بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفادات الأستاذة/ جريزلدا الطيب لحلقات (اوراق العمر)
نشر في حريات يوم 21 - 06 - 2013

عندما شرعت في اختيار اسم الاستاذة جريزلدا الطيب كشخصية محورية لحلقات "اوراق العمر"، كنت اضع في ذهني الدور الذي لعبته في حياة البروفسيور عبدالله الطيب، ذلك الاديب، الاريب، العالم المتفقه، العلامة، واستاذ الاساتيذ كما يقول احد اصدقائه. للاستاذة جريزلدا الطيب جوانب مهمة تخص مراحل البروفيسور العلمية في تأسيسه لكلية عبد الله باييرو بنيجيريا وعمله كاستاذ بجامعة محمد بن عبد الله بفاس بالمملكة المغربية، وقصة اسلامها الذي جاء عن قناعات، ومشاهدة لما رأته في شمال نيجيريا وانطباعاتها عن التصوف، وحركات الاسلام السياسي وصورة العربي المسلم في اوروبا وآسيا في السابق، وكيف ان الارهاب قد ساعد على طمس هذه الصورة النبيلة للمسلمين في اوروبا… كما تتضمن العديد من التشريحات للسلوكيات الاسلامية، والسودانية.
وقد شاركنا في هذه الحلقات د. عبد الله محمد احمد رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الخرطوم، وهو احد تلامذة البروفيسور عبد الله الطيب وفي السبعينات بالجامعة نفسها وظل ملاصقاً له، وحافظاً للعديد من المواقف، وقد ساعد في صبغ هذه الحلقة، ودفعها في الاتجاه التوثيقي للمعلومات الخاصة باستاذه عبد الله الطيب وترجمته لعدد من المصطلحات الانجليزية التي تستخدمها الاستاذة جريزلدا في قاموسها اللغوي، ولا تستطيع وجود ترجمة عربية لها فكانت هذه الحلقة اشبه بالمناقشة وطرح الرؤى والمعلومات التاريخية المهمة نطمح في اضافة توثيقية لشخصياتنا السودانية لاسيما وان عبد الله الطيب وجريزلدا رفيقا درب، ومسيرة ومواقف وتجارب اثمرت عن عالم وعلامة ومن خلفه امرأة تعرف كيف تصنع نجاحاتها ونجاحات زوجها.
- استاذة جريزلدا بداية نرحب بك ضيفة على حلقات "اوراق العمر" التي نجوب فيها عبر تجاربك في الحياة، ولنبدأ بالسؤال عن الميلاد والنشأة والاسرة؟
اولا انا شاكرة لكم، وميلادي كان في لندن عاصمة المملكة المتحدة في العام 1925م من القرن الماضي، والدي هو وليم ادوارد ووالدتي هيلدا وينيفيد، وهما من المعلمين الذين اشتغلوا بمهنة التدريس، ولدي اخوان واخوات توفوا جميعا ما عدا اثنين احدهما مدرس للغة الفرنسية والاخرى استاذة تعمل في المستشفيات لتدريس الاشغال اليدوية. بعد ثلاث سنوات ارسلني والدي للدراسة في المدرسة وكنت اصطحب والدي الى مدرسته، ولكن عند نشوب الحرب العالمية الثانية ذهب كل واحد من اخواتي مع مدرسته خارج لندن، ومن ثم مرت الايام حتى تدرجت في الدراسة لالتحق بالمدرسة الثانية التي كانت تقبع شمال لندن وتسمى (Palement High School) ومنها دخلت (شلسي ارت سكوول) ومنها الى جامعة لندن قسم التربية مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
-استاذة جريزلدا كيف كان نظام الدراسة في انجلترا؟؟
زمان كان السلم التعليمي في انجلترا على ثلاث مراحل يبدأ بالابتدائية ثم الوسطى فالثانوي وهي نفس المراحل التي عمل بها نظام التعليم في السودان في السابق. التعرف بالطالب عبد الله الطيب:- -لعلك تعرفت بعبد الله الطيب في وقت باكر في انجلترا؟ نعم فقد كانت آخر سنة لي في كلية التربية بجامعة لندن حيث تعرفت به وقد كان احد زملائي من السودان عبد الرازق عبد الغفار الذي جاء لعمل كورس في التربية وعرفني بزملائه من القسم الثاني للتربية ومنهم المرحوم احمد الطيب احمد وعبد الله الطيب ورجعوا الى السودان ما عدا عبد الله الذي اختاروه لعمل كورس للبكلوريا «البكلاريوس» ولما وجدوه فوق المستوى سجلوه للدكتوراة، وفي اثناء بدايته مع مرحلة الدكتوراة تزوجنا في عام 1948م وانتظرنا حتى اكماله لها، وقد ساعدته في رسالته حول الاسلوب وقد اتم اكمالها في سنة 1950م، وكان يفترض ان يرجع للسودان لكن الحكومة وقتها كانت من الانجليز فتم تعيينه مساعد محاضر في كلية غردون، فلم يقبل هذا التعيين ليقدم استقالته، لكن في نفس الوقت عين محاضرا في جامعة لندن (SCHOOL OF AFRICAN STUDIES) وعدنا الى لندن بعد زيارة ثلاثة اشهر للسودان وكانت زيارة السودان في سنة 1950م مهمة بالنسبة لي خاصة وانها اول مرة حيث سافرنا بالباخرة من ليفربول حتى ميناء بورتسودان، وامتدت الرحلة ل(14 يوما) ومررنا بقنال السويس وبورسعيد وعندما نزلنا في بورسعيد لاول مرة بدأت وكأنني اشتم رائحة الشرق الاوسط، وعند وصولنا لبورتسودان لم ننزل على طول حيث كانت السفينة مليئة بالبضائع، والنصف الآخر بالركاب، وفي لحظة انتظارنا على الشاطئ شاهدت مجموعات من الهدندوة الذين يعملون في الميناء لانزال البضائع من على السفن فاندهشت، وتملكني الفزع حيث خطرلي خاطر بانهم متوحشون وعند اطلاق الصافرة دخلوا الى السفينة فهرعت الى غرفتي ووجدت نفس الناس يأخذون امتعتنا وينزلونها ، المهم في الامر نزلنا في فندق البحر الاحمر (RED SEA HOTEL) وكان الطقس سخنا، حيث لم يمر علي طقس كهذا… بعد ذلك اخذ عبد الله يبحث عن اصدقائه من سكان بورتسودان ومن ضمنهم تاجر اسمه علي كرارفأخذنا لمنزله بديوم سواكن، وكانت في ذلك الوقت مبنية بالخشب، وبعد تناول الغداء منحوني بعض الهدايااذكر من ضمنها «غوايش» من فضة فتركت لدي انطباعا جيدا عن اهل السودان، وكنا في انتظار القطارالا ان الامطار التي هطلت على بورتسودان يومها اضطرتنا للسفر بالطائرة ولاول مرة اركب الطائرة من بورتسودان الى الخرطوم وانا التي كنت اخاف من ركوبها من لندن الى السودان.
التعود على الاجواءالسودانية والعادات:
-استاذة جريزلدا.. كيف استطعت ان تتلاءمي وتتكيفي مع عادات جديدة وتقاليد ودين جديد خاصة وانت انجليزية المنشأ والميلاد؟؟
اظن الحكاية دي حدثت تدريجياً… فاول مرة وصلنا فيها للخرطوم استضافنا احد اقرباء عبد الله الطيب يسكن بودنوباوي بام درمان، وقد كان يعمل باشكاتب واستغربت على تقسيم النزل لجزئين احدهما للرجال والآخر للنساء وطبعا كان بالنسبة لي امرا شاذا والاغرب من ذلك نزلنا في وسط المنزل، وعندما دخلت «الحمام» لفت نظري شكله فهوعبارة عن مخزن ملئ «بالكراتين» وعندما عدت وجدت عبد الله يلبس جلباباً ويؤدي الصلاة وكان منظرا غريبا ايضا فاصبحت ابكي كذلك صدمت لشكل الغرفة التي استقليناها فهي متعددة النوافذ، بحيث يدخلها ويخرج منها العديد من الناس فتنتفي الخصوصية وحقيقة كل هذه المناظر والمشاهد اثارت انتباهي لمساكن السودان واهله. كذلك الاكل الذي يجهز عبر «صينية» كبيرة وبه اصناف متعددة لكن «المطبخ» به شئ من الفوضى حيث تجلس النساء على «بنابر» واحيانا يوضع الاكل على الارض فاعتبرته شيئاً من «الهمجية» اما بالنسبة للاكل بالايدي فهو امر غير غريب علي حيث تعودت عليه في لندن عندما كان عبد الله يأتي بضيوفه لمنزلنا هناك.
الاسرة ترفض الزواج… ولكن الوالد يتراجع اخيرا:
-ارجو ان تحكي لي عن قصة تعرف عبد الله الطيب باسرتك وهل وجد زواجكما معارضة من قبل الاسرة؟
عندما حدثت والدي ووالدتي بالزواج من عبد الله اصيبا بصدمة جعلتهما لا يذهبان الى عملهما لمدة يومين، وفي اليوم الثالث ذهب والدي الي مكتب وكالة السودان بلندن، مشتكيا لوكيل السودان انذاك مستر (هاردلي) حول كيفية زواج السودانيين من بنات الانجليز وهوامر غير مسموح به ،فرد عليه الوكيل بقوله: هؤلاء الطلبة السودانيون يعتبرون من احسن ابناء الطبقات السودانية، وهم من الطلاب المتفوقين ولهم مستقبل مشرق وان الطالب عبد الله الطيب من اسرة محترمة جدا، تربى في كنفها احسن تربية وهي اسرة المجاذيب الشهيرة بمدينة الدامر شمال السودان وكان دوما يحرز المرتبة الاولى في دراسته… هذا الحديث هدأ من روع والدي مما جعله يبعث بخطاب لي يبدي فيه تأسفه وعدم معرفته بعبد الله واشار الى ان لقاءه بوكيل السودان اعطاه الامل وطمأنه على مستقبل ابنته.
-هل سبق لوالدك ووالدتك زيارة السودان؟
بعد ان جئنا انا وعبد الله الى السودان عام 1950م ذهبنا الى بخت الرضا وقضينا فيها ثلاثة اعوام وعند رجوعنا الى الخرطوم ، عمل عبد الله في جامعة الخرطوم زارونا في عام 1960م بمنزل الجامعة الذي كان في حي المطار، ورأوا بانفسهم مستوى حياتنا واعجبا بالسودان واهله الذين تنادوا لاكرامهم بالذبائح وتمت دعوتهما في القراند هوتيل.
- استاذة جريزلدا… لابد ان تكوين الشخصية تؤثر فيه معطيات بعينها… فما هي المؤثرات الفكرية التي كونت شخصية الاستاذة جريزلدا؟؟
هذا سؤال كبير ووافي فقد كان من اهدافي الاولى في حياتي حب السفر وتمنيت لوكنت «بحارة» امخرعباب البحار عبر السفن والمحيطات، وان اصبح كالاولاد يتخيرون سبل حياتهم، فكان مزاجي في السفروالاطلاع على ما يدور في بلاد الدنيا وقد تم هذا الامر بزواجي من عبد الله حيث اتيحت لي فرص عديدة، كما جاء تأثير الفن وحبه عبر المدرسة الثانوية، وكنت اتمنى ان استمر كطالبة وودت نيل شهادة جامعية من الجامعة الفرنسية، والتخصص في مجال الفن، وفعلا تم ذلك بالتخصص الذي يتيح لي التدريس في اي بلد، فدرست الفن في السودان، وفي نيجيريا وحقيقة الفن ليس لديه حدود ولا مشكلة لغة فاستمتعت بدراسته وتدريسه وانتاجه مستفيدة منه طوال حياتي.
- هل كانت لديك ميول نحو المسرح والموسيقى والادب؟
والدي كان يحب المسرح مما اتاح لنا الاشتراك كاسرة في جمعية التمثيل في المنطقة ولما جئت الى السودان اشتغلت مع عبد الله في الاخراج المسرحي لطلاب جامعة الخرطوم وفي ديكور المسرح وسافرت الى «ستفورد» موطن شكسبير واشتركنا في اداء عدد من المسرحيات وكان الطلاب يذهبون الى المسرح حيث نقف ضمن الصفوف الطويلة لدخول ارخص مكان بالمسارح في لندن، ولك ان تعلم بان لندن كانت بها فرص عديدة للثقافة والموسيقى الكلاسيكية واشتركت مع اصدقائي في عدد من الحفلات الموسيقية الكلاسيكية.
السفر الى فرنسا :عند بلوغي سن الثامنة من العمر تم ارسالي الى فرنسا لدى بعض الاسر بحيث يجئ ابنهم الى انجلترا للمكوث مع اسرتي وكان ذلك سنة 1933م وابنهم هذا اسمه ماكس وشقيقه كلود الذي نشأ معنا في الصغر، ومن حسن الصدف ان كلود هذا ابنه باتريس ماري الذي انتج عددا من المسرحيات وتزوج من الممثلة السودانية تحية زروق وزارني في السودان وهذا التحول لفرنسا ساعدني على تعلم اللغة واعطاني حب المسرح والسفر.
قصة تعلم اللغة العربية والاطلاع على ادب الطيبصالح:
-استاذة جريزلدا الم تطلعي على الادب السوداني خاصة بعض الروايات والروائيين السودانيين؟
أية كتابات باللغة العربية انا كنت على الهامش، حيث ان قراءاتي ضعيفة جداً في هذا الجانب.
- حتى رواية موسم الهجرة الى الشمال التي ترجمت لعدد من اللغات؟
قرأت كل قصص الطيب صالح بالانجليزية كما ان عبد الله الطيب ألف كثيراً من المسرحيات في مقدمتها (نكبة البرامكة) و(زواج السمر).
- قصة تعلم اللغة العربية وهل واجهتك بعض المشاكل؟
لم يكن تعلم اللغة العربية صعباً لا سيما وانني تعلمتها من خلال الناس، والاحتكاك بهم ولم اتعلمها بالطريقة الاكاديمية البحتة والتدريس، ففي سنة 1950م عند زيارتي للسودان تعلمت اللغة مجبرة نسبة لانني ساعايش اهلها الذين يتكلمون اللغة العربية الفصحى والدارجة وهو امر شبيه بتعليم السباحة حيث يرمي الطفل الى حوض السباحة ولابد له من تعلمها. دامر المجذوب .. قصص وحكايات
- كيف تأقلمت مع مجتمع السودان؟
بالتدرج حيث بدأت بالدامر فهي قرية او بندر نموذجي بشمال السودان، اما التميراب فهي موطن عبد الله في الناحية الغربية للدامر ولم نكن نزورها إلا في الاعياد لحضور الصلاة تحت الشجرة الكبيرة ونحضر الحولية ونرجع بالمعدية التي تسمى (سفينة نوح) كما يحلو لاهلها التسمية. أما الدامر فهي موطن المجاذيب اسرة عبد الله الطيب وهي اسرة متشابكة وقد وجدت لعبد الله ثلاث اخوات ووالدة لم يكن لديه اخوان وكان كل شخص يقول انه خال عبد الله او عمه او عمته فيستعملون هذه الصفات بطريقة واسعة مما يدل على تشابكهم، وفي الدامر يوجد بيت الشيخ الطيب (منزل الأسرة) وكان الشيخ الطيب يعمل معلماً فاتيح له شراء هذا المنزل من الحكومة بالاقساط ولما توفى فجأة جاءت جدتهم وقادت كل الاطفال وذهبت الى المدير الانجليزي قائلة: ان هؤلاء اولاد حاج الطيب ويرغبون في اعفاء ما على والدهم من اقساط متبقية وتسجيل البيت باسمهم وفعلاً وافق المدير الانجليزي وسجل البيت باسم شيخ الطيب لما كنا في زيارة عام 1954م قام عبد الله بشراء المنزل الذي يجاور منزل والده ثم اشترى منزل ناس شيخ ازرق مفتش التعليم فقامت ارملته ببيعه لتكون عدد البيوت ثلاثة بيوت كبيرة في منطقة القوز مقابل مسجد الشيخ السهيلي، وهي من اقدم المناطق في الدامر وعرفت البيوت باسم آل الطيب. المجاذيب سلطة الدين والأرض، وحل المشكلات المجاذيب في الدامر لديهم سلطة في الدين، وفي ادارة ما يتصل بملك الاراضي الزراعية، والبيوت وحل المشكلات التي تحدث وهناك الحولية السنوية وذكر الدرويش ليلة كل خميس، والشيء الذي اعرفه عن المجاذيب ان لهم افرعاً في انحاء السودان المختلفة خاصة في شرق السودان، في «وقر»، و«اروما» و«اركويت» و«سواكن»، وللمجاذيب في اركويت خلاوى اميزها خلاوى البنات.
- استاذة جريزلدا ألم يلفت نظرك طريقة حياتهم، وتصوفهم وعاداتهم؟
نعم.. لاحظت ان حياتهم الاجتماعية تميزها تقسيمهم الى طبقتين الاولى طبقة الفقراء الذين لابد ان يعيشوا لذلك يعملون في زراعة الجزر، والاحتطاب، والاخرى طبقة من الفقراء لكنها احسن حالاً ويمكن ان تسميهم «مبسوطين شوية» ويتزاوجون فيما بينهم، ومن اشهر الشخصيات عند المجاذيب اصحاب السلطة الشيخ البشير الذي توفى الاسبوع الماضي، والشيخ المجذوب «المشهور جداً»، وله مكانة سامية وكبيرة في اوساط المجاذيب، ولدي علماء السودان لا سيما وهو دارس في الازهر الشريف، وقد كان احد اعضاء نادي الخريجين، ومؤتمر الخريجين ابان الحركة الوطنية.. زرت المجاذيب في سنة 1950م لدى زيارتي للدامر، ودخلت كل بيوتهم فلمست محافظتهم والانغلاق، وعدم الحركة الواسعة فهم لا يرون بعضهم بشكل كبير، ولك ان تعلم انني خلال اجازة الشهر تحركت في كل شبر، فذهبت الى التميراب غرب الدامر، والى الاسواق، والى مدينة عطبرة، لكن نساء المجاذيب لا يفعلن ذلك فهن نساء – «محافظات ومستورات» – وفي مرة من المرات سافرت مع اسرة الشيخ المجذوب بالقطار فوجدت ان النساء يجلسن في غرفة محجوزة بكاملها، لا يختلطن بالرجال، ويلبسن جوارب بيضاء، انظر منذ ذلك الزمن كنّ محافظات الى ذلك الحد.
التصوف عند عبد الله الطيب
- سألت جريزلدا عن التصوف في حياة البروفيسور عبد الله الطيب
إلا انها ردت بان البروفيسور لم يكن يستعمل هذه الكلمة كثيراً..
اما الدكتور عبد الله محمد احمد فكان له رأي آخر يتمثل في ان للبروفيسور اشياء صوفية، وهو يعترف بذلك، ومن هذه الصفات بذله للعلم، ولا يطلب في مقابله مادة، وهو على استعداد للاجابة في أي وقت على مسألة علمية، ويمكن ان تقف معه في أي مكان مادام سؤالك في العلم، ويعطي كتبه لمن اراد استلافها بدون اية ضمانات، ويسعد بذلك، وحين يدعى الى اية ندوة يلبي الدعوة، واذكر اننا ذهبنا الى كنانة لاكثر من ست مرات، وهذه بالطبع ميزة صوفية..
«وهنا التقطت جريزلدا القفاز لتتحدث في الاطار نفسه».
اتفق مع ما جاء في حديث د. عبد الله محمد احمد، ولعلني نشأت في اسرة جلّ افرادها عملوا في مجال التدريس، وكانوا يعتبرون ان من امتلك علماً عليه ان يعلمه للاجيال التي بعده، وانا شخصياً لم اعرف الحسد في مجال الفن، فهو بحر واسع لا مجال فيه للانانية، وهكذا فان عبد الله الطيب نفسه يرى ان الأدب العربي بحر لا ساحل له، ويتحمس له اشد الحماس، ويتمنى من الاجيال القادمة ان تكون متحمسة له ايضاً. الشعر الانجليزي، وصدور ديوان «أصداء النيل»
- أستاذة جريزلدا.. انت زوجة لأديب وشاعر فهل يجد الشعر مساحة عندك؟ خاصة شعر البروفيسور عبد الله الطيب او غيره من الشعر في السودان، او الشعر العامي؟
أنا احب الشعر الانجليزي، ويشاركني في ذلك البروفيسور ويفضل في الغالب ان اقرأ له. وعندما اصدر ديوانه «اصداء النيل» وكانت اول «مجازفة» له مع النشر، كان يركب دراجته ويقوم بالتوزيع للمكتبات بنفسه.. ومجهوداته لم تقف عند هذا الحد فقد كان ينوي ان ينقل مسرحية «زواج السمر» لعرضها في المغرب ابان الموسم المسرحي هناك وبعد ان اخذ موافقة وزير الثقافة تدخلت بعض الايدي ممثلة في بعض مسؤولي الثقافة لمنعها، وللاسف بحجج واهية!! ولعل الدراما الآن في السودان مبنية على الكوميديا اكثر من التناول التراجيدي، واعتقد ان الموازنة بينهما مهمة لان الاضحاك لوحده غير مفيد للدراما..
جريزلدا تقف خلف نجاحات البروفيسور عبد الله الطيب
- ما هي الاشياء التي وقفت خلفها جريزلدا، وكانت تمثل نجاحات البروفيسور عبد الله الطيب من واقع المثل القائل «وراء كل رجل عظيم امرأة»؟؟
كنت ادفعه كثيراً لتشجيع المرأة على التعليم، واحس بالفخر بان هناك ثلاث نساء كن قد درسن على يديه، واصبحن عميدات، وهن سعاد الفاتح، وزكية ساتي، ود. محاسن عبد القادر حاج الصافي، وهي تلميذته في العربي عندما كانت في كلية الآداب وهو عميدها، وهي درست تاريخ، كذلك فاطمة الامين، وبتول، وغيرهن… وهذا مشروع في رأيي ناجح جداً.
الدكتور عبد الله محمد احمد شارك باضافة معلومات مهمة في هذا الجانب مفادها: ان قسم اللغة العربية بجامعة الخرطوم به حوالي سبع نساء من الاساتذة وكلهن من تلميذات البروفيسور عبد الله الطيب، ومقارنة بالاقسام الاخرى فهن قليلات، وتعتبر هذه ظاهرة ويمثلن اكثر من نصف عدد القسم..
وبعد حديث الدكتور محمد احمد تواصل جريزلدا رصد النجاحات التي كانت خلفها حيث تقول:
عند تأسيس القسم الفرنسي بجامعة الخرطوم اصر عبد الله الطيب على ان تكون اول واحدة لتأسيس القسم والتدريس فيه من النساء.. وفي كلية عبد الله باييرو بنيجيريا ايضاً حدث نفس الشيء من البروفيسور حيث اوكل مهمة التدريس وبداية القسم الى احدى الاستاذات الفرنسيات.. وفي الجوانب الاخرى فقد سعيت لتهيئة الاجواء المناسبة لان يكون لعبد الله الطيب خصوصية تتيح له الاطلاع، والتأليف، والمراجع لتكون له مكتبة لوحده.. وظروفه كان فيها بعض التداخل.. وفي وجهة نظري فوضى تحتاج للترتيب، والهدوء وبعض الاوقات لنفسه حتى ينتج اكثر في المجال العلمي..
- أستاذة جريزلدا هل يعني ذلك انك نقلتيه لنوع من الحياة الانجليزية المرتبة؟
لا.. لا.. كان دائماً يرفض الانتقال لأية حياة اخرى.. فسودانيته مسيطرة عليه، ويرفض اية فكرة في ان يصبح انجليزياً، وعرفت سلفاً ان هذا دوره اذا اراد النجاح فلابد ان يكون في مجتمع او بلد عربي لانه اديب عربي، وكان يمكن ان يكون استاذاً في انجلترا، وفي اعظم جامعاتها، ويتحدث في الB.B.C وينشر كتبه مثل الطيب صالح إلا انه يعتبر السودان هو مصدر قوته..
د. عبد الله محمد احمد يضيف مجدداً افاداته عن استاذه عبد الله الطيب حيث يقول:
المزية السودانية فيه كبيرة ، وارتباط البروفيسور بالارض قوي جداً، فهو وجد الفرصة للانتشار خارج السودان، ووجد الفرصة ليكون شخصية عالمية في مجال المسرح، وفي مجال الادب الانجليزي، وعدد من المجالات إلا انه رفضها ورفض إلا أن يجلس في السودان، ويكون عطاؤه وطول عمره في بلده فقط.
في نيجيريا كانت لنا أيام
- أستاذة جريزلدا.. رحلة نيجيريا كانت ذات سمات تركت آثاراً وانطباعات جميلة في حياتك وانت ترافقين البروفيسور عبد الله الطيب الى هناك؟ هلا حدثتينا عنها؟
سنحت لنا الفرصة في عام 1964م للذهاب الى نيجيريا ولم اكن متحمسة للذهاب إليها خاصة التحول من بلد افريقي كالسودان الى بلد افريقي آخر.. وكانت حكومة نيجيريا قد طلبت عبد الله الطيب من حكومة السودان للانتداب لتأسيس كلية عبد الله باييرو «كلية الادب العربي والدراسات الاسلامية، بجامعة احمد بيلو وهي من اولى الجامعات النيجيرية، وبعد لقاء عبد الله الطيب مع مدير الجامعة الانجليزي في لندن اتفقا على معاينة عبد الله للمباني، ومن ثم العودة للندن، والذهاب مرة اخرى لنيجيريا مع نهاية السنة الدراسية وانتهاء الامتحانات.. قبل الذهاب إلى نيجيريا طرأت عليّ فكرة ان يقوم عبد الله باداء فريضة الحج لشعوري بان الحجاج لهم مكانة سامية في نفوس النيجيريين، وبالفعل في نفس العام 1964م قام باداء الفريضة وصادف عدداً من ابناء نيجيريا في مكة، وعندما سافرنا وجدنا لافتة كبيرة معلقة على جدران المنزل الذي اعد لنا في نيجيريا مكتوب عليها «الحاج عبد الله الطيب».. واستمر عملنا لعامين من 1964م حتى 1966م وكانت فترة عامرة.. وكنت اعمل PARTIMER في الادارة وفي التأسيس، حيث اشتريت «عفش» المنزل، والمكتب ولدي خبرة في ادارة التأسيس بعد ذلك تركت هذا العمل متجهة لتأسيس قسم الفن في مدرسة البنات الثانوية في كانو، وانتجت عدداً من الرسومات واقمت معرضاً في «المركز الثقافي البريطاني»، وكنا دائماً ما نسافر بين كانو وزاريو. والشمال النيجيري جميل للغاية، وتربطه سبعة طرق معبدة مما يتيح الفرصة للسفر بصورة واسعة في وقت لم تشهد فيه الخرطوم تعبيد الطرق في ذلك الزمان. النيجيريون احبوا البرفيسور عبد الله الطيب قبل ان يروه فقد سبقته سمعته، وعبد الله تعرف طريقته في التعامل، وتواضعه الجم، وهم لديهم طبقات، ويعتبرون ان اي عربي اعلى طبقة منهم، لذلك فهم يدينون لعبد الله بكامل الاحترام، وعند عودته للسودان اتى بطالبين للتحضير للماجستير، واذكر انهما ذات يوم في جامعة الخرطوم وجدا عربة البروف في كلية الآداب ففتحا باب عربته ثم فتح الآخر باب عربتي ودخلها، فاندهش الطلاب السودانيون، لكن المسألة عادية بالنسبة لهم ويعتبرونها احتراما منهم للسودانيين. العمل في جامعة محمد بن عبد الله بالمغرب
-وماذا عن فترة المغرب التي اعقبت نيجيريا؟
في المغرب وجدنا نفس الشيء من احترام، وتقدير حيث جئناها في ديسمبر 1977م ، وكان العقد يقضي بأن يكون البروفيسور استاذ «كرسي» في جامعة محمد بن عبد الله في فاس، وكان قبلها قد اختير استاذا في «سيكوتو» بنيجيريا في اكتوبر 1977م الا ان حماسي كان نحو المغرب.. والشعب المغربي يحترم الاساتذة والمعلمين احتراما كبيرا، فقد يطلب من البوليس الاطلاع على بطاقة ا لهوية، وعندما يجد مكتوباً عليها «كلية الآداب» يرحب بك اشد الترحيب ويردفها بكلمة «حبابك». ولا اعرف لماذا وجدت العلم والاساتذة محترمين في شمال نيجيريا وفي المغربالا هنا في السودان لا يجدون ذلك الاحترام؟ لفت نظري في الطلاب المغاربة حبهم للكتاب وقد كنت في قسم اللغة الانجليزية بنفس الجامعة «محمد بن عبد الله» والطلاب عندما يشترون الكتب يحتفظون بها، ولا يعيدونها لمكتبة الجامعة، لكنهم في الوقت نفسه لا يهملونها فسألتهم: لماذا لا تبيعوا كتبكم للسنة الجديدة، وتشتروا بثمنها كتب السنة المقررة عليكم، فكانوا يتأبون والواحد منهم يقول لك «هذه مكتبتي»، ولمست هذا الشيء من خلال الشعب نفسه فلكل مغربي خزانة للكتب لا يراها احد، واذكر ان لعبد الله الطيب زميلاً اسمه د. زمامة لديه شقة في عمارة، وتقابلها شقة اخرى عبارة عن خزانة باكملها، وعندما طلب منه عبد الله احد الكتب تركنا في شقته، وذهب لينتقي الكتاب المقصود دون ان يتيح لنا رؤية كتبه. وحقيقة لهم مزاج في حفظ الكتب والعناية بها.
جريزلدا وقصة اسلامها في شمال نيجيريا
-استاذة جريزلدا.. لعل تأثير الحياة، والمواقف والتجارب لم يعدل التأثير الكبير في انتقالك من ديانة الاهل والاسرة والبيئة التي عشت فيها الى الديانة الاسلامية.. كيف تم دخولك للاسلام، واعتناقك له؟
بالطبع تعرف ان البروفيسور عبد الله الطيب مسلم لكنه لم يكن يضغط علي في اعتناق الاسلام، بل كان يناقشني، ويشرح لي بعض المفاهيم الاسلامية بطريقة علمية، ولذلك استفدت كثيرا في تكوين فكرة جيدة عن الاسلام.. وبصراحة عند ذهابنا الى شمال نيجيريا تحمست للاسلام هناك، واعجبني حماسهم الدافق له، فهم كانوا متأخرين تنمويا عن جنوب نيجيريا، لكن بفضل الاسلام توحدوا وامتلكوا الثقة في نفوسهم وكانوا متأخرين ايضا في مجال التعليم المدني لكن التعليم الاسلامي والثقافة الاسلامية كانت عميقة عندهم. كل تلك المعطيات دفعتني للاسلام في شمال نيجيريا وتحديدا في «كانو» سنة 1977م، عند عودتنا الثانية لها، ووقتها كان والدي ووالدتي قد توفيا ولم يكن هناك احد لينزعج من دخولي الاسلام، كما ان مستقبلي قد تحدد بالتوحد مع اسرة عبد الله الطيب وهو سيصبح مجتمعي الذي سأقضي بقية حياتي من خلاله واندمج معهم اكثر، لذلك جاء اسلامي بقناعة لا تتزحزح.
-عندما تم زواجك من عبد الله الطيب الم تتوقعي ان يؤثر عليك في الدخول للاسلام؟ والاحتمالات واردة في هذا؟؟
لم يكن ذلك شرطا من شروط زواجنا، اما الاسرة فالصدمة التي انتابتهم لم تكن دينية وانما صدمة نفسية في كيفية زواج شاب افريقي من بنتهم ولون غير لونهم .. كما انهم كانوا يتخوفون من زواجه باكثر من امرأة لكنني لم اخف «قالتها ضاحكة» وهو الشيء الوحيد الذي يخاف منه الناس هو تعدد الزوجات، وذلك قبل الارهاب وظهوره، وقبل ظهور الحركات الاسلامية السياسية حيث كانت صورة ا لمسلم في اوروبا وآسيا صورة جميلة، والمسلم كان بناءً ومسالماً ومنتجا ولا يثير اية مشاكل، لكن الاسلام السياسي غير هذه الصورة. ولك ان تعلم ان الانجليز يميلون لفلسطين اكثر من اليهود، والعرب كانوا في ذلك الزمان في نظر الانجليز اكثر نبلا وفهما، وبطولة وهذا راجع لاطلاع الانجليزي على الادب العربي، والترجمات العديدة التي حدثت للادب العربي الى اللغة الانجليزية مما جعل هناك انبهارا قويا بالحضارة العربية الضخمة التي تمت ترجمتها، وهذا اضاف لصورة المسلم العربي وغلفها بنوع من السحر، والسودانيون عندما يذهبون الى لندن يجعلون انفسهم عربا وليس افارقة، وفي باريس يكونون افارقة اكثر من انهم عرب، لأن في باريس يعتبرون كل عربي من الجزائر. السلوكيات السودانية وصراع البدو والحضر
ما هو تأثير هذه النقلة في حياتك؟ وماذا اضاف الاسلام لك؟
بالنسبة لي الاشياء التي تعلمتها او تغيرت في داخلي لم احسبها، سواء عادات اسلامية او سودانية واخذت ا شياء كثيرة لم اخلط بينها، مثلا الكرم، واكرام الضيف، والصبر، وعدم فتح الموضوع مباشرة مع اي زائر لك فلا اعرف ان كانت هذه ميزات اسلامية او سودانية؟
«بعد ان طرحت جريزلدا هذا التساؤل».. تولى د. عبد الله محمد احمد الاجابة للايضاح اكثر حيث قال:
هناك تركيب صوفي، حيث يقول المتصوفة: ابدأ الانسان بالرفق، وابدأه بالعلم، وعندما تذهب الآن للمسيد الصوفي لا يبتدرونك بالسؤال عن مقصدك او طلبك الا بعد اكرامك.. وهذه واحدة من تأثيرات المجتمع الصوفي على السودانيين.. وتساءلت ايضا جريزلدا عن معنى زائر ولا غائر.. ثم حكت عن بعض السلوكيات عند السودانيين خاصة الذين يزورون الناس فيجلسون الساعات الطوال بلااحساس بالزمن!!
-استاذة جريزلدا.. تحدثنا عن اسلامك والقناعات التي ادت لذلك، اضافة الى مشاهداتك للحياة الاسلامية في شمال نيجيريا.. دعينا نسألك عن شهر رمضان، والصيام كسلوك اسلامي، وفريضة دينية؟
لاحظت ان السودانيين في رمضان يبدأون في الاستعداد له منذ فترة طويلة اي قبل شهر او شهرين، وهذا يقودني لعقد مقارنة بينهم والانجليز في استعدادهم للكريسماس بشراء الزينة، والدعاية التي تسبقه لكني اعتقد ان الكريسماس يوم واحد فقط عكس رمضان فهو شهر كامل، واعتقد انه تغيير للروتين والاستمتاع به، ورغم ان الصيام يعني منع النفس من الاكل والشراب لكنه في السودان عبارة عن شهر للولائم الكبيرة وهذا يتناقض مع معانيه، لكن الجيد فيه عدم المشاكل، والشتيمة، وغير ذلك من الكوابح، والانسان يصبح من خلاله انسانا فاعلا، واتمنى ان يكون رمضان في السودان شهرا حقيقيا لمعانيه ومقاصده.
-ذكرت ان الحياة السودانية روتينية ترى لماذا هي حياة روتينية؟ وانت جئت من حياة غير روتينية.. فكيف هو الفرق بينهما؟
اولا صلتي بالحياة في بريطانيا انقطعت لما يقرب عن خمسين عاما الا من خلال الاجازات السنوية، لكن الحياة الاجتماعية في انجلترا تغيرت فقد كثرت حالات الطلاق مقارنة بالماضي، وتجد البعض من الرجال والنساء يعيشون مع بعضهم دون زواج، وهكذا اما في السودان فحياتهم ايضا تغيرت خاصة بعد الهجرة والاغتراب الى دول اميركا وكندا واوروبا والخليج العربي، فحدث شيء لتلاقح الافكار، وتحديث الحياة الى حياة عصرية، ولاحظت قلة النشاطات الثقافية، ففي عام 1960م وحتى العام 1970م كنت تشاهد الانشطة المسرحية، والموسيقية في الخرطوم، حتى الجامعة «جامعة الخرطوم» ضمر نشاطها، وقديما كانت غرفة الامتحانات مليئة بالباليه الروسي والباليه الصيني، لكن الآناصبحت الحياة الثقافية في الجامعة فقيرة وكذا الانشطة الرياضية، واذكر ان للجامعة انشطة للزوارق البحرية.. وانا بدوري اتساءل لماذا اصبحت الجامعة الأم هكذا؟ وهذا يجعل من الطلاب قليلي التجارب عندما يخرجون للحياة العملية..
وفي هذا الاطار تحدث د. عبد الله محمد احمد رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة موضحا رأي البروفسيور عبد الله الطيب عن التعليم الجامعي حيث يرى ان التعليم الجامعي في كل الجامعاتالسودانية اصابه ضرر كبير جدا بهذا الانغلاق، وكان يتحتم ان تنفتح الجامعات على انشطة متعددة يعود مردودها ايجابيا على الطلاب، ويعرضهم لتجارب مفيدة، ومعارف عديدة.
بعد حديث الدكتور عبد الله محمد احمد واصلت الاستاذة جريزلدا حديثها عن الحياة السودانية حيث اشارت لجانب آخر من جوانب الحداثة التي اعترت الحياة السودانية، فتحدثت عن اهتمام الاسرة السودانية بالاطفال من خلال الحاقهم بالرياض المدرسية كتعليم يسبق المدرسة وعزت ذلك للتأثير الاوروبي، واشارت الى ان «الخلوة» رغم عدم الدراسة الاجبارية الا ان بعض الناس يرغبون في الحاق اطفالهم بها، ورأت ان تظل الخلوة جنبا الى جنب مع الروضة، والا يتوقف دورها الكبير في تعليم الاطفال، وتثقيفهم، وقالت: ان الروضة وحدها لا تكفي.
اتمنى ان اعود للاراضي المقدسة
-بعد سؤالي عن انطباعها عن رمضان، انتقلت للسؤال عن اداء فريضة الحج، والاثر الذي ترك بصماته على حياتها، فاجابتني:
الحج شيء فوق التصور، حيث اديت الفريضة في عام 1974م وسافرت للاراضي المقدسة من المغرب برفقة البروفيسور عبد الله الطيب واتفقنا على ملاقاة شقيقات عبد الله هناك، وفي الحج لمست الطمأنينة الحقيقية، وشعرت بالحرية عند الحرم اكثر من اية مدينة اخرى بالسعودية، كما ان الناس كلهم في العبادة، وكل اوقاتهم منذرة للعبادة ايضا، فلا احد مشغول، وتراهم متجهين لهدف واحد، باسلوب واحد، وبلبس واحد، وعندما عدت من الحج داومت على اداء صلواتي الخمس، واجتهدت في عباداتي عسى ان اكون قريبة من الله، واتمنى ان اعود مجددا.
بعد هذا الحديث الطويل ، انتقلت مع الاستاذة جريزلدا لجانب آخر يتعلق ب"الحادثة التاريخية باقالة البروفسير عبد الله الطيب من جامعة الخرطوم في عهد الرئيس نميري" . وطرحت عليها تساؤلاً :
-استاذة جريزلدا.. في عهد حكومة جعفر نميري تعرض البروفيسور عبد الله الطيب للاقالة من الجامعة.. كيف كان صدى هذا الحدث داخل الاسرة؟ وكيف كان تقبل البروفيسور لهذا القرار؟؟
دار جدل كبير قبل الاجابة على السؤال، فقد رأى د. عبد الله محمد احمد ان هذه المسألة قد عفا عليها الزمن، فيما اصررت على توضيح الحقائق لاننا نوثق للتاريخ، اما الاستاذة جريزلدا فقد رأت انه لا بد من الاجابة وبحماس كبير شرعت تجيب:
هل فكر نميري جيدا، ووقف مع نفسه حتى يقيل عبد الله الطيب من العمادة، ومن رئاسة قسم اللغة العربية بالجامعة، وهل كان مرتاحا لاقالته عن كرسي المدير؟.. وحقيقة محي الدين صابر «خرب» السلم التعليمي، ومنصور خالد، وجعفر محمد علي بخيت خربا الحكم المحلي، وجامعة الخرطوم، والثاني كان رئيس مجلس جامعة الخرطوم، حيث قال لعبد الله الطيب: مفروض تسمع حديث الاعلى منك ! وهذا عرف في الجيش، فهل يعتبر جعفر محمد علي بخيت «سينيور» لمدير جامعة الخرطوم؟! وهذا الرأي يخصنا انا وعبد الله..وقد كوناه معا . جامعات انجلترا تضع لعبد الله الطيب مكانة عظيمة ومقدرة.
-استاذة جريزلدا.. كيف كانت علاقة عبد الله الطيب بالاكاديميين الانجليز؟ واتصاله بهم من خلال الاجازات التي كنتما تسافران فيها لانجلترا؟؟
ايام الاجازة الاولى لا نتحرك كثيرا، وبعدها نتصل بافراد اسرتنا، ثم بعد عدة ايام نستغل القطار لزيارة كل العواصم والمدن الاوروبية بداية بباريس حيث لدي ابنة اخي هناك، ثم نزور فيينا، وبرلين وغيرها.. وعندما كان عبد الله الطيب عميدا لكلية الآداب كان يغتنم الفرصة، ويسعى لعقد عدد من الاتفاقات بين جامعة الخرطوم، والجامعات الانجليزية كما يسعي لجلب ممتحنين خارجيين، او اساتذة بصفة دائمة، ويقوم بجولة في اقسام اللغة العربية بجامعات انجلترا لاسيما جامعة كامبردج، ولندن، ومانشستر، ودرام، ويقدم العديد من المحاضرات في تلك الاقسام، وفي اسكوتلندا، وعبد الله مكانته كبيرة هناك، ومعروف بشدة في اقسام اللغة العربية خاصة في ادنبرة، ومدرسة الدراسات الشرقية والافريقية S.O.A.S والشاهد انه اشترك بفصلين في كتاب اصدرته جامعة كامبردج عن تاريخ الادب العربي، كما له مقالان ضمن الموسوعة البريطانية وهما ايضا عن الادب العربي. ومن اصدقائه الاكاديميين البروفيسور (سيرجن) و(فيدول) و(هوبكنز) و(فيوم) .
جريزلداوتأسيس اقسام الفن في المدارس
- استاذة جريزلدا لننتقل الى جانب مهم من جوانب حياتك وهو دراسة الفن وتدريسه، وممارسته؟
كما ذكرت لك سابقا ان دراستي للفن جاءت بعد الثانوي في كلية الفنون الجميلة (شلسي آرت سكوول)، في لندن. وتخرجت استاذة فنون للمدارس الثانوية، وبعد ان جئت للخرطوم عملت في كلية المعلمات بام درمان واسست قسم الفن بالكلية، كما أسست برنامجا في المدارس الاولية للبنات، وكنت في نفس الوقت استاذة، ومفتشة.. اقوم مع الزملاء بجولات للاقاليم، ثم ادرّس مرتين في الاسبوع بمدرسة ام درمان الثانوية، ومن تلميذاتي الاستاذة وصال المهدي، والخنساء عمر ارملة الشهيد بابكر النور: (الذي اعدمه نميري في احد الانقلابات العسكرية). وهناك زكية عوض ساتي، وتواصل تأسيسي لاقسام الفن في المدارس حيث أسست قسما في مدرسة الخرطوم الثانوية للبنات عندما استقررت في العمارات، ثم نقلت بعد ذلك لكلية ام درمان لتخريج معلمات للمدارس الابتدائية وللمدارس الوسطى. في نجيريا عملت مدرسة ب DALA SCONDARY SCHOOL . لم يكن لديهم قسم للفن، فآثرت انشاءه، ومن ثم قام القسم . وبعد رجوعي للسودان لم أعد للتدريس، حيث انتظمت في دراسة بجامعة الخرطوم عن (علم الاجناس)، وبعدها نلت الماجستير في الفلكلور.
الملابس الوطنية لسكان شمال السودان
ماهو موضوع الدراسة لسكان شمال السودان ؟
كانت الرسالة عن الملابس الوطنية لشمال السودان، دراسة تاريخ هذه الملابس والازياء، ولماذا يلبسونها، ومتى يلبسونها في المناسبات والظروف الاجتماعية المختلفة، كالزواج، والوفاة كما سافرت لشرق السودان لدراسة البجا، والبني عامر، والرشايدة، ثم زرت النوراب، واماكن النسيج المحلي في شندي، والدامر، وقمت بعمل لقاءات مع بعض النساء في الدامر خاصة الطاعنات في السن، وكنت أسألهن عن اللبس، والرقص في مناسبات الزواج، وكل ذلك لشعوري بتغير الاشياء منذ ذلك الزمن، حيث لاحظت انه ومنذ وصولي السودان ان اشكال الازياء تتغير حيث رأيت لاول مرة ان المرأة تلبس (القرقاب) وبعدها اضيفت قماشة مع (القرقاب) تحت الثوب، وذهبت ايضا الى تنقاسي واطلعت على انماط وانواع جديدة مثل (الكسكسيتا) وهي عبارة عن طاقية من السعف تستعملها النساء اتقاء لحرارة الشمس، كما رأيت لبس الرجال (للمراكيب المفتوحة) و(ما يسمى تموت تخلي) فضمنت ذلك في الرسالة.
- من خلال حياتك في السودان ما هو انطباعك عن الشعب السوداني في تقبله للفنون التشكيلية.. أي بمعنى هل يهتمون باللوحة، وتأملها، وقراءتها؟
ليس كل اهل السودان، كما ان لدي صداقات عديدة مع رسامي السودان في مجالات الرسم، والنحت، والخزف، ومن ابناء جيلي الاساتذة بسطاوي بغدادي، وحسن الهادي، واحمد حامد العربي (اصغر مني قليلا) وشفيق شوقي، العريفي، وصالح زكي (مجال الخزف) واشتركت في الجمعية السودانية للفنون التشكيلية، الا انها لم تستمر والشيء المؤسف في السودان عدم استمرار أي (غاليري) سرعان ما ينتهي، او استمرار مجلة ثقافية.. السمة الملازمة عدم الاستقرار في المجهود الفني. فنانو السودان من الدرجة الاولى
- هل وقفت على اعمال بعض الفنانين خارج السودان خاصة الذين اصبحوا عالميين؟
في مجلة (حبابكم) التي تصدرها الخطوط الجوية السودانية نشرت مقالة عن عامر نور وهو نحات ذهب الى شيكاغو وتعرفت عليه عندما كان طالبا بكلية الفنون الجميلة، وجمعتني به الصدف في شيكاغو، فاطلعت على اعماله،
كما كان هناكفنان خزف كبير وناجح في انجلترا اسمه محمد احمد عبد الله ابارو، وسعدت جدا بنجاحاته في اوساط الانجليز، وابارو من الفنانين الممتازين، فله زبائنه وعنده انتاج جميل جدا، اضافة لاولئك هناك الاستاذ النجومي وهو متخصص في اعمال مثل (الجبنة) ويتفنن فيها باشكال مختلفة، واستطاع في انجلترا ان يخطو خطوات واثقة، حيث يعرض في (غاليري) مهم، وتمت دعوته من قبل المركز الثقافي البريطاني وذهب الى نيوزيلاندا.
اما اعمال راشد دياب فهي ممتازة، واعتبره من فناني الدرجة الاولى. واذكر اننا في عام 1988م قمنا باقامة معرض كبير في لندن باسم (SUDAN ART AID) على شاكلة ما قام به بوب جيلدوف (BAND AID) و (SPORT AID) لجمع تبرعات للسودان، واقمنا المعرض في بيت السودان بلندن، وجمعنا كل الفنانين السودانيين من امريكا حيث شاركنا فنان اسمه خليل، وآخر من فرنسا، وراشد دياب من اسبانيا واحتوى على الرسم والنحت والخزف، وضم المعرض اصدقاء السودان من كل الاجانب ايضا من الفنانين السودانيين.
اما الاستاذ ابراهيم الصلحي فهو بارع في التصميم، خاصة رسومات الكتب، فهو لا يستعمل الالوان انما يستعمل الحبر الاسود وعمله اقرب للتصميم اكثر من أي شيء آخر، وهناك المرحوم عمر خيري الذي يرسم بالحبر (الشيني) على الخشب واعجبتني اعماله، فهو غير مقيد، وليس لديه مدرسة بعينها، ولا ينظر للآخرين انما عمله نابع من نفسه.
- استاذة جريزلدا.. في تقديرك هل تأثر الفن السوداني بأي مدارس عالمية؟
السودان لم تكن عنده مدرسة فنية بعينها ولكن هناك انجليزيان لهما دور في تأسيس وتعليم الفن في السودان اولهما (جون بيقرين لو) حيث بدأ تأسيس الفن في بخت الرضا وفي مدارس السودان واسهم في المنهج، وتأسيس كلية الفنون الجميلة، واول مدير لها مستر (كتريل) ولديه بصمات مهمة جدا، كما ان الذين تم ابتعاثهم لانجلترا امثال عبد الرازق عبد الغفار وبسطاوي بغدادي، وشفيق شوقي هذا الجيل نقل ما وجده في الخارج، لذا كان تأثير المدرسة الانجليزية كبيرا على الفن السوداني، وفي نيجيريا مثلا ،هناك فن محلي لكن مدارس الفن الحديث لم تعجبني كما اعجبتني في السودان.
- استاذة جريزلدا.. ما هي طبيعة رسوماتك والالوان المستخدمة في الرسم؟
احب الرسم بالالوان اكثر. بدأت بالالوان الزيتية لكن الطقس غير مشجع لاستعمال هذه الالوان، حيث الاتربة والحرارة، وانا احب الخروج للرسم في الهواء الطلق، ويستحسن ان تكون الادوات بسيطة، لذلك فضلت العمل بالالوان المائية. اما طبيعة الرسومات فتتمثل في رسم الطبيعة والمباني، وافضل المناظر الريفية، وبعض المناظر المدنية.
- عدد المعارض التي شاركت فيها؟
كنت اعرض سابقا في معارض الجمعية السودانية، في معارض جماعية، وعرضت بعضا من اعمالي في القراند هوتيل، والمركز الثقافي البريطاني في ام درمان، اما في المغرب فقد عرضت في المركز الثقافي الاسباني مع مجموعة من الفنانين. وقمت بالعرض في المركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم العام الماضي، وفي المجمع اللغوي بشارع الجمهورية.
عبد الله الطيب فنان تشكيلي
- هل كان البروفيسور عبد الله الطيب يعلق على لوحاتك او يشاركك بالرأي؟
عبد الله الطيب لم يكن يعلق فقط، وانما كان يرسم بنفسه، واحيانا يتفوق علي وكان دائما يشجعني خصوصا في المغرب. فالجو هناك ملائم، وكنا نخرج يوم كل احد الى ضواحي فاس، ونرسم معا، فالمغرب مليئة بالمناظر.
علي وزارة الخارجية تخصيص ميزانية لعرض الانتاج السوداني في الخارج – كل المعارض الفردية والجماعية التي اقيمت في السودان لم يكن المشترون منها سودانيون، مرتين فقط هي عدد المرات التي يشتري فيها سوداني لوحاتي، في لندن كان الامر بنفس الشيء، لم نلق استجابة في الشراء من السودانيين، ولاحظت ان السودانيين لا يضعون الا الاشياء الجاهزة على جدار المنزل، وليس لديهم المزاج المشجع للوحة الوطنية حتى في السفارات، واذكر ان السفير عمر بريدو عندما كان سفيرا للسودان في العاصمة السعودية الرياض ارسل كمية من المواد لكلية الفنون الجميلة موضحا انه يؤسس لبيت السفير السوداني في الرياض، ويحتاج للوحات سودانية. وفعلا ذهبت لكلية الفنون وشاهدت لوحات لاحمد حامد العربي، وسيد الامين، وحسن الهادي كانت في طريقها للسعودية، وانا جد سعيدة لمبادرة السفير عمر بريدو، واتمنى من وزارة الخارجية ان تجعل جزءا من ميزانيتها لكل السفارات، ومنازل السفراء لاقتناء لوحات سودانية تعبر عن نبض الفن السوداني، وهي مسألة مهمة للغاية، لان السودان به فنانون من الدرجة الاولى. لكن يلزمهم التشجيع ولك ان تعلم ان اربعين شخصا بسفارة السودان بلندن لم يشاهدوا المعرض الذي اقيم في 1988م ولم يكتبوا عنه، او يتم تصويره وكان غرضه دعم السودان ماديا، في الوقت الذي كانت فيه الصحف تنقل صور الجوع والعري، وآثار المجاعة حيث كان الأمر يتطلب عرض شيء جميل وطيب عن السودان.
توثيق اعمال البروفيسور عبد الله الطيب
- ماذا فعلت جريزلدا في توثيق اعمال البروفيسور عبد الله الطيب. ونحن نعلم ان هناك محاضرات ودروس مهمة وكتب قيمة؟
كنت اتمنى ان تكون هناك لجنة لتجميع هذا الكم من الانتاج الابداعي للبروفيسور عبد الله الطيب، وهناك جزء كبير لا بأس به من الاشرطة والكتب، والصور، وكنت اتمنى ان تجمع وتوضع في مكتبة خاصة به.
الدكتور عبد الله محمد احمد اشار الى انهم في قسم اللغة العربية بجامعة الخرطوم يسعون لاخذ نسخ من هذا الانتاج، خاصة وان البروفيسور عبد الله الطيب ليس استاذ اليوم ولا استاذ الامس فهو استاذ سيظل لاجيال طويلة قادمة لا مثيل له، وحرصنا لاقتناء هذه الاشياء ومحاولة الاطلاع عليها من قبل الطلاب حتى يقفوا على الطريقة التي جذب بها الناس في حديثه، فهو يجمع بين العلم والمتعة، وليس كالاساتذة الذين يلقون درسهم ويخرجون وعندما تسمع لعبد الله الطيب تظل طيلة اليوم تفكر في حديثه، وتستعيده، وله مقدرة فذة على التأثير في الطلاب، وهي مقدرات نتمنى ان يتعلمها الاساتذة، وان يطلع الطلاب على هذا التراث الضخم.
وبعد حديث الدكتور عبد الله، سألت جريزلدا عن اتجاه الطلاب السودانيين خريجي الجامعات المغربية لعمل موقع باسم البروفيسور عبر الانترنت.. الى أي مدى وصل الامر في هذا الموقع؟
-فأجابت بان التصميم قد اكتمل للموقع، ولكنها غير متأكدة من تسجيله، والشروع في تنفيذه..
وتساءلت هي بدورها عن دور الطلاب السودانيين بالداخل في رد الدين لعبد الله الطيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.