رسالة مستشارة الأمن القومي رايس إلى شعب جنوب السودان تحياتي. هذه سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي للرئيس باراك أوباما. اليوم أود أن أخاطبكم مباشرة- أنتم شعب جنوب السودان. في معظم الفترة التي امتدت 20 عامًا كان لي شرف العمل إلى جانبكم حينما كنتم تناضلون من أجل الاستقلال وبناء أمة جديدة. وحينما كانت الحرب في أوجها زرت مع الناس عبر أرجاء بلادكم- في ماريل باي ورومبيك ولوي. وأبلغتموني كيف أن الحرب كانت تؤثر على حياتكم وعلى أسركم. وحينما توليت منصب مندوب الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة شرفني أن أتبادل حكاياتكم مع العالم وأن أساند كفاحكم من أجل الاستقلال. ثم قبل عامين، يوم 9 تموز/يوليو 2011 كنت أشعر بالفخر حينما تحدثت إليكم نيابة عن الرئيس أوباما والشعب الأميركي عندما احتفلتم في نهاية المطاف باستقلالكم الذي حصلتم عليه بصعوبة. وأتذكر بكل جلاء، الفرحة العارمة وروح الوحدة في ذلك اليوم- وكيف تجمعتم كشعب واحد للشروع في بناء أمة جديدة، تتأسس على قيمكم الديمقراطية المشتركة. بيد أن العنف الذي نشهده في الوقت الراهن يشكل تهديدًا خطيرًا لأمتكم الفتية. فمواصلة الاقتتال- وشبح العنف الإثني- يمكن أن يمزقا نسيج الأمة التي عانيتم جميعًا من أجل توحيدها. ونحن نعرف جيدًا أن الأهوال يمكن أن تحدث حينما يعمد المحرّضون غير المسؤولين إلى تأليب قبيلة ضد أخرى، وأخ ضد أخ. لقد شاهدنا الخراب في البوسنة ورواندا وفي مكان قريب جدًا من وطنكم- دارفور. وإنني كصديق لشعب جنوب السودان، منذ فترة طويلة، أحث كل واحد منكم على التراجع عن الاقتتال، وعوضًا عن ذلك، معالجة خلافاتكم من خلال حوار سلمي. خلال السنوات الأخيرة، تمكنتم من تجاوز تحديات لا توصف، وأظهرتم للعالم أنه بمقدوركم أن تكسروا دائرة العنف؛ وأنه من خلال العمل الدقيق والمستمر تستطيعون وضع أمة جديدة تحترم حقوق جميع أفراد شعبها. إن هذا، ما ضحيتم- أنتم شعب جنوب السودان، بالأرواح من أجله وصوّتم لصالحه بصورة سلمية جدًا: أمة مستقلة، ومسالمة، وموحدة، لها غد أفضل. وهذا هو الوعد الذي يدعو الشباب والزعماء الروحيون ورموز المجتمع في جميع أرجاء جنوب السودان قادتهم إلى الارتقاء إليه حاليا. إن الولاياتالمتحدة تضم صوتها لدعوات السلام هذه. وإننا نحث زعماء جميع الأطراف إلى إعلان نبذ العنف، وإنهاء القتال، والالتزام بحوار سلمي. ويجب أن يتوقف على الفور العنف الإثني. أما أولئك الذين ارتكبوا أعمال العنف ضد المدنيين، فيجب أن يُحاسبوا. كما أن جميع الذين يسعون لتحقيق مآربهم عن طريق فوهات البنادق، فيجب أن يدركوا أن الشرعية الدولية والتأييد لا يمكن أن يُكتسبا من خلال الصراع. وإلى جميع أولئك الذين يختارون مسار السلام والديمقراطية، فاعلموا أن الولاياتالمتحدة ستواصل الوقوف إلى جانبكم، كما فعلنا في كل خطوة من مشواركم. لكن، ينبغي أيضًا أن أوضح أنه: إذا تم تبني خيار آخر، إذا سعى أفراد أو جماعات للاستيلاء، أو الاحتفاظ، بالسلطة عن طريق القوة أو العنف الجماعي أو الترهيب، فلن يكون هناك خيار أمام الولاياتالمتحدة سوى سحب تأييدنا المعتاد، والقوي. فالقتل لن يؤدي إلا إلى الحرمان والعزلة لشعب جنوب السودان. إنني أعرف مدى ما تحملتم، ومقدار ما بذلتم حتى الآن، لكنني أرجوكم أن تتذكروا أن: الديمقراطية دائما مهمة شاقة. والمصالحة دائما تستغرق وقتًا طويلا. وعليكم مواصلة العمل من أجلها كل يوم من خلال الحوار والحلول الوسط. والخيارات التي تتبنوها اليوم هي التي سترسم مستقبل بلادكم. وبإمكانكم أن تختاروا ما إذا كان أبناؤكم سيعيشون في أمة يسودها السلام والرخاء المتنامي أم في أمة يشوهها استئناف القتال. وباعتباري وقفت دائمًا إلى جانبكم وتصورت مستقبلا أفضل لكم ولعائلاتكم، فإنني أطلب من كل واحد منكم أن يكون خياره هو جنوب السودان الموحد والمتماسك. تبنّوا هذا الخيار من أجل أنفسكم ومن أجل أطفالكم. وشكرًا. ( استمع لنص الرسالة بالانجليزية ادناه ) :