاقية نيفاشا للسلام، وهي الاتفاقية التي أوقفت أطول حرب أهلية في إفريقيا، ووقعت من قبل حكومة السودان بقيادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم برئاسة عمر البشير وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان آنذاك جون قرنق. الجيش يقلل من تصريحات عرمان من جانب آخر، قلل المتحدث باسم الجيش السوداني، العقيد الصوارمي خالد سعد، من أهمية التصريحات التي أطلقها ياسر عرمان. ووصف العقيد الصوارمي التصريحات بأنها لا تمثل أي تهديد على الأرض، مشددا على أن الجيش السوداني على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تهديدات من المتمردين. وأضاف سعد أن قوات المتمردين لن تستطيع القتال خارج المناطق التي يتمركز أفرادها فيها في جبال النوبة ودارفور، لأن العمليات التي جرت في السابق كانت داخل محميات طبيعية ومناطق وعرة. "الجبهة الثورية" تستعرض إلا أن المحلل السياسي، فيصل محمد صالح، أوضح ل"سكاي نيوز عربية" أن قوات "الجبهة الثورية" قد تلجأ إلى فتح جبهة شرقية جديدة في ولاية النيل الأزرق، لاستعراض القوة قبل المفاوضات. وذكر صالح أنه لا تلوح أي بوادر إيجابية مع غياب روح المبادرة لحل الأزمة في ظل عدم سعي الجانبين نحو حل سياسي شامل. وأضاف أن هناك أزمة سياسية خانقة تمر بها البلاد، مع وجود إحساس بضعف الحكومة الحالية، وفي ظل ضعف المعارضة. واستطرد صالح أن قوام قوات المتمردين يتراوح بين 15000 إلى 20000 بعد انضمام جبهات متمردة أخرى، إذ تتشكل "الجبهة الثورية" الآن من ثلاث حركات متمردة في إقليم دارفور (العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح مني مناوي وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، إضافة إلى الحركة الشعبية- شمال السودان التي تقاتل الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق). وتهدف الجبهة إلى إسقاط حكومة البشير، الذي يسيطر على السلطة في الخرطوم منذ عام 1989 وإقامة نظام حكم ديمقراطي يحترم التعدد الإثني في السودان. والشهر الماضي هاجمت الجبهة الثورية مدينة أم روابه بشمال كردفان في عملية تعد الأكثر جرأة منذ مهاجمة العدل والمساواة للعاصمة السودانية عام 2008، إذ أعلنت أن هجومها على شمال كردفان هو جزء من استراتيجيتها للزحف نحو الخرطوم وإسقاط النظام.