لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تبييض البشرة وازمة الهوية..ضحايا وابرياء في مجتمع (مجرم وقاتل ) مع سبق الاصرار
نشر في حريات يوم 15 - 01 - 2014


المثني ابراهيم بحر
[email protected]
اْصرت علي بطلة هذه الواقعة عدم ذكر اْسمها في هذا المقال وارمز لها هنا بالحرف(س) واْلحت علي اْلحاحاً شديداً بعدم ذكر الاْحرف الاْولي من اْسمها لدواعي تعلمها هي فقط , ولذلك ميثاق شرف الاْعلام والاْلتزام باْخلاقيات المهنة الصحفية كما تعلمتها من اْساتذتي الشرفاء تمنعني من ذكر اْسمها اْو التلميح الي حروف اْسمها الاْولي ,تقول بطلة هذه الواقعة إنها من اْقليم جبال النوبة تخرجت من جامعة الخرطوم كلية الاْداب قسم اللغة الاْنجليزية بدرجة البكالوريوس بتقدير ممتاز , سمعت خبراً عن رغبة التليفزيون القومي السوداني في حاجتها اْلي مذيعين نشرات اْخبار باللغة الاْنجليزية من النساء , علي اْن تكون المتقدمة الي هذه الوظيفة حاصلة علي اْقل تقدير شهادة البكالوريوس اْو مايعادلها بتقدير جيد , راْت (س) اْن الشروط تنطبق عليها لذلك حملت شهاداتها العلمية وذهبت الي مبني اْدارة التليفزيون القومي وقامت بالتدوين علي إستمارة التقديم مصحوباة بصور فوتوغرافية حديثة , تم تحديد يوم مقابلة لها مع لجنة إجازة الاْصوات الخاصة بالمذيعين .قالت (س) إنها جاءت يوم المقابلة قبل ميعادها بساعة تقريباً وكانت واثقة تماماً من إنها سوف تجتاز لجنة الاْصوات بكل سهولة ويسر لاْنها كما قالت صوتها ممتاز جداً وتجيد اللغة الاْنجليزية وتخرج الحروف الاْنجليزية كاْنها بريطانية النشء والولادة , قابلت اللجنة المعنية التي كانت مكونة من ثلاثة اْعضاء اْستطاعت عن تتعرف الي اْحد اْعضاءها وهو ( المذيع عمر الجزلي) والذي طلب منها قراْت بعض النصوص المكتوبة باللغة الاْنجليزية في شكل نشرة اْخبار , قالت (س) اْنها قراْت النصوص بصورة ممتازة جداً بشهادة اللجنة نفسها التي قالت لها اْحد اْعضاءها (برافو عليك يابنتي ) لقد اْديت الدور بشكل جيد ولغتك الاْنجليزية هائلة جداً تؤهلك لاْن تكوني مذيعة اْخبار باللغة الاْنجليزية ويكون لك شاْن كبير جداً في عالم المذيعات , تبسمت (س) وشكرت اللجنة التي منحتها حقها الطبيعي علي حسب قولها , واْضافة قائلةً : سكت الجميع برهةً ثم ساْلها المذيع عمر الجزلي من اْي منطقة في السودان اْنت ؟ شعرت اْن الاْمر غير عادي ثم اْجابت بنوع من الدهاء .. من جنوب كردفان ! ,هنا طاْطاْ عمر الجزلي راْسه ثم قال لها : في الحقيقة اْنت صوتك جميل وطريقة قراْتك باللغة الاْنجليزية رائعة جداً, لكن هناك مشكلة قد تواجهك في ظهورك اْمام الكاميرا وللمشاهدين , قالت ماهي المشكلة يا اْستاذ ؟ قال لها اْنت سوداء للغاية ! هل تستطيعي اْن تفتحي بشرتك باْي كريم تفتيح البشرة ؟ قالت (س) , إنها هنا تمنت لو المبني كله إنهار فوق راْسها والاْرض إبتلعها لتكون نسيا منسيا, ثم قالت له يا اْستاذ إنني منذ طفولتي ومراهقتي لم اْضع اْي كريم تفتيح البشرة في وجهي ولم يعرف الكريم طريقه الي فكيف بين ليلة وضحاها اْقوم بفتح وجهي بواسطة كريم !, رد لها المذيع عمر الجزلي .. عشان خاطر الشغل وإلا لن تعمل مذيعي اْخبار وتظهري في الشاشة ! ردت (س) .. لا اْستطيع فعل هذا ..مستحيل , قال لها المذيع .. اْنت طريقة قراْتك للاْخبار صحيحة وجميلة جداً لذلك حرام التليفزيون القومي لا يستفيد من موهبتك , لذلك نحن في لجنة الاْجازة سوف نوصي بعملك كقارئة تقارير باللغة الاْنجليزية ! لاحظوا ايها القراء قارئة تقارير وليست مذيعة.
هذه الواقعة الحقيقية احكيها كمدخل لموضوع نقاشنا الرئيسي هذه الواقعة التي سردتها اعلاه اخترتها من بين العديد من القصص الواقعية لكي ادعم بها هذا المقال موضوع النقاش وهي منقولة عن احد الناشطين عن صفحته في احدي مواقع التواصل الاجتماعي, ووجدت انها الانسب لموضوع النقاش الذي دشنته جامعة الاحفاد احدي مناراتنا التعليمية السامقة والتي اعتبرها من افضل الجامعات السودانية لانتهاجها منهج وعي نوعي يتوافق مع حوجة المجتمع السوداني ومن ينظر الي خريجات جامعة الاحفاد يلاحظ تميزهن و الفرق بينهن وبين الخريجات من الجامعات الاخري من ناحية الوعي المعرفي, وقبل حوالي اكثر من اسبوعين وكعادتها في طرح مواضبع حيوية تناولت في ندوة بعنوان( تبييض البشرة وازمة الهوية) وتناول المتحدثين بعمق الظاهرة المتفشية في فضائنا السوداني وما افرزته من نتائج سلبية من الناحية الاجتماعية ومن الناحية الصحية , ساهمت في تفشي امراض كالفشل الكلوي والسرطانات , و تطرق النقاش لعمق جذور الازمة وعلاقتها بأزمة الهوية السودانية في مشاهد لا تحتاج الي توضيح نراها من خلال الهروب المتكرر من السمرة والسواد الي الي ظاهرة التبييض في الوسط النسائي عموما مع تنامي بروز الظاهرة بشدة وبتصاعد رأسي في مشاهد اصبحت لافتة للانظار تستحق ان نقيف عليها.
مشكلة الدولة السودانية انها وبعد ان تحررت من الاستعمار فقدت الاتجاه في الطريق الصحيح وحتي الان لا تدري هل هي( ذكر) ام( انثي) , فالانظمة السودانية تمارس العنصرية علي مواطنيها في وضح النهار فمن الطبيعي ان يصبح المجتمع السوداني مهووسا باللون الابيض , وفي بحث لي كنت قد رصدته عن الكريمات الواردة الي السودان من خلال مواني البحر الاحمر سوكن وبورسودان وجدت ان كريمات تبييض البشرة تتراوح نسبتها من جملة الكريمات المستوردة ما بين 60% الي85% وتزيد بحسب احوال العرض والطلب, وكانت نتيجة بحثي بها مطابقة قريبة مع نسبة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس , وبناء علي هذا و في رأيي ان الشعب السوداني اصبح مصاب بالحالة( الجاكسونية )نسبة الي النجم الراحل مايكل جاكسون , ففي عامان تقريبا من رحيله استضافت قناة mbc النجم الراحل( مايكل جاكسون) ذي الاصول الافريقية الذي اشتهر بعمليات التجميل , وكانت الاجابة التي ادهشت المشاهدين عندما سأله المذيع عن اصوله! في انكاره لاصوله الافريقية واصراره علي انه من سلاله بيضاء وانكاره لعملية تغيير جلده ولكن مقدم البرنامج كان ازكي منه ففاجأه بالمستندات المدعومة بالصور التي تؤكد تزييفه للحقائق وانكاره لعملية تغيير جلده واجراءه لعمليات التجميل منذ ان كان مع اشقائه في فرقة( جاكسون فايف), وعلي ذات النسق كانت قناة الجزيرة قد استاضافت( الطيب مصطفي) زعيم منبر السلام العادل الداعي للانفصال قبل انفصال الجنوب السوداني في برنامج عن الوحدة والانفصال وكانت احدي اجابات الطيب مصطفي (انا عربي) رسمت الدهشة علي وجه مقدم البرنامج الذي اشفق عليه ولم يفاجأه بالمستندات مثلما ما فعل مقدم البرنامج في قناة mbc مع النجم الراحل (مايكل جاكسون) ولم يسأله عن جدوده واقاربه من خيلان وعمات وهما العنصر الافريقي في دماءه, لان غالبية السودانيين تتخالط دماؤهم الافريقية مع العربية بنسبة تنخفض وتزيد والدليل علي ذلك اختلاف الالوان داخل البيت الواحد كحالة فريدة تميز الشعب السوداني عن غيره من الشعوب, وتأكيدا لحديثي كل الدراسات العلمية الحديثة الان واخرها دراسة علمية استخدم فيها التحليل عن طريق الحامض النووي dna قدمت في مركز طيبة برس ونوقشت بجامعة الخرطوم اكدت انتفاء النقاء العرقي بالسودان, ولكن لان الافارقة المساكين ينكرهم مايكل جاكسون وينكرهم الطيب مصطفي, فجملة الطيب مصطفي التي نطقها في البرنامج( انا عربي)هي تلخيص لازمة الهوية السودانية التي ينكرها لاحساسه بالدونية..
ان اسباب الازمة في رأيي قديمة ومتجذرة في وعينا الجمعي غداة خروج المستعمر وان المشكلة ليس اساسها في نظام الجبهة الاسلامية فحسب كما يروج له الكثيرون, بل في الوضعية التاريخية وهيمنة المركزية الاسلاموعروبية ,وبات من الضروري مناقشة هذه الازمة بوضوح ان اريدت الحقائق كاملة, لان الدولة تتحيز لكيان اثني ثقافي وتفرض توجهاتها ضد الكيانات الاخري ,فبعد خروج المستعمر ورثت المركزية الاسلاموعروبية جهاز الدولة وهشمت اجواء العدالة النسبي الذي كان سائدا ابان عهد الاستعمار الانجليزي , وسعت الي فرض هويتها عبر مؤسسات التعليم واجهزة الاعلام من خلال مشروع بوتقة الانصهار التزويبي علي اساس الثقافة( الاسلاموعروبية) التي غلفت بأسم القومية بالمعني السوداني كمصطلح من مصطلحات الترميز التضليلي للخطاب,فالمناهج الدراسية واجهزة الاعلام يفترض انها تخدم المواطن والثقافات الموجودة ولكنها بكل اسف عملت(غسيل مخ) من خلال تمرير مشاريعها لتغش المواطن السوداني بدلا عن توفير احتياجاته وبالتالي مفاتيح الوعي لم ولن تتطور واصبحت اجهزة الاعلام مطية للانظمة البوليسية لتستلب بها الثقافات الاخري , فالمشكلة كما يراها د .موسي الخليفة هي ان هناك جهة تفترض ان لغتها هي الافضل وكذلك دينها وعنصرها وثقافتها هم الاحسن, فهذا ما ظلت تشيعه المركزية (الاسلاموعروبية) في مؤسسات التعليم واجهزة الاعلام في السودان , فأنها تري مواطنها بالاسقاط بأن الثقافات الاخري هي( أقل), فعندما كنت صغيرا درست في المناهج الدراسية مثلما درست كل الاجيال في السودان ان الصفات الجميلة اشتهر بها العرب مثل الكرم والشجاعة والجمال والمروءة والفراسة حتي ظننت ان تلك الصفات يختص بها الجنس العربي دون سواه فتنامت مع وعينا الجمعي في ذاكرتي الي ان كبرت وتفتحت مداركي ووعيت علي الحقيقة, فيجب علينا ان لا نظلمهن و لا نندهش من تنكر النساء من ذواتهن وهروبهن الي اللون الابيض من اجل تنفيذ رغية المجتمع فنحن نحيا في اتون مجتمع تخضع فيه النساء الي تلبية رغباته وفق حوجات الرجال وضرورة تلبيتها وفق معايير الجمال التي فرضها مجتمعنا السوداني في اشياء محددة كاللون الابيض والشعر الطويل الناعم وبالتالي كل ما هو (افريقي) في الواقع اصبح مصدر اشانة سمعة بسبب احتقار اللون الاسود لسبب تاريخ مؤسسة الرق قريبة العهد التي لا تتيح اي فرصة للتباهي بأصل افريقي لاعتبارات مرتبطة بالتقسيم العبودي في الوعي( الاسلاموي عروبي) السائد في بلد يتبرأ فيه الناس من العرق الزنجي تبرؤهم من الجزام كما يقول عبدالله بولا..
ان الازمة موضوع النقاش زادت عمقا وتشعبت خاصة بعد تتويج مشروع( المركزية الاسلاموعروبية) ممثلا في نظام الجبهة الاسلامية (المشروع الحضاري) بعد تشديد الخطاب في قمة تجلياته الدينية فوصلت الازمة الي قمة تجلياتها من خلال السيطرة علي اجهزة الاعلام وتعديل المناهج الدراسية ,( اهم ادوات تفكيك الوعي) لخدمة اجندتها الخبيثة واصبحت اجهزة الاعلام وخصوصا المرئية مثالا كالتلفيزيون القومي احد اهم الاسباب التي ساهمت في تمزيق البناء الاجتماعي بأعتباره يمارس التمييز علي الاخرين من اجل القضاء علي تنوع الدولة السودانية ,وكل القنوات الفضائية الاخري الان في السودان مملوكة للدولة وابواقها وتمارس في ذات المنهج والمتفرس لسحنات المزيعات يتأكد من عمق الازمة وكل هذه صور تعكس ازمة الهوية السودانية , وبهذا المعيار الفضائيات العربية نفسها تمارس التمييز علي افضل الاعلاميين السودانيين الذين كانوا ملء السمع والبصر في فضائياتنا السودانية وترمي بهم خلف الكواليس لقراءة التقاريرواعدادها فقط في تمييز واضح, وبهذا المعيار لو كانت الاعلامية المتميزة (اويرا وينفري) تعيش في السودان اواحدي الدول العربية لما وصلت الي الشهرة النجومية التي تعيش عليها الان , وفي عهد الانقاذ التي كشرت عن وجهها الخفي لتعبر عن باطنها الخفي فبرز منبر السلام العادل احد اذرع (الجبهة الاسلامية) وهو يدعو الي صفاء الدولة السودانية علي اساس العروبة والاسلام ,وقال( الطيب مصطفي) رئيس المنبر: ان مشروع السودان الجديد مشروع عنصري بقوم علي حساب هوية السودان العربية والاسلامية , فقد كان كالجمل لا يري رقبته المعوجة لان هوية السودان علي اساس العروبة والاسلام وهم لن يلامس ارض الواقع حتي بعد انفصال الجنوب وهي فاشية دينية وعرقية مركبة, فأذا كانت الصهيونية حركة عنصرية فأن العروبية حركة عنصرية ولا يوجد فرق بين هوية السودان العربية والاسلامية ويهودية الدولة في اسرائيل , صحيح اسباب الازمة موجودة قيل مجيء نظام الانقاذ ولكن نظام( الجبهة الاسلامية) تبني شعارات عرقية وعبر عن نياته الباطنة عبر مثلث حمدي ومنبر السلام العادل, وقيل اسبوعين سطرت الاستاذة (سناء حمد) الوزيرة السابقة في مقال بصحيفة السوداني ذهبت فيه الي ضرورة (قفل) الحدود مع دولة جنوب السودان لمنع تدفق اللاجئين في مشهد وجد صدي استنكار واسع لان الدولة في نفس الوقت تستقبل اللاجئيين السوريين وتعامل الفلسطينين معاملة المواطن السوداني, وفي مقال ايضا في شهر رمضان الماضي كتبت الصحفية المثيرة للجدال والمحسوبة علي هذا (النظام فاطمة الصادق) تطالب الشباب السوداني بالزواج من السوريات النازحات الي السودان من ويلات الحرب واردفت ان هذا واجب ديني واخلاقي ومن باب تداخل الاجناس و(نحسين سلالة اجيال المستقبل) هكذا قالت في مقالها المبتذل واكبر الدلالات علي الاحساس بالهروب من اللون الاسود والتنكر لاصل الشعب السوداني.
لقد ظلت المرأة السودانية تعاني كثيرا خاصة بعد وصول المد الاسلاموي فيجب علينا ان لا نلوم المرأة في هذا الوطن بقدر ما نلوم مجتمعنا السوداني المتهم الاول والجاني مع سبق الاصرار والترصد, فزحف الصبايا والفتيات نحو تاج الجمال وبأي طريقة عن طريق استخدام كريمات التجميل لتفتيح لون البشرة حتي تسر الناظرين دفعهن المجتمع الي ذلك , فحتي الجميلات بات لا يقنعهن جمالهن وبات في اعتقادهن ان في اللون الابيض وحده خلاصهن من جميع مشاكلهن وكل ذلك من اجل ان تكون امرأة مشتهاة وفق رغبات الرجال في مجتمع فوقي يسلط سيفه علي رقابهن, والملاحظ في كل من يزور دولة (كينيا) يلاحظ الملصقات واليافطات في الواجهات التجارية والاعلانات غالبيتها لنجوم وطنيين ونجوم من سحنة سمراء من( افريقيا) ومن جميع دول العالم عكس ما يحدث عندنا في السودان فالاعلانات يسيطر عليها المصريين والسوريين وواجهات المحلات التجارية وواجهات كوافيرات التجميل لنجوم من شاكلة هيفاء ونانسي واليسا وليلي علوي ولم اري حتي الان ملصقا لاحدي نجماتنا السودانيات , فهذه الملاحظة تكشف بجلاء ازمتنا النفسية تجاه الظاهرة, وكما يلاحظ اي زائر الي ( كينيا) ان العاب الاطفال الدمي والعرائس يغلب عليها اللون الاسمر وهذه ملاحظة لافتة للنظر, فالاعتزاز باللون منذ الصغر في مرحلة عمرية باكرة تصبح محل اعتزاز وفخر تنمو معنا في وعينا الجمعي مثلما نشاهد في المجتمع الكيني وليس مصدر سخرية كما يحدث عندنا في السودان , وعلي العموم طرحت جامعة الاحفاد موضوع ازمة تمس واقعنا الاجتماعي وطرحت من قبل العديد من المواضيع ذات الصلة ولكني بحسب رأيي الشخصي ان الحل الجذري رهين بحل ازمات الدولة السودانية وفق احترام التنوع الموجود ولا توجد اي حلول اخري فأذا افترضنا الان الحل كما يروج له كثيرون عبر نشر( ثقافة الوعي) فهذه نقطة غير مفيدة في دولة تمارس التمييز ضد مواطنيها وتهيمن علي اهم ادوات الوعي من اجل فرض توجهاتها الاحادية, ولكن لم يحزنني ان الطيب مصطفي قد هلل وكبر احتفالا بالانفصال وقد حقق امجادا ومكاسب بقدر ما احزنني تقديم ايناء الجنوب ( كقرابين) انقاذا لماضينا ورغبة في تعريف العالم العربي بامجادنا المزعومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.