سيف الحق حسن هل تتفق معي ان الكيزان يتحكمون غصبا فينا منذ تحالفهم مع نميري، ثم تفشيلهم للديمقراطية، ثم بإنقلابهم المشؤوم وإلى يومنا هذا. أي أربع وثلاثون عاما من محاصرتنا والتغلب علينا. فليس مهماً عدد ما كان من السنون ولكن المهم ما سيكون. هل سنظل تحت وطأتهم إلى يوم يبعثون؟. وهل إذا سقط هذا النظام الغاشم وأتى البديل، هل سنكون كما نود أم سيخرجون علينا مجددا من كل فج عميق. فهم من الكيد والدهاء، ويسبقوننا دائما بخطوة من التسارع الذهني للتغلب علينا. ولكن عليك أن تتذكر أنهم ليس لديهم الذكاء الكافي لأن رغبتهم في هزيمة الآخرين أكبر، وهو ما يستلزم عليهم قمعا لمن حولهم ويعميهم عن التغيير الجوهري للأشياء ويجعلهم يركزون على الشكليات. لذلك باءت مشاريعهم الوهمية، كالمشروع الحضاري وأسلمة المجتمع بالفشل الذريع. إذن النقطة التي يمكن ان نتفوق عليهم فيها هي أن نختلف عنهم في رغبتهم. فنحن لا نريد هزيمتهم والسلام بل أن نفوز عليهم لأن حب الفوز غير الرغبة فى هزيمة الآخرين. فالأول انتصار يستلزم تحسينا لنفسك ومن ثم التفوق والتبريز، أما حب الهزيمة يستلزم قمعا لمن حولك ينسيك الإرتقاء بنفسك. ولتحقيق تحسين النفس لابد من تغييرها وتطورها. هناك مبدأ أو نظام إبتكره اليابانيون يدعى الكايزن يستخدم لتطوير الأفراد والشركات. إستخدمته شركة تايوتا اليابانية وتغدو الآن من أنجح الشركات. وبما أن الأفراد والمجتمع كما تمثل وحدة الشركات، أفراد و وحدة أفراد، فيمكن علينا أن نطبق فيهما مبدأ الكايزن. كايزن تعني باليابانية: التغيير والتطور. كاي – KAI تعني التغيير و زن – ZEN وتعني للأفضل أو الأحسن. و كايزن تترجم إجمالاً KAIZEN الى Continual Improvement أو التحسين المستمر. طبق اليابانيون هذا المبدأ في جميع نواحي الحياة لذلك تطوروا وارتقوا من بين الشعوب المتحضرة في العالم. فإذا التغيير هو أولى خطوات الكايزن ولكن لابد أن يكون التغيير للأفضل ومن ثم ضمان التحسين المستمر. ومن غير الكايزن التغيير هو اساس التوازن والتطور. ولكن أن يكون التغيير بنظام وإستراتيجية هو من المهم لضمان التطور للأحسن وتفادي التدهور للأسوأ. العوائق والحواجز التي تكون عكس التغيير والتطور للأحسن هي في العقل فقط وهنا يكمن التحدي المستمر. هناك عشر خطوات لتطبيق مبدأ الكايزن في حياتك كفرد كما أفاد أحد الباحثين: - التأمل و الصمت يوميا لمدة ربع ساعة على الأقل والجلوس في هدوء - الطعام الصحي - الرياضة - القراءة يوميا والإطلاع لزيادة المعرفة - التدبر والتفكر. التركيز في حل مشكلة ومراجعتها منطيقيا ومحاولة حلها من جميع الجوانب - البكور. النوم المبكر للإستيقاظ المبكر لتنشيط هرمون الكرتزون حيث يشهد الجو أعلى نسبة لنزول غاز الاوزون الذي يشفي الجسد والامراض النفسية ويجعلك تشعر بالحيوية والنشاط. ولا تتغاظ إذا كانت هذه الفقرة مشتركة مع الكيزان. - الإستماع للموسيقى. وكي لا يهاجمني المتعصبون، فتغريد الطير موسيقي وخرير الماء موسيقى وزئير الأسود ونباح الكلاب موسيقى وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير. الكايزن يتحدث عن موسيقى الأصوات الحسنة، من ترتيل للقرآن بصوت قارئ يعجبك، والإستماع لصوت العصافير أوالإنشاد أوالمديح، أو فنان يعجبك صوته أو موسيقى بآلات ترتاح لها. المهم أن تستمع يوميا لما يريحك. لأن الموسيقى تنظيم الإستجابات البويلجية وتلعب دور في تنشيط الذاكرة وتنشط الدماغ بمادة الأندروفين التي تسبب الشعور بالنشوى. ويقول أحد أطباء علم النفس ان الإستماع للموسيقى الهادئة لمدة 30 دقيقية يوميا تعمل كعمل حبوب الفاليم. - إستخدام الكلمات الملفوظة أو تجربة المان ترا. المان: العقل، وترا: تحرر. فالمان ترا هو تحرير العقل من كل الأفكار السلبية. فتقوم الكلمات الملفوظة بالدفع لتحرر العقل بقوة إلى ما وراء الطبقات السفلية للوعي ليتجاوز كل اضطربات العقل الباطن حتى تصل إلى حيز العقل الواعي الأعلى أو ما وراء ذلك. أثبتت الممارسة السليمة للتأمل وتطبيق المان ترا إلى توليد طاقة نفسية كبيرة تحرر العقل. أحد المتشنجون والعصبيون الذين يشعرون بانهم تعساء طبق هذا البند فأخذ يردد يوميا قبل النوم: أنا مطمئن وسعيد، وبعد فترة وجيزة تحول سلوكه تماما إلى الإطمئنان والسعادة. أشعر أن ترديد سورة الفاتحة في صلاتنا كمسلمين مثال للمان ترا. ولكن علينا بالخشوع والتركيز والتأمل لنُعطى الطاقة التي تغيرنا وتجعلنا نسير في الصراط المستقيم فعليا. - تحلى بالشخصية المنسجمة التي تربط بين الكلام والأعمال حتى لا تشعر بإنفصام. لابد من ربط الفضائل بالشعارات. لا تدعو الناس للصدق وانت أكبر كذاب، لا يمكن أن تدعو لإحترام الناس وأنت لا تحترمهم، لا تنهي عن خلق وتاتي مثله لأنه سيشعرك بالعار العظيم. لا تقل ما لا تفعل وتأمر الناس بالبر وانت تنسى نفسك. - تحلى بالبساطة والوضوح والتواضع وعدم التكلف وهذا ما يكسبك الشجاعة التي تساعدك لقهر الجبن وكسر حاجز الخوف. حاول أن تضحي بمتعة قصيرة أو جزء من وقت ثمين لأجل إمتاع غيرك. إذن الكايزن أن تكون إيجابيا تسعد نفسك أولا، وتسعى لتسعد من حولك ثانيا. فلن تشعر بالسعادة في نفسك مهما فعلت إن لم ترى السعادة في عيون الآخرين. وهذا قمة النجاح. عليك بالإعتراف بحقيقة أن المسؤول الأول هو أنا على هذا الحال قبل أي مسؤول أخر. فهناك أيضا مسؤولون غيري هذا أكيد ولكن بنفسي أبدأ أولا. ولا تيأس أبدا، لأن الفاشلين هم من يئسوا وملّوا واستسلموا. إنما الفشل والإخفاق الذي تصادفه لتغيير الحال الشخصي والاجتماعي هو محطة تجربة تتعلم منها ما الذي ينقصك للنجاح في محاولتك التالية. وتوازيا فإن تطبيق الكايزن في المجتمع لا يمكن بشكل جمعي لأن السياسة هي من تتحكم مفصليا في تغييره وتسيير المجتمع إلى مصالح من يتحكم، خصوصا إذا كان المتحكم شموليا. فإذا الكايزن لتغيير المجتمع يعني إفشاء الديمقراطية. الديمقراطية التي تكفل للفرد الحرية و للجميع العدالة والمساواة في الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية و تتيح للأفراد الإنتقاد والتصحيح النفسي ومن ثم التطور الآلي و التنمية الذاتية والتغيير المستمر للتطور للأحسن دائما. وكما نعلم لن تأتي الديمقراطية إلا بخطوة التغيير الأولي وهي ثورة تكنس هذا النظام الظالم الطاغي المعيق للتغير الذاتي والتقدم للاحسن والإرتقاء للأفضل. فإذن إذا أردنا أن يغير الله ما بنا جمعيا لابد أولا من تغيير النظام المتحكم بنا الذي هزمنا وغرس في أنفسنا الوهن وفي شخصيتنا الإنطباعية والتطبع والإنهزامية. ولا ننسى أنفسنا، ففرديا علينا الإستمرار بالنقد البناء المثمر وعدم الإحتفاظ بحق الرد، ودفع الظلم والمواظبة في التغيير المستمر إلى الأفضل. فلكي يكون لنا غد أفضل لا بد من التحدي اليوم لنبني مستقبلنا بأيدينا. فإن اليوم هو نتائج أفكار وأعمال البارحة وان نتائج الغد أفكار وأعمال اليوم. سودان اليوم كوز وكيزان ولكن غدا بإذن الله إنسان وكايزن.