برأت محكمة جنايات بحري المنعقدة في العاشرة من صباح أمس الاحد (سيما علي) الفتاة المسيحية المتبقية ضمن عشر فتيات حوكمن بتهمة الزي الفاضح. وقال الأستاذ سمير مكين عضو هيئة الدفاع عن الفتيات في ل(حريات) إن المحكمة انعقدت برئاسة مولانا فخرالدين عبد العظيم الذي شطب البلاغ وقضى ببراءة سيما. وكانت شرطة النظام العام (أمن المجتمع) ألقت القبض على 12 فتاة يوم الخميس 25 يونيو 2015م بتهمة ارتداء (الزي الفاضح) ، وذلك إثر خروجهن من الكنيسة المعمدانية بمنطقة طيبة الأحامدة بالخرطوم بحري، عقب احتفال كنسي، وكن يرتدين تنانير وبناطيل. واقتدن لقسم الشرطة حيث أطلق سراح شابتين منهن هما ، لمياء جيمس ، ومواهب سليمان بدون توجيه تهمة، بينما وجهت تهمة الزي الفاضح للعشرة الأخريات وهن: فردوس التوم ، اشراقة يوسف إسرائيل، يوسان عمر الجيلى، ديانا يعقوب عبد الرحمن ، سيما على عثمان ، ايناس محمود الكومانى ، رحاب عمر كاكوم، وجدان عبد الله صالح ، نصرة عمر كاكوم ، جميعهن مسيحيات وتعود أصولهن الى جبال النوبة ، وقد تعرضن للمعاملة المهينة والاساءات اثناء احتجازهن ، بما فى ذلك اجبارهن على خلع ملابسهن وتسليمها كأدلة!! ودونت في مواجهتهن بلاغات جنائية تحت المادة 152 من القانون الجنائي وأفرج عنهن بكفالة على أن يقدمن للمحاكمة لاحقاً. وفي الفترة من 6 يوليو وحتى اليوم الأحد 16 2015م صدرت أحكام متفاوتة على العشرة إذ تمت تبرئة خمس فتيات، وإدانة خمس أخريات، بعقوبات متفاوتة جداً، وذلك حسب القضاة الذين أصدروها، كالتالي: ورداً على سؤال (حريات) عن مغزى التفاوت في الأحكام (بين براءة وغرامة 50 جنيهاً، وغرامة 500 جنيهاً، وغرامة 500 جنيها مع 20 جلدة)، قال الأستاذ عثمان مبارك رئيس هيئة الدفاع عن الفتيات المسيحيات (ما قادرين نحدد لكن قاضي شطب وقاضي أدان). وأكد مبارك عزم هيئة الدفاع على الاستئناف في كل القضايا التي تمت فيها الإدانة، حتى في القضايا التي صدر الحكم فيها بغرامة 50 جنيهاً (لأن المسألة مسالة مبدأ طالما تمت الإدانة وليس ان المبلغ بسيط أو كثير) كما قال. وحول الاستئناف الذي تقدمت به الهيئة في قضية فردوس ورحاب أكد الأستاذ سمير مكين ل(حريات) إنه (لم تظهر فيه نتيجة بعد من محكمة الاستئناف)، كما أكد أنهم لم يقدموا الاستئناف في القضايا التي تم الحكم فيها ب(50 جنيها) بعد. وتعليقاً على التفاوت الشديد في الأحكام قال الأستاذ نبيل أديب المحامي رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان ل(حريات) (هذا التفاوت هو تأكيد للكلام الذي نقوله حول قانون النظام العام وإن الأحكام تختلف حسب القاضي فالقانون يشكله بالطريقة التي يفهمها به، وتختلف الادانة والبراءة حسب فهم القاضي وهذا طبعا يخل بأشياء كثيرة أهمها أنه يخل بمبدأ المساواة أمام القانون ويخل بشكل أساسي بمبدأ المحاكمة العادلة لأن الشخص عندما يرتكب الفعل لا يكون مدركاً لأنه يرتكب فعلا مخلاً بالقانون لأن الكلام غامض فما تعتقده الفتاة أنه زي عادي او انيق يعتقد الشرطي او القاضي انه زي غير مناسب او يشكل زيا فاضحا لذلك طالما القانون بهذا الغموض تظل الاحكام متضاربة وهذا هو السبب في اننا نطالب بالغائه واي قانون يجب ان يكون محددا وواضحا ولا يحمل تأويلات مختلفة). وقال ميرفين توماس، الرئيس التنفيذي لمنظمة التضامن المسيحي العالمية الأربعاء الماضي بعد صدور الأحكام على الفتيات السبعة: "في حين أننا نرحب بأن أربعة من الفتيات وجدن بريئات، فإننا نتساءل كيف وجد بعضهن مذنبات في حين كن جميعا يرتدين زيا مماثلا متماشيا مع القانون والتقاليد السودانية. إننا نشعر بقلق بالغ من التطبيق التعسفي للقانون واستغلال الغموض للاستهداف المتعمد لهاته الفتيات البريئات. وتبرز هذه الحالات مخاوف أوسع بشأن سوء معاملة الأقليات الدينية والعرقية في السودان". "إننا نحث السلطات على احترام الحق في حرية الدين أو المعتقد، كما هو محدد في المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، والسودان طرف فيه، وإعادة النظر في أو إلغاء المادة 152، حيث أن افتقارها للتعريف يؤدي للاعتقالات الذاتية والقرارات القضائية العشوائية ". ويرى مراقبون أن التفاوت الشديد، علاوة على اختلاف القضاة، ربما كان مرده للضغوط التي قام بها النشطاء، خاصة والحكومة سوف تكون في الكرسي الساخن أمام مجلس حقوق الإنسان الشهر القادم. وتنتقد المنظمات الحقوقية المادة (152) من القانون الجنائى لكونها مادة تمييزية ضد النساء تقهرهن من ممارسة حقوقهن كما تفتح الباب للعشوائية والتعسف وانتهاك مبدأ العدالة ، خصوصاً وانها لا تحدد مواصفات (الزى الفاضح) مما يعطى شرطة وقضاة النظام العام سلطات واسعة كثيراً ما تستخدم فى تقييد حرية النساء وفى الابتزاز والتحرش الجنسى. وأطلقت منظمة العفو الدولية ، الجمعة 9 يوليو ، نداء عاجلاً للتضامن مع الشابات المسيحيات. وأوردت المنظمة ان عقوبة الادانة تحت المادة (152) من القانون الجنائى، الجلد بما لا يزيد عن (40) جلدة او الغرامة أو العقوبتين معاً ، وأكدت ان عقوبة الجلد تتناقض مع المادة (33) من دستور السودان لعام 2005 ، والمادة (5) من الميثاق الافريقى لحقوق الانسان والشعوب ، والمادة (7) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ، والتى تحظر العقوبات المهينة والمحطة بالكرامة الانسانية.