انتظرت وقتا كافيا عسى أن تراجع فئة من الطبقة السياسية عن طريقة تعاملها مع بعضها البعض وتجاه المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة وهم يستمعون للقادة السياسيين يوجهون اتهامات وانتقادات في كل الاتجاهات من خلال التجمعات الخطابية والحزبية وصحف المحلية وأيضا داخل المؤسسات الدستورية المنتخبة كالبرلمان "وهوتيلات" قلت مع نفسي إن كانت السياسة قد أدت إلى حروب أهلية وصراعات دموية في جنوب السودان التي لا يعرف أحد كيف ستنتهي ؟ وما زال هذا المسلسل من الاتهامات الثقيلة مستمرا، يخلق جوا من التشكيك والغموض ويؤدي إلى تشنجات لا يعرف أحد كيف ستنتهي ايضاً … لكن لن أخفي عنكم أنني غاضب مما يقع في وطني، لأنني أعتبر أن المنحى الذي اتخذته السياسية وبعض السياسيين لا يشرفني كجنوبي ولا أجد فيه نباهة وحكمة الجنوبي أكان عالما أم إنسانا بسيطا، أعرف أن الصراع السياسي قوي ووراءه مصالح وامتيازات الذاتية أكثر من أي شيء اخر وأن كل الوسائل يمكن أن تستعمل لفرض الذات وإسماع صوت الحزب والفوز بالانتخابات وإسقاط الغريم والخصم السياسي، سيقول البعض أنها لعبة سياسية داخلية ما بين تيارات الحزب وهي من صراعات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ما دام هذا لا يفيد المواطن بشيء ولكن قد لا ينظر البعض الي ما يجلبه هذه الصراعات خاصة في وقت الذي يبحث فيه قيادة الحزب الحاكم سبل للحل مشاكلاته الداخلة التي قاد البلاد الي حرب أهلية وقسم البلاد الي مجموعات قبلية وعشايرية ،اعتقد لايمكن لأحد ان يقبل خوض في هذه الصراع لكون هذا الصراع ليس أخلاقيا ولا قانونيا ولا سياسيا وانما صراع مصالحة الذاتية . يقال هكذا دون أن تترتب عنه مضاعفات ولا مسؤوليات ، يجب أن يكون ما له وما عليه، في إطار الحقوق والواجبات. ستقولون أن السياسيين يتم انتقادهم داخل أحزابهم، ومن طرف المواطنين يتم انتقادهم من خلال صناديق الاقتراع... هذا صحيح ولكن يجب أيضا إيجاد صيغ أخرى كما هو الحال في بلاد ديمقراطية كثيرة... فهل يمكن أن يصدر عن رئس الحزب الاشتراكي الإسباني المعارض كلاما من قبيل علاقة انتماء رئيس الحكومة الإسبانية، اليميني الشعبي، مريانو راخوي، مع منظمة "إيتا الباسكية"، دون أن يحدث ذلك زلزالا في المشهد السياسي الإسباني وهل يمكن أن يصدر عن أحد معارضي الوزير الأول الفرنسي الاشتراكي، مانويل فالس، كلام عن علاقته بأحد التنظيمات المتطرفة والإرهابية بفرنسا دون أن تكون تبعات خطيرة لهذا ؟ ستقولون تلك دول يحكمها العقل والقانون ونحن بلد ما زال في "انتظار" نفتخر في كوننا استطعنا ان نقف معا وندافع معا من أجل الاستقلالنا حيث استطعنا تجاوز رياح مؤتمر الوطني العاصفة، وعبرنا بدولتنا، وما زالت التجربة مستمرة إلى يومنا هذا رغم العراقيل والصعوبات، لكن الجميع متفق حول كون الجو السياسي ليس سليما مائة في المائة بل هناك مشاحنات ومعارك لا تذهب في اتجاه معارضة الحكومة وبرنامجها وقراراتها بل في اتجاه معارضة قيادة الحزب الحاكم مع نفسها في هذه الحكومة بسبب عدم وجود القيادات التاريخية في الحكومة كما يزعم القيادات التاريخية. فمنذ أن خرجنا للدنيا ونمى وعينا وبتنا نعرف ما حولنا، وجدنا قيادات الاحزاب التي ظلت على رأسها حتي اليوم ، وعليه تكون القيادة في حالة الحزب أو الحكومات هي لواحد يبقى فيها حتى يشاء الله، لا فرق بين حزب أو حكومة فللقيادة نمط واحد تكون به لواحد اذا لم يبعده الموت الطبيعي فهو باق فيها ينتج "الحيران" من حوله موالين و متحالفين و متراضين ، وكل واحد يعتمد على بقاء هذا القائد في ضمان بقاءه هو، سواء داخل الاحزاب أو الحكومات أو في التقاطع بينهم ذلك أن الديمقراطيات دائماً "تتخارج" من احتدام الصراع باللجوء للعسكر، والعسكر يطور آليات بقاءه واستمراريته بابدال التحالفات من حزب لآخر، وكل هذا التداخل والتقاطع ينتج ذات النمط من القيادة .