في صور نادرة تبث لأول مرة عقب هزيمة مليشيات الجمجويت في معارك 28 ماي2013ف بمناطق إنتكينا وعمود السحب على يد أبناء المنطقة المدافعين تظهر مخلفاتهم أدلة دامغة لتورط نظام الدكتاتور البشير في شن هجوم وحشي على المدنين من شعب القمر وإجبارهم على مفارقة أرضهم. وحكى شباب مدافعون في إنتكينا البلدة النائية جنوب غرب كتيلة ؛ و الذين أبدوا تنظيما واضحا لأنفسهم إستعدادهم لأي خطر قادم ؛وذكروا أنه اسروا العديد من مليشيات الجمجويت بعضهم من قبيلة البني هلبة ؛ وبينهم سودانيون واخرين من تشاد والنيجر. وكما نشرت بطاقات عسكرية لقتلى من المهاجمين في المعركة ؛ يرتدون زي الجيش السوداني وزي رجال الشرطة الاحتياط المركزي المعروف محليا بجيش الأبطيرة ؛ بجانب ذلك تم نشر لوحات عسكرية لشاحنات كبيرة وسيارات دفع رباعي حكومية. وظلت سلطات الولاية تؤكد أن المسألة إنفلات أمني ؛وقال الجنرال ادم جارالنبي في مذابح كتيلة أن قيادات البني هلبة عجزت التحكم على المتفلتين من أبناءها ؛ وأن بينهم تشاديون يشنون هجومهم على المدنين ؛ ورغم هذه الإعترافات لم تعمل السلطات على وقف نزيف الدماء. وبالرغم من أن البعض من المدافعين قال انهم استنطقوا بعض الأسرى الا انهم ذكروا انهم احسنوا معاملتهم قبل تسليمهم الى لجنة محايدة . وقد ذكر الاسرى المستنطقين أسماء قادتهم الميدانيين والسياسين ؛ وذكروا الأوامر المتلقاة من (ناظر قبيلة البني هلبة التوم الهادي دبكة ) وهو الزعيم القبلي الأرفع في قيادة عشائر الرعاة في عد الغنم . وذكروا اسماء رجال اخرين ضمن خطة اسموها ( تنظيف كتيلة وحرازة وانتكينا وخور شمام وسيسبان من اي قمراوي وأكل أموالهم). الدكتور الحاج ادم يوسف إلا أن أخطر ما ذكره الاسرى عن أن قائد المليشيات الاعلى في عد الغنم هو الدكتور الحاج ادم يوسف نائب رئيس النظام والمنحدر من قبيلة البني هلبة . إستنادا على منهج الولاء القبلي والديني الذي تدار به الدولة والنظام في السودان ويختار على اساسه اعضاء الاحزاب ؛ وتشارك الكتل البشرية في السلطة والثروة اي ليست على اساس المواطنة والكفاءة كما في الانظمة الديمقراطية ؛ فان أفراد المليشيات القبلية الموالية للنظام يستمدون القوة المعنوية من أبنائهم في سلطة الدولة و مواقعهم في الاحزاب . ويجب ذكر أن المليشيات المعارضة للدولة أيضا تتبنى ذات المنهج. ومن هنا رجحت معلومات وتحليلات سابقة أن الدكتور يوسف له تأثير كبير على أفراد قبيلته بكونه صاحب المنصب الأرفع في النظام من افراد قبيلته. وفي هذه الحالة فان الدكتور الحاج ادم يوسف يمتلك سلطة معنوية كبيرة على أفراد قبيلته يمكنه استعمال سلطته إيجابيا لمنع مليشياتهم من إرتكاب الجرائم ؛ وله سلطة العمل بعكس ذلك؛ اذ انه على اساس هذا المنهج تم اختياره لمنصب نائب الرئيس في النظام. غير ان المعلومات التي نشرت حتى مارس 2013ف عقب حرق قرى (جقكمة وأمبطيخة) تشير إلى إبتعاد الحاج ادم يوسف عن الخوض في مسألة صراعات قبيلته فيما أكدت معلومات أخرى مقربة منه على أنه يتابع الأحداث بدقة وتفاصيل ؛ ومصدر مؤكد لقسم الرصد بمركز السودان قال أن الدكتور الحاج أدم إقترح حقنا للدماء "أن يعوض شعب قمر الصعيد ماديا في حالة نزوحهم طوعيا إلى كلبوس في غرب دارفور؛ وتبنى هو مسألة إنشاء صندوق لجمع المال! " وهو يثبت تعمق الرجل في المسألة. لكن لم تشير أي معلومات إلى ضلوعه عسكريا في الأحداث سابقا ؛ غير أن الأسرى الموقوفين وبمشاركة أعضاء سابقين من حركة العدل والمساوة بشهاداتهم حول الرجل أكدت تولي نائب ثاني الدكتاتور البشير القيادة العليا الفعلية لمليشيات عد الغنم التي تهاجم المدنين. من المعروف أن عد الغنم تحتفظ بمليشيات مسلحة اسها الفرسان ظهرت في عام 1991ف في التعاون مع النظام للقضاء على ثورة الشهيد دأود بولاد والتي تم بموجب هذا العمل تغيير اسم عد الغنم من الدكتاتور البشير إلى عد الفرسان و بموجب هذا التعاون منح العديد من أبناء عد الغنم مكاسب ومناصب رفيعة في النظام حتى من هم أعضاء أحزاب أخرى مثل الفريق صديق إسماعيل. خلال هذا التحقيق ذكر أعضاء سابقون في قيادة حركة العدل والمساواة السودانية شهادتهم عن أن مليشيات البني هلبة جزء منها ظهرت بين عامي 2003- و2004ف يعود الفضل في تكوينها الى الدكتور الحاج أدم يوسف إبان عضويته في حزب المؤتمر الاسلامي الشعبي و عقب فصالهما مع الشق الاسلامي الوطني الحاكم . و كان الرجل ينوي ومرشحا بقوة لقيادة تمرد مسلح على نظام الدولة بقبيلته البني هلبة ؛ وذلك أسوة بالدكتور خليل ابراهيم الذي تمرد هو الأخر عقب انشقاقه من الحزب المؤتمر الاسلامي سنة 1999ف وإستعان بمليشيات من افراد قبيلته الا ان الدكتور خليل كان اكثر وعيا وذكاء وقدرة لقراءة الأوضاع بالسودان أول القرن العشرين بعكس الحاج ادم في اظهار حاجته الدائمة لقيادة إسلامية تدير حركته من الخرطوم. ويعمل ان يستغل قرابته من شعب الفور باحدى جدتيه ؛ وموقعه في الحزب الاسلامي الشعبي. ومعلومات مؤكدة حول شرح الرجلين لقبائلهما صورة الأوضاع بالبلاد في ظل نظام شمولي تفرد بالسلطة والثروة فيه اقلية صغيرة من اسلامي الاقليم الشمالي النيلي من طبقة الجلابة . كل منهما دعى الى ضرورة التمرد المسلح على نظام يسيطر عليه (اولاد البحر). أو الإتفاق لخلق مزيد من المكاسب لقبائلهما في وضع جديد! . برأي مركز السودان أن التغيير بكافة الوسائل ضروري وحتمي لشعب يواجه حرب فناء من نظام دكتاتوري ؛ إلأ أن الخطأ البنيوي هو إعتماد عناصر التغيير على منهج القبيلة في التنظيم العسكري والاداء السياسي الثوري اذ هو منهج الدولة والنظام سبب المشكلة بالبلاد!. وفي هذا يذكر أن أكثر من لقاء تم بين الدكتور خليل إبراهيم والدكتور الحاج ادم في سياق حوار للتمرد القبلي المسلح إلا أن حواراتهما فشلت ؛ يرجح أن السبب الحساسية الشديدة بين مقاتلين ذوي وعي قبلي وعرقي متباين في واقع ( عرب وزرقة في دارفور) فيما لا توجد مدارس وعي للإستنارة الميدانية للثوار . وذكر المصدر ان سببا اخر لفشل التحالف هو الإصرار الشديد لجهات إسلامية – يرجح أنه الحزب الشعبي أو إسلامي دارفور – بضرورة قيادة الحاج آدم لرئاسة الحركة ؛ وفي الأمر خطورته اذ يعني إستمرار التوجه الاسلامي العروبي للدولة وهو ما ترفضه قاعدة في حركة العدل والمساواة قيادة الدكتور خليل وقتها. وبرغم فشل التوصل لبناء تمرد مشترك ؛ وبرغم تعاون الشعبي والعدل لاحقا في إنقلابين عسكريين في الخرطوم لم ينجحان ؛إلا أن الحاج ادم ظل محتفظا بمليشياته في قرى عد الغنم ؛ مضارب قبيلته البني هلبة. وحسب وعده لهم ان الوضع قد يكون الاسوأ مستبقبلا في السودان ؛ يجب ان توظف هذه القوة لمكاسب القبيلة والدفاع عنها ؛ غير أن من المرحج لم تكن ضمن خطتها إستخدامها لشن عدوان على شعب القمر في كتيلة !. مع إعتبار وجود (مليشيات فرسان عد الغنم) القديمة ؛ ومليشيات تشادية جديدة ؛ ومليشيات حديثة شكلت قوة عسكرية لاحقا مدعومة من النظام لمواجهة التمرد هي التي تخوض حرب تطهير ضد شعب القمر. و يرجح ان النظام الذي أصدر مذكرات اعتقال الدكتور الحاج ادم يوسف بصفته (مجرم فار) في اعقاب فشل الإنقلاب في الخرطوم عام 2004ف ؛ كان على علم بالوضع العسكري لقائد المليشيات في عد الغنم . وفضل عدم إثارته لكي لا يعادي قبيلة البني هلبة وقبائل عربية كانت متحالفة وقتها معه للقضاء على تمرد مليشيات للأمم الزنجية من الفور والمساليت والزغاوة . ولاحقا دعمت الخرطوم مليشيات الحاج ادم للقتال ضد القمر ؛ و استيعاب السيد يوسف في صفوف الوطني بعامل مليشياته وقبيلته وما يعتقدونه مكافأة للمجموعات العربية في جنوب دارفور. بني هلبة التشاديون ويضاف الى انه يعيش أعداد كبيرة من أفراد قبيلة البني هلبة في مناطق (أم دم) جنوب شرق تشاد يمارسون رعي الأبقار والأغنام؛ وهي المنطقة التي نزح منها الرعاة الى السودان اول القرن العشرين ؛ ويعيش البني هلبة هناك تمييزا في الدولة غير الديمقراطية في تشاد . إلا أنهم حصلوا على وعد وعهد من رئاسة الدولة في السودان بصفتها دول عربية اسلامية على حصول القبيلة على كامل تراب (قوز أبدنقو ) وهو الاسم الذي يطلقه البني هلبة على دارقمر الصعيد .و ما عليهم الا العمل على اخلاء شعب القمر للتراب بكافة السبل على طريقة اجلاء المسيرية لشعب الفور من وادي صالح ؛ المحاميد للفور والتنجور من قرى كتم في شمال دارفور ؛ وافراغ قبائل العرب لقرى عديدة من سكانها . يدعم هذا التحليل إافادات اسرى بني هلبة التشاديون في معركة أم تكيينا بدارقمر الصعيد . ومع انه يصعب العمل على تطبيق المعاهدات الدولية الخاصة بمعاملة الاسرى في مثل هذه الحروبات القبلية والتي تكون دوافعها الانتقام وردة الفعل الا ان ممثلين من شعب القمر قالوا انهم احسنوا معاملة الاسرى من المليشيات عقب معركة انتكينا وقاموا بتسليمهم الى لجنة محايدة وعددهم (11) فردا بينهم حكامة واحدة تعرب باسم "فاطمة مدني" وتلقب ب"بقدوم جهنم". وبهذا تكون لدينا صورة واضحة لتكيون مليشات عد الغنم ؛ مليشيات فرسان منذ 1990ف ؛ مليشيات الحاج ادم ؛ و مليشيات البني هلبة التشادييين ومرتزقة قبائل اخرى ؛ ومجموعات تعيش في كبم وعد الغنم اجبر رجالها للمشاركة في القتال من قبل رجال البني هلبة كما ذكر الاسرى . و تمثل كل ذلك قوة معتبرة في مليشيات عد الغنم المدعوم باسلحة واليات من النظام الحاكم. في السياق ذاته تفيد معلومات أخيرة حول وجود حشود وتجمعات لمليشيات الجمجويت من تشاد غالبها باسلحة النظام في مناطق (الصراخ والشيويب ) شمال دارقمر الصعيد ؛ وربما تكون لديها نية تجديد اعتداءتها على بلدات كتيلة وخورشماما مرة أخرى.