*يبدو أن حزب المؤتمر الوطني لم يستوعب حتى الآن الدروس التي مرت عليه داخلياً منذ سنوات الإنقاذ الأولى وأنه ما زال يحاول اللعب على أوراق الخلافات التي يصطنعها داخل الأحزاب ليفرق بينها في محاولة لاضعافها وإبعادها عن ساحة الحراك السياسي الإيجابي. *إن سياسة إقصاء الآخرين والتقليل من شأنهم والسخرية منهم لن تلغي الواقع السياسي القائم الذي لا يمكن أن يدعي حزب المؤتمر الوطني أنه يحظى بأغلبية جماهيرية حقيقية وإن كل الآخرين الآخرين لا يشكلون سوى 10% من جماهير الشعب. *هذه السياسة الاقصائية التي دفعت بأهل الجنوب دفعاً لخيار الانفصال ومازالت تتسبب في استمرار التشاكس بينه وبين حليفه العنيد حزب الحركة الشعبية حول القضايا العالقة التي أصبحت مسمار جحا السودان الباقي خاصة قضية أبيي التي إذا لم تسو بالتراضي التام بين مكونات أهلها بعيداً عن هذا التشاكس الفوقي فإنها ستتحول إلى منطقة نزاع أخرى إضافة للنزاعات التي مازالت قائمة حول دارفور. *قلنا ولن نمل القول إن رهان الحكومة على ضعف الأحزاب واللعب على خلافاتها لن يخدم للوطن ولا للحكومة قضية إنما سيعقد الموقف أكثر خاصة عندما يشعر المواطنون الذين يدفعون بلا مقابل ثمن الصراع حول السلطة والثروة بين أحزاب وكيانات وحركات مسلحة دون أية خطوات جادة نحو الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي, فإنهم سيخرجون على الجميع ولن يأخذوا إذناً من الحكومة ولا المعارضة. *كنا ومازلنا دعاة حوار وسلام واتفاق سياسي شامل يستصحب الاتفاقات السابقة ويبني عليها بما فيها إتفاق نيفاشا 2005م، خاصة في جوانبه المتعلقة بوثيقة الحقوق التي ضمنت في الدستور، ولن يحدث هذا في ظل استمرار سياسة الترغيب والترهيب التي تفنن فيها حزب المؤتمر الوطني. *ليس المهم هو مشاركة حزب الأمة القومي أو الحزب الاتحادي الديمقراطي أو الحزب الشيوعي في الحكم أم لا وإنما المهم هو الإسراع باستكمال ما تم من اتفاقات في اتفاق قومي شامل يتضمن برنامجاً محدداً لخطوات الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي وليس الاستمرار بذات النهج القديم الذي فشل عملياً في الحفاظ على وحدة السودان ومازال يتخبط في مواجهة التحديات الماثلة وخاصة في دارفور وفي أبيي وفي الشرق أيضاً إن لم نقل في كل السودان الباقي.