القوز يعود للتسجيلات ويضم هداف الدلنج ونجم التحرير    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الإرصاد في السودان تطلق إنذارًا شديد الخطورة    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدى عن مصر : محاولة الطرفين القضاء على الآخر إن نجحت فعلى حساب الديمقراطية والوحدة الوطنية وإن أخفقت فسوف تضيف مصر إلى بلداننا الفاشلة
نشر في حريات يوم 27 - 08 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
السلامة والندامة في مصر الشقيقة
بقلم: الإمام الصادق المهدي
26 أغسطس2013م
المصير المصري ليس قطرياً، بل ينداح إيجاباً أو سلباً إسلامياً، وعربياً وأفريقياً، ودولياً.
إني انتمي لتراث سياسي صُنّف معادياً لمصر، ولكنه تصنيفٌ جائرٌ، لأن حركتنا التاريخية المهدية كانت ترسم لبلدينا مصيراً واحداً؛ وأصوات القوى الإسلامية (جمال الدين ومحمد عبده)، والوطنية (العرابيون)، كانت تعلن إعجابها بانتصاراتها. أما في التاريخ الحديث فقد أوضح الإمام عبد الرحمن في مذكراته، التي نشرتها باسمه، أن المرفوض في العلاقة بمصر هو دعوى السيادة على السودان، أما عوامل القربى الإسلامية، والعربية، والأفريقية، والجيوسياسية، فهي راسخة وتستوجب علاقة خاصة يبرمها الشعبان الحران.
عشت في مصر أثناء هجرتي من الوطن في أواخر التسعينيات، وأقمت علاقات قوية بالمجتمع المصري السياسي، والمدني، والأكاديمي، والنقابي، والإعلامي؛ علاقات مودة وتفاهم.
وفي الفترة 2006-2008م قدت فريقاً من رؤساء دول وحكومات سابقين من أعضاء نادي مدريد، تدارس الموقف السياسي في مصر، وفي خمس دول عربية أخرى. وفي يناير 2008م دعونا لاجتماع حضره ممثلون لحكام ومعارضين في البحر الميت (الأردن). أصدر هذا اللقاء نداء البحر الميت الذي شخص حالة الاحتقان السياسي في البلدان العربية، وقطع بضرورة حوار جاد بين الحكام والمعارضين للاتفاق على مشروع إصلاح سياسي يزيل الاحتقان، ويحقق انفراجاً سياسياً، وإصلاحاً ديمقراطيا، وإلا فالمعطيات تدفع بالاحتقان إلى انفجار، وقد كان.
ثورات " الربيع العربي" كانت متوقعة ولكن التوقيت والكيفية كان مفاجئاً.
ومنذ الثورة المصرية في 25 يناير 2011م، إلى كافة المراحل حتى يومنا هذا، صارت المفاجآت هي السمة الغالبة لما جرى ويجري في مصر، ما جعل كثيرين ينسبون الحوادث لمؤامرات خارجية إقليمية أو دولية.
عبد الرحمن بن خلدون مؤسس علم الاجتماع قال مقولة صحيحة: ما من ظاهرة طبيعية أو اجتماعية إلا وتخضع لقانون، تفسيراً لقوله تعالى: (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) .
فيما يلي أبسط تشخيصاً موضوعياً لما يجري في مصر:
1. حكم الفرد فرض استبداداً، وقفل باب الاجتهاد السياسي، وخنق التطور السياسي المطلوب. الاحتقان الذي صنعه الاستبداد خلق تظلماً واسعاً، لكن أجهزة الأمن استطاعت احتواء الحركات المضادة إلى أن اتخذ شباب الفيسبوك والتويتر وسائل تواصل مبتكرة لم تكن في رادار أجهزة الأمن، فأحدثوا دفرسوار déversoir (ثغرة) في حائط الأمن. ثغرة صارت بوابة واسعة، نفذ منها الآلاف الذين شكلوا الاحتجاج المليوني، فثورة 25 يناير 2011م.
الثورة تعني فيما تعني إسقاط نظام قائم، وإحلال الثوار محله، لكن تلقائية الثورة، وغياب برنامج محدد لها، وغياب قيادة مركزية جعلت الثورة ناقصة.
2. النظام الذي قام بعد الثورة كان نظاماً تقليدياً بقيادة القوات المسلحة. قيادة القوات المسلحة لم تلغ الدستور القائم بل اعتمدته بتعديلات محدودة. ولم تلجأ لما يلجأ إليه الثوار للعدالة الانتقالية، وحولت مساءلات الحكام السابقين للقضاء العادي، وسارعوا بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. كان المطلوب في الفترة الانتقالية جمع القوى السياسية حول ميثاق وطني يضع خريطة طريق لبناء الوطن، ويجمع الكافة على دستور جديد قبل الانتخابات. كان لهذه الغفلة آثارها فيما جرى من تطورات.
كنا في السودان قد قررنا إصدار قانون للعدالة الانتقالية لمساءلة جماعة انقلاب مايو 1969م، وأثبتنا ذلك في ميثاق الانتفاضة، ولكن بعد إجراء الانتخابات العامة في عام 1986م تضافرت قوى منتخبة لإعفاء ذلك، ما جعل المساءلة تقوم على أساس القانون الجنائي العادي، وقد كان. القانون الجنائي العادي غير مؤهل للمساءلة على الجرائم السياسية. نفس هذا النقص صحب مساءلة رموز النظام السابق في مصر، وغياب قانون عدالة انتقالية هو السبب في غياب المساءلة عن التجاوزات السياسية.
3. القوى السياسية عامة عانت من فرص التطور السياسي في ظل الاستبداد، ولكن القوى السياسية الإسلامية كانت أوفر حظاً لمواصلتها نشاطها في المجالات الدينية والاجتماعية، واكتسبت عطفاً شعبياً واسعاً لأن النظام الحاكم خصها بنصيب أكبر من البطش، لذلك نالت عبر الانتخابات العامة التي أجريت، التشريعية والرئاسية، نصيب الأسد.
4. الحركة الأخوانية ارتكبت طائفة من الأخطاء عبأت ضدها شرائح كبيرة، أهم تلك الأخطاء:
‌أ. إعلان أنها سوف تكتفي بنصيب محدد من مقاعد المجلس التشريعي، ولن ترشح للرئاسة، ثم أقدمت على ما أعلنت تخليها عنه.
‌ب. عقدت مع القوى السياسية الأخرى (لبرالية، وعلمانية، وقومية، ويسارية) اتفاق "فريمونت"، ثم تخلت عنه.
‌ج. الديمقراطية نظام يقوم على المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون. غموض العلاقة بين رئيس الجمهورية المنتخب والمرشد أخل بشرط الشفافية. والإعلان الدستوري (نوفمبر 2012م) أخل بسيادة حكم القانون. هذان العاملان جعلا نظام الحكم المنتخب ديمقراطياً مع الفارق.
‌د. واتضح أن كفاءة الحركة الأخوانية التنظيمية والتعبوية عالية في المعارضة، وغير مستعدة بالقدر الكافي لأعباء الحكم واستحقاقاته.
هذه العوامل هي التي دفعت إلى حركة "تمرد" المليونية ومطلبها المتواضع وهو التعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية.
5. الانقلاب العسكري هو حركة تطيح بنظام حكم وتخلفه على السلطة. بعض الجيوش موبوءة بالابنة الانقلابية، هذا لا ينطبق على الجيش المصري:
حركة 1952م استحقت صفة ثورة لأنها قضت على نظام ملكي فاسد، وعلى نظام اجتماعي اقطاعي، وعلى احتلال أجنبي.
حركة 25 يناير 2011م استحقت صفة المشاركة في الثورة لأنها استجابت لميدان التحرير.
حركة 3 يوليو 2013م انقلاب مع الفارق لأنها:
- استجابت لحركة شعبية واسعة.
- أفضت إلى ولاية مدنية.
- التزمت بخريطة طريق للتحول الديمقراطي.
وإذا تخلفت مع الانقسام: الشعبي الحاد تندفع البلاد إلى حرب شوارع بلا نهاية.
6. الطرفان في مصر يتهمان بعضهما بعضا بموالاة الولايات المتحدة. الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تفضل ولاية القوى اللبرالية والعلمانية في مصر، ولكنها تعتقد أن هذه القوى ضعيفة الوجود في الشارع السياسي. ومع أن منظمات المجتمع المدني الأمريكية منحازة لهذه القوى وتدعمها بكل الوسائل الممكنة، فإن الإدارة الأمريكية تعتقد أن القوى الإسلامية هي صاحبة رأس المال الاجتماعي الأكبر في الشارع السياسي، وأن القوى الإسلامية قابلة لاحتواء قوى الغلو والعنف المحارب للولايات المتحدة، وأن الحركة الأخوانية حركة برجماتية مستعدة للتفاهم، ولو مرحلياً، مع أمريكا، وقابلة لاستمرار السلام مع إسرائيل، وقادرة على احتواء حركات الغلو والعنف.
أما الحركة الأخوانية فإنها تعتقد أنها قادرة على تحجيم القوى اللبرالية والعلمانية إلا إذا استقوت بالخارج لذلك تحرص على سحب هذا البساط من تحتها.
7. تسود عالم اليوم مفاهيم الأمم المتحدة، والميثاق العالمي لحقوق الإنسان، ومنظومة حقوق الإنسان التي صنعت ثقافة حقوقية عالمية سائدة. ومهما كانت الدول الغربية ملتزمة في سياستها الخارجية بمصالحها، ما يجعلها في كثير من الأحيان تتعامل مع دول لا تراعي حقوق الإنسان، فإن الرأي العام الغربي مهتم بحقوق الإنسان، وبقتل المدنيين، ولا يفوت علينا أن الشعب الأمريكي كان الرقم الأكبر في هزيمة أمريكا في فيتنام، ولا يفوت علينا أن مظاهرات الاحتجاج على حرب أمريكا وبريطانيا على العراق كانت أضخم منها في البلدان العربية. المراسلون الغربيون هم الذين كشفوا تجاوزات غوانتنامو وأبو غريب وغيرها من التعديات. والرأي العام الغربي تصدى لتجاوزات بريطانيا في لندن، وفرنسا في باريس، وتركيا في ميدان تقسيم، وإيران في الثورة الخضراء، والقذافي في ليبيا، لذلك ينبغي ألا نستغرب مواقف قادة غربيين إزاء حالات قتل مدنيين في مصر.
8. هنالك شرخ حقيقي، ولا يمكن تحقيق السلام الفكري وبالتالي الاجتماعي ما لم نخاطبه.
أوربا خاضت حروباً كثيرة قبل أن تحسم معادلة الدين والسياسة والدين والدولة.
هنالك قوى اجتماعية حقيقية تقول: الإسلام دين ودولة، وهم يخاطبون جمهورهم بمفاهيم تكفر من يخالف اعتقادهم هذا. وفي المقابل قوى اجتماعية حقيقية تقول الدين لله والوطن للجميع، وتطالب بالفصل التام بين الدين والدولة.
هذا التباين في المواقف لا يمكن حسمه بالغلبة الجبرية، فالنظم العلمانية باسم القومية والاشتراكية حاولت قمع أصحاب فكرة الدين والدولة بأقسى أنواع النظم البوليسية، دون جدوى.
وفي السودان وبلدان أخرى نظم إسلامية حاولت قمع أصحاب الفكر الآخر بكل الوسائل، دون جدوى.، إن الانتماءات التي يكون الدين أو القومية طرفاً فيها لا يمكن حسمها بأغلبية الأصوات، بل تتطلب معادلة توفق بين مدنية الدولة والمجتمع، والتطلعات الدينية.
9. كتاباتي عن الثورة الناعمة، وعن معالم الفجر الجديد، أوضحت أن الثورات غير المكتملة الحلقات قابلة للانتكاس، وأن حدة الاستقطاب الفكري حول الدين والدولة قابلة للصدام، وأن أهم خطوة ينبغي اتخاذها هي إبرام اتفاق يؤلف بين التيارات الفكرية في معادلة هندسة فكرية يستمد منها الدستور المنشود مبادئه، ثم تجرى الانتخابات ولكن الذي حدث هو تقديم الانتخابات على الدستور ثم كتابة دستور مغالبة.
لقد تعددت محاولاتنا لمخاطبة الوضع في مصر وتقديم حلول توفيقية لعل أهمها:
‌أ. منتدى الوسطية العالمي اهتم بالنزاع الموعود في مصر، وباسم المنتدى قمنا باتصالات واسعة بكافة الأطراف السياسية في مصر، ثم قررنا أن ننصح الجميع نصيحة كانت كفيلة بتحقيق الوفاق أعلناها في "نداء الكنانة" بتاريخ 1/3/2013م.
‌ب. وأجريت بعد ذلك اتصالات واسعة بالأطراف المصرية، ورأيت أن أسجل الحلول المقترحة في خطاب مفتوح للقوى السياسية في 8 مايو 2013م بعنوان: (مصرنا ومصيرنا)، وذلك تفادياً للمواجهة المتوقعة.
‌ج. وقبيل إجراءات 3 يوليو كتبت خطاباً للرئيس السابق محمد مرسي اقترح عليه إعلان الموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
‌د. وبعد إجراء 3 يوليو كتبنا خطاباً مفتوحاً للقوى السياسية في مصر بعنوان: (النصيحة الرابعة) في يوليو 2013م. هذا الخطاب اقترح تجاوز الانقسام وتسوية شاملة بين القوى السياسية.
10. الاعتصام الاحتجاجي في رابعة، وفي ميدان النهضة، كان إجراءاً مفهوماً لامتصاص الغضب الأخواني، ومن أيّد نداء الشرعية، ولكنه إذ تحول لتمترس دائم وصحبته عبارات مثل: نولع فيهم، نفجر البلد، نرش بالدم، العنف في سيناء ينتهي في الثانية التي يعود فيها مرسي للحكم.. إلخ؛ هذا التمترس المصحوب بنذر العنف وفرض الإرادة وضعت الطرف الآخر في خانة أن نكون أو لا نكون.
11. أما بعد أحداث 14 أغسطس فإن الأمر قد تغير نوعياً، وصار الاستقطاب تاماً ودموياً، وصارت الشيطنة والتخوين والتكفير هي عبارات المواجهة:
أ‌. الموقف الفكري الذي يقول به الأخوان سوف يبقى في المحمول الفكري والسياسي في مصر حتى إذا استؤصلت الجماعة، فالجماعة قد حلت في 1948م، ثم حلت في 1954م وكانت محظورة أثناء عهد الرئيس السابق حسني مبارك، واعتقل مرشدوها: اعتقل حسن الهضيبي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واعتقل عمر التلمساني في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، واعتقل محمد بديع الآن؛ ولكن القمع ساهم في تفريخ حركات الغلو بداخلها، ولم يقض على بقاء جسم التنظيم الذي واصل وجوده تحت الأرض، وفي الخارج، وأية محاولة للقضاء عليها وعلى أصحاب فكرة الدين والدولة بالقوة سوف يتطلب إجراءات بوليسية تقضي على الديمقراطية.
ب‌. تسليم ولاية الأمر للجماعة سوف يؤدي للتمكين واقصاء الآخرين، ولن يستقر الحكم إلا على حساب الديمقراطية ثم العمل الثوري المضاد، والقوى الاجتماعية التي سوف تصطف ضدهم قوى هائلة يستحيل استئصالها.
ت‌. الاستقطاب الحاد داخل مصر جذب إليه استقطاباً إقليمياً عربياً وإسلامياً وأفريقياً حاداً يغذي طرفيه بكل وسائل الاستقواء.
ث‌. نحن في السودان نعاني من نفس التركيبة الفكرية المصرية، فأصحاب المرجعية الأخوانية وحلفاؤهم سوف يقفون مع الجانب الأخواني سواء أعلنوا ذلك أم أخفوه، وأصحاب المرجعية العلمانية سوف يقفون إلى الجانب الآخر ويشيدون بالقضاء على الأخوان.
ج‌. العالم الآن دخل فعلاً في مرحلة حرب باردة جديدة، وهذا من شأنه أن يجد في الاستقطاب المصري مجالاً لتصفية حسابات دولية على الساحة المصرية. الموقف الغربي لا يحكمه ملف حقوق الإنسان وحده بل صار الإسلام قوة ثقافية واجتماعية داخل المجتمعات الغربية، ويجدون في الأخوان شريكاً أفضل للتعامل معه في وجه حركات الغلو والعنف ذات المرجعية الإسلامية، ومع أن تركيا هي صاحبة التجربة الأكثر مرونة في التعامل مع الإحياء الإسلامي، فإنها كانت تعتبر تمدد الأخوانية في مصر جزءاً من هلال سني تواجه به الهلال الشيعي، تماماً كما كان في عهد العثمانيين والصفويين. وإيران تعتبر الولاية الأخوانية جزءاً من هلال الممانعة كما في غزة، أما غالبية دول الخليج فإنها تعتبر الأخوانية أكثر تيارات المعارضة لها فاعلية، ولا تريد لها مركز توجيه في مصر، وموقف قطر يفسره أن قيادتها تراهن على التحالف مع ما تعتبرها تيارات المستقبل.
12. نحن وآخرون غيرنا في السودان وخارج السودان نعبر عن قوى إسلامية صحوية ومدنية ترى أن على المسلمين أن يعرفوا الواجب اجتهاداً لا تقليداً، وأن يدركوا الواقع إحاطة لا ابتساراً، وأن يزاوجوا بينهما. ونحن نقول مع الشاعر اليمني الأرياني إن لمصر مكانة خاصة، كما قال:
ما نال مصر من نعمة أو نقمة إلا وجدت لنا بذاك نصيبا
لذلك نحرص على احتواء هذا الاستقطاب في مصر الذي سيودي بالديمقراطية، وبالوحدة الوطنية، ويجعل التوجه الإسلامي جزءاً من المشكلة، بينما الفهم الصحيح للإسلام أنه مادة للحل.
13. حزب العدالة والتنمية في تركيا، مع أنه الآن يقف موقفاً منحازاً، ففي التجربة التركية دروس مفيدة، فحزب نجم الدين أربكان الذي فاز في الانتخابات وحل وعاد مرة أخرى أكثر من أربع مرات أظهرت مرونة وصمود حميد، كذلك حزب العدالة والتنمية بقيادة أربكان أظهر تدرجاً حميداً، كذلك حزب العدالة والتنمية المغربي، وحزب النهضة التونسي، ونحن في السودان كذلك نعتبر تجربتنا قد انتقلت من الصرامة في المهدية، إلى المرونة الرحمانية التي زاوجت بين الواجب والواقع.
14. ينبغي دعوة قوى مدنية وقوى إسلامية إلى لقاء في تونس أو المغرب لتشخيص الحالة المصرية، وتقديم نصيحة أخوية شاملة وحازمة لأهلنا في مصر، واستقطاب القوى الواعية كلها للوقوف مع تلك النصيحة حتى تجد القبول، لأن غياب تلك النصيحة، وترك الحالة في مصر لمحاولة الطرفين القضاء على الآخر إن نجحت فعلى حساب الديمقراطية، والوحدة الوطنية، والصحوة الإسلامية، وإن أخفقت فسوف تضيف مصر إلى بلداننا الفاشلة لا قدر الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.