أفاد مصدر موثوق ومطلع (حريات) بأن عمر البشير قد حسم أمره وقرر الإطاحة بنائبه علي عثمان محمد طه. وأضاف ان التحضير لهذه الخطوة بدأ في إثيوبيا شهر ابريل الماضي ، حين أخر عمر البشير عودته للبلاد لأخذ إجازة ومعه وزير رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح ، وقال ان الإجازة لم تقتصر على اللهو والعبث وإنما كانت لإحكام ترتيب الإجراءات الإستخبارية والعسكرية للخطوة المرتقبة . وأضاف ان التحضيرات ظلت جارية منذ ذلك الحين ولكنها إرتبكت اثر عمليات الجبهة الثورية في أب كرشولا وأم روابة ، وقال انه مما سرع بها مرة أخرى رفض علي عثمان ومجموعته – علي كرتي ، عوض الجاز ، وحتى الكاروري – لقرار عمر البشير بإيقاف تصدير نفط الجنوب ، الأمر الذي رأى فيه عمر البشير أحد أسباب عدم تأييد المجتمع الدولي لقراره مما إضطره للتراجع . ورد المصدر المطلع والموثوق سرعة إستجابة عمر البشير لمقترحات أمبيكي إلى خلفية التحضير للإطاحة بعلي عثمان ، حيث هدفت الإستجابة السريعة إلى قطع الطريق على لقاء رياك مشار وعلي عثمان ، وعدم إعطاء علي عثمان ميزة انه رجل الدولة العاقل القادر على حل المشاكل ، وهي الصورة التي يجهد في رسمها عن نفسه وتضيف مزيداً من الدوافع لعمر البشير للإطاحة به . وأضاف المصدر ان تصريحات محمد بشير عبد الهادي مقرر مجلس شورى المؤتمر الوطني أمس عن إدراج ترشيح عمر البشير لدورة رئاسية جديدة في إجتماع مجلس الشورى الجمعة القادم يؤكد الشروع الفعلي في إطاحة علي عثمان ، حيث تهدف الخطوة إلى إعتماد عمر البشير رسمياً كمرشح للرئاسة ، مما يحسم ما تسميه مجموعة البشير بمناورات علي عثمان وإغلاق الباب نهائياً أمام إحتمال وراثته لعمر البشير . وقال ان البشير كان يراهن أصلاً على حدوث خلافات بين مرشحي خلافته بحيث يتفقون في النهاية على انه لا بديل للبشير سوى البشير ، فإذا تفاقمت الأوضاع وإضطر إلى التخلي عن السلطة تقضي خطته البديلة توريث بكري حسن صالح أو الشخصية العسكرية التي يرشحها . وأضاف ان تسرع غازي صلاح الدين في إعلان رفضه ترشيح عمر البشير لدورة جديدة وإسناده لموقف ضباط المحاولة الإنقلابية و (سائحون) أربك الحسابات التاكتيكية لعمر البشير ، هذا فضلاً عن تقارير نافع علي نافع الإستخبارية التي تؤكد تورط علي عثمان وغازي صلاح الدين في المحاولة الإنقلابية ، والجزم بأنه لولا علي عثمان لما إستطاع صلاح قوش التنسيق مع ود إبراهيم وغازي صلاح الدين . وأضاف المصدر ان عمر البشير بات على قناعة نهائية بأن الخيار المطروح من نخبته الإسلامية لا يوفر مخرجاً آمناً له ولأسرته . ووفقاً لهذا الخيار المسمى ب ( العملية الدستورية) والمؤيد من علي عثمان والقطريين والأمريكان فعلى عمر البشير ألا يترشح في إنتخابات 2015 في مقابل ان يوفر له ملاذ آمن في قطر أو السعودية ، وهو يرى بأنه إذا فقد السلطة لصالح علي عثمان أو أي من إسلاميي حزبه فلن تكون هناك ضمانات كافية بعدم تسليمه لاحقاً ، وان ضمانته الحقيقية بقاؤه في السلطة أو في حال الإضطرار تسليمها لعسكري من خلصائه الذين لن يتخلوا عنه لأية حسابات سياسية . وقال انه بناء على هذه القناعة قرر عمر البشير التخلص من أهم المدنيين المرتبطين بما يسمى بالعملية الدستورية وهما علي عثمان وغازي صلاح الدين بحيث لا يتبقى للقوى الدافعة لأجل هذا السيناريو سوى بكري حسن صالح والعسكريين الآخرين . وأضاف المصدر ان عمر البشير لا يرى في نافع وعبد الرحمن الصادق المهدي خيارين حقيقيين ، ورغم مناورته أحياناً بهما ، إلا انه على قناعة بألا فرص حقيقية لهما ، ولهذا لا يرى فيهما خطراً يستوجب التخلص منهما في الأمد القريب . وأضاف المصدر انه يتوقع إطاحة البشير بعلي عثمان قريباً جداً إذا لم تتصاعد العمليات العسكرية للجبهة الثورية وتربك الأولويات من جديد . وتوقع ان تؤدي الخطوة إلى مزيد من الفرز والإستقطاب في أوساط الإسلاميين الداعمين لعمر البشير وإلى تزايد فرص الدكتور الترابي في التحرك ضد المجموعة الحاكمة . وأكد ان الإطاحة بعلي عثمان في حد ذاتها لا أهمية كبيرة لها خصوصاً وقد تحول الإسلاميون إلى موظفين في الدولة أحرص على إمتيازاتهم من أن يقفوا مع علي عثمان الذي سبق وهندس الإطاحة بشيخهم الترابي ، ولكن الخطوة تكتسب أهميتها من أزمة النظام وإنسداد الأفق ، خصوصاً مع خطوات عمر البشير ذات الطابع اليائس والإنتحاري والتي تهدد بالإطاحة بمكتسباتهم في (التمكين) لأكثر من ربع قرن .