[email protected] الدكتور حسن عبد الله الترابي شخصية سياسية فكرية غنية عن التعريف أقامت الدنيا ولم تقعدها وقد شغل الناس بفتاويه التجديدية وإجتهاداته النادرة أبرزها( أنه لا يرى في شريعة الإسلام عقوبة علي مرتد وجواز إمامة المرأة وأن الشورى ملزمة وليست معلمة )والتي إتفق معه فيها الكثيرون وكفره آخرون بسببها وإتهموه بالذندقة والتدليس. غير أن خصومه السياسيين يصفونه بالمكر والدهاء والخداع وكان أكبر خدعة هي إنكارصلته بإنقلاب البشير1989 والذي هو من تدبير الجبهة الإسلامية القومية بزعامته . وعند مفاصلة الإسلاميين الشهيرة إعترف بأن أمر الإنقلاب كان بتدبيره وأنه قال للبشير إذهب أنت للقصر رئيسا وسأذهب للسجن حبيسا بغرض تمويه حقيقة الإنقلاب عن القوى الوطنية وقد إعترف لاحقا بأن تدبير الإنقلاب كانت خطيئة غير مغفورة إغترفها التيار الإسلامي بجهالة لأنها تصادم مبدأ أصالة الحرية في الإسلام. وقد كان أول ظهور له مع الرئيس بعد المفاصلة عند تقديم الرئيس لخطاب المفاجاة والذي دعا فيه الناس كل الناس لوثبة وطنية شاملة لا تستثني أحدا. الدكتور الترابي رغما عن تألقه وبريقه الذي لا يزال حاضرا إلا أن حزبه حجّم من نشاطه وأقعده من أن يلعب دورا مؤثرا في الساحة السياسية في الفترة الماضية واليوم بدأت الشكوك تتسرب إلي قلوب المعارضين في مدى صدق وجدية هذا الحزب في عملية التغيير التي تهدف إلي إسقاط النظام الشمولي لصالح نظام ديمقراطي وتعدية حزبية تنعم فيها البلاد بمساحة واسعة للحريات العامة وإشراك الكل في إخراج البلاد من عنق الزجاجة بسب الضائقة الإقتصادية وإستاع دائرة الفقر والحروب القبلية وصراع الهامش والمركز وهوية الدولة السودانية وعلاقاتها الخارجية التي تمر بأسوأ حالاتها وحسم النزاع المسلح بالحوار وتهدئة الخواطر لإحداث مصالحة وطنية تمكن من إتجاه البلاد نحو التنمية والإنتاج والسلام. الشكوك ظهرت بعد توجيه الشعبي إنتقادات لاذعة لقوى الإجماع الوطني بإشتراطاتها علي النظام للدخول في الحوار بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وقبول الحزب الحاكم بوضع إنتقالي يؤسس لتحول ديمقراطي وإجراء إنتخابات حرة ونزيهة حيث أن الحزب يرى أن الحوار هو من إختيار الحزب الحاكم وعلي القوى المعارضة إستغلال الفرصة دون شروط مسبقة غير أننا نرى في موقف الحزب غلو وتعسف وإستعلاء علي المعارضة حيث أن النظام إعتاد علي إطلاق مثل هذه التصريحات والدعاوى ليكتسب مزيدا من الوقت والشرعية علي حساب الحريات العامة وإغلاق الصحف اليومية و إعتقال النشطاء السياسيين كما أن إسترخاء المعارضة يمكنه من كنز مزيدا من الثروات والجاهزية ليستخدمها في الفوز بالإنتخابات القادمة والتي وإن حدثت في ظل هذه الأوضاع فإنها تزيد من حالة الإنقسام الوطني وتؤجج من وطأة الصراع المسلح الذي بدأ أثره السالب يهدد امن وسلامة المواطن داخل المدن الكبيرة. إذاً علي الدكتور الترابي أن يستعلى بعلمه وفكره عن تحقيق أي مكاسب عابرة بعقد إتفاق ثنائي مع الحزب الحاكم تكرس لشمولية النظام وتمنحه قوة دفع جديدة ورخصة لممارسة سياسة الإغصاء والكبت مما يزيد من وتيرة الصراع المسلح ويمهد الطريق لتفتيت وحدة البلاد وإنجاح مشروع تقسيمها وهو سيد العارفين بذلك لذا نقول للسادة في حزب المؤتمر الشعبي الذين يحذرون من محاولة إسقاط النظام بمنهاج القوة والتي تقربنا من المشهد السوري أو المصري بإنتشار ظاهرة العنف والعنف المضاد تعضيدا لتصريحات أهل الحكم. نقول لهم إن قوى الإجماع الوطني وحتي الحركات المسلحة لم تكن تلجأ لمنهج القوة لولا التصريحات الإستفزازية التي كانت تصدر من سادة الحكم. واليوم يدعي النظام أنه يتوجه لمرحلة جديدة من تاريخ البلاد عليه أن يبرهن عمليا علي ذلك بالأتي: أولا: بمناخ ملائم للحريات العامة خصوصا الصحافة فليتركها حرة لتقوم بدورها المطلوب في تبصير الرأى العام بما يجري وما يستجد من أحداث والمخاطر التي تحاصر البلاد. ثانيا : محاسبة الفاسدين الذين إستباحوا حرمة المال العام . ثالثا : فك الإرتباط بين الحزب الحاكم والدولة. رابعا:إقرار قانون الإنتخابات العامة بما يتوافق مع المصلحة الوطنية العليا لا يفصّل حسب قميص الحزب الحاكم . خامسا: إيقاف العمل العسكري إلا دفاعا وتسريح المليشيات المسلحة. سادسا: إجراء الحوار مع حملة السلاح بإرادة غالبة وبصيرة نافذة تفضي لسلام حقيقي يتجاوز أثار الحرب نفسيا وتنمويا وإجتماعيا. أختم قائلا إننا ضد لهجة الشعبي القاسية علي قوى الإجماع الوطني وإنتقاداته الحادة الغير مبررة كما إن طريقة معارضته للحكومة فيها كثير من الغزل الذي يدل علي ان الحزبين وجهان لعملة واحدة هي الشمولية الإسلامية لا غير.