لم تناقش طبيعة المشكل السوداني بالقدر الذي يجعل حلها في متناول الواقع الذي تعيشه الدولة السودانيه منذ إستقلالها بعد خروج المستعمر – إن جاز لي أن أسميها مستقلة – وظلت حبيسه للصراعات السياسية في مستويات الحكم دون الولوج في دراسة وضعية مجتماعاته لوضع أليه مناسبه لمستويات الحكم في السودان تدير التنوع الثقافي / الديني / العرقي الخ.. وظل المجتمع حبيس لفترات طويله لرهن إشارات الطبقة الارستقراطية (البيوتات الدينيه، الزعامات الدينيه / القبليه) ورضخ لاهواء هذه الزعامات مقابل الولاء المقدس (الديني /القبلي / العرقي الخ) الذي لا يتيح ل (المريد) أدني إستقلالية في أتخاذ قراراته الخاصة بحياته التي يعيشها.. حتي دخول الوعي الاستناري والايدلوجي بتاسيس الحزب الشيوعي السوداني الذي طرح النظرية الماركسية وتحليل الصراعات داخل الدول لتأسيس أطر لحل هذه الصراعات.. إستندت النظرية الماركسية في تحليلها للصراعات الداخلية في الدول علي بنيتين: بنية تحتيه وهي تتمثل في علاقات و وسائل الإنتاج، وبنية فوقية وهي العادات والتقاليد والمعتقدات أي الثقافه حسب تعريفها الذي يقول" الكل المركب من عادات وتقاليد/ معتقدات / دين / عرق / زي الخ ".. نجد ان النظرية وحسب تعريفها للبنيتين وعلاقاتها تحصر الصراع في الناحية الإقتصاديه فقط، بين طبقتي " البرجوازيه/ البروليتاريا " دون اجترار طبيعة المجتمع المكون للدوله الذي ياخذ طابع التراتبيه المزدوجه أي التي صنعها الاستعمار والبسها ثوب الدولة الحديثة فصارت لا هي تدار بما يتناسب بنيتها ولا هي استطاعت تغيير بنيتها لتتوافق مع الدولة الحديثة.. هي أشبه بالعشائرية، فيها نجد الطبقه الارستقراطية " الزعامات الدينيه والقبليه" هي الممسك علي زمام وحراك مجتمعاتها وأن الولاء للزعيم هو الذي يحدد مسارات مصالحها، وبالتالي يرضخ هذا المجتمع لأهواء زعمائهم، دون أدني قدرة علي إستقلاليتها، والتي في تقديري هي محرك الإنسان لصراعاته وتحديد مساراتها.. إذا أمعنت النظر في الفهم الحالي للكيان الرأسمالي المسيطر، نجد أن في عهد الإنقاذ؛ حل رؤساء مال جدد بديليين لرأس المال القديم منذ بدايات القرن العشرين، وإعتمدت الكسب التجاري فضلاً عن وسائل الإنتاج، وإنتهجت كل أساليب الحفاظ عليه بواسطة إحكام السلطه وتوجيهها لحماية مصالح ممسكيه أو خلق حلقة مصاهرة بالتزاوج فيما بينهم لإحكام السيطره حتي علي بعضهم البعض.. لذلك يصبح من الصعب للطبقات البرجوازية الإنضمام الي الكتلة الرأسماليه، فالرأسماليه أصبحت لها تعريف فكري / عرقي / وأجتماعي معين، لا يكفي أن تكون رأسمالياً وفق شروط ماركس للرأسماليه.. من هذا التفنيد، يمكن إعادة تعريف البنيتين – فوقية وتحتيه – ووضعها في إطار البنية المركبة التي لها عدة محركات منها العادات والتقاليد، اللغة، الدين، العرق … الخ، وحتي الإقتصاد أصبح ضمن هذه المحركات لفئه بعينها.. وأن المجتمع السوداني بكل مكوناته لم يصل بعد الي تعريف طبقي معين ليقود صراعات طبقية تحتم إنتصار ديكتاتورية البروليتاريا، نعيش الآن في أمنيات تكوين دولة تقبل كل التعدد، علي أسس مغايرة يتساوي فيها الكل.. بعدها نخوض صراعاتنا الاقتصادية ونحدد ما هي النظرية التي تناسب تراتبيتنا الاجتماعية.