أعلن الحزب الحاكم أنه لن يرحل عن السلطة إلا عبر الإنتخابات وأن المعارضة لا تستطيع إزالته عن سدة الحكم بقوة السلاح، ووصف د. نافع قوى الإجماع الوطني المعارض ب(تحالف الشتات) وأصحاب (القرب المقدودة) و(المودر بفتح خشم البقرة) وغيرها من التعابير التي تدل على العجز وعدم المقدرة على مقارعة الحجة بالحجة والمنطق والرأي السديد. حقاً كل إناءٍ بما فيه ينضح. من جهة أخرى قال نائب رئيس الجمهورية السابق الحاج آدم يوسف عند تدشين حملته الإنتخابية كمرشح في الدائرة القومية (27) المايقوما الحاج يوسف، ليس هناك قوة تستطيع إزاحة المؤتمر الوطني عن سدة الحكم غير الإنتخابات. وأكد كلاهما أن الأحزاب تقاطع الإنتخابات لأنها غير مسنودة من الشعب. قادة المؤتمر الوطني يرفعون عقيرتهم بالصياح العالي عن السند الشعبي دون حياء أو خجل وكأنهم انتزعوا السلطة من نظام ديمقراطي عبر صناديق الإقتراع وليس بقوة السلاح بإنقلابهم المشؤوم الذي ألغا فيه بجرة قلم كل المكاسب الديمقراطية التي حققها الشعب عبر نضال طويل وتضحيات جسيمة ضد الإستعمار البريطاني والأنظمة الديكتاتورية العسكرية والمدنية التي حكمت البلاد بعد الإستقلال. جمد الدستور والبرلمان والأحزاب والنقابات واتحادات الطلاب والمزارعين والنساء ونقابات العاملين وحتى الجمعيات التعاونية لم تسلم من بطشه. عبر سياسات (التمكين) قام حزب المؤتمر الحاكم بأوسع وأكبر حملة تشريد تشهدها البلاد للعاملين في كافة مؤسسات الدولة المدنية والنظامية ليس لها مثيل حتى في ظل الحكم الإستعماري. فعلى سبيل المثال شهدت مؤسسة السكك الحديدية وحدها تشريد ما لا يقل عن ثلاثة ألف عامل وأمروا بإخلاء منازلهم بقوة السلاح ليناموا وأطفالهم في قارعة الطريق. أنهم يتحدثون الآن عن أن الانتخابات استحقاق دستوري!! أي دستور هذا الذي تتحدثون عنه وأنتم أول من داس بحذائه على الدستور ومزقه إرباً إربا. وعلقه على (السونكي) حتى يتمكن من السيطرة التامة على السلطة والثروة. أي دستور هذا الذي أصبح قدس اقداسكم بعد التمكين وبعد أن أدخلتم عليه من التعديلات كل ما يضمن انفرادكم بإصدار القرارات التي يتم بموجبها تعيين رئيس الجمهورية لكل الرتب العليا المدنية والنظامية وولاة الولايات، يعين من يشاء ويفصل من يشاء دون مساءلة أو استفسار وبغير محاسبة. أي دستور هذا الذي تتشدقون به وقد افرغ من كل محتوى ديمقراطي فيه وحول البلاد إلى دولة بوليسية تتحكم فيها سلطة الفرد المحصنة بالقوانين القمعية وقوة السلاح والقهر للشعب. كل ذلك يدحض أحاديث قادة المؤتمر الوطني عن السند الشعبي الذي يعتمدون عليه وأنهم (لن يرحلوا إلا بخيار الشعب ونقدم أنفسنا للشعب وهو صاحب الخيار) على حد قول الحاج آدم يوسف. هل من يعتمد على الشعب يحتاج إلى كل تلك الترسانة من القوانين القمعية ليحمي نظامه؟ ولماذا تخافون من حملة (أرحل) المقاطعة للانتخابات، وتقومون باعتقال قادة الحملة والناشطين فهيا وتقتحمون دور الأحزاب التي تقام فيها فعاليات حملة (أرحل). هل هذا يشق مع الدستور الذي تبدون حرصكم عليه –خداعاً للشعب، وأنتم أعدى أعدائه ولا يلجأون إليه إلا عندما تتعرض مصالحكم الطبقية للخطر. فلو كانت الانتخابات تحول دون وصولكم للسلطة لفعلتم كل الحيل القانونية والخداع والمكر لتأجيل لكنكم تعلمون بكل الثقة أن تنتجها معلومة سلفاً وأنكم تتحكمون فيها لدرجة التنازل من بعض الدوائر لأحزاب من (يهن يسهل الهوان عليه) الذين باعوا قواعده وتأريخهم بثمن بخس وأصبحوا مطية للحزب الحاكم. لهذا رفض المؤتمر الوطني أن يكون تأجيل الانتخابات وعدم تعديل الدستور ضمن أجندة الحوار ويتم تأجيلها إلى ما بعد ما ينتج عنه الحوار. ولأن حزب المؤتمر الوطني الحاكم يعلم علم اليقين ما سينتج عنه الحوار، تمترس بعدم تأجيل الانتخابات لأنها استحقاق دستوري. ولهذا رفضت كل الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار بما فيها أحزاب موالية للمؤتمر الوطني وولدت من رحمه، وانضمت إلى حملة (أرحل) المقاطعة للانتخابات. مقاطعة كل القوى السياسية للانتخابات انعكس في حملة التسجيل للناخبين. في هذه الحملة لم يتجاوز من ثم تسجيلهم وفق الاحصائيات الرسمية، لم يتجاوز المليون مواطناً ومواطنة من كل أنحاء السودان. هذا يعكس الإدعاء الكاذب للمؤتمر الوطني بأن عضويته تبلغ 6 مليون حتى لو كان هذا صحيحاً فإنهم قاطعوا حملة التسجيل للانتخابات وهو أمر مخجل ومخزي لحزب حكم البلاد طوال أكثر من ربع قرن من الزمان ولم يقنع حتى عضويته –التي يزعمها- من التسجيل للانتخابات. خياران احلاهما بطعم الحنظل. غير أن نافع علي نافع يكشف المستور والمستبطن بشتارة يحسد عليها عندما قال في دائرة الحاج آدم يوسف (سنكمل الانتخابات وسنحاور ونحن نحكم وسننفذ ما سنتفق عليه خلال الحوار). نافع يقوم بوضوح أننا سنحكم ولم يقل أننا إذا سقطنا في الانتخابات. بل يؤكد بقاءه في الحكم عندما يقول سننفذ ما سنتفق عليه خلال الحوار. بمعنى أننا في كل الأحوال باقون في سدة الحكم مهما كانت نتيجة الحوار. ونحن في الحكم سننفذ ما يتفق عليه. أليس هذا حديث العارف بالواثق بأنهم فائزون في الانتخابات وأنهم باقون في السلطة؟! أن أكثر الناس شراسة واستماتة في الدفاع عن أي نظام هم أكثرهم استفادة من بقاء النظام الذي يدافع عن أملاكهم وقصورهم ومزارعهم و؟؟؟؟؟ الشاسعة وأموالهم المكتنزة في بنوك داخل السودان وخارجه، وكل ما حازوه من مغانم وهم في السلطة. خوفهم من ذهاب النظام ورحوله إلى غير رجعة يعني فقدانهم لهذا النعيم الذي يتمرغون فيه على حساب عذابات ومآسي الشعب وفقره المدقع. ليس ذلك وحسب، بل هم يعلمون ماذا سيحدث لهم إذا سقط هذا النظام. وهم مصابون بكوابيس تعذيب وقتل المعتقلين في بيوت الأشباح وغيرها من الأقبية السرية، خاصة أولئك الذين كانوا قائمين ومسؤولين عن المجازر التي ارتكبت في حق أبناء وبنات شعب السودان في تلك الأماكن. لهذا فإن حملة (أرحل) المقاطعة للانتخابات تمثل شبحاً وبعبعاً مخيفاً بالنسبة لهم. ولهذا فهم يتصدون لها بمثل هذه الجسارة والوحشية بمثل تصديهم لهبة سبتمبر 2013م التي هزت كيان كل فرد منهم. نقول لهم أن تزوير الإنتخابات أصبح سمة من سمات حزب المؤتمر الوطني الحاكم. فعلها في انتخابات 2010م ومارسها في انتخابات أبسط النقابات والاتحادات الطلابية والمهنية، فما بالكم بانتخابات تقرر مصير كل قياداته. مع ذلك فإن فوزكم عن طريق الانتخابات المزورة والمزيفة لإرادة شعب السودان المقاطع لها والذي ينجلي ويتجسد كأنصع ما يكون في حملة (أرحل) التي شملت كل مدن وقرى السودان، لن ينقذكم من المصير المحتوم. حملة (أرحل) لا تستهدف إسقاطكم في الانتخابات لأنها تستهدف مقاطعتها وتعريتها أمام العالم أجمع بأنها فاشلة وليس هناك إقبال عليها من المواطنين، وفي ذات الوقت فإنها تستهدف توحيد المواطنين حول الهدف الواضح والمحدد: اسقاط النظام عبر الإنتفاضة الشعبية الجماهيرية بالعصيان المدني والإضراب السياسي وكل وسائل العمل الجماهيري المجربة في أكتوبر وانتفاضة مارس/أبريل.