السر الشريف تأتي (كونجوك) وفق تضاريس البوح ، تتكئ علي راحة يديها ، تعلن ميلاد الضوء علي طريقتها ، و تضرب صافرة ميعاد لقاء ( أسمرايا) في الحلم ، تشاركها الغناء ، غناء يروي خلو الأمكنة من الأوجاع ، إلا رقعة تلك الأرض التي تحمل أعواد الطبل ، ذو الجلد الناعم ، فرو الروح . تكتب ( أسمرايا) من دمها علي شواع الحياة الخالية من الفرح : زُوُريا مِحنة الليل ليلة البارحة زارني الطبل رقصتُ عليه مِلءُ إبتسامتي ظننتُ إني مُلاقِيه قلبي قلبي حانةُ وردٍ قديمة الأبواب ريثما أبصُرُ أدني خطوي وحِلةٌ كل دوربِهم أحسبُ عودتي لُجة ماءٍ عجِن قلبي زوايا حجارة تبعثرها خُطاك وراء النهر و النهر مشيئة الألهة لمُنتهي الدم هكذا تُقِيني أوردتي شرُ المِحنة كلما ملأتُ خاصرتي منك أشهدتُ زُوُريا * غيابكَ معني إحتِشادُك بمُقصف الثياب و أنا عُرُيٌ قلبي مُشرعٌ صوب إحتِمالُك ليلةٌ البارحةُ غِناءك أفاقني من دوامة الإشتهاء طفلةٌ بريئةٌ عيناها مملُؤة سهادَ محتفِ وحده ظنك أنت أنت ، أنت الإياب ، ******* ( الصغيرون) عليك الله زورني و خُت الله في قلبك قايلني بزعل مِنِك ، دون ترددٍ أو حياء قابلته بتلك العبارة من الوهلة الأولي ، منذ أن رأته في وجهها كالقدر الذي لا مفر منه أو لطفٍ فيه ، إمتعضت ، خالها الحلم أن لا فكاك منه كيفما صار حقيقا وهو أمامها ، حتي لو ربحت الجولة في اخر ثوانيها المتبقية ، لكن هذه المرة لابد من المواجهة ، مهما كان ثمنها ، عارف يا كرتبو : أسْمرايا دي ما ناوية ترسيها علي بر ، لكن بعرف إتخارج من البلبطة بتاعتا دي ، تحدث لصديقه ( ود مِجيضِيم )، أن هذه التي في عينيها أسكنته دون علمه تحاصره في كل شئ ، غدوا و رواحا ، أشعلت حريقها به كل البلدة ، صغيرها قبل كبيرها ، لأنه نارها التي لم و لن تنطفئ إلا إذا تم إحتواءها في سترة الكفن ، كذا ألزمت نفسها التحدي به ، كل الأبواب موصدة إذا سأتسلق قلبي ، لعلي أفتح مفردة أخري من ضوء النهار ، بعيدا من خطوط الشمس أنسج دربي ، لا أتركه يفِر مني ، و كيف يفر و أنا من بني من دمه سياجا منيعا يحيطني مِني ، لا تري روحي غير سواد ساقي الخشن، لأنه عقدتك المميتة، حين تراه تخلق مجددا كائنا بريئا من زيف النشوء، و لأني أمشي بها إليه طواعيةً دون إستئذان ، فقط أدهنها مما تركته جدتي من ( ودك) العام الفائت ، لأنه يسكرني حين يسري حتي يصل الي عقلي ، لا أعي قولاً أو فعلاً ، أعي أحاطة قلبي له ، و ترسيها علي بر كيفن عاد إت جنيت خاف يا أخوي ، سمعتها بتقول شنو ؟ قالت شنو أأ ود مجيضيم ؟ إنت عيوووووونا عدييل مرةً واحدة و هي طالعاك بقلبها و بتاً ما نازلة ، خيوط الشمس مناديلك المتعرية في الرمل ، عيناك لن تتسع المكان حين أتلصص قلبي ترتجف ، ترتجف داخلك تنادي الضوء و في حبره تكتب ايك الكبري ، أن هنا سلبتُ حيائي و المدي فقاعة دم تتهور فأنتحر في لوني ، أمد بصيص الحلم في وادٍ يستلف كتابة الليل يستف حنيني ضمن قواعد الممات لتُرمم عظام الفجيعة ، إذ كيف ينادي الإمام غياب الزمن البادئ وسامته في النار نارك أنت ، تزركشُ جُبة الصلاة ، و أخشابي وقود الروح ، تغني للعصافير بوار العطر ، أكتب : إنت و زولك مجانين و أنا العاقلة أسمرايا ، لمِن لِبِست الزُوريا بيضاء عشان سواد عيونك ، عارف : اقول ليك سيبك مِني ستة أيام حب و شقي ، جري و حفي وراك كافية إنها ترصف طريق الجية و الرجعة بين بيوتنا ، كافية تسد خشوم الناس ، لكنها إتفتحت اكتر مما تتخيل ، خليك فاضل في صُمة خشمك دي لمن تتيبس جواك أوردتك . و لمن تتباكا صلاة القيامة ما تشفع ليك من حقي . أخذت تُجهِز أنفاسها لغناء الوداع ، طلبت منه أن يسير خارجا بشرط ألا يعطيها ظهره ، أن تراها عيناه ، ألا يغمضها ، أو يكون شهيقه عالياً يزعج المارة ، و يتلف نسيج جلباب (ود مجيضيم ) الوحيد الذي ورثه أبا عن جد ، لثلاثة أجيال متعاقبة ، كلما تمزق منه جزء تم حياكته وسط إحتفاء الكل ، يخرج هكذا إعلانا منها أن لحظة إخراج الجثة قد إكتمل ، هذا الكائن داخلها لابد أن يحتفي به أيضا ، احتفاءًا يليق به لأنه حين قدم إليها كان وحيداً ثقيلا بقلبها ، حتي سمي ( عبد الصمد ) الذي يقيم و يسكن قلب (أسمرايا) وحيدا لا جار له أو صديق أو حبيب إلا هي . لكن يا و(ود مجيضيم ) صاحبك قلبو زي الشيك الطاير ، اكتب ويمحى , اكتب ويمحى وما عارف انه الدم مجارى الشوق بدت له البوابة أوسع ماتكون ، كأن أوردته تجمد فيها الدم ، أحس أنه يعاقر شمس ذاك الصباح لتقف عند ذاك الحد من الإرتفاع ، بل أنه أستلف منها خلايا دمه الذي الذي إعتاده دوما حارا في صيف صحراء روحه المتقمصة أسمرايا ، ثقلت خطاها رويدا رويدا و المسافة بين مكان وقوفه حينما أمرته بالخروج و بوابه تلك القُطِية لا تزيد عن طول ساعده . تراقب ( كونجوك ) المشهد وهما علي العنقريب المتسللة حباله علي الارض ، مشبع مكتفِ بملامسة مؤخرة صديقتها الناعستين اللتين تزف دمعها في صدرها ، ربت علي كتف ( أسمرايا) ، كم تمني كرتبو أن يكون هو العنقريب و لو حاملا لها الي المقبرة يوم دفنها حتي يفوز بحضنها ، بينما تربت علي كتفها ، فاجأهما بأن تتسللت أصابعه التي عانت من العمل اليومي في الحواشة الزراعية لتتلقي دمعاتها ، عادة ما تنجز هذه الاصابع نظافة ما يزيد عن ربع الحواشة في المشروع الزراعي الحكومي من الصبح الي منتصف النهار ، تأكل منه الهوام من المخلوقات و بعدهم الناس حين الحصاد ، و مسؤولي الأدارة الحكومية ، يصرخ ود مجيضيم كعادته وهو في الخارج مراقبا لكل ذلك : - ياكرتبو ، كرتبة ، علي الطلاق البت دي ساي باكية و مستهبلة بس ، و دموعا دي من عينيها خفيفة ، يا اخوي دي موية ساي شوف محل هي ملبتاها ساي ، يمكن يكون في كيس صغير مدسوس في صدرا دا ، خاف ماك شايف ، هي بتلدنقر و ترفع رويسا الكبير ، طبق عيونا بتنقط ، من الله خلق ماشفنا زي ديدي ، أروك روك ، خاف الأية الأية اتقلبت ، ياضامن النسوان .. يا ضامن الدمعة في الغربال ، اليوم الموية دفقت من تحت يدك لمن زقت القطية جوة ، خاف ماك راجل ، هسع شوف الطينة اتعجنت ، و الحمدلله القطية تراها حدبة لمن متجلبطة ، أمرق مروق يا أخوي و خلي سويت أولاد الخرطوم و التلفزيونات ، أرجاني مارق ، قالها كرتبو و كأن أسمرايا صعقت بطرنقا ، أظلمت عيناها ، ذاك المشؤوم قطع لها ما كانت تحلم به ، أن تري في حياتها يوما يقرب منها كرتبو مسافة شبر فقط ، لتتنفس عطره ، عطر الأرض السوداء الخصبة ، حتي و لو كانت بورا لم تزرع سنينا عددا ، إذاً ليسلك كلٌ منا طريقه ، هكذا قررت فجأة دون أن تعي ما قالته، من الأفضل لنا أن نريح أجسادنا تعب المقاومة ، لنفيق قليلا من الموت البطئ ، خذ كومة طين مبللة من هذه الأرض، وأنا أيضا ، نحتفظ بها كل العمر ، نورثها للأحفاد ، ونتعهد ألا نلتقي ثانية في دروب هذه الحياة ، دروبها المُضنية المُهلكة ، إلي أن تدفن أجسادنا ، حينها أيضا قد لانلتقي لأن كل الموتي لا علم لنا بحالهم ، خرجوا و لم يعودوا ، لكن أوصافهم واحدة مكرورة التشابه ، كما نحن لكن لكلٍ منهم فعلته التي رحل بها ، تلفازهم لم يك غبيا ، كان في السابق يخصص بضع ثوانٍ في أخباره الرئيسة يُذيع فيها و ينشر صور للغائبيين عن ذويهم ، جُلهم خرجوا من نفس القرية هذه ، فلا أسفاً أن ضعت أنت كذلك ، أو رحلت عني قريبا أو بعيدا ، لا يهُم ، كلنا نملك الأوصاف ذاتها ، إلا أوصاف ما بعد الممات فلم يُخبرنا أحد عما يجري هنا ، لكني أنا أسمرايا أعلم ما يجري لك معي ، ما أريد أن أؤكده أني لم أختبر رجحان عقلي للان ، عطلته ، أوقفته لأني أعلم ما رائحة الصحاري ، لكن قلبي نبتُ هذه الطينة ، هذه الأرض البكر مثلي ، فيما تنظر أعلي القُطِية ، إذا بعصفورٍ تشقشق مع صغارها ، إلتفتت بدعة حتي جعلته يبحث أدني أرجله باحثا عن شئ مفقود ، قلبه أم أنه فقد نفسه في دوامة ماء في احدي أنهار الدنيا العكرة ، تخاطبه بتروٍ :- أنظر كيف لهذه الطيور ، تقطع المحيطات و الصحاري ثم تأتي لتبني لها عُشةً عندك أو عندي لا خلاف فالقرية حتي لون أرضها مختلف ، فأنا أسكن في نصفها المُغبش ، و أنت في نصفها الاخر الذي طلما حلمت أن أوهبه لوني هذا ، لون أصل البشرية حين التكوين ، في قُطيتك المهجورة هذه ، ثم تعود دون صغارها ، أوتعلم أن العصافير الصغيرة ملك هذه الأرض ؟ و أنت لست ملكي !! لكن جذورها لا تمت لنا بصلة ، كما أنت . أومأ كرتبو بالإذعان لما قالته أسمرايا ، أسمعي يا كونجوك ، و كدا انتا ياودمجيضيم الأهبل أنت أدخل جوة ، عارف الباب ضيق لكن خُش بي الفَرْقة الصغيرة البين رجليني ديل ، تعال اسمع الأنا بقولوا ليكم بعد ما سمعت كلام أسمرايا الفات دا كولوا ، بدأ يأخذ مما بللته عيناها من التربة ، وصارت طيناً تحت العنقريب ، أنحني صارت لتتلغفها يداه المدسوسة بين الحبال المتقطعة تلك كما أوصال جسده في إمتحانه العسير ، ضربه الشك وهو يتذكر قول صديقه أن الماء الذي بلل التراب قد لا يكن دمعها ، تساقط بعض من لين الطين غير المتماسك ، أحسها روحه تخرج ، أسمعوني :- نافِرة ، كل إشارات التوقف ، تمشيني راحة الكف ، أقرأ ما إحتوي حلمك الليلة الفائتة ، القافية تحكي عُرِيُ الحنين ، إذ أمهتلني سأنحل للعصافير الندي ، أمسح بكفي البحر ، فتكون السفائن رهن سؤالٍ برئٍ من الخجل ، وعبابك عالٍ ينحت للأيام ذاكرة خالية ، خالية إلا مني أنا ، و أنت ، فنستوي علي مالحُ الحياة ، مخضبين بالدماء نبذر الروح وفق تضاريس الأنين . ريثما يفتح الصبح شُرفة أخري تحيك مناديل الوادع ، أراني أنسج منها محطة دموعي و تلهفي، و أراكِ من النفور ممتلأةٌ يداك بدانة ، فأهطلك علي الرصيف ، بذرة حنين لأني يباسُ همْهمة الحلم إنه أوانك ، مطر يجرح خارطة الوهم ، فيظل الحلم وقوف ، لافتة سُمراء تعيدك سمفونيةً النهد ، النهد إنفعال الرصيف ، جالس وحده ، و بقلبي رصيف اخر ينتحر ، تستوي عندي أظافري ، أنتحت مني شاهد قبري فتبدين طفلة غريقة في الانتظار ، إنتظر أوانك ، مطر يخرج عارٍ من دمي ، دمي عناقيد تغرد لعودة الخصوبة ، و البذرة أشلاء تتدلي من النحيب ، العودة إذاً تيه متماوج خلف ياقتك السوداء ، لافتة يكتبها الدم كل مساء ، ووقوف هم الذين يلبسون تهجدك حين الظلال إنتماء للمطر ، إنه أوان إقتطاف هالات الوصول الي الرصيف ، مُدي الشهيق الذي أفني الجلوس وسادة في الليل ، وسادة تحتضن المتعبين ، المبعدين من الله ، بإسم تعاريج شيخوخة النبؤة ، ليت نهدك يقرأ ما سهاه الحبر ، كيما تظل أرجلي وقوفا بين لافتتين ، أولاها تعكس ظلي في الماء ، أخراها أوانك ، ينزف رغبة شهيق الرصيف ، شهيق الحبر علي يابس الأوراق و يضم صدري ذاك النحيل سلام عليك ، علي الندي ، أريكة الجسد ، المصفد بالحروف ، الحروف غواية إبليس ، إبليس هو الحب ، في سيرة الإحتمال ، إحتمال أن التقيك ، مفجوع القلب ، القلب دمي محتفل بالسلام ، سلامٌ عليك :- إبليس يحاور الظل ، وظلي خلفك يُتبع ، لا يفارق الإحتمال ، يفارقني حين خط إسمك علي لوح كسير ، يرمق أعلي كأسات المُحار يُعتِق حبر حبلك السُري ، خارطة نجاة ، سلام عليك ، و علي الندي ، يامن تعرق قلبه ، جسدي يغرق في طمأنينة الضوء ، دعني أوشم عندك تليد الجرح ، أدوس يابس انتظاري ، لعودتك عودتك غواية المطر ، دعني أنسجك في جسدي ، حتي تتوحد القرابيين ، في قارعة الظل إذاً فاض الإنتحار عفوا ، سنتتظر الندي ، حامل عرشك البدوي ، ساحق مجدك الغجري ، هوذا كتاب الجسد إرتصت علي عجلٍ ضحكاته فعانق ما تبق من إنحسار حضورك في دمي أيها الندي المستف بالهموم سلام عليك يوم ولدت فأنا بفناءهُيُولي أستبد . جلس كرتبو ضاماً أرجله و يداها ببعض حتي ينزع عن قلبه موجة البرد التي إعترته مش إنتي القلتي كدا يا أسمرايا ، و كنت في شهرك الرابع في بطن أمك ، وقت الحمل ، لمن كانت بتوهم ، و ناديتيني أنا و بشرتي بالموت علي فِراش البِرش المُلون ، و ما عارف إنو السعف الأتضفر بيهو كان مزورع في حوشنا ،