خرجت غالبية صحف الخرطوم اليوم وهي تحمل عناوين عريضة تؤكد فتح بلاغ من جهاز الأمن والمخابرات الوطني في مواجهة رئيس حزب الأمة القومي الامام الصادق المهدي، الذي أعلن عن استعداده للمحاكمة بشرط أن تكون عادلة فلا يكون الخصم هو الحكم، مدافعاً عن تصريحاته سبب الشكوى وقائلاً (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر). وتزامنت الشكوى مع إلغاء برنامج (أكثر من زاوية) المخصص للمهدي للحديث حول الحوار، وهو البرنامج الذي كان يفترض أن يبث على الهواء مساء أمس الاثنين، فيما رأى مراقبون أن الاجراءات المذكورة تؤكد غلبة الاتجاه الأمني الضائق باجواء الاسترخاء المحدودة بالخرطوم التي اتاحتها ما يسمى بالدعوة للحوار ، والتي يعد المهدي وحزبه من الداعمين لها. واتهم جهاز الأمن المهدي بالإنتقاص من هيبة الدولة وتشويه سمعة القوات النظامية. وقيد دعوى جنائية في مواجهته أمام نيابة أمن الدوله بالرقم (2014/2402) تحت المواد 62،66، 69، و159 من القانون الجنائي لسنه 1991 والتي تتحدث عن النشر المسبب للتذمر وسط القوات النظامية ونشر الأخبار الكاذبة والإخلال بالسلام العام وإشانة السمعة. واتهمت المذكرة المهدي بإيراد معلومات كاذبة وظالمة ومسيئة عن قوات الدعم السريع التابعه لجهاز الأمن والمخابرات الوطني وذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس حزب الامة بمقر الحزب بامدرمان . وكان المهدي قال في مؤتمر حزبه الصحفي المنعقد في دار حزبه بالأربعاء 7 مايو نصاً (الوضع في دارفور في كثير من المناطق عاد إلى سيرته الأولى في عام 2004م، الاقتتال لا سيما على أيدي قوات الدعم السريع أدى لحرق عدد كبير من القرى، وإلى زيادة كبيرة في النازحين فراراً من الدمار، وإلى نهب الأملاك واغتصاب النساء، وإقحام عناصر غير سودانية في الشأن السوداني. هذا كله مرفوض وسوف يؤدي لنتائج عكسية كما في الماضي، ونطالب بأن يكون حفظ الأمن حصرياً على أيدي القوات النظامية، ونطالب بإجراء تحقيق عاجل في التجاوزات التي وقعت وإنصاف المظلومين وإلا فإن المجتمع الدولي سوف يتحرك ويبسط شبكة عريضة من الاتهامات على الجناة.) وهذا ما اعتبرته الإدارة القانونية لجهاز الأمن (تعمد وقصد للإساءة والإضرار بقوات الدعم السريع وتشويه سمعتها بالإضافة إلى الإساءة للدولة والإنتقاص من هيبتها مما يعد تغذية للفتنة وتهديدا للسلام العام للبلاد). وفي حين نفى مكتب المهدي الخاص تسلم أية مذكرة دعوى، وهو الشيء المعتاد حال رفعت دعوى جنائية، أصدر المهدي بياناً يؤكد فيه صحة ما جاء في حديثه بالمؤتمر الصحفي، تحصلت (حريات) على نسخة منه ونصه: (طالعتني صحف اليوم الأربعاء 13 مايو 2014م باتهامات باطلة عممها جهاز الأمن والمخابرات لكافة أجهزة الإعلام وأرجو أن تنشر نفس الأجهزة بنفس الطريقة هذا البيان. أنا ملتزم بما قلته بالمطالبة بتحقيق عادل فيما جرى ويجري في المناطق المعنية، وأقول: الساكت عن الحق شيطان أخرس، و"إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر"[1]. هذه تلقي علينا مسئولية أخلاقية قبل الاعتبارات السياسية. إنني مستعد للمساءلة العادلة التي لا يكون فيها الشاكي هو الخصم والحكم. وأطالب بمحاكمة عادلة وعلنية ويسمح فيها بحق الدفاع الذي سوف يتولاه كل ذي ضمير وطني أو حقاني حي لأن القضية ليست شخصية، ولا حزبية، بل قومية.).