سيف الحق حسن [email protected] أبو الكلام آزاد (1888-1958) هو الزعيم الهندي الكبير. إسمه الحقيقي محي الدين أحمد بن خير الدين. لقب بأبي الكلام آزاد لكثرة خطبه في الحرية، وآزاد معناها في اللغات الفارسية و الكردية و الاوردو الحرية أوالرجل الحر الأبي ( الذي يرفض الذل). دعني أنقل لك عن هذا الزعيم. نشأ أبو الكلام أزاد في جو ديني وأظهر نبوغا وعبقرية منذ أن كان صغيرا. تأثر بأطروحات المجددين من كبار المصلحين المسلمين أمثال الشيخ رشيد رضا، وجمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده. ومن هنا انبرى مولانا أبو الكلام آزاد ينخرط عضوياً بمشكلات بلده الجذرية، وسائر المعيقات التي تحدّ من تطور الشعب والأمة والتي شخّصها بوجود الاستعمار البريطاني. فدعا الى مقارعة هذا الاستعمار، والتصدي الفاعل له على الأرض، وانتمى لأجل ذلك الى "حزب المؤتمر الوطني الهندي" بزعامة المهاتما غاندي، الزعيم الإنساني غير الطائفي. وكانت فرصة لالتقائه المتكرر برمز الهند العظيم، الذي كانت شهرته قد بدأت تطبق الآفاق. وخاضا معاً نضالات شرسة، وبلا عنف، ضد الاستعمار البريطاني للهند. صار في ما بعد مع غاندي رمزاً للهند، وعنواناً لكفاحها ضد الظلم والتبعية، وبخاصة في إطار ما سمي بالعصيان المدني، أو "المقاومة السلبية"، أو "حركة اللاعنف"، التي تحولت بدورها الى مدرسة، تحفر وتؤلب عميقاً، في ضمائر شعوب الأرض كلها، وبخاصة شعوب الدول المستعمرة نفسها. بدأ أبو الكلام يحرّض الشباب الهندي، بمسلميه وهندوسييه، على رفض أوامر الإنجليز في الإدارات العامة، ودعاهم للإنسحاب من الجيش، وطاف أرجاء الهند يخطب داعياً لإنفاذ هذا الغرض، الأمر الذي جعل سلطات الإحتلال البريطاني تستعجل خطره وتقبض عليه، وتزج به في السجون، وتقدمه للمحكمة بتهمة إثارة مشاعر الناس، وكراهية الحكومة، والحض على الفوضى والعصيان العام في البلاد. إرتبط بصداقات مع مواطنية من مختلف الطوائف في مجتمعهم الديني المتسامح والمنفتح. وقد أحب الهندوس الزعيم أبو الكلام تمام حب المسلمين له، ووجدوا فيه قائداً سياسياً أنموذجياً في الوطنية. ومع أن أبو الكلام كان من المتدينيين ومن أسرة صوفية وعمل على تفسير القرآن إلا أنه لم يخلط الدين بالسياسة بحيث أنه يعتبر الدين سلوك فردي لتهذيب النفس. فلم يترك الباب مواربا ليدخل الإسلام السياسي بل كان مؤيدا للفصل بين الدين والدولة. وكان يصر على وحدة شبه القارة الهندية، بمسلميها وهندوسييها، مختلفاً في ذلك مع زعماء مسلمين هنود مرموقين، من أمثال: محمد إقبال (الشاعر والفيلسوف المعروف) ومحمد علي جناح (الزعيم الذي صار يعرف فيما بعد بمؤسس دولة الباكستان) ومعه لياقت خان أحمد، الذي تبوّأ لاحقاً منصب أول رئيس وزراء للدولة المذكورة. وقد انتقد أبو الكلام آزاد موقف أنداده بغير ما تجريح شخصي قائلاً: "أخطأ أصدقائي، وأبناء بلدي الكبار بموقفهم هذا، حيث أنهم بانحيازهم لتقسيم وطننا الكبير، خدموا رغبة المستعمر البريطاني ومصالحه، واستعدوا أبناء بلدهم الواحد، بعضهم على بعض، من دون مبررات مقتعة". ونالت الهند إستقلالها من الإستعمار عام 1947 عبر مفاوضات خاضها أبو الكلام نفسه. لم ينسى الدول العربية فقد خطب فيهم قائلا: "ان مئات الملايين من القلوب في الهند تؤكد لجميع سكان البلاد العربية بأن صون استقلالهم وحفظ بلادهم من النفوذ الأجنبي، لا يزال اليوم أيضاً غاية كبيرة بجهادها .. وأنها لا تزال تجاهد وتناضل حتى لا يبقى في أي ناحية من البلاد العربية أدنى نفوذ للأجانب". عين أبوالكلام أزاد وزيراً للتعليم في أول حكومة هندية سيادية (1947-1957)، ونجح في تفعيل منصبه أيما نجاح. ولأجل ذلك لقبوه ب"إمبرطور التعليم"، خصوصاً بعد تأسيسه نظاماً تعليمياً وطنياً حديثاً، ركز فيه على توطين التكنولوجيا ومواكبة مناهجها المتغيرة وصارت مناهجها العلمية من أقوى مناهج التعليم. ويقصد جامعاتها الكثير لينهلوا من علومها. ويذهب بيل قيتس ليصطاد العباقرة من جامعاتها. ويحصد الهنود اليوم ما زرعه أبو الأقوال والأفعال، الرجل الحر الذي سعى بإصرار وعزيمة لوحدة وطنه وحريتها والكرامة لجميع مواطنيها ونبذ كل نظرة طائفية. وإنضم إلى حزب رئيسه هندوسي ليس إلا من أجل الوطن. لم يهادن ولم يماهي ولم يوالس بل ظل كما هو الرجل الأبي الحر الذي سيظل إسمه محفورا في سفر التاريخ ب.. أبوالكلام آزاد. فهذا المقال لتتعرف كيف يخدم الرجال الوطنيين المؤمنون قضايا بلدهم وأوطاننهم إلى آخر نفس في حياتهم. وكيف تحصد الأجيال اللاحقة ثمار ما غرسوه. فهذا هو البون الشاسع، بل ليس هناك ثمة مقارنة بين أبوالكلام أزاد وأبو كلام زيادة أو أي أبوكلام ساكت وهلمجرا. * بالنسبة لمقترح حملة التواقيع فهذا المقترح ألقينا به منذ عام تقريبا (02-09-2012)، وأعدت نشره في المقال (حملة البشير لا يمثلني): [حريات/ الراكوبة: 19-05-2013].. في اللينك أدناه.. http://www.alrakoba.net/articles-act…w-id-34163.htm وللتذكير، أخذت حركة الشباب العبقري (تمرد) المصرية منذ بدء التوقيعات وإلى أن سقط مرسي بالهبة والثورة الشعبية حوالي شهرين تقريبا. لا أدري كم ستأخذ حملة الزعيم السيد الصادق!!. الشعب يريد أن يتأكد ويطمئن أولا من أن قائدها مثل أبوالكلام أزاد ومن ثم أن الحملة ليس إسمها حملة (تردد).