(في المكشوف، دعونا نحافظ على علاقات جيدة مع دول الخليج، ولكن علاقتنا بإيران علاقة استراتيجية، ويجب أن تدار سراً من قبل المخابرات العسكرية والأجهزة الأمنية.) د. مصطفى عثمان إسماعيل، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم، 31 أغسطس 2014. هذا ما قاله الدكتور م ع اسماعيل وزير خارجية السودان السابق في اجتماع مفصلي خطير للقيادات العليا السياسية والعسكرية والأمنية قبل شهر بكلية الدفاع الوطني بالخرطوم، ولقد تسربت وقائع الاجتماع للبروفيسير إريك ريفز بكلية سميث فى نورثامبتون، ولاية ماساسوشيتس بالولايات المتحدة، وهو ناشط حقوقي لديه إهتمام خاص بالمسألة السودانية، ينعكس بانتظام في موقعه الإلكتروني //Sudanreeves. وقام البروفيسير ريفز بنشر مضابط الاجتماع المذكور بموقعه فى 24 سبتمبر 2014، وقامت بترجمته ونشره كل من صحيفة (الراكوبة alrakoba.net) و (حريات hurriyatsudan.com) يوم 27 و 28 الجارى. وفيما يتعلق بالعلاقات السودانية الإيرانية، قال المتنفذون السودانيون الحاضرون بذلك الاجتماع الآتي: هذا طرف مما جاء في اجتماع القيادات السودانية برئاسة الفريق أول بكرى حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية، والمرشح لخلافة البشير. وفي حقيقة الأمر، كانت هناك شواهد أخرى عديدة لمتانة العلاقات السودانية الإيرانية منذ أول أيام حكومة الإنقاذ التى جاءت للسلطة عبر إنقلاب عسكري فى 30 يونيو عام 1989. 1. سوف تصبح الحكومة الإيرانية المورّد الأساس للسلاح للسودان، بديلاً عن الصين ودول شرق أروبا التي كانت حكومة البشير زبونة لها منذ مجيئها للسلطة عام 1989. 2. تصنيع السلاح والذخيرة الإيرانية ب"مجمع الصناعات العسكرية" في قلب الخرطوم، الذى اطلق عليه بعد ذلك إسم "مصنع اليرموك"، والذى قامت إسرائيل بدكه عشية عيد الأضحي المبارك، يوم 23 اكتوبر 2012. 3. تصبح اتفاقية الدفاع المشترك السابقة جزءاً من هذا الاتفاق. هذا، ولقد ساد شعور قوي وسط المراقبين بالخرطوم آنئذ، غذّته مؤخراً الضربة الإسرائيلية، بأن الإتفاق المذكور تضمن بنوداً سرية، ربما كان واحداً منها تخصيب اليورانيوم؛ وفى الواقع كان المصنع محاطاً بالسرية المفرطة والإجراءات الأمنية الصارمة. وعلى كل حال، لم تحل تلك الإجراءات دون الضربة الإسرائيلية التى سوّته مع لأرض بست طائرات إف 16؛ ولاذت الحكومة السودانية بصمت القبور خوفاً من المزيد من النبش الذى قد يكشف سر التخصيب، أو غيره من البنود السرية. من كل ذلك، نستنتج أن ثمة محور شرير يضم إيران والسودان وحماس وحزب الله والحوثيين، وفى أعماقه تنظيم الإخوان المسلمين العالمي…غارق في التآمر ضد بلدان الشرق الأوسط العربية؛ وهنالك العديد من الأدلة التي تشير إلى العلاقات العضوية الوثيقة بين هذا المحور وبين تجليات الإرهاب الإسلاموي البارزة حالياً فى عمليات داعش، ولدى الحوثيين باليمن، وبوكو حرام بغرب إفريقيا، والحركات الإرهابية الإخوانية بليبيا، وبمجمل الصحراء الكبري الإفريقية. وقد تولي تنظيم القاعدة الإخواني السلطة في شمال مالي بالعام السابق بالعنف والقهر "الداعشي"، حتى تدخل الجيش الفرنسي ودحره من تمبكتو وغيرها من المدن المحتلة بذلك الجزء من العالم؛ فأين ذهبت فلول الإرهابيين التى فرت أمام الفرنسيين؟ إن المنطق يشير إلي ما يحدث في ليبيا، حيث تكثف نشاط المنظمات الإرهابية مباشرة بعد غيابها عن الساحة المالية. كما نشطت هذه المليشيا في الآونة الأخيرة بالسودان كذلك، حيث بعثت الحياة مجدداً فى قوات (الجنجويد) بغرب السودان، وهي المليشيا المدعومة من حكومة الخرطوم التى كانت قد فجرت الصراع بجنوب دارفور عام 2003، ثم ضعف أثرها خلال العقد المنصرم، ليظهر مرة أخري بولايتي دارفور وكردفان، وكذلك في العاصمة السودانية بمسمي (قوات الردع السريع)، وهي مليشيا مستنسخة من الجنجويد، ومرادفة للقوات المسلحة، أطلت فجأة كأنها من السماء، وأحاطت بالعاصمة المثلثة السودانية إحاطة السوار بالمعصم، وأعلنت أنها جاءت لحماية النظام من أي انتفاضة أو هبّة جماهيرية كالتى حدثت في سبتمبر من العام الماضي، والتى كادت أن ترسل نظام البشير إلى مزبلة التاريخ. وواضح جداً أن محور الشر المذكور وراء القلاقل المستمرة بكافة جنبات الشرق الأوسط، وسيظل كذلك حتى يتمكن من استخلاص الإمارة الإسلامية التي بشر بها سيد قطب، والتي ما فتئ الإخوان المسلمون يستشرفونها؛ ثم لما تنشأ تلك الدويلة، يستطيعون أن يفرضوها كأمر واقع، (مثل دولة إسرائيل)، عن طريق صفقة ما مع الغرب، وبالتعاون مع الدول صاحبة حق النقض في مجلس الأمن، وهي بالتحديد روسياوالصين؛ ثم يتظاهرون بالاعتدال والمرونة في بادئ الأمر حتي يقوى عودهم، ثم ينطلقون لجهاد باقى العالم باعتباره (دار الحرب)، بالمفهوم الداعشي / السيد قطبي. ورغم أن مثل هذا السيناريو يبدو خيالياً ومسرفاً في الرومانسية، إلا أن مذكرات هيلارى كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة التى رأت النور مؤخراً تشير إلى إمكانية وقوع مثل هذا الكابوس، طالما أن بعض أركان الطبقة الحاكمة الأمريكية تتمتع بكل هذه السذاجة وبراءة الأطفال، إذ قالت السيدة هيلارى إن الحكومة الأمريكية لم تكن تمانع في (بل شجعت) قيام تلك الإمارة التى خصصت لها سيناء أرضاً وموقعاً. ولحسن الحظ، استعجل الإسلاميون النتائج، كدأبهم دائماً، وشرعوا بالفعل في إقامة تلك الدولة بسوريا وشمال غرب العراق، بعيداً عن الاعتدال والمرونة المفترضة، فانفضح أمرهم وتجلت مساوئهم وانكشف وجههم القبيح لكل البشرية من أول وهلة، مما اضطر الحكومة الأمريكية لقلب ظهر المجن لهم، ولقيادة الجهد الحربي الراهن الهادف لإبادتهم من الوجود، ولكنسهم تحت البساط (مع أسرار التورط الأمريكي المتوهم والحقيقي) . غير أن التصدي للجماعات الإسلاموية الإرهابية يجب ألا يأخذ طابعاً عسكرياً وأمنياً صرفاً؛ فلا بد من استئصال الإيديولوجية الإخوانية من جذورها، كما لمح لذلك الرئيس أوباما في خطابه الأخير بالأمم المتحدة. ولا بد من السيناريوهات والإجراءات التالية: