اختتمت أمس جلسات التقاضي في محاكمة الفتيات المسيحيات بمحكمة جنايات بحري، حيث نظر سبع قضايا اثنان من القضاة، فقاما بتبرئة خمس فتيات وإدانة اثنتين حكم عليهما بالغرامة خمسين جنيهاً. وتم أمس البت في سبع قضايا هي كل القضايا المتبقية، ما عدا قضية (هالة إبراهيم) المحالة لمحكمة الطفل، حيث نظر أحد القضاة في قضايا خمس فتيات فأدان اثنتنان بالمادة (152) من القانون الجنائي الأفعال الفاضحة، وبرأ الثلاث الأخريات لصغر سنهن، في حين نظر القاضي الآخر في قضية فتاتين وشطب القضية في مواجهتهما. وكانت شرطة النظام العام (أمن المجتمع) ألقت القبض على 12 فتاة يوم الخميس 25 يونيو بتهمة ارتداء (الزي الفاضح) ، وذلك إثر خروجهن من الكنيسة المعمدانية بمنطقة طيبة الأحامدة بالخرطوم بحري، عقب احتفال كنسي، وكن يرتدين تنانير وبناطيل. واقتدن لقسم الشرطة حيث أطلق سراح شابتين منهن هما ، لمياء جيمس ، ومواهب سليمان بدون توجيه تهمة، بينما وجهت تهمة الزي الفاضح للعشرة الأخريات وهن: فردوس التوم ، اشراقة جيمس ، أوثان عمر الجيلى ، ديانا يعقوب عبد الرحمن ، سيما على عثمان ، ايناس محمود الكومانى ، رحاب عمر كاكوم ، وجدان عبد الله صالح ، نصرة عمر كاكوم ، جميعهن مسيحيات وتعود أصولهن الى جبال النوبة ، وقد تعرضن للمعاملة المهينة والاساءات اثناء احتجازهن ، بما فى ذلك اجبارهن على خلع ملابسهن وتسليمها كأدلة!! ودونت في مواجهتهن بلاغات جنائية تحت المادة 152 من القانون الجنائي وأفرج عنهن بكفالة على أن يقدمن للمحاكمة لاحقاً. ثم أحيلت واحدة منهن (هي هالة إبراهيم) لمحكمة الطفل، وتبقت تسع قضايا، تم النظر في اثنتين منها هما قضيتا كل من فردوس التوم، ورحاب عمر، حيث حكم على فردوس بالجلد 20 جلدة والغرامة 500 جنيها سودانياً، وعلى رحاب عمر بالغرامة 500 جنيها كذلك، وقد تقدمت هيئة الدفاع بالاستئناف حول الحكمين الصادرين. وقال الأستاذ عثمان المبارك رئيس هيئة الدفاع عن الفتيات المسيحيات ل(حريات) في اتصال هاتفي صباح اليوم إن جلسات محاكمة الفتيات المسيحيات قد اختتمت أمس، وأن القضايا السبع (نظر فيها قاضيان، أحد القضاة نظر في خمس قضايا فأدان اثنتان وحكم عليهما بالغرامة خمسين جنيهاً، وبرأ الثلاث الأخريات لصغر سنهن، والقاضي الآخر نظر قضيتين وشطب البلاغ المقدم أي قضى بالبراءة فيهما)، وأضاف: (لم يتبق سوى القضية المحالة لمحكمة الطفل)، أي قضية (هالة إبراهيم) وقال: (نحن لا نعرف متى يتم الإعلان عنها). ورداً على سؤال (حريات) عن مغزى التفاوت في الأحكام بين براءة وغرامة 50 و500 جنيه وسببه قال الأستاذ عثمان: (لا نعلم لذلك سبباً، ما قادرين نحدد لكن قاضي شطب وقاضي أدان). وأكد مبارك عزم هيئة الدفاع على الاستئناف حتى في القضايا التي صدر الحكم فيها بغرامة 50 جنيهاً (لأن المسألة مسالة مبدأ طالما تمت الإدانة وليس ان المبلغ بسيط أو كثير) كما قال. وحول الاستئناف الذي تقدمت به الهيئة في قضية فردوس ورحاب أكد مبارك أنه (لم تظهر نتيجة بعد، لم يخرج قرار من محكمة الاستئناف). وتعليقاً على التفاوت الشديد في الأحكام بين الفتيات اللائي قبضت عليهن شرطة (أمن المجتمع) باعتبارهن يلبسن ازياء فاضحة فبرأت المحكمة بعضهن وأدانت الأخريات بأحكام متفاوتة من جلد 20 جلدة وغرامة تتفاوت بين 50 جنيه و500 جنيهاً قال الأستاذ نبيل أديب المحامي رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان ل(حريات): (هذا التفاوت هو تأكيد للكلام الذي نقوله حول قانون النظام العام وإن الأحكام تختلف حسب القاضي فالقانون يشكله بالطريقة التي يفهمها به، وتختلف الادانة والبراءة حسب فهم القاضي وهذا طبعا يخل بأشياء كثيرة أهمها أنه يخل بمبدأ المساواة أمام القانون ويخل بشكل أساسي بمبدأ المحاكمة العادلة لأن الشخص عندما يرتكب الفعل لا يكون مدركاً لأنه يرتكب فعلا مخلاً بالقانون لأن الكلام غامض فما تعتقده الفتاة أنه زيا عاديا او انيقا يعتقده الشرطي او القاضي انه زيا غير مناسب او يشكل زيا فاضحا لذلك طالما القانون بهذا الغموض تظل الاحكام متضاربة وهذا هو السبب في اننا نطالب بالغائه واي قانون يجب ان يكون محددا وواضحا ولا يحمل تأويلات مختلفة). ويرى مراقبون أن التفاوت الشديد، علاوة على اختلاف القضاة، ربما كان مرده للضغوط التي قام بها النشطاء، خاصة والحكومة سوف تكون في الكرسي الساخن أمام مجلس حقوق الإنسان الشهر القادم. وتنتقد المنظمات الحقوقية المادة (152) من القانون الجنائى لكونها مادة تمييزية ضد النساء تقهرهن من ممارسة حقوقهن كما تفتح الباب للعشوائية والتعسف وانتهاك مبدأ العدالة ، خصوصاً وانها لا تحدد مواصفات (الزى الفاضح) مما يعطى شرطة وقضاة النظام العام سلطات واسعة كثيراً ما تستخدم فى تقييد حرية النساء وفى الابتزاز والتحرش الجنسى. وأطلقت منظمة العفو الدولية ، الجمعة 9 يوليو ، نداء عاجلاً للتضامن مع الشابات المسيحيات. وأوردت المنظمة ان عقوبة الادانة تحت المادة (152) من القانون الجنائى، الجلد بما لا يزيد عن (40) جلدة او الغرامة أو العقوبتين معاً ، وأكدت ان عقوبة الجلد تتناقض مع المادة (33) من دستور السودان لعام 2005 ، والمادة (5) من الميثاق الافريقى لحقوق الانسان والشعوب ، والمادة (7) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ، والتى تحظر العقوبات المهينة والمحطة بالكرامة الانسانية.