إهانة الشعب! محمد سلماوي أغرب ما أسفرت عنه أحداث يوم 30 يونيو، التى طالب فيها الشعب برحيل رئيس الجمهورية، الذى حنث بوعده وأخل بتعاقداته الانتخابية وقاد البلاد إلى خراب محقق، هو تلك الحملة الشعواء التى يقودها الإعلام الغربى لتصوير ما حدث على أنه انقلاب عسكرى ضد السلطة الشرعية المنتخبة. ففى الوقت الذى يحتفل فيه المصريون فى الشوارع والميادين بعزل الرئيس، الذى سقطت عنه شرعيته يوم أراق دم المتظاهرين واعتدى على القضاء وحرض على الإعلام، يقود الإعلام الأمريكى والبريطانى من ورائه حملة مضللة لتصوير ما حدث باعتباره انقلاباً على الشرعية كما تقول قناة «C.N.N» الأمريكية، ويدعى بأن نصف الشعب المصرى مازال متمسكاً ب«رئيسه المنتخب»، كما تصور قناة sky news البريطانية. ولقد وصل الحال بقناة «C.N.N» أن جعلت العنوان الثابت على شاشتها كلما تعرضت لما يحدث فى مصر هو كلمة «coup» أى «انقلاب»، فكان عنوانها الثابت فى اليوم الأول هو «انقلاب عسكرى فى مصر» وعنوانها الثابت فى اليوم الثانى هو «ما بعد الانقلاب». وكان من مدعاة السخرية أن القناة الأمريكية فى رغبتها المحمومة لرفض ما حدث، أخذت تردد الادعاءات الإخوانية التى نضحك منها فى مصر، مثل القول بأن فلول النظام السابق هم وراء هذا «الانقلاب»، وأن مصر منقسمة الآن على نفسها، مما يعطى الانطباع للمشاهدين بأن من يؤيدون الرئيس الذى عزله الشعب يساوون فى أعدادهم من يرفضونه، وفى سبيل ذلك فقد قسمت القناة شاشتها بالتساوى بين مشهد رابعة العدوية فى النصف الأيمن من الشاشة وميدان التحرير فى النصف الأيسر، دون أن تشير من قريب أو بعيد إلى أن هناك عشرات، بل مئات التجمعات الأخرى المماثلة لميدان التحرير بطول البلاد وعرضها. إننى لم ألق أحداً فى الأيام الأخيرة إلا وأبدى غضبه الشديد مما يقترفه الإعلام الغربى من إخلال بالمهنية، وإهانة غير مقبولة للشعب المصرى، الذى بذل جهداً مضنياً، على مدى عام كامل، للتخلص من حكم الاستبداد والتسلط الذى جثم على أنفاسه، وهو ما تجسد فى النهاية فى حملة «تمرد»، التى قدمت للعالم الموقف الحقيقى للجماهير، لكن الإعلام الغربى الذى فتح قنواته على مدى الأيام الأخيرة لمن وصفه بالمتحدث الرسمى باسم الإخوان، جهاد الحداد، لكى يصف ما حدث بأنه انقلاب غير شرعى، مستخدماً إنجليزية غريبة تشوبها لكنة باكستانية واضحة، لم يفكر ولو مرة واحدة فى استضافة أحد من شباب «تمرد» ليستمع إلى وجهة النظر التى أيدتها جموع الشعب فى أكبر تظاهرة سياسية عرفها التاريخ.