مسيرات في مروي وقصف في أمدرمان والفاشر مهددة بالاجتياح    السودان يطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة العدوان الإماراتي    البرهان: منح ضباط صف وجنود القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين من المواطنين المشاركين في الحرب نوط الكرامة    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    آمال ليفربول في اللقب تتضاءل عند محطة وست هام    شاهد بالفيديو.. في أول حفل لها بعد عقد قرانها.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها الضابط وتتغزل فيه: (منو ما بنجأ ضابط شايل الطبنجة)    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اريك ريفز : ما يجرى بدارفور فحش أخلاقي لا ترغب إدارة أوباما ولا الاتحاد الأوروبي في الحديث عنه
نشر في حريات يوم 02 - 09 - 2013

الأحداث في درافور تتسارع خارج السيطرة في وقت يتواصل فيه الانهيار الأمني
اريك ريفز
في وقت انحبست فيه أنفاس العالم من الرعب لهجمات الأسلحة الكيميائية على المدنيين في سوريا، وأصبح الترقب القاتم هو سيد الموقف, حول الاستجابة العسكرية الامريكية التي تتشكل. في ظل هذه الأوضاع لا يبدو أن هناك "فسحة مجال" لأخبار دولية أخرى. ويصبح في هذه الحالة من السهولة بمكان التغاضي عن المعاناة والدمار الإنساني الأكثر اتساعاً في دارفور, وهي كارثة مستمرة تتسارع وتائرها بطريقة يمكن أن تجد معها المنظمات الإنسانية نفسها, في وقت قريب, مضطرة للانسحاب منها، تاركة وراءها فراغا هائلا في إمدادات الغذاء والرعاية الطبية الأولية، والمياه النظيفة. وكما يبدو فإن بعثة الامم المتحدة والاتحاد / الافريقي في دارفور (يوناميد) تعيش حالة انهيار، فهي غير قادرة على حماية نفسها, وغير قادرة على أن تصبح قوة ردع أو حماية للمدنيين. فالعديد من الأحداث, وبخاصة في هذا الاسبوع الماضي, تعطي إحساسا بمدى الضعف الذي وصلت إليه هذه القوة المحاصرة, وعواقب السماح للخرطوم بخلق مناخ لا يطاق من انعدام الأمن في دارفور. وهي تداعيات سيأتي تحليلها بصور ة مختصرة بعد قليل.
لكن يبدو من المهم أيضا، أن نفهم مدى التضليل الذي يمكن أن تؤدي إليه المقارنات الضمنية بين الضحايا المدنيين لهجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا, والضحايا المدنيين لهجمات القصف الجوي العشوائي بصورة كاملة, من قبل القوات المسلحة السودانية (SAF) لنظام الخرطوم -ليس فقط في دارفور لكن في النيل الأزرق وجبال النوبة في جنوب كردفان كذلك. في حالة سوريا، فإن اللغة المتشددة المستخدمة هي ذريعة للقيام بعمل عسكري في منطقة ذات أهمية جيواستراتيجية كبيرة جدا. ونتيجة لذلك، كان هناك حديث كثير عن أن الهجمات الكيماوية لنظام الأسد على مشارف دمشق هي "بذاءة أخلاقية", أي أنها بطريقة أو أخرى فريدة في "بشاعتها"، وأن مثل هذه الإجراءات هي الهمجية العسكرية بعينها. ولكن مثل هذه الأوصاف التي يستخدمها وزير الخارجية الأمريكية جون كيري تبدو مناسبة تماماً في النهاية، لأنه من المفترض أن كيري يعرف تفصيلاً عواقب الغارات الجوية على المدنيين في دارفور وفي السودان الكبير ككل. فقد كانت هناك أكثر من 2000 هجمة مؤكدة, من مثل هذه الهجمات الجوية, على المدنيين والعاملين الإنسانيين, على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وعلى الأرجح أن هذا ليس سوى جزء صغير من العدد الفعلي لطلعات القصف الجوي. وقد قُتل جراء هذه الهجمات – بشكل مباشر أو غير مباشر- عشرات كثيرة من آلاف الأشخاص, تتضاءل بجانبها أعداد ضحايا هجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا, بل وحتى في العراق خلال حملة الأنفال سيئة السمعة, التي نفذها صدام حسين ضد الأكراد في أواخر 1980.
إن أي مقارنة بين الكيفية "البشعة" للموت عن طريق هجوم كيماوي من جهة، أو الموت نتيجة الجروح التي تحدثها شظايا القنابل على الأطفال والنساء والمسنين من جهة أخرى، سيكون حتما أمراً شنيعاً وغير عادل. لقد أعطتنا تواريخ الحرب العالمية الأولى العديد من الصور، والحكايات السردية، بل حتى الشعر الذي يصور العذابات الناتجة من استنشاق غاز الخردل. وجميعها -من دون شك- شنيعة, في الواقع, بل "مروعة". لكن هل يمكن لهذه أن تبرر الدعاوى المضمرة بأن طبيعة الموت من شظايا تنفجر من قنابل برميل خام، تلحق جروحاً شنيعة، هي أقل "بشاعة"؟ لا شك أن هذه مقارنة مضللة وبلا طائل. ولكن إذا كان هناك من يرغبون في رؤية صور لنوع العذاب الذي يعاني منه ضحايا التفجيرات -الأطفال والنساء هم الضحايا الأكثر شيوعا، ولكنها تشمل أياً من/ وجميع الذين يتواجدون في الرقعة الواسعة لقنابل البراميل الخام التي تلقيها عليهم طائرة شحن من طراز انتينوف من ارتفاع 5,000 متر- فقد قمت شخصياً بنشر عدد منها في موقعي في تمبلر (تنبيه: كثير من هذه الصور مقلقة للغاية، على الرغم من أنها لا تشمل الأكثر"بشاعة":
http://www.tumblr.com/blog / sudanreeves)
أثناء الحرب العالمية الأولى، كانت الأغلبية الساحقة من ضحايا الصراع العسكري من الجنود، أما الآن فقد انعكست هذه الأرقام تماماً, ففي هذا القرن ال 21، يشكل المدنيون أكثر من 90 في المئة من ضحايا الحروب. و كانت المعاهدة التي حظرت الأسلحة الكيميائية, في أعقاب الحرب العالمية الأولى, هي نوع من رد أوروبي على الجنود الأوروبيين الذين قتلوا أو الذين تشوهت رئاتهم بصورة فظيعة جراء غاز الخردل. ببساطة دخلت هذه المعاهدة حيز التنفيذ في وقت لم تكن فيه فكرة القصف الجوي العشوائي المكثف والمتعمد للمدنيين أمراً متصوراً. لذلك فإن نظام روما الأساسي لعام 1998, هو الذي يحتوي اللغة التي حددت –بوضوح- أن الاستخدام المنهجي والمستمر لمثل هذه الهجمات الجوية ضد المدنيين يشكل في مجمله جرائم ضد الإنسانية (انظر ‘قصفوا كل شيء يتحرك': الهجمات الجوية على المدنيين والعاملين الإنسانيين في السودان ، 1999 – 2012، "صفحات 19-20، www.sudanbombing.org).
دعونا نكون واضحين: برغم بشاعة الهجمات الكيماوية التي وقعت على ضواحي دمشق, وعلى مناطق أخرى، فقد تم النفخ في طابع المعاناة الإنسانية خطابياً، جزئياً لأن الآثار المترتبة على وضع "خط أحمر" مصطنع يجري تضخيمها الآن لأي قدر ممكن, سياسيا وخطابيا. لماذا لا يتم الاعتراف بالمعاناة "البشعة" لأم تشاهد أطفالها وهم يموتون من سوء التغذية والمرض, ثم تموت هي نفسها من الجوع ببطء؟ فقد مات عدة مئات من الآلاف في السودان بهذه الصورة على وجه التحديد, وذلك بسبب نظام الجبهة الإسلامية القومية/ حزب المؤتمر الوطني, الذي منع ولا زال يمنع وصول عمليات الإغاثة الإنسانية, كما ظل يفعل طوال السنوات الأربع وعشرين من حكمه القمعي. فهل هناك أي معنى لهذه المقارنات الشنيعة, صراحة أو إضماراً, إذا كانت المعاناة بهذا القدر من الضخامة, وعدد القتلى بهذه الأرقام المذهلة؟ ما الذي يمكن أن نقوله لضحايا مثل هذه الهجمات التي أوردها راديو دبنقا (18 أغسطس 2013):
ذكرت تقارير أن أربعة أشخاص على الأقل –بينهم إمرأة حامل- , قد قُتلوا وجُرح كثيرون, ودُمرت قرية تدميراً كاملاً, يومي السبت والأحد،جراء سلسلة من الغارات الجوية على شرق جبل مرة. وتقول تقارير عديدة تلقاها راديو دبنقا من مدنيين فارين من المنطقة, إنه في يوم الأحد، توفت الحامل حواء سليمان يحيى، وأصيب شخصان آخران على الأقل، عندما قصفت مجموعة من ثماني طائرات تابعة لسلاح الجو السوداني, بينها طائرات ميج وطائرات هليكوبتر وطائرات انتينوف, قصفت مناطق شاسعة شرق جبل مرة. وذكرت التقارير أن قرى تنقارا, والشرفة, والدولما, وأبو حمرة, وساني كوندو, وتقلي أم الجعلي في شمال دارفور, جميعها تعرضت للهجوم. وأن قرية تنقارا يبدو أنها دُمرت تماماً (راديو دبنقا, شرق جبل مرة, 18 اغسطس 2013).
فمن سيتصدى لمقارنة "بذاءة" مثل هذا الهجوم مع ما شاهدناه في سوريا؟
(سننشر قريباً تقريرأ وأرقاما إحصائية تم تحديثها لقصف المدنيين في دارفور ̧ تضيف المزيد إلى العلومات الأساسية المضمنة في "قصفوا كل شئ يتحرك": الهجمات الجوية على المدنيين والعاملين الإنسانيين في السودان, 1999 – 2012 (www.sudanbombing.org]
دارفور اليوم: أحداث رئيسية
[1] تشير عدة هجمات على/ أو أختطافات حدثت مؤخراً لعمال الإغاثة الدولية, تشير إلى مستوى من الضعف والخطورة لا يمكن تحملها طويلاً. وعلى الرغم من قلة الاهتمام بها، إلا إنها إرهاصات هامة للغاية, وذلك في ضوء مقتل اثنين من العاملين بوورلد فيشن في مجمعهم الخاص بهم في نيالا (4 يوليو 2013).
قال متحدث باسم تنظيم لمسلحين في منطقة دارفور المضطربة في غرب السودان, يوم الثلاثاء, إن تنظيمه يحتجز اثنين من موظفي الصليب الأحمر, بينما أطلق سراح ستة آخرين"، وقال رفيع الله قريشي المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان لوكالة فرانس برس إنه "لم يتم بعد اطلاق سراح اثنين من زملائه، جنبا إلى جنب مع اثنين من شاحناتهم"… أيضاً يُشتبه أن ميليشيا مرتبطة بالحكومة وجماعات شبه عسكرية أخرى قد نفذت العديد من عمليات الخطف وسرقة السيارات وغيرها من الجرائم في دارفور. ويقول محللون إن النظام السوداني الذي ضربته الأزمات لم تعد لديه أموالاً كافية للميليشيات التي جندها ضد التمرد، وأن هذه الميليشيات تتصرف الآن خارج سيطرة الحكومة. (وكالة فرانس برس، 27 أغسطس 2013؛ التركيز في كل الاقتباسات مضاف).
وينذر بنفس الخطورة ما أوردته تقارير عن نهب الموارد الإنسانية، حتى في المناطق الحضرية. تقارير راديو دبنقا (27 أغسطس 2013):
وذكرت تقارير أخرى أن مسلحين ملثمين اقتحموا, مجمع للصليب الأحمر بالقرب من مطار نيالا، عاصمة جنوب دارفور صباح يوم الاثنين. وفي سياق منفصل أكدت المنظمة, أيضا صباح يوم الاثنين, أن ستة من ثمانية من الموظفين المختطفين بالقرب من نيرتيتي، قد أفرج عنهم. وقال شاهد عيان لراديو دبنقا ان تسعة مسلحين ملثمين تسلقوا سياج في مجمع الصليب الأحمر في منطقة مطار نيالا في حوالي الساعة الواحدة صباحاً. وذُكر أنهم اعتدوا بالضرب على اثنين من الحراس قبل الاستيلاء على الهواتف النقالة، وأجهزة الكمبيوتر، والعملات الأجنبية وغيرها من الممتلكات من العاملين في المنظمة, ثم لاذوا بالفرار إلى جهة مجهولة. وقال المصدر إن العديد من الموظفين الدوليين كانوا حاضرين في المجمع في وقت الهجوم، بما في ذلك موظفين من جنسيات سويسرية، وكندية، وصربية. [نيالا هي أكبر مدينة في دارفور-ER]
تقارير سودان تربيون (24 أغسطس 2013)
قام مسلحون مجهولون, يوم السبت, بنهب مكتب اللجنة الأمريكية للاجئين (ARC) الواقع في حي المطار بنيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور. وقالت مصادر أمنية إن المهاجمين الملثمين هددو اثنين من الخفراء بالسلاح وأجبروهما على فتح أبواب مبنى مركز البحوث الزراعية, حيث قاموا بسرقة جميع أجهزة الكمبيوتر، والأجهزة الإلكترونية, وجميع ممتلكات المجموعة الخيرية التي تعمل في تلك الدولة منذ عام 2004. وقالت الشرطة إن اللصوص قد حاولوا أيضا فتح الخزنة, ولكنهم تركوها خلفهم بعد أن نقلوها إلى خارج المبنى المكون من طابقين. هذا وتعاني نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور, من هجمات إجرامية يقوم بها أفراد ميليشيات سابقون, يعتدون بانتظام على القوافل والمخازن التجارية …. وتوفر اللجنة الامريكية للاجئين (ARC) وسائل لدعم سبل العيش للمزارعين في جنوب دارفور, وتدير 16 عيادة للصحة الأولية تخدم المجتمعات المحلية النائية. كما تدير المنظمة مزيجاً من برامج للطوارئ وإعادة التأهيل, توفر دعما ل 350,000 شخص من النازحين والمتضررين من الحرب في جميع أنحاء مدينة نيالا" كما جاء في الموقع الالكتروني للمجموعة الإنسانية.
[2] ما يجعل من هذه الهجمات, على وجه الخصوص, نذيراً بالشؤم, هو انسجامها اللصيق مع الأهداف المعلنة لنظام الخرطوم، وتحديداً إبعاد العاملين الدوليين في المجال الإنساني من دارفور. تقارير راديو دبنقا (22 أغسطس 2013):
هذا وتسمح التدابير الجديدة التي اقترحتها حكومة الخرطوم للسيطرة على أنشطة المجموعات الإنسانية الدولية، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة بالسودان، فقط للمنظمات الوطنية [أي السودانية] بالعمل في المجالات الحقوقية في البلاد. ففي بيان نقلته وكالة الانباء السودانية (سونا) قال وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد إن القواعد الجديدة تم الاتفاق عليها في اجتماع, يوم الاربعاء, ضم الرئيس السوداني عمر البشير، ووزراء الداخلية والعدل والشؤون الخارجية مع مدير جهاز الأمن السوداني. وقال حامد: "وضع الاجتماع إجراءات مفصلة لعمل المنظمات الإنسانية الأجنبية في الخرطوم العاصمة والولايات، تضمن تماشيه مع سياسة واستراتيجية الحكومة".
وبالطبع كانت هذه "الاستراتيجية" قد أعلنت لأول مرة في وثيقة أصدرتها الجبهة الإسلامية القومية / حزب المؤتمر الوطني في اغسطس 2010، واعتمدت رسميا في سبتمبر 2010. ولا يتطلب الأمر كثير مهارة ليتضح أن ما يسمى "الاستراتيجية الجديدة لدارفور" تنطوي على إجبار المنظمات الإنسانية على مغادرة دارفور بإعلان إنتهاء حالة الطوارئ الإنسانية، وبالتالي تحويل الأولوية لعودة النازحين و"التنمية"، وهي الكلمة التي تتكرر باستمرار في الوثيقة (انظر "استيعاب الإبادة الجماعية: الاستجابة الدولية لوثيقة الخرطوم حول"استراتيجية جديدة لدارفور" مجلة المعارض، 8 أكتوبر 2010 www.dissentmagazine.org/online_articles/accommodating-genocide-the-international-response-to-khartoums-new-strategy-for-darfur).
وكانت أجهزة الدعاية الرسمية للنظام قد بسطت مؤخراً منطق هذه الاستراتيجية بصراحة جريئة, رابطة اياها, على وجه الخصوص, بإصلاحات في النظام: "الرئيس يوجه بتقليص العمالة الأجنبية": أكد رئيس الجمهورية عمر البشير على ضرورة استمرار عملية الإصلاح والتخطيط الإداري وتطوير مؤسسات الخدمة المدنية. ففي اجتماع ضمه, أمس, مع موظفي وزارة تنمية الموارد البشرية، وجه الرئيس أيضا بأهمية مراجعة استراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني والحاجة إلى تقليص حجم العمالة الأجنبية من خلال استبدالها بالعمالة السودانية. وقالت [وزيرة تنمية الموارد البشرية إشراقة سيد محمود] إن الاجتماع ناقش عملية الإصلاح الإداري، وتطوير القوانين والجوانب الإدارية للخدمة المدنية. وقالت إننا كوزارة، حصلنا على إذن من الرئيس بتفقد المؤسسات الحكومية كجزء من عملية الإصلاح الشاملة. (سودان فيشن، 26 أغسطس 2013).
ويتواصل الإعلان عن هذه الرسالة بوضوح مذهل في الرسالة التالية:
"البشير يصدر توجيهاً بالاستمرار في عملية الإصلاح الإداري": دعا السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لاستمرار عملية الإصلاح والتخطيط الإداري وتعزيز مؤسسات الخدمة المدنية. جاء ذلك لدى استقباله يوم الاثنين الماضي بمكتبه في القصر الجمهوري الوزراء ووزراء الدولة وقادة وزارة القوى العاملة والتنمية البشرية والعمل. ودعا الرئيس البشير إلى مراجعة استراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني وكذلك الحد من العمالة الأجنبية واستبدالها بالقوى العاملة السودانية. (سودان فيشن، 28 أغسطس 2013) .
وكما يتضح من رفض الحكومة السودانية مؤخراً إعطاء تأشيرات دخول لعشرين من العاملين بالمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة , فإن النظام على استعداد للتعامل مع عملية "الحد من العمالة الأجنبية" مباشرة, وبأي وسيلة يختارها.
[3] إن الانهيار المستمر لقوات اليوناميد هو أمر خطير للغاية: إذ لم تعد هذه القوة قادرة على حماية نفسها من قوات الميليشيات التي تتصاعد جرأتها, دعك من حماية المدنيين والعاملين الإنسانيين، وهي الحماية التي تشكل أساس تفويضها من قبل مجلس الأمن الدولي. ويحدث هذا التدهور في فعالية وكفاءة البعثة التي لم تكن أبداً في أي وقت من الأوقات كافية للقيام بتفويضها حتى من بعيد, يحدث ذلك في وقت تواصل فيه إدارة عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة التخطيط لخفض, ليس فقط عدد الجنود, ولكن الموظفين المدنيين أيضاً. فقد أجريت "مراجعة للأفراد النظاميين" في العام الماضي، وتقرر خفض عدد الجنود بنسبة مقدرة بحلول شهر يونيو 2014. وتجري حالياً مراجعة الأفراد المدنيين لليوناميد, مما قد يؤدي أيضاً إلى تخفيضات كبيرة في أعدادهم. يحدث كل هذا على خلفية تعكس تصاعد كبير في العنف وانعدام الأمن طوال العام الماضي, بل وقبله . في هذا السياق فإن دعوى هيرفي لادوسوس رئيس إدارة عمليات السلام بالأمم المتحدة بأن القوة "متينة بما يكفي" لا تعدو أن تكون كذباً محضاً – رفضه في احتقار واضح كل الذين يعرفون جيداً الوضع الراهن على الأرض في دارفور, وبلا شك فإن التطورات الأخيرة تبرر هذا الاحتقار. إذ كيف نفسر أحداثاً كهذه, أوردتها تقارير صادرة عن هيومان رايتس ووتش, بناء على صور للأقمار الصناعية وإفادات شهود عيان؟
أكدت صور بالأقمار الصناعية الدمار االواسع النطاق لقرى في ولاية دارفور الوسطى [غرب دارفور سابقاً] في هجوم نفذه, في أبريل 2013 زعيم ميليشيا مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، بحسب ما قالته منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم.. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الصور تظهر بلدة أبو جريدل والقرى المحيطة بها في ولاية وسط دارفور [الغربية سابقاً] وقد احترقت بالكامل تقريبا. وفي شهر مايو قال قرويون فروا من المنطقة لهيومن رايتس ووتش إن قوات الحكومة السودانية، ومعها زعيم الميليشيا علي كوشيب، قد هاجموا المنطقة. ويُعتقد أن أكثر من 42 قرويا قتلوا, ودمر 2,800 مبنى.
"وتظهر "صور الأقمار الصناعية التدمير الكامل للقرى خلال هجمات ابريل على ولاية وسط دارفور" وتساءل دانييل بيكيلي، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. "كيف يمكن أن تقول السلطات السودانية إنه لا يوجد شيء يمكنها القيام به, في الوقت الذي تشارك فيه أجهزتها الأمنية في هذه الهجمات, وبينما لا زال على كوشيب المتهم بارتكاب جرائم حرب حراً طليقا"؟ ووجد تحليل قامت به هيومن رايتس ووتش لصور الأقمار الصناعية أن أكثر من 2,800 مبنى ربما أحرقت في أبوجريدل وأربع قرى مجاورة، وهي تعادل 88 في المئة من جميع المباني الموجودة في المنطقة. (السودان: صور الأقمار الصناعية تؤكد تدمير القرى. متهم لدى محكمة الجنايات الدولية لا زال طليقاً ، نيروبي، 19 يونيو 2013)
ويعود تقليص قوات اليوناميد لسبب بسيط, ولا علاقة له "بتحسن الأوضاع على الارض"، كما ادعي ذلك عبثاً لادسو في العام الماضي: إنها محاولة لتقليص حجم، وبالتالي تكلفة أكبر وأغلى عملية سلام في العالم, والأقل فعالية وكفاءة أيضاً. ومن الواضح أنه تم التوصل إلى هذه النتيجة داخل إدارة عمليات السلام, فطالما أن اليوناميد عملية في طريقها إلى الفشل. فإن الحل ليس في تقويتها, وإنما في نزع الإمداد المالي عنها. لقد حُكم على حياة الدارفوريين أنها لا تستحق التكاليف التي تتطلبها بعثة حفظ سلام فعالة.
هذا هو "الفحش الأخلاقي"، ولكنه نوع لا يرغب لا جون كيري ولا أي شخص آخر في إدارة أوباما، أو في الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الافريقي, في الحديث عنه.
فماذا يمكن أن نفعل بقوة عرفت من قبل مراراً وتكراراً حوادث مثل هذه؟ -
"ميليشيا تهاجم قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في السودان" هوجمت قافلة من قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في السودان بشرق دارفور, وقد شهد تبادل إطلاق النار الشرطة والقرويون في المنطقة. وتم اجلاء ثلاثة من المصابين على الأقل بطائرة هليكوبتر نقلتهم لتلقي العلاج بمستشفى الضعين.. وورد أن القافلة كانت في طريقها من عاصمة الولاية الضعين إلى مهاجرية. وقال شهود عيان لراديو دبنقا إن مجموعة من رجال الميليشيا هاجمت, صباح الثلاثاء [27اغسطس]. قافلة ليوناميد في منطقة أم ورقات، التي تبعد 30 كم إلى الشمال الشرقي من الضعين.
وتقول المصادر أيضا إن السيارتين اللتين خطفتا من بين الشاحنات العشر التي تتبع لقافلة اليوناميد خطفتا خلال ذلك الهجوم. وقالت رانيا عبد الرحمن مسئولة العلاقات الإعلامية بيوناميد, التي تحدثت الى راديو دبنقا عن طريق الهاتف من الفاشر عاصمة شمال دارفور, مساء يوم الثلاثاء، إن "ثلاثة جنود من قوة حفظ السلام أصيبوا في اشتباكات مع مجموعة مسلحة مجهولة في قرية الموموديري، التي تقع على بعد 36 كم شمال شرق الضعين." وقد قام قائد الشرطة بالمنطقة بإرسال قوات إلى أم ورقات, حيث وجدوا ناقلة وقود مقلوبة, وخمس من سيارات اللاند كروزر, انغرست اثنتان منها في الوحل, وخمس ناقلات جنود. وقال قائد الشرطة إن قواته أرسلت جميع المركبات إلى الضعين حاملة جنود قوات حفظ السلام (راديو دبنقا [إالضعين]، 27 أغسطس 2013).
وليست هذه سوى أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الهجمات على قوات حفظ السلام بدارفور (اليوناميد)، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 50 جنديا منذ أن تولت البعثة تفويضها في يناير 2008. وتقود كثير من خيوط هذه الهجمات بوضوح إلى ميليشيات متحالفة مع الخرطوم (انظر "قتل حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة: نزوع لا يرحم للقوات المسلحة السودانية الخرطوم، والمليشيات المتحالفة "9 مايو 2013، وhttp://www.sudanreeves.org/؟p=3960 "مقتل سبعة من أفراد قوة حفظ السلام للأمم المتحدة في دارفور: تحديث،" 18 يوليو 2013، http://www.sudanreeves.org/؟p=4128)
[4] وبينما تتحول يوناميد إلى قوة غير فعالة على الأرض بشكل متزايد، تتضافر العديد من الاشتباكات العرقية والقبلية لكي تخلق المزيد والمزيد من انعدام الأمن؛ فقد بلغ الصراع بين الجماعات العربية مستوى غير مسبوق. ولا زال الصراع الذي بدأ, صيف العام الماضي, في منطقة بني عامر (شمال دارفور) بين بني حسين والرزيقات الشمالية, مستمراً, وكان المحرك الرئيسي وراء 300,000 نازح دارفوري جديد, حتى منتصف شهر مايو هذا العام. كذلك تواصل النزوح واسع النطاق، والذي توجه جزء كبير منه إلى تشاد حيث الموارد الإنسانية أكثر محدودية مما هي عليه في دارفور, وحيث لا تتوفر قوة للحماية (وقد وفرت الشبكة االإعلامية الإنسانية للأمم المتحدة في الآونة الأخيرة سلسلة ممتازة من التقارير بهذا الشأن). وذكرت سودان تريبيون (21 أغسطس 2013) أن 839 شخصا لقوا مصرعهم في اشتباكات وقعت مؤخرا بين بني حسين والرزيقات الشمالية (http://www.sudantribune.com/spip.php؟article47747
أيضاً كان العنف واسع النطاق بين السلامات وقبائل التعايشة هو القوة الرئيسية التي دفعت بأكثر من 50,000 شخص إلى شرق تشاد، عدد كبير منهم من منطقة أم دخن في غرب دارفور. فقد قررت الخرطوم الانحياز إلى التعايشة في هذا الصراع، في جزء منه لأن واحدا من قادة الجنجويد الرئيسيين، علي كوشيب، ينتمي إلى قبيلة التعايشة. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد وجهت إلى علي كوشيب اتهامات واسعة النطاق بجرائم ضد الإنسانية في هذه المنطقة, في وقت مبكر من الحرب.
وفي شرق دارفور تقاتل المجموعة القبلية للرزيقات قبيلة المعاليا المنافسة، في توسيع كبير لجغرافيا العنف القبلي العربي.
وقالت مصادر قبلية إن القتال بين القبائل العربية المتناحرة هز منطقة دارفور السودانية, يوم الأحد, لليوم الثاني على التوالي, بعد أن توفي 100 شخصا في الاضطرابات التي أسفرت عن مقتل المئات هذا العام. وقالت المصادر إن معارك تدور الآن في منطقة عديلة في جنوب شرق دارفور. وأضافت أن "القتال انتشر اليوم في العديد من المناطق"، وقال عضو في قبيلة الرزيقات التي تقاتل قبيلة المعاليا المنافسه, منذ يوم السبت, طلب عدم الكشف عن هويته.. "رأيت بعض الرزيقات الجرحى ينقلون إلى المستشفى في الضعين في سيارات لاند كروزر"، والضعين هي عاصمة ولاية شرق دارفور. وأكد أحد السكان المعاليا إن القتال يدور جنوبي عديلة، وقال طبيب في مدينة نيالا التي تقع إلى الغرب من منطقة النزاع لوكالة فرانس برس إن بعض المعاليا المصابين نقلوا لتلقي العلاج هناك. ولم يكن أياً منهما قادراً على إعطاء أرقام بعدد ضحايا قتال يوم الأحد, لكن مصادر قبلية قالت إن العشرات قتلوا يوم السبت. وقال مصدر آخر من الرزيقات طلب عدم نشر إسمه "لقد اشتبكنا مع المعاليا … ودمرنا مجمعاً سكنياً لهم وقتلنا 70 منهم"، وأضاف "لقد فقدنا 30 من رجالنا." (مزيد من القتال في دارفور بعد مقتل مائة شخص: قبائل السودان، راديو فرنسا 24، 11 أغسطس 2013).
وهناك قتال يدور أيضا بين قبيلة القمر غير العربية وقبيلة بني هلبة العربية ( قدم موقع AllAfrica.com خلاصة مفيدة عن هذا العنف القبلي المتشعب المتعدد الأسباب على الرابط: http://article.wn.com/view/2013/06/25/Accusations_of_Genocide_As_Beni_Halba_Gimr_Clash_Again_in_So/#/related_news) وبالطبع فإن قوات اليوناميد عاجزة, وليس لديها القدرة على التخفيف من الدمار الذي يخلفه هذا العنف المتصاعد. علاوة على ذلك، فإن تداعيات هذا العنف قد أثرت بالتأكيد على العمليات الإنسانية، كما أن انعدام الأمن المتصاعد سوف يؤدي, لا محالة إلى, الحد بدرجة أكبر من جهود الإغاثة المحدودة والمتأثرة بشدة.
للحصول على منظور عن الحجم الكبير للاحتياجات الإنسانية التي يتطلبها السودان -وليس فقط دارفور- راجع سودان تريبيون, التي قدمت مؤخراً ملخص بيانات صادم بهذا الشأن.
فقد ذكرت الأمم المتحدة في بيان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني, صدر عن رئاستها في الخرطوم, يوم الاثنين: أن ما يقارب ال 4.5 مليون شخص في السودان لا يزالون في حاجة للمساعدات الإنسانية, على الرغم من أن هذا البلد موطن لواحدة من أكبر عمليات الإغاثة في العالم. وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في السودان علي الزعتري إن الوكالة ومنظمات العون الإنساني أنفقت أكثر من 10.5 مليار دولار في السودان خلال العقد الماضي, لتلبية احتياجات الناس في المناطق المتضررة من النزاع., على وجه الخصوص. وقال إن الآلاف اضطروا إلى الفرار من ديارهم نتيجة الحرب والاقتتال الداخلي في دارفور، وجنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق وأبيي، في حين فقد كثيرون آخرين ممتلكاتهم وسبل عيشهم نتيجة للصراعات الدائرة. (سودان تريبيون، 19 أغسطس 2013؛ http://www.sudantribune.com/spip.php؟article47703
في هذا السياق قدم مؤخراً مارك كاتس، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، عرضاً ملخصاً للوضع، تكاد تستعصي كثير من أرقامه على الفهم والاستيعاب:
إذ يقوم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بتقديم المساعدة لأكثر من 4.5 مليون شخص في السودان. وتقدر الوكالة أن الحروب والصراعات وموجات العنف دفعت أكثر من مليوني شخص للفرار من ديارهم في دارفور منذ عام 2003, لا يزال 1.4 مليون على الأقل منهم يعيشون في معسكرات النازحين. كما أن أكثر من مليون شخص اضطروا للنزوح أو تضرروا بشدة من الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق, منذ سبتمبر 2011.
كذلك قُتل سبعة وأربعون من العاملين بالاغاثة في دارفور, منذ عام 2003، وأصيب 139، و اختطف 71 منهم. كما قُتل اثنان من السودانيين العاملين بالإغاثة, في نيالا بجنوب دارفور, منذ شهر واحد فقط. بالنسبة ليوناميد، قُتل, منذ عام 2007، 51 من جنود حفظ السلام, ثلاثة عشر منهم في العام الماضي وحده.
وتقدر الحكومة السودانية أن 1.8 مليون طفل هم حالياً خارج النظام المدرسي في البلاد, يعيش كثيرون منهم في أماكن مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ويبلغ المستوى العام لسوء التغذية في السودان 16٪، كما أوضح ذلك مسح حكومي حديث. ويزيد هذا الرقم عن عتبة الطوارئ المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية البالغة 15٪. ويرتفع هذا المعدل في ولايات سودانية أخرى، مثل ولاية البحر الأحمر في شرق البلاد. وقدرت الأمم المتحدة، في برنامج مشترك مع وزارة الصحة السودانية ووزارات حكومية أخرى، أن حوالي 750,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد, في عام 2013.
أيضاً لا يحصل أكثر من خمسة ملايين شخص في السودان على فرص الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية. ويقل عدد العاملين الصحيين المدربين في دارفور 5 مرات عن معيار الحد الأدنى الذي قدمته منظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة. (بيانات استشهد بها راديو دبنقا [الخرطوم]، 16 أغسطس 2013)
يحدث كل هذا في الوقت الذي يعمل فيه الرئيس البشير وزملاؤه من مرتكبي الإبادة على الحد من وجود عمال الإغاثة الدولية في السودان. واليوم, بعد أن أهدر البشير مليارات لا تحصى من الدولارات على الحرب، والمشتريات العسكرية، والأجهزة الأمنية العديدة، وشبكة واسعة من المحاسيب، وعلى ثرائه الشخصي الفاحش، فإن نظام الخرطوم لا يرغب, وليس لديه الموارد المالية اللازمة للتعامل مع هذه الأرقام شديدة القتامة. فقد تدهور القطاع الزراعي بشدة في ظل حكم الجبهة الإسلامية القومية / حزب المؤتمر الوطني, الأمر الذي أسهم بقوة في هذه الحقيقة المذهلة, وهي أن "المستوى العام لسوء التغذية في السودان هو 16٪" وهو رقم للبلد بأكمله, يزيد عن عتبة الطوارئ الإنسانية للأمم المتحدة. وحتى حيث تكون الحاجة إليها أشد في دارفور، ترفض يوناميد تحدي الحصار الإنساني الذي تفرضه الخرطوم. على سبيل المثال، لا زال الوصول محظورا إلى من يعيشون في شرق جبل مرة –بينما هم في حاجة ماسة حقا للمساعدات الإنسانية.
فبسبب الحالة الأمنية غير المستقرة في شرق جبل مرة في دارفور، يواجه حوالي 70,000 من النازحين "صعوبات بالغة"، بحسب ما ذكرته رابطة النازحين واللاجئين في دارفور. وقال المتحدث باسم الرابطة حسين أبو شراتي, الذي كان يتحدث الى راديو دبنقا, يوم الثلاثاء, إن النازحين في معسكرات نيفاشا وشداد في شرق جبل مرة يواجهون حالات إنسانية وصحية صعبة للغاية. فهم "لم يتلقوا مساعدات إنسانية منذ عام 2012، بسبب القتال الدائر بين القوات الحكومية والجبهة الثورية السودانية"، وقال إن "هذه الأوضاع تتفاقم بسبب ترك المنظمات الإنسانية للمنطقة منذ عام 2012." (70,000 "يواجهون صعوبات بالغة" في اشرق جبل مرة بدارفور: النازحون، شرق جبل مرة، 20 أغسطس 2013).
[5] على الرغم من عظم حجم هذه المشاكل, وعلى الرغم من مسئولية نظام الخرطوم في تأجيج النزاع والانخراط في حرب استنزاف، ضد جهود الإغاثة الإنسانية الدولية، إلا أن المشكلة الكبرى التي تواجه دارفور تظل هي تشريد المزارعين الأفارقة/ غير العرب من أراضيهم، والاستيلاء بالعنف على هذه الأراضي من قبل الجماعات والميليشيات العربية, التي تصر على استخدام هذه الأراضي كمرعي يدعم سبل عيشها البدوية / الرعوية في الحياة. وفي هذا المجال على وجه التحديد يتجلى العجز الكامل ليوناميد؛ ففي الأسابيع القليلة الماضية فقط أورد راديو دبنقا:
قالت تقارير إن إمرأة نازحة مسنة عانت من تمزق في مقلتي عينيها, يوم الاثنين, بعد أن تعرضت للجلد والضرب، على يد ميليشيات موالية للحكومة، في أبو سروج قرب سربا في غرب دارفور. وقال ناشط لراديو دبنقا إن "فاطمة الأسد (80 سنة) كانت تعمل في مزرعتها, مساء الاثنين, عندما قامت مجموعة من الرجال المسلحين بجلدها وضربها بالعصي وأعقاب البنادق". وقال المصدر إن فاطمة الأسد كانت تحاول منع الرعاة من إدخال مواشيهم للرعي في مزرعتها. وكما ذكرت تقارير سابقة، فقد تواترت تقارير إلى راديو دبنقا عن اعتداءات مماثلة من قبل الرعاة على المزارعين في جميع أنحاء دارفور. وقال الناشط إن فاطمة الاسد نقلت الى المستشفى في الجنينة عاصمة الولاية لتلقي العلاج، وناشد من خلال راديو دبنقا السلطات المحلية وقوات يوناميد حماية النازحين ووضع حد لهذه الهجمات. ("رعاة يضربون امرأة عمرها 80 عاما في غرب دارفور، معسكر سربا [غرب دارفور]، 19 أغسطس 2013).
غير أن قوات اليوناميد عاجزة عن حماية هذه الأراضي، وعن حماية أولئك الذين يحاولون العودة- كما أنها لم تظهر أي رغبة في بذل جهود جادة للقيام بذلك.
وكان مزارعا قُتل وجرح آخر في الطاحة بمحلية عديلة، شرق دارفور, يوم الاربعاء، حيث ورد أنهما قاوما رعي مواشي لمسلحين في مزارعهم. وقال أحد أقارب المتوفى لراديو دبنقا إن جمعة جودة نور توفي وأصيب طحيم إبراهيم عندما قام ثمانية مسلحين يمتطون الخيول، برعي مواشيهم في المزرعة. وعندما حاول المزارعون منعهم أطلقوا عليهم النار. ويبدو أن نور توفي على الفور. (الرعاة يقتلون مزارعاً بشرق دارفور، ويصيبون آخر في اطلاق للنار، الطاحة، 22 أغسطس 2013)
وشكا مزارعون كثيرون من كافة أنحاء دارفور من "الرعاة المسلحين الموالين للحكومة", الذين يتعدون على مزارعهم ويقومون بضربهم ومضايقتهم. وقد وصلت تقارير مماثلة لراديو دبنقا من ولايات جنوب وغرب ووسط دارفور حول رعاة يسمحون لجمالهم ومواشيهم بالرعي في المزارع. وذكرت التقارير أن المزارعين الذين يواجهونهم "يتعرضون للجلد والضرب والتهديد بالقتل". كذلك قال لراديو دبنقا مزارعون من منواشي, ومارشانق, ودوما بجنوب دارفور, وزالنجي وقارسيلا وبونديزي في وسط دارفور, وفوروبارانقا والجنينة بغرب دارفور, إنهم يتعرضون لهجمات شرسة من الرعاة (دارفور, 31 يوليو 2013).
وأعرب مزارعون من محلية كبكابية في شمال دارفور عن قلقهم من فشل الموسم الزراعي لهذا العام لعدد من العوامل. وأوضح أحد المزارعين لراديو دبنقا أنه بالرغم من أنه كانت هناك أمطار جيدة، إلا أن الموسم الزراعي الحالي مهدد بالفشل بسبب رعي الرعاة المسلحين لإبلهم ومواشيهم في المزارع. وقال المزارع "إنهم يفعلون ذلك بقوة السلاح, يضربون المزارعين ويهددونهم بالقتل إن هم تعرضوا لهم أو لمواشيهم". (كبكابية بشمال دارفور، 7 أغسطس 2013)
وقد أدى تردي الوضع الامني في ولاية دارفور الوسطى إلى فشل فترة الزراعة بالنسبة للنازحين في المعسكرات المحيطة بعاصمة الولاية زالنجي، بحسب ما قاله منسق المعسكرات. وأضاف لراديو دبنقا أن الوضع الإنساني في المخيمات سيئ للغاية…"كما أن الوضع الأمني حرمهم من ممارسة حياتهم اليومية المعتادة، وولذلك فإن خريف هذا العام لم يكن مشجعاً" . كذلك أعرب المنسق عن قلقه من تفاقم الأزمة الإنسانية في حالة فشل الموسم الزراعي فشلاً كاملاً. وفي جميع أنحاء دارفور، تتكفل عصابات نهب لمجموعات من اللصوص المسلحين بتصعيب حركة النازحين خارج المعسكرات, وفقا لتقارير يومية تصل راديو دبنقا. وينطبق ذلك خصوصا على أولئك الذين يغادرون المعسكرات كل يوم لرعاية أراضيهم الزراعية. (معسكرات زالنجي، [سابقاً غرب] دارفور، 30 يوليو 2013)
(انظر الملحق الثالث [16 أغسطس 2013 تحليل] لأمثلة أخرى من منع الوصول إلى الأراضي الزراعية راجع، http://www.sudanreeves.org/؟p=4161
****
إذا لم يتم التصدي لهذه القضية بالغة الخطورة, بشكل مباشر, وفوري، فلن تكون هناك فرصة لنجاح أي مفاوضات للسلام في دارفور. فقد أصبحت وثيقة الدوحة للسلام في دارفور (DDPD) مجرد حروف ميتة, وحبراًعلى ورق بالنسبة للمجتمع المدني الدارفوري, والحركات المسلحة الجادة. فقط في حالة تنامي اهتمام فوري, يحظي بدعم دولي واسع, بهذا التحول الديموغرافي المزعزع للاستقرار في ملكية الأرض, يمكن أن يكون هناك أمل في سلام حقيقي, وعادل, ودائم يوفر الفرص لتنمية حقيقية في دارفور. من الجانب الآخر فإن الخرطوم تأمل, من دعم هذا التحول الديموغرافي والاقتصادي الرئيسي, الحفاظ على ولاء بعض الجماعات العربية, ومنع آخرين من الانضمام إلى التمرد االمتصاعد ضد النظام. ويعكس ذلك منطقاً وحشياً، من النوع الذي يمكن توقعه من هولاء البشر المحنكين في استرتيجيات البقاء التي لا ترحم.
28 اغسطس 2013.
***********************************
[اريك ريفز، الأستاذ بكلية سميث - نورث هامبتون، ماساشوستس، هو مؤلف كتاب المساومة مع الشر: التاريخ الأرشيفي للسودان الكبير، 2007-2012. وقد عمل ريفز بتفرغ كامل كباحث ومحلل للشأن السوداني, طوال خمسة عشر عاما، نشر خلالها أعمالاً كثيرة على نطاق واسع في كل من الولايات المتحدة, ودولياً. وقد أدلى اريك ريفز, عدد من المرات, بإفادات أمام الكونغرس حول سياسة الولايات المتحدة تجاه السودان، لا سيما فيما يتعلق دارفور.]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.