الاعيسر:استخدمت في الهجوم سبع طائرات مسيرة انتحارية، شكّلت غطاءً لهجوم نفذته طائرة استراتيجية أخرى    ريال مدريد يواصل مطاردة برشلونة    السعودية تستنكر استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية في "بورتسودان وكسلا"    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    مصطفى تمبور: المرحلة الحالية تتطلب في المقام الأول مجهود عسكري كبير لدحر المليشيا وتحرير دارفور    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر الأزمة السياسية السودانية
نشر في حريات يوم 30 - 12 - 2010


خواطر حول أزمة الزعامة السياسية(3) ……
من أبرز مظاهر أزمة المعارضة السودانية تقف الزعامة الحزبية والسياسية على قمة ملمحها العام وأسبابها الجوهرية، وكأبلغ مؤشر (للمركزة) المتأصلة داخل كل حزب وضمن الاحزاب جميعاً.
وأزمة الزعامة كذلك تبرز كدليل راسخ لضعف أو غياب المؤسسية وتقسيم العمل داخل الاحزاب السياسية، وكمؤشر على رسوخ أنماط القيادة التاريخية (زعيم القبيلة – شيخ الطريقة – وفكي الخلوة .. وكل الانماط التي تورث الزعامة بالدم والنسب القريب والمباشر)، فهنا يكمن جزرها الذي يغذي استمراريتها وبقاءها ضمن المؤسسات والقوى الحديثة، كما يقدم أقوى تفسير لعدم نجاح النخبة الحديثة في خلق بدائل لها أو تجاوزها. فمنذ أن خرجنا للدنيا ونمى وعينا وبتنا نعرف ما حولنا، وجدنا قيادات الاحزاب التي ظلت على رأسها إلى اليوم!، وعشنا عهدين عسكريين (مايو - والانقاذ) والعهدين كما الأحزاب ظل القائد فيهما باقٍ حتى نهاية ذلك العهد كما في حلة النميرى وكما هي الارهاصات مع البشير.
وعليه تكون القيادة في حالة الحزب أو الحكومات العسكرية هي لواحد يبقى فيها حتى يشاء الله، لا فرق بين حزب أو حكومة فللقيادة نمط واحد تكون به لواحد اذا لم يبعده الموت الطبيعي فهو باق فيها ينتج (الحيران) من حوله موالين و متحالفين و متراضين.
وكلهم يعتمد على بقاء هذا القائد في ضمان بقاءه هو، سواء داخل الاحزاب أو الحكومات العسكرية أو في التقاطع بينهما. ذلك أن الديمقراطيات دائماً (تتخارج) من احتدام الصراع باللجوء للعسكر، والعسكر يطور آليات بقاءه واستمراريته بابدال التحالفات من حزب لآخر، وكل هذا التداخل والتقاطع ينتج ذات النمط من القيادة!. كل ذلك يطرح أسئلة جوهرية:
أين هو الجذر الذي يؤسس لهذا النمط من القيادة؟، وكيف تثنى له البقاء رغم طول المدة منذ الاستقلال وحتى الآن رغماً عن المتغيرات الكبيرة الطارئة والمتراكمة؟ ويبقى السؤال الأهم يطرح كيفية أشتغال هذا النمط بما يسمح بتشريحه والوقوف على أسباب رسوخه واستمراره وصولاً إلى وضع حد له ومعالجته بما يفتح آفاق التحول الديمقراطي ليس على مستوى نظام الحكم بل وداخل القوى السياسية والحزبية تحديداً.
إن الإجابة على هذه الاسئلة تحتاج الى (مباحث) طويلة وأدوات أكاديمية تجمع بين التاريخ وعلم الاجتماع و العلوم السياسية، لكن لابأس بتقديم بعض الخواطر والملاحظات والمقارنات التي تفتح الآفاق نحو مجهود أكاديمي حقيقي يتناول تاريخ القوى السياسية وأدوارها عبر الزمن فيكشف لنا ويلقى الكثير من الأضواء على أزمة الزعامة وخلفياتها التي دعمتها ورسختها وتحولت بها إلى واحدة من أوقوى مظاهر وعناوين أزمتنا الراهنة.
لا يختفي ضمن مسيرة السياسية السودانية نمط الزعيم الواحد الدائم باختلاف الحزب أو الحكومة العسكرية، بل إن مؤشرات رسوخة تلمسها عبر الانماط التي تنقلك من حزب طائفي مؤسس أصلاً على قيادة واحدة لها آلية معلومة تتنقل بها من قائد إلى قائد أو زعيم إلى زعيم، لتلمسها حتى ضمن الاحزاب المصنفة (حديثة) التي لم تتأسس على مرجعية طائفية أو على قواعد تجعلها حتى قريبة من ذلك النمط ، لكنها تفرز قائد دائم!، وحتى اذا قفزت الى الحكومات العسكرية تجد ذات الطابع الذي ينتج قائداً تستمر قيادته حتى نهايتها.
قد نجد مبرراً لذلك وسط العسكر بحكم التراتبية الحاكمة للمؤسسة العسكرية، ولكن حتى ضمن هذا الاطار القوي الذي يجعل القائد الاعلى فوق الجميع بالموقع والأمر النافذ. لكن من الصعب تفسير استمرار قائد لأكثر من عقد رغم الكثير من الوقائع والاحداث التي تستدعي تغييره من داخل وضمن مؤسسته على الاقل، لكن ذلك لا يحدث حتى ولو أضحى بائناً أن هذا القائد قدم كل ما عنده وأصبح لايملك ما يقدم وخارت قواه حتى على موقع القائد الاعلي للمؤسسة العسكرية؟!.
وقد يكون عامل توريث الزعيم مبرر للقائد الخالد ضمن القوى والاحزاب التقليدية. ولكن وسط القوى السياسية والحزبية الحديثة يحتاج إلى تخصيص وتفسير كون واقع القيادة فيها لايختلف عن ذلك الذي تنتجه المؤسسة العسكرية أو الذي تفرزه الطائفية. فكيف نفسر أو نبرر لذلك وسط القوى الحديثة!؟.
الواضح أن الوضع الذي أفرزه الاستقلال وضع النخبة أمام خيار صعب أستوجب لجؤها للطائفية كما تعبر عن ذلك تجربة مؤتمر الخريجين والنهايات التي انتهت إليها ضمن طائفة الانصار أو الختمية.
ذلك أن النخبة وقتها كانت قليلة العدد، ولم تكن لها خلفية أو أرضية جماهيرية كما هو الحال مع الطائفتين، فإقتضت الضرورة مع (كل انتخابات) وتحت ضغط الحاجة لحصد أصوات الجماهير البحث والارتكاز على مظانها التي لم تكن سوى الطائفية ذاتها.
لكن ذلك لم يدفع أولاً النخبة والقوى الحديثة إلى فتح الباب وابتكار أدوات تصلها بالجماهير، بل ظلت تعتمد في ذلك على الطائفتين، وثانياً تشربت واستبطنت ذات نمط القيادة الطائفية فأصبح ذلك النمط يغذي الشعور والا شعور عندها وفيها.
بدليل أن ظهور حزبين كبيرين خارج أطار الطائفية بل قاما على مقاومتها وتحدي نموذجها كاملاً (الاسلاميين – واليساريين) انتهى بهما المطاف بإنتاج ذات النمط الذي (يمركز القيادة) في شخص لا تمثل مؤسسة التنظيم أو الحزب في أحسن حالاتها إلا معينات له، وأعادة انتاجه كزعيم، مستفيدة من الثقافة السائدة التي تعرف جيداً نموذج فكي الخلوة، وشيخ الطريقة، وزعيم القبيلة. ورغم نجاحها في التأثير والولوج للجماهير إلا أنها ظلت تستثمر التشرب والاستعداد النفسي عن السودانيين جميعاً (حتى مثقفيهم) لقبول نمط القائد الفرد الملهم الفريد والمتفرد.
هكذا أصبحت المركزة والمركزية سمة أساسية ومنهج راسخ له تاريخ وجذور اجتماعية مستعصية على التغيير.
بل أصبح واحداً من أقوى مصادر انتاج الازمات بما فيها الحالية، وأكبر تحدي يواجه أي مشروع تغيير في الآفق، كونه يحصر الطاقات والمشروعات والاحداث لخدمة وضع ذلك الزعيم وضمان تمترسه على القمة، ولو اقتضى الحال اطلاق الفوضى بكل البلاد وعلى كل العباد. فالزعيم هو خط الخطر الاحمر الذي لا يجب أن يصيبه شئ ولو جاء من بنات أخطائه، والحزب عقيدة لا تقبل التبديل أو المعالجة الجزئية والاصلاح اذا كان ذلك يمس بالزعيم وموقعه، والبدائل يجب أن يكون الزعيم نقطة ارتكازها ومصدر التأسيس عليها ولو على حساب سمعة الحزب ووضعه ومستقبله السياسي.
ومركزية الزعيم التي تجعل منه كل شئ ضمن الحزب وسياساته وكل نشاطه، تشكل مرتكز العلاقات التي تربطه بكل عضويته وبكل اطراف السودان، والتي يجب أن تكون كلها تحت سيطرة الزعيم القائد، بحيث يشكل أي أخلال بها أخلال بوضع القائد ومستقبل استمراريته على القمة.
وذلك يفرض على الكل أن يكون في خدمة القائد ولو على حساب وضع (الخدمات الاساسية) في منطقته واقليمه. وهكذا تكفر الاطراف وتتمرد وتفرض واقعاً جديداً ليس من السهل قبوله من قبل عقلية الزعيم الذي يوظف كل شئ حتى الحزب لخدمة موقعه واستمراريته فيه.
ولكن يبقى أخطر ما في نموذج القائد المقيم الدائم على راس الحزب أنه لا يختلف في شئ عن القبيلة التي هي الاخرى لها قائد دائم الاقامة بل لها آليات أوضح في احلال القائد البديل بإبنه أو أخاه، وفوق ذلك القبيلة أقوى تماسكاً وأحرص على خدمة أهدافها وتطوير منطقتها ونمط عيشها، الامر الذي قد لا يهتم به أي قائد آخر خارجها.
بل القبيلة هي حائط الحماية الاكيد والأقوى من أي بديل آخر ولو كان فيه شبه منها. فالبديل الاقرب للذهنية التي ترتضي القائد الدائم الاقامة التي يخدم موقعه بأكثر مما يخدم حزبه وشعبه الأفضل والاقرب لها القبيلة فهي كيان واضح في كل شئ، وتطويره ورعايته أجدى من تبديد طاقة شبابها ضمن إطار آخر لا يهتم لها ولا يحفل بها، فضمان تطوير القبيلة أفضل كونه يدفع ويحث القبائل المجاورة على الحرص على مجارات جارتها وهكذا تتطور شبكة القبائل المتمردة على المركز والقائد المرتكز على قمة الحزب أو الحكومة.
============
أبوذر على الأمين ياسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.