[email protected] لست هنا أتحدًث عن سوء النظام، هذه لا خلاف عليها.. و كثيراً ما كتبت مذكراً بها بصفتي الشخصية و يكتب عنها الكثيرين من الأساتذة و الكتاب الراتبين دون كلل أو ملل حتى يذكروننا دوماً بواجباتنا و مسؤولياتنا الأخلاقيًة..كما أنني لست بصدد الحديث عن من سيحكم و كيف سيحكم ، هذا سنحدده جميعنا بعد أن ننجز الواجب الأوًل من حيث الأهمٍيَة.. اسقاط النظام..حديثي هنا عن إنجاز الأولوية الأهم .. سقوط النظام أوًلاً و حقن الدٍماء..و انجاز المهمًة بمسؤوليًة و بأقلً الخسائر. كانت هنالك نقابات و اتحادات مهنيًة قوية غير مؤدلجة أو مزورة لإرادة من تتحدث باسمهم..و كانت هنالك قوات مسلحة و أجهزة شرطية تنتمي للوطن وحده..غير مشوًهة ساهمت بشكل كبير في نجاح الانتقاضتين الأولى و الثانية..حالياً هذا غير موجود و جميعكم تعرفون الأسباب ، هذا لا ينفي حقيقة أنً هنالك الكثيرين من ابناء الوطن المخلصين الذين ينتمون لهذه الأجهزة و يقبضون على جمر القضية و يتحلًون بالمسؤوليًة والاخلاقيات….) اضافةً لذلك تعلمون كيف سعى النظام لكسر شوكة التنظيمات السياسية الوطنية و اضعافها بطريقة أو بأخرى و نجح إلى درجة كبيرة….النتيجة ما نراه الآن . بعد الوقوف مع النفس كثيراً و النقد الذاتي الموضوعي…و تكرار اللدغ من نفس الجحر..و اسباب أخرى لا تحصى….فطن الجميع إلى مواطن الخلل و الفجوات التي تعيق قيام ثورة قوية بإمكانها اقتلاع النظام و تجاوز الجميع خلافاتهم ..التنظيمات السياسية و منظمات المجتمع المدني و القوى التي تحمل السلاح..و كان نداء السودان ، رغم أنه لم يتطرق إلى محاسبة المجرمين و القصاص..إلا أنه يلبي الحد الأدنى من طموحات الشعب السوداني للتوافق بين القوى الحقيقية الموجودة على الأرض..أماً القصاص فهو حق شرعي لكل المتضررين من النظام ، و هم باختصار كل الشعب السوداني. بعد نداء السودان..توالت الضربات الموجعة ضد النظام عسكرياً و سياسيًاً… رغم تحفظ الكثيرين منا على العمل العسكري الذي لا يحسم المعركة سريعاً لما يتسبب فيه من زيادة معاناة المواطنين الأبرياء و بطش النظام بهم انتقاماً لخسائره في المعارك و المعتركات…إلا أن المسؤولية في ذلك تقع على عاتق النظام وحده و ما تسبب به من ويلات و فظائع ضد المدنيين العزل يعتبر جرائم لا يمكن أن تمر دون محاسبة و قصاص بعد سقوطه..و لا يمكن لأي من جرائمه بحق الوطن أن تسقط بالتقادم. كان من الواضح جليًاً أنً هنالك خلل في آليات منازلة النظام بشكلها التقليدي، تنبًه إليه الجميع.. استباق النظام طوال الفترة الماضية لخطوات قوى الشارع السلميًة ضدًه كان دوماً السبب الرئيسي لكونه متقدماً بخطوة..الشئ الذي أجهض كل المحاولات السلمية لاسقاطه..إذاً كانت هنالك اسباب موضوعية لبقاء النظام.. فشل المحاولات السابقة لاسقاطه و آخرها هبة سبتمبر مثال جيًد على فشل الوسائل التقليديًة ..عندما نتحدث عن الأسباب الموضوعية فإننا نعني "إدراك سبب الظاهرة على ما هي عليه دون أن تشوبها نظرة ضيقة (ذاتية) أو أهواء أو ميول أو مصالح أو تحيزات (ذاتية) أو حب أو كره (ذاتي)..الخ. ..و عندما نتحدث عن «الذاتية» أو النظرة الذاتيًة التي كانت سائدة في السًابق..فإننا نتحدث عن النظرة من زاوية واحدة أو في حدود ضيٍقة ، فإن وُصف شخص أو كيان بأن "تفكيره ذاتي" أو نظرته ذاتيًة فهذا يعني أنه اعتاد أن يجعل أحكامه مبنية على شعوره و ما يراه هو صائباً… الرؤيا الذاتيه هى التي تعبِّر عن وجهة نظر صاحبها وشعوره .. فمعرفتنا بالواقع محدودة تماماً عن طريق خبرتنا الذاتية الخاصة و تظل قاصرة طالما أن الذاتي لم يتقلاقح مع الموضوعي..و هذه هى النظرة العلمية التي يجب أن نضعها نصب أعيننا..و فوق الذاتية و الموضوعية تأتي البديهيات..أي المسًلمات ، و هذه خير مثال لها سوء النظام الحالي ووجوب اقتلاعه.. إذاً و الحال كذلك، رؤية كل فرد أو كيان من مكوًنات الشارع السوداني الشخصية التي تكون متطابقة مع رؤى الأغلبية هى البديهي..و مثالنا هنا سوء النظام و قبحه و ضرورة ذهابه..أما كيف نستطيع أن نسقطه و نحاسب من شاركوا فيه و نقتص منهم..الخ..فهنا تكمن أهمية تلاقح الذاتي و الموضوعي.. حتى تتحقق الغاية ، أخيراً أدرك الجميع أنًه بدون أخذ النظرتين الذاتية و الموضوعية في الاعتبار و مراعاتهما معاً بغرض تطوير الآلية التي سنحقق بها أهدافنا لن نراوح مكاننا..و سيظل الحال كما هو عليه من سيئ لأسوأ..كانت ثمرة هذا الادراك الأولى ..الحراك القوي الذي نشهده الآن و بدأ يتشكًل في الأفق.. أدرك الشعب السوداني و قياداته الشبابية و التقليدية…أنً هنالك العديد من الأسباب الموضوعية نتج عنها أن هذا النظام رغم ضعفه البائن و قبحه الذي سلًمنا به و أصبح من البديهيًات..إلاَ أنه موجود بيننا للعديد من الأسباب التي اشرت للحديث عن بعضها في البداية..(النقابات و القوات النظامية) و غيرها من الأسباب التي تداركها النًاس..و لكن بصورة متأخٍرة.. بالعودة لدور النقابات و الاتحادات و الجيش و الشرطة في السابق…و مع التسليم بأن النظام نجح في ابطال فاعليةهذه القوى و تزويرها و أدلجتها لتكون في صفه..إذاً موضوعياً لا يمكننا الحديث عن نقابات من أساسه ناهيك عن دور ايجابي يمكن أن تقوم به..، و بنفس القدر..لا نستطيع الحديث عن دعم من القوات النظامية إلا بعد ترجيح موازين القوى على الأرض لصالحنا، لحين ذلك الوقت يمكننا أن نتحدث عن انحياز الشرفاء من القوات النظامية للمطالبات الجماهيرية باسقاط النظام، و كذلك انحياز القوى العالمية الكبرى و أجهزة الاعلام لصالح الجماهير..هذا ما تقوله الموضوعية. معظم أبناء الشعب السوداني الذين يعًول عليهم كثيراً في التغيير هربوا من جحيم النظام مستجيرين بحياة المنافي و الاغتراب حتى يؤمنوا لقمة العيش لأهلهم الذين تركوهم خلفهم..و على الرغم من أن الكثيرين من الكوادر المصادمة موجودين بالداخل و بأعداد تفوق ما هو مطلوب للعمل على الأرض من أجل الثورة على النظام..إلاً أنً دور المكتوين بالجمرة من الذين هاجروا إلى المنافي لا يقل أهمية عن دور الموجودين بالداخل من خلال المساعدة بالخبرة و الأفكار..و توفير الدعم المالي و اعانتهم على الحركة و ترتيب صفوفهم. ثم أننا لو قارنا بين حدثين قبل أقل من عشرة أيام لاستبانت الرؤي..حدث في يوم واحد تأبين الفنان الراحل محمود عبد العزيز باستاد الخرطوم مساءاً و في نفس اليوم نهاراً كانت وقفة احتجاجية للتنديد باعتقال الموقعين على نداء السودان..حضر حفل التأبين ما لا يقل عن خمسين الفاُ بينما حضر الوقفة الاحتجاجية أقل من خمسين شخصاً..على الرغم من أن جميع الحضور من الجانبين متضررين من وجود النظام بنفس القدر..إذاً هنالك أسباب موضوعية لكثرة الحضور لحفل تأبين محمود عبد العزيز و كذلك أسباب موضوعية لقلة حضور الوقفة الاحتجاجية..أهم تلك الأسباب تتمحور في شيئين اساسيين هما غياب الثقة نتيجةً للانتكاسات المتتالية و الاحباط ، و عامل الخوف من بطش النظام، لكننا عندما نستحضر الجانب الموضوعي سنجد أنًه لا يمكننا أن نلقي باللوم على القوى المعارضة التقليدية، و كذلك و بنفس القدر لا يمكننا التقليل من قدر كل من يندرج تحت اي من الجماهير الذين حضروا كلتا الفعاليتين لأنً هنالك اسباب موضوعية يجب علينا البحث فيها و ايجاد حلول لها للدمج بين الذاتي و الموضوعي..عندها يمكننا أن ننجز الواجب الأهم و هو اسقاط النظام… هذا ما يحدث الآن و اتحدث عنه هنا . الواجب الأهم كما تم ذكره … اسقاط النظام، و في سبيل انجاز الواجب علينا العمل بمبدأ "ما لا يتم الواجب إلاً به فهو واجب"..موضوعياً ، لكي نسقط النظام علينا أولاً خلق بدائل للنقابات ، و إعادة الثقة للجماهير العريضة في قيادات التغيير و خلق قيادات جديدة غير معروفة من الكوادر الموجودين في الساحة تكون رصيداً للثورة و خلق الفعاليات الاجتماعية و الخدمية التي تساعد على التعريف بهؤلاء الكوادر، و الكل يصب في صف الثورة..كيف يمكننا ذلك؟ نستطيع أن نبني سلسلة من الحلقات القوية المنتظمة عنقودياً في تلاقح منسجم بين الذاتي و الموضوعي حتى نستطيع اسقاط النظام.. لحسن الحظ، هنالك الكثيرين من الشباب المكتوين بجمر القضية و الذين تحركهم اخلاقياتهم لانجاز هذا الواجب و تكملة النقص البائن في "ما لا يتم الواجب إلاً به، و باستصحاب تام للأسباب الموضوعية و ايجاد حلول لها تضمن التلاقح و الانسجام لدرجة معقولة مع الجوانب الذاتيه..و من هذا أستحضر الآتي: ختماً…سترون في مقبل الأيًام بوادر لكل ما ذكر أعلاه.. تتبًعوا الاشارات الدًالة ، ستوصلكم ،.. امسكوا بخيوطها بكل وعي و مسؤوليًة..و حس أمني…فذلك يشكل مسماراً يدقه كل منًا في نعش النٍظام ، .. مساهمتنا جميعاً في هذا العمل شرف لنا..لا يدانيه عمل سواه..و تعني عملياً الانخراط في عمل مؤسس ، مدروس، هادف، و قوي.. شديد الفاعلية.. و توجيه كل منا ضربات موجعة للنظام لن تتوقف حتى سقوطه جثةً هامدة.. ثقوا بقدراتكم و كونوا يداً واحدة فقد دنت ساعة الخلاص..و بدأ العد التنازلي للأيام المتبقية من عمر النظام..