كمال كرار [email protected] في سالف العصر والأوان،وعندما كان التعليم بهدف التربية،واكتساب المعارف،لا بهدف المال وغسيل المخ والتجهيل كما هو الآن،كان أكثر الطلبة إزعاجاً هو المرشح الأوفر حظاً لمنصب (الألفة)،لأنه سيكون الأول في الإنضباط والسلوك الهادئ نظراً لحساسية المهمة الملقاة علي عاتقه. ولكن هذا المثل،لا ينطبق علي مجالات أخري،وبخاصة عندما يكون المال هو سيد الموقف،إذ لا يعقل أن يتم ترشيح الحرامي (بتاع جماعة تلّب)،إلي وظيفة صراف بأي مؤسسة،وإلا فإن مرتبات العمال والموظفين جميعاً في كف عفريت،وستلحق (أمّات طه)،بأعجل ما تيسر(كما يقول السدنة). ولا يمكن تعيين الإقطاعي،وصاحب الإستثمارات الزراعية وزيراً للزراعة،لأنه ببساطة سيحطم المشروعات الزراعية لصالح إزدهار مشروعاته طالما أن المسألة (أكل عيش). ولا يمكن أن يصبح صاحب الإستثمارات الصناعية،وزيراً للصناعة،فهو يربح ويكسب الأموال من ضعف وانهيار الصناعة الحكومية،ويخلو له الجو كلما (إتمسح) مصنع حكومي من علي وجه الأرض،وكلما تخلص من منافسيه،سيطر علي السوق،وتحكم في العرض،وبالتالي لعب بالأسعار كيفما شاء. وعلي هذا المنوال فإن مالك المدرسة الخاصة،يتمني في قرارة نفسه،أن تتهدم المدرسة الحكومية الكائنة جوار مدرسته بفعل زلزال أو بلدوزر،حتي يضطر الطلاب لدخول مدرسته بعد دفع الأموال الباهظة. وأي صندوق طلاب حكومي (شغال سياسة)،سيعمل علي تحطيم مجمع الداخليات،حتي لا تكون مكاناً للتجمعات،والتظاهرات،وحتي يتفرق الطلبة والطالبات جغرافياً ليسهل إصطيادهم عند أول مظاهرة . وأي سادن،حرامي يعينوه مديراً لأي مرفق حكومي،سينهبه في نهاية الأمر طالما كان لا يضمن البقاء في وظيفته إلي وقت طويل،خاصة وأن الإنتفاضة علي الأبواب. وأي زول في راسو ريشة،سيظل ماشي جنب الحيطة،ولو كانت العربات المصفحة تحرسه،ولو كان إسمه مولانا (الذي يسرق الخزانة). وبالطبع ومن البديهي أن من يستثمر في الصحة،ويكسب أمواله من الضحايا المرضي،ومن كليات الطب الخاصة،ومن المعامل التي تستنزف المريض إلي آخر جنيه،ليس أمامه غير مسح المستشفيات العامة،وتشريد الأطباء والكوادر الصحية،وربما كانت عينو قوية ليعلن أمام الملأ (العاجبو عاجبو والما عاجبو يحلق حاجبو)،وكلما أغلق قسماً بأي مستشفي ضمن مئات المرضي في عياداته الخاصة،وكلما قالت النقابات لا للتشريد دخلت الأجهزة الأمنية علي الخط واعتقلت المطالبين بحقهم،وكلما(حرس) الناس الأجهزة الطبية خوف إتلافها ونقلها أرسل العسكر بليل لقلعها،حتي لا تقوم قائمة لأي مستشفي حكومي. هؤلاء وأولئك لا يتزحزحون من كراسيهم طالما أن دجاجة المنصب تبيض ذهباً،وعليه فإن المطلوب رمي الكرسي والجالس عليه،من فوق الحيطة،حتي يعود القطاع العام زاهياً وحتي يكون المنصب الحكومي لخدمة المواطنين،لا لخدمة التنابلة،والسماسرة والنفعيين،الذين يقولون للجوعي يا تاكلوا كسرة يا تشربوا طين،دعهم يحلمون إلي (حين).