…….. لقد أخطأ سعد زغلول عندما قال(مافيش فايدة) فقد كان فقط يعبر عن حالة اليأس و القنوط التي أصابته بجانب ضعف ثقته في شعبه و إستعجاله للنتائج. كل هذا و أكثر دفع سعد باشا لأن يقول هذه العبارة الظالمة في حق الشعب المصري. الشعب المصري إستطاع أن يسقط النظام الديكتاتوري الذي أنجز التحرر الوطني لمصر و أسس بنيه تحتية لصعود مصر التي أهلكتها ثلاث حروب كبيرة ضد أعداء أقوياءو خرجت مصر مثخنة بالجراح و لكنها أقوى.مرحلة التحرر الوطني قد أنجزت صعدت شروط جديدة و حاجات مختلفة و ما عاد الفكر السابق قادر على إستيعاب المعطيات و الحاجات الحالية للشعب المصري فكان لابد من تغيير يلائم الواقع الجديد فكانت ثورة يناير ضد البرنامج القديم و يونيو لحماية مصر من أن تسرق و تسلم لقمة سائغة للتنظيم الدولي و سيدته و راعيته الولاياتالمتحدةالأمريكية. شاركت قطاعات كبيرة من الشعب المصري في الثورة المصرية و بالضرورة كان هنالك الإنتهازيون الذين يتربصون بكل فعل جماهيري لتحقيق مآرب شخصية أو حزبية كما ان هنالك المترددون و الذين لا يثقون في الإنتصار فيضعون ساق في كل معسكر. المدهش حقا أن الشعب المصري لم يحاول إقصاء أية جهة رغم علمه بان هنالك من يتربصون بثورته من هم داخل مصر أو خارجها.و أدهشتني بعض الأراء الغريبة و العجيبة عن أن هؤلاء هم الراقصات و صبيان الهيشك بيشك.حتى ولو كانوا كذلك فهم مواطنون مصريون تتساوى حقوقهم و واجباتهم مع الفريق السيسي و الدكتور مرسي و الدكتور البرادعي و أية راقصة درجة ثالثة في شارع الهرم ذلك لا ينقص من حقوقها شيء بل الأعجب هم مصريون و نحن لسنا كذلك فما الذي يعطينا الحق أن نحرمهم من أن يكون لهم رأي في إدارة بلادهم بينما نُملِك أنفسنا ذلك الحق. عرف الشعب المصري كيف يحافظ على ثورته و كان واقعيا جدا حيث حين لزم الأمر دعموا الدكتور مرسي على حساب شفيق و تعاملوا مع مرسي كضرورة فرضها الواقع السياسي و لكنهم لم يغفلوا أن ولاء الدكتور مرسي الأول هو للتنظيم الدولي و لمكتب المرشد و كانوا يدركون ميكافيللية الإسلامويين و عدم إيمانهم بالديمقراطية و منظومة الثقوب الأخلاقية و المبدئية التي تحدد حراكهم.فالحركة الإسلامية هي ربيبة الحكومات الأمريكية حيث كانت هي أحد أزرع وكالة المخابرات الأمريكية لمحاربة المد الشيوعي عامة و الغزو الروسي لأفغانستان تحديداً فتنظيم الشباب المسلم كان منتشرا في كل الولاياتالأمريكية و الحكومة الأمريكية كانت تصرف أموال ضخمة على تعليمهم و إعاشتهم و كل ما يلزمهم و الحكومة الأمريكية ليست منظمة خيرية تصرف أموال دافع الضرائب الأمريكي من أجل سواد عيون التنظيم الدولي و بالتأكيد هي ليست الأم تريزا فلذلك كان الجميع يعرفون بأن سداد الفواتير القديم سيحين وقته في أية لحظة و الحكومات الأمريكية هي أكبر و أقوى مرابي في العالم فالدفع لن يتوقف و يزداد الضغط و الطلب بعد كل تنازل يقدم.لذلك لم يكن إحتجاج الأمريكان على القبض على الدكتور عبد البديع بالأمر الغريب إنسجاما مع مصالح الأمريكان لكنه يدعو للتعجب إذا فسرناه من خلال أن دولة ذات سيادة أوقفت أحد مواطنيها لإتهامه بإرتكاب جرائم تستدعي مساءلته جنائيا عند إجراء مقارنة بين سلوك الشعب المصري من حيث التنظيم و وضوح الهدف والواقعية التي تعامل بها الشعب المصري مع ثورته و سلوك الشعب السوداني في أكتوبر و أبريل تعصف بك الشكوك و الظنون في أن الشعب السوداني تعمد في المناسبتين تسليم الأمور لأناس قد جرب التعامل معهم في ثلاث مناسبات ,بٌعيد الإستقلال ,و بعد ثورة أكتوبر 1964 و أبريل 1985 و لن نعفي أنفسنا من أن البعض حاول إنذارنا و تنبيهنا في أبريل 1985 بأننا نسعى لحتفنا بظلفنا و لكن لم نسمع إلا ضحى الغد بل أصابتنا الدهشة حين كنا نشاهد مسرح العبث أمامنا حتى بلغت المأساة قمتها بفصل جنوب البلاد.الشعب المصري كان يعرف ما يريد فإستمروا في ميدان التحرير و حينما حاول لصوص الثورات سرق إنجازهم صمدواودافعوا عن ثورتهم و لم يخرجوا في مسيرات مليونية لتأييد جلاديهم و حقيقة دعمتهم قواتهم المسلحة و هنا يبرز الفرق العظيم بين الفريق السيسي و بين وزير دفاع الإنتفاضة (شووت تو كيل) (Shoot to kill) الشعب المصري كان حريص على تسوير ثورته بالتعديلات الدستورية و تحقيق دولة العدل و القانون بينما كان نائبنا العام يتحدث عن أن إلغاء قوانين سبتمبر كان سيطلق سراح المعتلقين من رجال الحكومة و كأن الهدف من الإنتفاضة هو محاكمة أعوان النظام وليس تغيير سياسي يقود البلاد إلى مستقبل أفضل مما كان عليه الحال في ذلك الوقت و الذي هو بكل المقاييس أفضل مما نحن فيه الآن. والذي يقودك لسؤال محوري هل كان النائب العام يدري أسباب و أهداف الإنتفاضةو رغم ذلك عمل ضدها أم لعله لم يكن يدري تلك الأهداف أو قد يكون كل الفعل فعل عفوي أي الإنتفاضة كانت هبة عفوية دون هدف أو تنظيم ودون قيادةلذلك كانت نتيجتها ما نعيش الآن و أن إنقلاب القصر الذي تم كان القصد منه إحتواء الضرر في أضيق نطاق ممكن و كان لهم ما أرادوا عندما حاول التنظيم الدولي سرق مصر من أهلها تصدوا له خرجوا للشوارع و الميادين لحماية بلادهم لم يكونوا ليسمحوا لأحد من أن يستغفلهم و تنبهوا لما قد يحدث و يبدو أنهم كانوا أكثر إدراكا لما يجري في السودان و العاقل من إتعظ بغيره فأخونة الدولة ما هي إلا التمكين و آليته التي سموها الصالح العام و لحسن حظ الشعب المصري أن الجيش المصري لم يكن مخترقا بل هو جيش في قمة إنضباطه حيث أنه لم تجر محاولة إنقلابية في مصر في الخمسين سنة الماضية. لذلك عندما شعروا بأن الدكتور مرسي يعرض مصر كلها للخطر لم يساوموا و كان الإخوان يعلمون قيمة الجيش المصري فحاولوا الإلتفاف عليه ثم حاولوا ضربه و الإساءة له و حاولوا دفع أفراد الجيش المصري للتمرد و لكن لأنه جيش يدرك تماما عقيدته القتالية و يفهم واجبه و مسئولياته فشل المرشد و حجازي في دفعه للتمرد. الحكومة هي الجهة الوحيدة التي تملك حق إستخدام العنف لحمايةأمن البلاد و المواطنيين هذا هو المعمول به في أوروبا, امريكا, أفريقيا و أسيا حيث تتواجد مصر.