شمائل النور …. من فرط الجهوية والقبلية والعنصرية في السودان والتي هي شرط أساسي في استمارات مؤسسات الدولة الرسمية قبل أن يتم سحبها مؤخراً من استمارة الرقم الوطني،ولا يزال السؤال قائماً في كثير جداً من الأوراق الرسمية الوطنية،هذه القبلية المفرطة وصلت الحد التي أصبحت فيه جزء أصيلاً من المكون الثقافي الكلي والفردي للسودانيين،ومن فرطها باتت تُكتب على ظهور بصات وحافلات النقل العامة،فوراوية،كاهلية،تاماوية،كسلاوية،سنارية..وما نقرأه بشكل عابر من عبارات تعلو لافتات المحال التجارية،الشايقي للحديد،ود دارفور للأثاثات،والجعلي للسيارات،وغيرها هي نتاج طبيعي جداً لتوجه باتت تتخذه السياسة العامة في السودان على مر سنوات طويلة،وليس غريباً حينما تمتليء الصحف بأخبار على شاكلة،عموم قبائل المساليت تجدد البيعة للرئيس،أو عموم قبائل الكواهلة تلتقي مساعد الرئيس،أو…أو. هذا الحراك المتنامي بشكله البسيط في الشارع العام هو نتائج كارثية لسياسة عامة،وليست بالضرورة أن تكون سياسة دولة،بل حتى سياسة أحزاب سياسية،نحن لسنا بحاجة إلى تغيير سياسي شامل فحسب،بل بحاجة أشد لتغيير ثقافي شامل،يحافظ على ما تبقى من نسيج اجتماعي. وجيه أصدره الرئيس أول من أمس بحل كل الروابط الجهوية والقبلية بالجامعات السودانية،هذا التوجيه،في تقديري أهم من كل الأفعال السياسية وليته يتطور ويصبح قراراً رسمياً،وليت الرئاسة ترعى محاربة الجهوية والقبلية بشكل مباشر،لكن أيضاً لن يكف ون يحل الإشكال،مالم تتحرر سياسة الدولة ذاتها من الجهوية والقبلية التي تسيطر على الشكل العام،توزيع الوزارات يتم بناء على الجهوية والقبلية،تقسيم الولايات يتم على هذا الأساس،التوظيف في مؤسسات الدولة يتم على ذات الأساس،إذن الخلل عميق وكبير لذلك فالمطلوب منظومة موجهات يتبعها توعية شاملة تُخرج القبائل والجهات من تمترسها حول نفسها إلى سودان يسع الجميع،والإعلام مثلما كرس لهذا الأمر لديه القدرة للخروج منه إلى ماهو أوسع من ضيق القبلية والجهوية. وثيقة متداولة في مواقع الانترنت،هي خطاب من مساعد الرئيس مبروك مبارك سليم إلى حكومة المملكة السعودية،يدعو فيه ب "تسول" حكومة المملكة بحماية ورعاية قبيلة الرشايدة دون كل السودانيين المقيمين هناك والذين يواجهون ذات الأمر،مساعد الرئيس والذي يمثل رئاسة دولة السودان أو هكذا ينبغي،همه عشيرته وأهله،وباقي السودانيين يحرقوا أو يغرقوا، لا يهم..هذا منهج دولة،كل يحمي أهله،ومن لم تفشل الدولة في حمايته فليبحث عن جنسية أخرى تحميه..إن مشكلة القبلية والجهوية في السودان ليست حديثة عهد لكن أن تصبح جزء من مساومات وصفقات سياسية،هذا ما يؤدي إلى المزيد من الاحتقان القبلي ،مساعد الرئيس وقع في خطأ كبير،لكن ربما استشعر أنه إذا استطاع أن يحمي أهله وعشيرته فهذا يكفيه،فهو جاء ممثلاً قبلياً وجهوياً،وربما وجدها سياسة تتبع من قبل أن يدخل القصر،فسار على ذات النهج ..أياً كان هذا جانب من وضع كامل يعيشه السودان،لابد من الخروج منه.