السفير عبدالله الأزرق .. برحيله يفقد السودان ابناً من أبنائه البررة ومثقفاً من الطراز الأول وقلماً ندي العبارة    حريق سنترال رمسيس بالقاهرة.. 4 قتلى واستمرار عمليات التبريد    ما حقيقة"الاتّفاق"؟..مصدر عسكريّ يكشف أسباب"التوقف المفاجئ للعمليات الكبيرة"    حريق بالقاهرة يعطّل الاتصالات ويصيب 22 شخصًا    ((تشلسي طرف أول في النهائي))    د.ابراهيم الصديق علي يكتب:ما لا تعرفه ابوظبي عن القاهرة.    مستوي يثير القلق ويرسل الشفقة لجماهير الهلال !!    الأهلي مدني يفوز على الأمل عطبرة    5 أجهزة يجب فصلها عن الكهرباء قبل مغادرة المنزل    مجموعة لصوص!!    هيئة المياه بالخرطوم تطالب المواطنين بالإسراع في سداد المتأخرات    نوارة تلتقي وفد شركة الخطوط البحرية السودانية    "مبابي" يحقق رقماً تاريخياً مع ريال مدريد    طاقة شيطانية".. شائعات مرعبة تطارد دمى "لابوبو"    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    هبة المهندس تثير الإعجاب بصمودها في مواجهة السرطان    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    علاء الدين نقد .. الحكومة الجديدة ستحرر الشعب السوداني من نظام "المؤتمر الوطني"    شاهد بالفيديو.. في حفل أحيته بالقاهرة.. الفنانة هدى عربي تنفجر بالضحكات وتفشل في إكمال وصلتها الغنائية وتكشف عن السبب!!!    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    بعد أهلي جدة.. ميسي يعود لطاولة الهلال    رئيس الوزراء يلتقي وفد مجلس الكنائس ويدعو إلى تعزيز قيم التسامح    عَودة شريف    محافظ بيتكوين تنشط بأرباح 2 مليار دولار    شاهد بالفيديو.. الفريق أول ياسر العطا يحكي تفاصيل لقائه الاول بالرئيس نميري عندما أراد الإنضمام للقوات المسلحة: قلت له سأخذ بثأر عمي هاشم العطا منك وهذا كان رده (….)    هل تتعمد تطبيقات التعارف عدم عثور المستخدم على الشريك المناسب؟    بالصور.. السلطانة هدى عربي تبهر الجمهور بإطلالة جديدة وتتفاحر بنفسها ببنرجسية عالية: (السر قدور فيها قايل وكلامه صاح والله هايل)    الي إللقاء مستر لقمان    بالصورة.. الصحفية والشاعرة داليا الياس تتغزل في نفسها: (سندالة ثابتة وسحابة رابطة واشيي علي براي)    شاهد بالصورة.. بطريقة ساخرة أثارت ضحكات الجمهور.. وزير الصحة البروفيسور المعز عمر بخيت يرد على متابع سأله: (ح تحلف في المصحف القديم ولا في نسخة اليبورت؟)    مصر تغلق الطريق الدائري الإقليمي بعد حوادث مميتة    رئيس الوزراء يؤكد أهمية احكام العملية التعدينية وفقًا لرؤي وضوابط جديدة    الاتحاد السوداني لكرة القدم يُهنئ اتحاد الدويم بتشكيل مجلس إدارته الجديد    قطَار الخَامسَة مَسَاءً يَأتِي عند التّاسِعَة!!    تركي آل الشيخ يُوجّه رسالة للزعيم عادل إمام بعد حفل زفاف حفيده    البرهان أمس كان مع حميدتي، وقحت ضدّه؛ اليوم اتبادلوا المواقف    إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أميركا"    مصر .. فتاة مجهولة ببلوزة حمراء وشاب من الجالية السودانية: تفاصيل جديدة عن ضحايا حادث الجيزة المروع    ضوابط صارمة لإعادة التأهيل في الخرطوم    اداره المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تضبط شبكة إجرامية تنشط في جرائم النهب والسرقة بامبدة    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    هل يسمع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لصرخة واستغاثة المزارعين والمواطنين؟    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوريث.. بئس المنطق والسبيل
نشر في حريات يوم 04 - 11 - 2014


رباح الصادق المهدى
بَرَّني الصحفي الأستاذ عادل عبده بمحاورة، أشكره على استنطاقي فيها، وتجميل لغتي بلغة رنانة، وقد وجدت نفسي إزاء الحوار المنشور ب(المجهر السياسي) يوم الخميس، والذي اختزل لقاءً امتد لأكثر من ساعتين في بعض صفحة، محتاجة لتوضيح بعض الأمور، خاصةقضية الخلافة في كيان الأمة والأنصار.
كيان يرجع في منصته التأسيسية للمهدية، حيث القيادةيتقلدها (من تقلد بقلائد الدين ومالت إليه قلوب المسلمين).المهدية بنظر صاحبها ملء لمقعد الخلافة المصطفوية الشاغر، فهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه خلفاء خلفائه: عبد الله بن السيد محمد خليفة أبي بكر (خليفة الصديق)، وعلي الحلو خليفة عمر (خليفة الفاروق)، ومحمد شريف حامد خليفة علي رضي الله عنهم أجمعين (خليفة الكرار). لم يكن النسب دافعاً لتنصيب أياً منهم.
المهدية كانت غضبة كبرى على مفهوم التوريث:
كانت ثقافة المجتمع بتكويناته المختلفة القبلية والملكية موغلة في منطق التوريث. حتى الصوفية المتطرقة عبأت مفاهيم الصوفية الفلسفية في قوالب تنظيمية تستند على (توريث البركة). جاءت المهدية لتمزق كل هذا بينما كان عرقه الثقافي ينبض.. فكان من ضمن ما فت عضد دولتها مواجهتها الراديكالية للمفاهيم التي وصفتها بأنها (مبعدة من الله ورسوله).
وفي البعث الجديد للمهدية على يدي الإمام عبد الرحمن كانت خطته (الإنحناء للعاصفة حتى تمر) ليس فقط أمام الصلف البريطاني، بل وأمام صولجان الثقافة كذلك. ومن هنا تم التصالح مع المفاهيم السائدة، والسعي لتصفيتها تدرجاً، ومن هنا قفز منطق التوريث. سمى الإمام عبد الرحمن المهدي خليفته الصديق.
ولكن الصديق الحداثوي، وإن لم ينظّر كثيراً مثل جده، ترك نظرية واضحة حول الخلافة في نص وصيته التي أملاها لابنه الصادق في لحظاته الأخيرة، وبشهود جمع غفير، قال: (بعد وفاتي يتألف مجلس شورى برئاسة السيد عبد الله الفاضل المهدي وعضوية السادة: الهادي، ويحيى، وأحمد، والصادق المهدي؛ ويرعى هذا المجلس شئوننا الدينية والسياسية بكلمة موحدة حتى تنقضي الظروف الحالية في البلاد. وعندما تلتفتوا لأمر اختيار الخليفة الذي يكون إماماً يكون ذلك عن طريق الشورى بقرار الأنصار). ولملابسات رآها، اختار المجلس الخماسي الإمام الهادي إماماً للأنصار بالإجماع، على أن تُنشر وصية الإمام الصديق على الكافة لتكون أساساً مستقبلياً لاختيار القيادة.
كبار الأنصار كانوا بحسب المرحوم العم أمين التوم في كتابه (ذكريات ومواقف) يتطلعون لأخذ رأيهم. وقال إن الطريقة المثلى لتنفيذ الوصيةبرأيه كانت استدعاء وكلاء الإمام في كل أنحاء السودان إلى اجتماع مغلق ويشترك معهم كبار الأنصار إضافة لكبار آل المهدي ليقرروا جميعا من هو الإمام الجديد. (انظر/ي ذكريات ومواقف ص 204-205).
الشاهد، عملياً اختار المجلس الإمام الهادي بالإجماع، ونظرياً بقيت الوصية هادياً. والمجلس نفسه توسع لاحقا أثناء عهد عبود ليضم كبار الأنصار فلم يعد خماسياً خاصاً بآل المهدي. ومن سخرية الأقدار أن بعضاً ممن رمى السيد الصادق زوراً بالتوريث نادى ببعث المجلس الخماسي ذاته واستبدال المتوفيين بورثتهم! هذا في الألفية الثالثة، وبخطة تجديدية و(شبابوية) .. صدق أو لا تصدّق!
بعد استشهاد الإمام الشهيد الهادي المهدي في أحداث الكرمك المؤلمة (31/3/1970م) ظل كثير من الأنصار يتوجهون كل فينة وأخرى للسيد الصادق المهدي الذي تقلد شئون الأنصار بالتصدى، يطلبون مبايعته إماماً.أما زعامته السياسية فقد كانت حسمت بانتخابه رئيساً لحزب الأمة بفوز ساحق على منافسه السيد محمد أحمد محجوب في مؤتمر الحزب بنوفمبر 1964م، وكان المرحوم محجوب هو المسنود بأصوات آل المهدي حينها.
تكررت المطالبات بالمبايعة، ولكن السيد الصادق أصر على تنفيذ وصية الإمام الصديق بأن يُختار الإمام بقرار الأنصار.وفي النهاية اكتملت مأسسة (الشورى بقرار الأنصار) عبر المؤتمر العام الأول لهيئة شئون الأنصار، ديسمبر 2002م، المصعّد من قواعد الأنصار، والذي بويع فيه السيد الصادق إماماً. أي بعد أكثر من 31 عاماً من استشهاد الإمام الشهيد. كل هذا لإثبات خطل التوريث، ولوضع أساس الانتخاب الديمقراطي وسيلة لاختيار القيادة،ولتأكيد أن الوراثة ليست منطقاً لنا أصلاً، ولا هي منطق لنا ولا لغيرنا عصراً، إنها بئس المنطق، وبئس السبيل.
سأل الأستاذ عادل عن أسماء ثلاثة من أخوتي: عبد الرحمن، ومريم المنصورة، والصديق، هل وضعوا في قائمة التوريث؟ حفظ الله حبيبي الإمام. والحق: ألا وراثة في كياننا الحزبي الذي ظل ينتخب رئيسه على الدوام، ولا يشترط أن يكون من آل المهدي بل سبق ودعم آل المهدي أنفسهم المحجوب للرئاسة. ولا وراثة في الإمامة حيث مؤسست شورى الأنصار، وفي الدليل الأساسي انتخاب الإمام وعزله من اختصاص (مجلس الحل والعقد) المصعد من كل كليات الأنصار الولائية والتخصصية، ولا اشتراط لآل المهدي، أو آل الصادق.
إن سطوة (الاسم الرنان) موجودةلدى كل الأنام، لكنها ثقيلة ومؤذية في بلاد المنام.شخصياً تضجرني الأهمية الكبرى المعطاة للاسم حباً أو كراهية،لذا حذفت حبيبي الإمام الأكبر عن اسمي، بلا طائل! ولو أردنا إزاحة ثقل الاسم علينا تحويل الانتباه للأفعال. (قيمة الإنسان ما يحسنه)، و(عيب الإنسان ما يصنعه) لا اسمه أيها العالمين! لقد صعدت أهمية (الاسم) في قوائم الانتخاب بين بحر المؤتمرين السادس والسابع لحزب الأمة بشدة، لأن كارهي الاسم لذاته استهدفوه فازدهرت بالتعاطف سوق المحبين. لم يقولوا لا لفلان لأنه فعل أوترك، بل قالوا لا للأسرة! من أسرع به عمله هل يبطيء به نسبه؟
نحن قوم بدأنا بذم (بنوة المراتب) أساساً للترقي قبل قرن وثلث، ونحن أمة حداؤها الآن: سيد نفسك.. مين أسيادك؟ ديل أولادك وديل أمجادك!
لا نكوص للتوريث سبيلاً.. أما من أتت به الصناديق الحرة النزيهة، فمرحباً وأهلاً.
وليبق ما بيننا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.