الثلاثاء 15 مارس 2011م…… دار حديث بيني وأحد الأصدقاء المطلعين على أسرار وخبايا السلطة القضائية، وتناقشنا حول الفساد الذي فاح برائحته الكريهة وعصف بالسلطة القضائية، وأثناء حديثي، تناولت قضية أبوذر نموذجاً حيّاً!!!!!. لاحظت أنه تحفظ في حديثه معي، وتردد في تمليكي الحقائق، ولكنه، قال: يكفيك أن تعرفي أن القضاء يرأسه عضو شورى هيئة المؤتمر الوطني، وأشار إلى ما أورده موقع النيلين بالانترنت، إذ نشر مقالاً بعنوان (سقطات وتجاوزات رئيس القضاء ونهاية السلطة القضائية في السودان)، ونصحني بأن أقرأ هذا المقال!!!!!!. أحسست أنه يتهرب من إعطائي حقائق وأدلة!!!!!!!. أطلعت علي المقال الذي نُشر بالموقع المذكور، ولدهشتي الشديدة، فقد كان المقال جريئاً، حيث جاء في بعض من أجزاء المقال المنشور أن “….مولانا، جلال الدين محمد عثمان، إسم إقترنت به السلطة القضائية في السودان منذ مجئ نظام الإنقاذ عام 1989م. ومنذ ذلك التاريخ بدأت السلطة القضائية في الإنهيار والتردي الإداري الذي لم تشهده من قبل. إن نظام (الشيخ جلال كما يطلقون عليه) يقوم على المحاباة للمقربين وعلى المحسوبية في كل شئ، سواءً كان في تعيين القضاة الجدد أو في الترقيات أو الإنتدابات للعمل في الأنظمة القضائية بالدول العربية، أو في التدريب بالخارج”. أورد المقال أيضاً “…وقد صار الحديث والهمس يدور ويكثر حول كثير من التجاوزات المالية التي تورط فيها (رئيس القضاء) وزبانيته الذين من حوله، ومثال لذلك موضوع شراء عربات للسلطة القضائية من شركة أحد أبناء (الشيخ جلال الدين محمد عثمان) والتي فاقت القيمة المدفوعة فيها ضعف القيمة الحقيقية للعربات المشتراه، حتى أزكمت سيرة الخبر الأنوف وإنتشرت على الملأ، دون أن يحرك (الشيخ جلال) ساكناً لنفي الخبر أو تصديقه، لكنه ورغماً عن ذلك تمادى في طغيانه وظلمه وتجبره وتسلطه على القضاة المستضعفين”. وواصل المقال في السرد حيث ذكر “…..أما موضوع تجاوزات (الشيخ جلال) المتمثلة في تحويل سجل الكثير من العقارات بولاية الخرطوم إلى إسمه وأسماء أسرته، فيعد الموضوع الأبرز، وقد إستأثر (الشيخ جلال) بهذه العقارات بعد أن إستقصى الخبر عن عدم وجود ملاكها على قيد الحياة، فلجأ إلى الوسائل القذرة عن طريق إستصدار أحكام غيابية (بواسطة زبانيته من القضاة ضعاف النفوس ذوي الضمائر الخربة) وآلت الملكية بموجب هذه الأحكام إلى (الشيخ جلال وأسرته المالكة، ولعل خير دليل على فساد (الشيخ جلال) تلك القصور الشاهقة التي يمتلكها (الشيخ جلال) وأسرته في قلب الخرطوم وفي أرقى الأحياء.. فمن أين لك هذا يا هذا ؟!!. هذا بالإضافة إلى بعض الشركات والمحال التجارية التي يمتلكها (الشيخ جلال) وإسطول النقل البري وبصات النقل الحديثة”. في أخر المقال ورد به “…لكم أن تستفتوا عن أمر فساد (الشيخ جلال) ودونكم تقارير الأجهزة الأمنية التي بطرفها ملفات وملفات عن فساد (الشيخ جلال) فهل إطلعتم عليها”. وتساءلت في نفسي، هل من الممكن أن تكشف السلطات الأمنية عن هذه الملفات؟؟؟؟؟!!!!!، أم أن ذلك يتوقف على حسابات جارية، يحسمها، مدى صلاحية الرجل واستمراره في الخدمة من عدمها؟؟؟؟ فاليوم الذي يتقرر فيه، عكس ذلك، فربما، نرى من الملفات ما يشيب له الرأس!!!!!!. قال لي الصديق، حينما رأى حيرتي: إن ما يحدث بالقضائية من فساد أخطر وأكثر بكثير مما قرأته أو مما قد يخطر ببالك، ويمكنك أن تبحثي عن ذلك في الفضائيات وغيرها!!!. أثار هذا الكلام شهيتي، وبدأت بالبحث في الانترنت، ووجدت في موقع (fourm.egypt) مقالاً، بعنوان (الفساد في السودان، نظام وليس ظاهرة)، وذكر فيه “…..وبات لدينا على صعيد القضاء ما يسمى محامي القاضي وهي ظاهرة باتت شبه كاملة. فالقاضي يرسل للمتحاكمين رسالة عبر موظفه أو بأي طريقة ما مفادها أن القاضي نفسه يسمي لهم المحامي الذي يجب أن يدافع عنهم في قضيتهم وهذا المحامي يكون سمسارا للقاضي الذي يبلغه عن مقدار المبلغ الذي يريده القاضي من أجل حل القضية”. وقد سبق أن نشر أحدهم بموقع سودانيزاونلاين، رواية مشابهة من داخل سجن كوبر تشير إلى تورط القاضي (مدثر الرشيد) مع سماسرة ليحددوا له المبلغ الذي يريده لحل القضية. ولكن لم أتوقع أن يكون الأمر منتشراً لحد أن يعرف بمسمى (محامي القاضي)!!!!!. وقلت في نفسي، إن قضية أبوذر لخير شاهد ودليل على فساد القضاء وانعدام العدالة، كما أن بها مؤشر خطير، وهو أن جهاز الأمن اتخذ من القضاء والنيابة مطية لتصفية أحقاده!!!!!!!، وتساءلت: هل أصبح القضاء غير قادر على حماية نفسه مما يدور حوله من أقاويل الفساد؟؟؟؟ وهل أصبح ألعوبة في يد جهاز الأمن، يمعن في استغلاله؟؟؟؟ ولماذا كثر الحديث حول فساد السلطة القضائية؟؟؟؟؟!!!!. ما أورده الصحفي عثمان ميرغني، من أن النائب العام السابق، السيد محمد علي المرضي الذي طلب من المتهمين في قضية (غسيل الاموال) تسليمه مبلغ مليون دولار في مقابل قيامه بحفظ البلاغ والافراج عن المتهمين، ولم نسمع بأن تم تقديم النائب العام للمحاكمة أو تم رفع الحصانة عنه!!!!!!، وما أوردته، صحيفة (الوفاق) سبق ونشرت بأن ابن رئيس القضاء وعبر شركة يملكها هو الذي يبيع العربات للجهاز القضائي بالتقسيط!!!!. كل ما ورد ذكره، ينبئ ويشئ بحقيقة الفساد التي طالت السلطة القضائية، ولم يغب عن بالي ما أورده د. سيف الدولة حمدنا الله في مقاله (الدموع الرئاسية لا تكفي) حيث ذكر “…..أن حكومة الانقاذ – فور بلوغها الحكم – قامت بتصفية السلطة القضائية من كوادرها التي توارثت التقاليد والاعراف القضائية جيلاً بعد جيل، والتي تشربت المعنى الحقيقي لاستقلال القضاء، واستعاضت عن القضاة المفصولين بكوادر التنظيم الاسلامي من المحامين والخريجين الجدد ومغتربي دول الخليج والسعودية . كنتيجة لانقطاع تواصل الاجيال القضائية ، ظهر جيل جديد من القضاة لا يدرك معنى استقلال القضاء، ولذلك ظهرت الى السطح ظواهر لم يألفها تاريخ القضاء في سائر العهود ، منها ما قامت به ادارة القضاء من انشاء منسقية للدفاع الشعبي لتدريب القضاة عسكرياً ، وتخصيصها لمحاكم – حصرياً – لتحصيل ديون الشركات التجارية ( محكمة سوداتيل) ، كما قامت بانشاء ادراة للاستثمار القضائي تعنى بتربية الدواجن والابقار وبيع ناتجها من البيض والاجبان القضائية في سوق الله واكبر، وتأجير الفنادق (موني) وادارة محطات الوقود.” وواصل في سرده “…. وما أوردته صحيفة حريات الألكترونية “…فلا عجب ان يعجز القضاء على التصدي لمحاكمة قضايا انتهاكات المال العام ، فمن بين ال 65 قضية اعتداء على المال العام التي كشف عنها تقرير المراجع العام للعام المالي 2009، قدمت قضية واحدة امام القضاء ، لا تزال قيد النظر”. وذكرت أيضاً “…. واخيراً فقد اسهم التعطيل العمدي لتطبيق قانون اقرار الذمة في فتح شهية المسئولين للاعتداء على المال العام، رغم ان القانون لا يحتاج في تطبيقه سوى التوقيع على (وريقة) تحتوي على كشف الممتلكات العينية والنقدية لكبار موظفي الدولة الى جانب القضاة وفئات اخرى حددها القانون يوم توليهم المنصب، واعادة التوقيع بكشف الممتلكات يوم يكتب لهم الخروج من المنصب، وبحسب علمي فقد أحجم جميع المسئولين من رأس الدولة الى ذيلها عن التوقيع على اقرارات الذمة وفق هذا الاجراء” . واحتارت الكلمات في ذهني، ولم أجد ما يُعبر عني، سوى ما أورده الأستاذ فتحي الضو في مقاله (نهاية بطل) “فيا أيها المتشبثون بالسلطة.. زرعتم الخوف والرعب مكان القمح والذرة، قطفتم الرؤوس عوضاً عن إشاعة الأمن، نثرتم الجثث بدلاً عن بث الطمأنينة، توضأتم بالدماء وتطهرتم برجس من عمل الشيطان، أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف. مددتم الظلم وحسرتم العدل، أحللتم الحرام وحرمتم الحلال، استطبتم الفساد وكرهتم النزاهة.. فبعد أكثر من عشرين عاماً في السلطة المطلقة أجيبونا بحق واحدٍ أحد.. هل تريدون أرضاً بلا شعب أم شعباً بلا أرض.. أم سلطة على أنقاض شعب وحطام وطن”.