(حريات) كشف البروفيسور فاروق محمد ابراهيم – المحاضر بكلية الزراعة سابقاً ، والمختص في الاقتصاد الزراعي – في حوار مع (حريات) ، بان قانون (2005) لمشروع الجزيرة يهدف بالاساس الى نزع الاراضي من المزارعين لتمليكها الى اقطاعيين جدد . واضاف البروفيسور فاروق بان السلطة لتحقيق هدفها النهائي بنزع الاراضي حولت المشروع من ارض خضراء الى ارض يباب ، فدمرت الدورة الزراعية ، وعزلت المشروع من الابحاث الزراعية ، وفككت السكة حديد والمحالج ، ونزعت بيوت الخبراء والمشرفين الزراعيين ، هذا اضافة الى اهمال صيانة الترع والقنوات ، مما قاد الى مشكلة الري الحالية حيث لا يتجاوز الري ربع المساحة الكلية للمشروع . وقدم البروفيسور فاروق كاكاديمي وخبير وناشط حقوقي روشتة العلاج القائمة على انهاض الحركة التعاونية بالمشروع . ( نص الحوار أدناه) : سياسات تدمير المشروع منذ العام 1989 1990م وجه المؤتمر الوطني إهتماماً كبيراً جداً لمشروع الجزيرة على أساس مجموعة من الدراسات التي أجراها والتي هدفت لإقامة نظام مزارع (حديث) بمعني أنه لا يريد المزارع بشكله الموجود. بالإضافة إلى أنه يريد مزارع (حديثة) ولتحقيق ذلك قام بتغيير القانون ، فقبل قانون 2005 كانت (الحواشة) تتلقى التمويل من بنك السودان عبر وزارة المالية بضمانة المحصول، اما قانون 2005م فجعل ضمانة تسديد القروض رهن الأرض. أهم سمات قانون 2005 قانون 2005 سمح ببيع الحواشات إذا ما عجز المزارع عن تسديد القروض التي يأخذها من البنوك التجارية فالأرض تتحول للبنوك التجارية وهذا هو الشئ الأساسي في القانون. وأنا أرى أن الغرض من ذلك تفكيك المشروع ،فالتمويل كان يتم بضمانة المحصول الآن أصبح بضمانة الأرض نفسها.. الآن يتم تفكيك المشروع بإسم القانون. أيضاً كان المشروع يقوم على نظام إرتباط الدولة مع المزارع وإدارة المشروع وبعلاقات مع الأبحاث الزراعية وكان هناك تخصص بدرجة عالية في زراعة القطن . لكن المؤتمر الوطني ألغى عملياً زراعة القطن تدريجياً بحيث أن الموسم الفائت كان مقدارالمساحة المزروعة من القطن حوالي 35 ألف فدان فقط. الآن وبعد أن دمر كل شئ بدأ النظام يستدرك الأهمية القصوى للقطن بالنسبة للمشروع خاصة بعد أن إرتفعت أسعاره عالميا ،وبدأ يدرك أن هناك خطأ كبيراً أرتكب في السياسات التي إتبعها تجاه المشروع. وعموماً قام المؤتمر الوطني بتفكيك كامل المشروع حيث كانت الأرض كلها خضراء وتحولت الآن لأرض يباب وأنهى وظيفة المشروع وتوقف التمويل الذي أصبح بضمانة الأرض وبقيمة كبيرة جداً، ونتيجة لهذه السياسات كُسر المشروع وتم بيعه وتم تدمير تميزه كمشروع منتج للقطن، وأصبحت قدراته ضعيفة جداً، وأصبحت هناك مشكلة في الري فالمزارعون لا يستطيعون رى ربع المساحة الكلية نتيجة لتدهور القنوات، وتم تدمير الطرق والسكة حديد التى كانت تنقل المحاصيل والمعدات في الجزيرة كلها كذلك تم تدمير المحالج التي لم تعد موجودة بالإضافة للجسم المكانيكي والبيوت نفسها حيث تم تمليكها لآخرين والتي كانت فيما سبق بيوت الخبراء والمشرفين والمحاسبين ، وقاموا بخلق فوضى تامة حتى لا يكون للمزارع القدرة ليزرع ، ويتحول المشروع لإقطاعيات. أيضا المؤسسات التي كانت موجودة في المصنع تم تدميرها لذلك هم يريدون أن يبيع المزارع (حواشته) لصالح (إقطاعيون جدد) يهيمنوا على المشروع. يجب إعادة تأهيل المشروع ليس لنا خيار عدا إعادة تأهيل المشروع بدءاً بالخزان والترعة الرئيسية، بالإضافة لنظام مواصلات لنقل المحصول والمواد وأيضاً يجب إعادة تأهيل القنوات و (الترع). وأيضاً يجب إعادة تأهيل الجهاز الادارى أيا كان غرض الجهاز الاداري اذا اشتغل بالصورة القديمة او كجهاز للارشاد الزراعي يجب أن يعمل على تطوير المزارعين الصغار..لابد من اعادة تاهيل المشروع. فقدان الأرض هو ما يهدد المزارعين المزارعون الذي يتهددهم الآن هو فقدان أرضهم ويتحول المشروع الى إقطاعيات حيث لم يعد بمقدورهم أن يزرعوا بضمانة المحصول وأصبحت هناك مشكلة في التمويل خاصة في ظل الظروف التى تمر بالمزارعين وفي ظل تخبط الحكومة التي تقول مرة أنها باعت المشروع للمصريين مرة وللصينيين مرة أخري، وتقول أحياناً أنها حولت أجزاء كبيرة منه لكنانة .. ما المخرج..؟ أن يحافظ المزارعون على أرضهم ويحافظوا على عملهم التعاوني لأن مشروع الجزيرة أصلا قام على أساس أنه (مشروع تعاوني كبير) وهو من أكبر المشاريع الموجودة في الدنيا ، لذلك يجب أن يحافظوا على هذا العمل التعاوني. المسودة الأولى للقانون الحالي كانت قد كونت عدة روابط من كل المشروع ، لتكون هناك رابطة للتفتيش ورابطة للقسم، وهكذا.. بمعني أن يكون هناك ممثلون للمشروع كله، ليكوّن كل هؤلاء مع ممثلي الإدارات (مجلس إدارة المشروع)، لأن ذلك يعطي للمزارعين قوة في المشروع. إتحاد المزارعين الحالي الذي جاء عبر الإنتخابات المزيفة أراد ألا يكون للروابط أي تمثيل وكان ذلك بموجب قانون 2005م. الا ان القانون يعطي الحق للمزارعين تكوين روابط (مستخدمي المياه)، هذه الروابط ممثليها جيدين لذلك يجب أن يشكلوا جمعية تعاونية تنظم الزراعة، بتنظيم كيفية إستلام الماء، و يقوموا بالزراعة بطريقة تعاونية. عليهم أيضاً تنظيم أنفسهم للحفاظ على أرضهم بإتخاذهم سياسة فيما بينهم ويتفقوا ألا يبيعوا أرضهم إلا فيما بينهم ليكوّنوا قوى من وحدات صغيرة منتجة.. ذلك لأنهم منتجين . ويحاولوا التأثير على إدارة المشروع، ويعملوا على مفاوضة الحكومة لصيانة الخزان وتوفير المياه لتصل حتى الترعة الفرعية بإعتبار أنهم أصحاب الأرض وهم الذين يجب أن ينظموا الإنتاج، لذلك يجب على المزارعين الإهتمام بكافة أشكال تنظيم المشروع وصولاً لإدارته. أيضا يجب أن تنظم مسألة الإنتاج الزراعي بأن يتم تعيين من يساعدهم كفنيين، عبر التعاون مع مهندسي الرى و بقية المختصين حول كيفية العمل، ويجب أن يصروا على الإحتفاظ بأرضهم. بيع الأرض لتفكيك المشروع أرادت الحكومة تفكيك المشروع فالمشروع كان يقوم على أساس الأراضي الحكومية أو أراضي لأفراد إشترتها منهم، أو أراضي مؤجرة بصورة مستديمة فقسمت الأراضي إلى حواشات. من أخذت منه أرضاً تم إعطاؤه عدداً معقولاً من الحواشات فأصبح هناك حقاً للمزارعين في الأرض سوى أن كانوا ملاك أو غير ملاك. قامت الحكومة بإفتعال مشكلة أصحاب الأراضي، لتتويج مساعيها الرامية لتفكيك المشروع. الذين كانوا يملكون الأراضي قالوا بما أن الحكومة (فرتكت) المشروع نريد أرضنا.. ولهم الحق في ذلك طالما أن الحكومة تقول أنها (فككت) المشروع. خلقت الحكومة هذه الأزمة لأنها تريد تصادماً بين والملاك والمزارعين الذين يملكون حقا في الأرض أيضاً. الإستيلاء على المشروع الحكومة تتحدث عن مزارعين جدد الذين هم بمثابة إقطاعيين أو شركات أجنبية، ومثلهم الأعلى في ذلك (مشروع كنانة) وعلينا أولاً أن نقارن بين المشروعين، ففى كنانة الأرض ملك الدولة لكن تسيطر عليها الشركة، ويأتي التمويل من شركات أجنبية إلى جانب رأسمال وطني، لكن لديهم حق للإنتفاع الغير محدود ، وإدارة المشروع هي التي تهيمن عليه، ولا يوجد مزراعيين بل يوجد عمال زراعيين يمكن للمشروع أن يستغنى عنهم في أي وقت،إذن لاتوجد مقارنة بين المشروعين.. لذلك فإن المخطط هو إبعاد المزارعين ليتصرفوا في الأرض كما يريدون، فغرض الحكومة بمحاولة إتباع نمط (كنانة) إبعاد المزارعين والهيمنة على الأرض. المشكلات الإدارية والفنية لم يعد هناك وجود للدورات الزراعية المتعارف عليها التي تحافظ على خصوبة التربة فالأرض يجب ألا تزرع زراعة مستمرة ويجب أن يكون هناك فترة لإعادة التخصيب. أيضا طبيعة الأصناف التي يجب زراعتها لا يتم إتباع الأسلوب العلمي فيها فهيئة البحوث هي يجب أن تقوم بذلك لتجاز بعد ذلك الأصناف المناسبة. الآن هم قاموا بتفكيك الإدارات وكل النواحي الفنية الموجودة فى المشروع، وصار المزارع يزرع ما يشاء وتحول الأمر لفوضى وأنهوا الإشراف وقطعوا علاقة المشروع مع الأبحاث الزراعية. كان هناك لجنة من بينها البنك الدولي ومنظمة الزراعة والأغذية وإدارة المشروع وإدارة الزراعة. وأنا حضرت عدداً من إجتماعاتها وكانت قراراتها أفضل كثيراً من القانون، لكن تلك القرارات (إجهضت) و تم ذلك من قبل إتحاد المزارعين الذي سبق وقلت أنه جاء عبر إنتخابات مزيفة. جزء من تلك التقارير (كان يذهب إلى حد ما في الطريق الصحيح لكن القانون الذي صدر بعد ذلك تجاهل كل التقارير وجاء بشكله المعيب) آثار سياسات التحرير على المشروع أراد النظام أن يزيح أي إرتباط للمزارع بالأرض وهذه هي بالضبط سياسة التحرير الإقتصادي، فهناك قلة من الناس لديهم أموال أو عبر شركات تريد أن تتحكم في المشروع. فمؤسسة تسويق الأقطان هي مؤسسة للمزارعين ،الآن تتصرف في أموال كثيرة جداً ويسيطر عليها أشخاص من (فوق) هم الذين يديروها عبر بنك (المزارع) وهي مؤسسة أصلاً يجب أن تكون ملكاً المزارعين. أهمية المشروع بعد فقدان البترول بفقدان البترول بعد إنفصال الجنوب يجب على الحكومة الإهتمام بالزراعة فإذا إستخدمت إمكانات المناطق الزراعية بكل بنياتها التحتية وعملت على تطوير إمكاناتها البشرية والسكانية وإستخدمت ما تبقى من عائدات النفط.. سيجعلنا ذلك لا نعتمد على البترول وحده بل نستخدم عائداته لتطوير المشاريع الزراعية والتصنيع الزراعي عموماً، فالسودان بلد زراعي في الأساس وكان من الممكن من خلال توظيف عائدات البترول خلال العشرة سنوات الماضية إحداث نقلة في الزراعة الأمر الذي لم يحدث. مابعد مؤتمر طيبة على المزارعين أن يقفوا موقفاً إيجابياً ويمنعوا الحكومة من الإستيلاء على الأرض بتنظيم الحركة التعاونية، وعلى الحركة المطلبية أن تنبثق من المجموعات القاعدية. ويجب أيضاً العمل على ربط كل فئات المزارعين ببعضهم البعض ويحافظوا على كونهم مزارعين صغار منتجين بالإضافة للعمال الزراعيين والفنيين في (الزراعة والرى) لأن لهم جميعاً مصلحة مشتركة فى الحفاظ على المشروع.