ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    اعفاءات من رسوم السكن والتسجيل بالداخليات لأبناء الشهداء والمشاركين في معركة الكرامة    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    نادي الشروق الأبيض يتعاقد مع الثنائي تاج الاصفياء ورماح    فترة الوالي.. وفهم المريخاب الخاطئ..!!    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. جمهور مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان يسخر من الفنان محمد بشير بعد إحيائه حفل "ختان" بالعاصمة المصرية القاهرة    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدراما السودانية … والضغط على الضيفان
نشر في حريات يوم 02 - 03 - 2015


[email protected]
ما قبل ثورة التكنلوجيا وحلول العولمة، كان الإرسال التلفزيوني خدمة خاصة بسكان المدن، لذا ليس بمستغرب ان يركز العمل الدرامي على معالجة مشكلات المجتمعات الحضرية، أما الآن فقد تساوت "الكتوف" بفضل خدمات البث المباشر، إلا أن الدراما السودانية لا تزال تكرس رسالتها لخدمة هذه الشريحة، فهي بذلك تختزل المجتمع السوداني في سكان المدن كما تفعل الحكومات.
بات ملفتاً للنظر تناول الدراما السودانية "لظاهرة" الضيفان بشكل مكثف وبمبالغة غير حميدة، وهي غالباً ما تعرضها كحاجز لسكان المدن دون أن تقدم لها حلول عملية ومنطقية، وفي معظم العروض الدرامية يصور الضيفان على انهم ثقلاء، سلبيون، فوضويون وعديمو الإحساس، وفي الغالب ما يظهر المضيفون على انهم اسرة زوج من الهامش يداري ضيقه من اهله، والزوجة من البندر تجاهر بعدم استعدادها لقبول التدفق المستمر للضيوف.
ومن امثلة الحلول التي تطرحا الدراما السودانية "لمشكلة" الضيفان الإضطرار للهجرة، وتخيير الزوج بين اهله وزوجته بت البندر"المتجرسة"، وما كنا نحسب أن رمز فني كبير كالدكتور فصيل احمد سعد (كبسور) والفنانة الكبيرة سامية عبد الله مرة يستعينان بالتلفاز لكش الضيفان، فقد هرع كبسور للشاشة التي تسمّر فيها أبناء حِلته ليحرّض سكان المدن على استغلال الضيفان في تنظيف المصارف وشق الترع ومكافحة البعوض، الأمر الذي روع الضيفان الكسالى و"الرمتالة" في نظريهما، ليعود إلى منزله ويجد زوجته هاشة باشه من مخارجة الضيفان على اثر النداء الموجه لهم خصيصا. ومرة اخرى يروجان فزاعة "الضيف ابو كيس" لتحريض الجيران ضد الضيفان.
تختزن الذاكرة الشعبية الضيف صاحب الأرنب، بينما تسوق الدراما الضيف ابو كيس صاحب، المتفجرات الخرافية! وما تعلمناه كابر عن كابر أن الضيف نعمة، بينما تصر الدراما على انه نغمة!
تختزن امهات كتب التراث قدح ود زايد (محمود)، والذي يضرب به المثل في ربوع ارجاء السودان، ولا نظن أن احد من نجوم الدراما السودانية كلف نفسه بمعاينته بمتحف بيت الخليفة
وكم سوداني اسمه حاتم، وكم شهم كُني بعشا البايتات؟ وكم حبوبة اسمها ام ضيفان؟
بمثل هذه العروض الباهتة تقدم الدراما صورة مشوهة لأخلاقيات الشعب السوداني الذي عرف عنه الكرم والمرؤة والمفاخرة بخدمة الضيفان، ومن الواقع المعاش ليس كل الضيفان يأتون صُفر الأيدي، في الغالب يأتون بزادهم النوعي وينزوون على إستحياء في طرف قصي من صوالين الضيافة، وفي الغالب لا ينتظرون موعد الزيارة القادمة لمراجعة الطبيب لولاء فحش قيمة تذاكر الطيران، لكن حتى الزاد الذي يتأبطه الضيف القادم إلى البندر، قد شوهه ناس محمد موسى بنكاتهم الغير مسئولة، واساءوا لهذه القيمة بكل اسف، وصوروه على انه له استحقاق لا قبل لأهل البندر به، بدلا من تعزيز من هذه القيمة التكافلية.
تغفل الدراما السودانية أن هنالك من اهل البندر من يخدم الضيفان وهم حفايا، وهناك من يفاخر بجمائل اهله في الريف عليه، ففي مدارسهم تعلم، ومن دوانكيهم وترعاتهم شرب ، ومن حواشاتهم ومزارعهم تغذي، وهناك من لا يساوم بأهله وبلدياته، وهناك الكثيرون من "دبّل" من بنات الريف من اجل ضيوفه الكرام ونكاية في بت البندر المترفعة عن اهله، وهناك من إنتقل إلى منزل ارحب من اجل ضيوفه الأماجد، لا أدري لماذا لا تروق مثل هذه النماذج الماثلة في واقع حياتنا للدراما السودانية؟ لما لا تضغط الدراما على الذين كانوا ضيوفا على الآخرين، وعندما اصبحوا من الملاك اوصدوا ابواب قصورهم في وجوه الضيفان؟
الواقع ان الدراما السودانية بكل اسف منحازة لإنسان البندر، وغالبا من تتبنى وجهة نظر هذه المجتمعات، وتنظر للكثير من المسائل الإجتماعية بعدسات هذه الشريحة، لذا ليس بمستغرب ألا تتوانى في التجني والضغط المستمر على الضيفان المغلوب على امرهم في معظم الأحيان.
في تقديرنا من الإنصاف ألا تبتر الدراما السودانية في تناولها لتفاقم مسألة الضيفان عن سياسات السلطات المركزية التي اختزلت السودان كله في العاصمة، التعليم والخدمات الطبية والعلاجية، وفرص العمل جميعها غير متوفرة إلا في المركز، واصبح الهامش ساحات الحروب والقتل المجاني، لذا نجد ان الضيفان يحدوهم العشم في معارفهم في المدن
وثمة امر آخر، بالنسبة للميسورين من المغتربين واهل الهامش، بإمكان الدراما أن تتناول عما إذا كان النُزل او استئجار الشقق المفروشة والإكتفاء بزيارة الأهل والأقارب مقبولة ام لا؟ لأننا ما تعلمناه بالضرورة أن دور المسرحي أن يعكس ما هو ماثل في المجتمع بكافة ابعاده وعليه ان يسعى لإيجاد الحلول المنطقية لها بغرض الإصلاح والتغيير. فقد آن الأوان أن تتجاوز الدراما السودانية مرحلة الكوميديا السوداء التي تضحك وتبكي المشاهد دون أن تقدم له الحلول.
بالطبع التعميم مخل، لكننا ركزنا على الطرح الغالب من وجهة نظرنا في الدراما السودانية لهذه المسألة، ولن نكون مبالغين إن قلنا أن "حكايات سودانية" كعمل درامي جاد سيمثل نقلة نوعية ومنعطفا حقيقيا في مسيرة الدراما السودانية، إن إستطاع القائمين عليها التوغل في عمق الريف السوداني والوصول إلى الهوامش لتجسير هوة الثقافات الفرعية والثقافة المركزية المهيمنة والتي نراها ضرورية لتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ القيم الأصلية في المجتمع السوداني، منها كرم الضيافة.
على الدراما التلفزيونية تحديداً ان تكسر حاجز نمطية جماهيرها وتعيد النظر في خارطة متلقيها، وعليها ان تعلم إن المشاهد لم يعد ذاك المشاهد المستسلم لكل ما يعرض عليه.
للإطلاع على المقالات السابقة:
http://suitminelhamish.blogspot.co.uk


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.