الصدمة التى اصابت القيادات الاجتماعية والسياسية من ابناء داارفور نتيجة الصدام الدموى الذى وقع بين قبيلتى الرزيقات والمعاليا فى الاسبوع الثانى من شهر مايو الماضى هذه الصدمة حركت جمود وتواتر العجز والفشل فى احتواء هذا النزاع وكشفت سراب الحلول الوهمية التى يتم تدوينها فى ملتقيات الصلح المتعددة بين القبيلتين والاقرار بان كل حرب هى الحرب الاخيرة بين الطرفين وهى فقرة ثابتة فى مقررات الصلح والمؤتمرات التى تمت لوضع نهاية للنزاع ليس فقط فى نزاع المعاليا والرزيقات بل فى كل مؤتمر صلح بين القبائل الاخرى والتى اثبتت عدم جدواها فى حفظ الامن والسلام القبلى فى دارفور بادرت الحكومة على لسان قيادات المؤتمر الوطنى بانها وضعت خطة ناجزة واتخذت اجراءات حازمة لاحتواء الصراع وفرض هيبة الدولة وبادر السيد وزير العدل بتكوين لجنة للتحقيق فى الاحداث وتحديد المسئوولية الجنائية والمواصلة لتقييد حمل السلاح بين المجموعات القبلية وتنادى المثقفون والعلماء لعقد ورشة علمية بجامعة ام درمان الاسلامية لتوصيف المشكلة ووضع مقترحات الحلول المستدامة لها وطرح الاتحاد العام للصحفيين السودانين مبادرة للسلام بين القبلتين والاسهام فى معالجة الاوضاع الانسانية الناتجة عن النزاع الاخير بينما حشدت الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية بياناتها شديدة الاسف ووزعت مسئوولية الاحداث الى مؤسسات الدولة والنافذين من ابناء القبيلتين هذ الحراك المحموم جاء نتيجة خيبة الامل التى اذهلت الجميع فى تجدد القتال بعد مدة وجيزة بينما الجميع وللسلطة الحاكمة القدح المعلى فى صناعة وتطور اسباب الاقتتال القبلى وانهيار قرارات وتوصيات مؤتمرات الصلح بسبب الاخذ بذات المنهج القديم والذى لم يوقف احتقانا متناميا ولم يمنع تجدد القتال فما زالت الاسباب متوفرة وتزداد تعقيدا بالتوافق مع التعقيدات السياسية والمعيشية والتوترات الامنية بين الدولة والمناهضين لها من حملة السلاح وقد فرض هذا الواقع على الجميع ضرورة الاتجاه للبحث عن مسار جديد لمعالجة مثل هذه الازمات التى انتشرت مثل الحريق فى كل ولايات دارفور المسار الجديد يتجاوز الحلول الثانوية التى تهدف لمعالجة الافرازات الناتجة من الصراع المسلح والتى تتمثل فى التواثق بعدم الاعتداء فى مؤتمرات الصلح وتقديرات الخسائر والاموال وفرض مبالغ الديات على الاطراف القبلية واتخاذ القرارات السياسية فى المكاسب والتى تتعلق بانشاء ولايات جديدة او محليات او نصيب فى السلطة لارضاء الاطراف والمسار الجديد الذى ندعو له هو ما اشار اليه عدد من المختصين والعلماء فى ورشة الجامعة الاسلامية وما اشرنا اليه بايجاز فى مقالنا السابق تحت عنوان (استبداد القبائل) من اهم ملامح هذا المسار النظر بتجرد وصدق فى السياسات العامة للدولة فى ادارة الامن ومواجهة المعارضات المسلحة التى بدأت عملياتها العسكرية باسلوب غير الحروب التقليدية بمواجهة القوات الرسمية الحكومية او الهجوم على المؤسسات الحربية العسكرية فقد اتخذت منذ البداية اسلوب حرب العصابات والضرب والانسحاب واقتحام المدن النائية وهو الاسلوب الذى قادت الدولة الى الى مواجهته باعتماد تسليح القبائل وسياسة ان تحمى المجموعات القبلية مناطقها من المتمردين وهو ما يتمظهر فى ظاهرة الملشيات القبلية التى تحمل سلاح وعتاد الدولة وتواجه به بعضها البعض فى صراعاتها على الارض والموارد ومن نتائج هذه السياسات تسيس القبائل وتملكها للسلاح وتصنيف بعضها بانها قبائل منحازة للتمرد والبعض مناصرة لشرعية الدولة ان المسار الجديد لمعالجة الاوضاع القبلية فى دارفور ومابين المعاليا والرزيقات بصورة خاصة ياخذ فى الاعتبار تعقيدات الحكم والادارة المحلية ونعنى بهذه التعقيدات انشاء وتاسيس الولايات والمحليات فى نظام الحكم الاتحادى بالمعيار القبلى للمجموعات السكانية المكونة للولاية وان تكون الولاية استحقاقا للقبيلة تتمدد فى وظائفها الدستورية ومواردها المحلية وهذا يظهر كنموذج فى ولايتى وسط وجنوب دارفور المأزومة وهو ما يتطلب مراجعة واسعة فى نظام الحكم الاتحادى ونتائج التطبيق فى مجالات التعايش والقبيلة والتنمية والمشاركة القاعدية وهوالهدف الاساسى للنظام الفيدرالى وموضوع ادارة الاراضى او ما يعرف بالحواكير فى دارفور له ارتباط وثيق بالجغرافيا والتقسيمات الادارية وقد بذلت مفوضية الاراضى بالسلطة التنفيذية الانتقالية جهدا مقدرا فى اخضاع سلطة ادارة الارض والموارد الطبيعية لدراسات وبحوث علمية استندت للتاريخ وراعت الحداثة والتطور وخلصت الدراسات الى مقترحات مع الاسف انها ظلت حبيسة الادراج فالمرحلة القادمة تحتاج الى تنزيل هذه التوصياتلارض الواقع والنقطة الثالثة ذات ارتباط بنظام الحكم والادارة والتى تتمثل فى المحاصصات القبلية للوظائف العليا على المستوى الاتحادى المركزى والولائى والتدخل الحزبى فى الاجهزة التنفيذية لصالح عضويتها القبلية والارتباط العضوى بين قيادات الحزب من ابناء دارفور ومجالس شورى القبائل والتدخل الادارى والسياسى المطلوب هو فك الارتباط بين الحزب والقبيلة واصدار القرارات الفورية بحل مجالس شورى القبائل وهى اصلا لاتستند لمبرر دستورى او قانون مثل الادارات الاهلية نخلص الى ان ازمة ومحنة الحروب القبلية فى دارفور قد اسعت رقعتها واوشك ان يتسع الفتفق على الرفى واستمرار تصاعد هذه الظاهرة لا تدمر دارفور لوحدها بل تهدد الوطن باكمله والعبرة لنا فى احدث معاصرة بالشقيقة اليمن وفى مطلع الثمنيات كادت الجماهرية ان تتحول لبركة دماء القبائل لولا الحسم الثورى للسلطة وانى لارى شجرا تسير ولله الحمد