إن نائبات الزمان علي امتداد ميادين العمل السياسي في السودان ، عديدة ، فتأتي نائبة من تلك النائبات ، ثم تندثر ويتناساها الناس ، لتأتي نائبة اخري لتحل محلها ، وهكذا تدور ساقية السياسة السودانية بلا توقف ، ويعتري ذلك الدوران حدوث بعض المفاجآت التي تأخذ حظها من الضجيج الاعلامي والاجتماعي ثم تندثر ايضا كسابقاتها . . غير ان ما احدثه قرار السيد محمد الحسن الميرغني وبقية الصبية اليافعين في حقل السياسة السودانية بسبب عدم تراكم اي خبرات عميقة او عريق لديهم ، جعل ما أتوا به من مفاجأة ومن قرار عشوائي ( فات الكبار والقدره ) . ليس لأنه قد اوقف او فصل من الاتحادي الاصل كواكبه المتميزة من الذين ظل الحزب ورئيسه يحتاجهم علي الدوام ويشاورهم علي الدوام برغم انهم لا يحتاجون من الحزب شيئا ، لكن لان العشوائية المقرونة بضيق الافق السياسي والبعد الاجتماعي وعدم تناصح مجموعته اليافعة له ، مضافا الي كل ذلك العنجهية والعجرفة التي طفحت من تداعيات القرار العشوائي ، والتي يرفضها شعبنا قبل حزبنا ، جعل كل ذلك كأنه لم يكن ، او بالبلدي ( لعب عيال ). . فالمنطق يقول أن السيد الحسن والذي اتيحت له فرصة الاحتكاك بهذه القيادات قبل خمس سنوات فقط عند ترأسه للجنة الانتخابات الحزبية في العام 2010م ثم خرج من البلاد مغاضبا ومعارضا حتي للشراكة مع الوطني في الحكم ، ثم تحول مائة وثمانين درجة في موقفه ، وهو حر في ذلك ، لكنه يطلب المستحيل حين يرغب في ان تتحول كوادر الحزب الناشطة في المركز والولايات مائة وثمانين درجة في مواقفها مثله ، فأي تفكير هذا واي عقلية يحكم بها حركة الحزب العريض هذا ؟؟ . ان ما أتخذه من خطوات لم تستند الي لائحة او نظام داخلي أو حتي سلوك سوداني سليم يحترم قامات الناس ، هذا السلوك القويم عند اهل السودان أو تراث الاحترام الاجتماعي لا يتأتي لأنسان إلا إذا عاش الحياة الاجتماعية بطولها وعرضها داخل حواري المدن وازقة القري والفرقان والاحتكاك المدني بدوائر العمل وبتربية النقابات وتكتلات الطلاب وحراكهم اليومي . نعم لا يمكن اكتساب هذا السلوك الاجتماعي إلأ إذا تربي الفرد وتشبع بالتقاليد القويمة المتمثلة في زيارة المرضي من المعارف والتشييع الي المثوي الاخير للمتوفين من المعارف ايضا ، وحضور ليالي المأتم ، بل والمساهمة في كشف المساعدات في الافراح والاتراح وتلمس حاجات الناس من حوله ، كقيمة اجتماعية ظلت راسخة في الوجدان السوداني ولايمكن الفكاك منها مطلقا . . فإذا لم يكتتسب الزعيم السياسي مثل تلك المواصفات فلن يقبله المجتمع ، دعك عن جمهور المثقفين والمتعلمين الذي تفيض بهم المجتمعات السودانية منذ زمان بعيد . فكل شيء ممكن الا الفهلوة في الميدان السياسي . . لذلك نقول ، أن تلك القرارات الطفيلية التي ياملون بموجبها أن تقضي علي التراث الحزبي السياسي في البلاد ، تعتبر وكأنها لم تكن ، وذلك لسبب بسيط ومنطقي ايضا ، وهو أن لجنة المحاسبة البئيسة تلك وبتحريض زعيمها لن تتمكن من القضاء علي الروح والفكر الحزبي الاتحادي عند اولئك الاشقاء الاماجد وانتزاعها من عقولهم ، ذلك ان الانحياز لافكار وتقاليد الحزب الاتحادي تسكن في وجدانهم بقوة بائنة لا تخطئها العين مطلقا . فقد سقط هؤلاء الجدد بالاتحادي الاصل في اول عتبات السلم التعليمي الحزبي ، وبالتالي لابد لهم من الدخول من مرحلة الروضة السياسية تارة اخري بعد هذا الرسوب في كل المواد. . فكيف لشباب دخلوا الي العمل السياسي في غفلة من الزمان يريدون مصادرة احلام الاتحاديين السودانيين بالقضاء علي لجانهم المركزية في كافة ولايات السودان ، وبالتالي يجب عليهم البحث عن كوادر تاتي من كوكب زحل او كوكب المريخ لتعيد مجد الحزب الاتحادي الراسخ منذ ستين عاما ونيف . . عفوا ، أنتم الزائلون ، ويبقي الحزب الاتحادي متعمقا في خواطر اهل السودان وفي قيادته الفاعلة وسط الشباب والشيوخ والنساء ، فكيف يتطاول ( أولاد أول امبارح ) علي من شهدوا كل تطورات الحياة السياسية في بلادنا وحافظوا علي الجسد الاتحادي برغم تحديات الفعل السياسي الراهن . . إذن ، لا حل لكم ايها المستجدون غير ان تعودوا من حيث اتيتم لأنكم غرباء علي تقاليد جماهير الاتحادي الاصل وعلي شعبنا الصامد .. فلا مجال لكم بين شرفاء اهل السودان مستقبلاً .. . وعلي نفسها جنت براقش ،،،،