٭ وتتوالى أحبتي الأحداث عاصفة، تتوالى الدروس في الهواء الطلق على الحكام العرب، الذين يتحدون إرادة شعوبهم، ظناً منهم أنهم في مأمن ما داموا يغدقون المال الوفير على أجهزة الأمن وينعمون عليها بالرتب والنياشين بمناسبة وغير مناسبة، ليتفرغوا لنهب أموال الشعوب وفي الضلالة يعمهون، فبعد تراجيديا رحيل بن علي دكتاتور تونس، تأتي الدروس هذه المرة من مصر قلب العروبة النابض. حكام لا يفكرون إلا في اللحظات الحرجة، وأوقات المحنة وتصاعد الأزمة واشتداد الحصار، وعندما يهتدون للتفكير لا يكون ذلك إلا بالقدر الذي يحافظ على عروشهم الآيلة للسقوط.. ومثل (علوق الشدة) تجبرهم الأحداث وعنفوان حراك الشباب على إصلاحات ديكورية لا تنطلي على اندفاع الشباب وحماسهم وثورتهم وكل ذلك بقصد تفويت فرصة التغيير على الشباب، والشعوب تثبت كل يوم أنها على قدر عالٍ من الوعي السياسي والإدراك فترفض هذه (الترقيعات) التي لا تنفذ الى جوهر الأزمة ،وهكذا يسقط حكام الغفلة في استيعاب كنه التاريخ وتلك الامثال التي يعج بها كتاب الله الكريم، والتلازم الحتمي في تلك الامثال بين الفساد المفضي الى الانهيار والاضمحلال والزوال.. فمتى يعرف هؤلاء الحكام ان المُلك لله يأتيه من يشاء من عباده وينزعه ممن يشاء.. ليس الأمر في يد أمريكا التي يحج اليها الحكام العرب كل حين طلباً للحماية والمباركة.. وأين الشاه/ محمد رضا بهلوي، أين جهاز أمنه (السافاك) ومن محاسن الصدف ان الفصل الأخير في حكاية شاه إيران كان في قصر عابدين، حيث منحته مصر حق اللجوء السياسي بعد ان طردته الثورة الإسلامية في ايران وتبعه طغاة آخرون شاوسسكو وصدام حسين وطابور الطغاة الكبير. ومتى يعرف الحكام العرب أن العالم اصبح قرية وليس هناك ما يخفي على هذه الشعوب بفضل ثورة الاتصالات التي قربت البعيد وبالتالي عزل الشعوب لم يعد ممكناً وهذه العروش لن يحميها إلا العدل وقيم المساواة والديمقراطية وسيادة القانون. ولعل من الدروس المستفادة موقف أجهزة الأمن في هذه الأحداث، فأجهزة الأمن تؤكد الأحداث أنها أجهزة دولة أو من المفترض أن يكون كذلك، التعاطي الغليظ والعنيف مع المواطنين العُزل يؤكد أن بعضها غير جدير بالاحترام ولا بالإنتماء لهذه الشعوب التي تدفع من قوت أبنائها لتأهيل وتدريب هذه الأجهزة. محمد النوبي